كيف نستعيد عاداتنا الغذائية بعد شهر رمضان
ما أن يبدأ العدَ التنازلي لانتهاء شهر الصيام، حتى يُسارع الكثيرون للعودة إلى حياتهم السابقة قبل الصيام؛ سواء لجهة الإقبال على تناول الطعام بكثرة، أو الإفراط في أكل الحلويات على اختلافها على موائد العيد أو عند الذهاب لمعايدة الأهل والأصدقاء.
هذه العودة السريعة لنمط الحياة السابق قبل الصيام، ودون تخطيطٍ مدروس، قد تكون له عواقب وخيمة على الصحة. فالجسم الذي اعتاد على الانقطاع عن الأكل والشرب لساعاتٍ طويلة، وتعوَد على تناول القليل من الطعام بين وجبتي الإفطار والسحور، قد يجد من الصعب جدًا التأقلم مع كمياتٍ كبيرة من الأكل بعد انتهاء شهر الصيام. وبالتالي، فإنه بحاجة للعودة "تدريجيًا" إلى النظام الغذائي السابق، كي لا يتعرض لأية مشاكل صحية وعلى رأسها التلبك المعوي ومشاكل الجهاز الهضمي.
كلنا نطمح للعودة إلى سابق عهدنا بعد الصيام، خاصةً لجهة التخلص من الوزن الزائد الذي اكتسبناه خلال شهر رمضان، أو الانتظام في أسلوب الحياة الصحي الذي اعتدنا عليه؛ لهذا نقدم لكِ في موضوعنا اليوم، بعضًا من نصائح الخبراء لاستعادة عاداتكِ الغذائية بعد رمضان بيُسرٍ وسلامة.
نصائح لاستعادة النظام الغذائي الطبيعي بعد رمضان
تؤكد الدكتورة فرحانه بن لوتاه، استشارية أمراض باطنية خبرة غدد صماء وسكري لدى مركز "أمبريال كوليدج لندن للسكري" على أهمية استعادة العادات الغذائية السابقة تدريجيًا بعد شهر رمضان المبارك، لاسيما لدى الأشخاص المصابين بالسكري.
وبسبب التغييرات التي تحدث في الجسم خلال شهر رمضان، فإن العودة إلى النظام الغذائي المعتاد يمكن أن تكون مزعجةً للغاية بالنسبة للجسم؛ كما قد تؤدي إلى اضطراباتٍ في الجهاز الهضمي في حال لم تحصل بالطريقة الصحيحة.
وتقول الدكتورة فرحانه في هذا الشأن: "إن الانتقال بشكلٍ مفاجئ بعد رمضان إلى الوجبات الكبيرة قد يُسبَب اضطرابًا في المعدة، وحرقة المعدة والغثيان. ولتجنب ذلك، يتعين البدء بوجباتٍ أصغر وتناول الطعام ببطء، للسماح للجسم بمعالجة الطعام بصورة فعالة. وبالنسبة للطريقة المُثلى لتناول الطعام، فإنها تقوم على مبدأ 80/20؛ والذي يعني عدم الوصول للشبع، وإنما تناول الطعام بنسبة 80% فقط. فهذه القاعدة ستساعد العقل على استيعاب متى تكون المعدة ممتلئةً، بما يُحسَن من الشعور بالرضا ويحمي من الإسراف في تناول الطعام."
أطعمة تُعزَز عملية الهضم
بما أن الهضم هو أكثر المشاكل التي تواجهنها خلال شهر رمضان وبعده، توصيكِ الدكتورة فرحانه بإدخال الأطعمة التي تُعزَز من عملية الهضم؛ومنها تلك الأطعمة التي تحتوي على البروبيوتيك، كالزبادي الخالي من الإضافات، بغية تعزيز البكتيريا النافعة في الأمعاء.
أما فيما يخص الأشخاصالذين يواصلون صيامهم بعد رمضان، توصياستشارية الأمراض الباطنية لدى أمبريال كوليدج لندن للسكري أيضاً بالاستمرار بالعادات الصحية لتناول الطعام التي اعتادوا عليها خلال شهر رمضان، وتوضح قائلةً: "إن الاستمرار في هذه الممارسات الغذائية لا يجعل عملية الانتقال أكثر سلاسةً فحسب، بل يمكن أن يساهم أيضاً في تحقيق فوائد صحية بعيدة الأمد."
كيف تسترجعين عاداتكِ الغذائية الصحية بعد شهر رمضان؟
لستِ وحدكِ من يعاني عزيزتي من استعادة النمط الغذائي الصحي بعد رمضان؛ فهناك الملايين من الناس ممن يواجهون صعوباتٍ قصوى في العودة لنظامهم الصحي بعد انقضاء أيام الصيام.
لكن توجيهات خبراء الصحة، ومنهم اختصاصية التغذية داليا حرب، تُساعد في الحد الأدنى بالعودة تدريجيًا لهذا النمط الصحي. وفي حديثها لموقع جريدة "النهار" اللبنانية، قدمت حرب بعض النصائح الأساسية والفعالة لتسهيل هذه العودة؛ خصوصًا للأشخاص الذين اكتسبوا بعض الوزن الزائد خلال الشهر الفضيل.
وتتضمن نصائحها الآتي:
- تناول المياه بكمياتٍ كافية وحسب حاجة الجسم، لتجنب الصداع والجفاف.
- تناول بعض المشروبات الدافئة مثل شاي اليانسون والنعناع وغيرها من أصناف المشروبا إنما بكمياتٍ معتدلة، بغية تجنب النفخة والإمساك.
- في المقابل، تنصح حرب بالاستمرار في تناول كمياتٍ قليلة من المشروبات الغنية بالكافيين، وعدم الرجوع إلى العادة الغذائية الخاطئة بالإدمان على الكافيين لتفادي الصداع والضغط الشديد.
- تناول وجبة فطور خفيفة وصحية، لتعويد المعدة على الأكل في الصباح من جديد؛ ثم زيادة الكمية تدريجيًا ومع الوقت. ويُنصح أن تتضمن هذه الوجبة الكربوهيدرات المعقدة ذات المؤشر الغلايسيمي المنخفض low glycemic index، كخبز القمحة الكاملة الغني بالألياف، أو حبوب الفطور الصحية، أو التوست الأسمر الخالي من السكر المضاف أو وجبة الشوفان الصحية. كما ينبغي التركيز على مصادر الألياف الضرورية لصحة الجسم والهضم، وخاصةً تلك الموجودة في الحبوب الكاملة، الخضار، الفواكه والبذور.
لا ننسى بالطبع البروتينات وأهميتها في النظام الغذائي الصحي، والتي يمكنكِ الحصول عليها من اللحوم البيضاء والخالية أو قليلة الدسم، البيض، البذور، الحبوب، والحليب ومشتقاته.إضافةً إلى الدهون الصحيّة كاللحوم الهبرة، الدجاج دون جلد، السمك المشوي، الأفوكادو، البذور كبذور الشيا وغيرها، والمكسرات النيئة.
- عدم الإكثار من كمية الطعام في أول أيام العيد، وذلك لتفادي إجهاد الجهاز الهضمي.
- تجنب الحلويات والأطعمة الغنية بالسكر المضاف، أيضًا تجنبًا لإرهاق الجهاز الهضمي وتجنب مشاكله مثل عسر الهضم والنفخة وغيرها. وإن كنتِ تشتهين تناول الحلويات خصوصًا في العيد، تنصحكٍ اختصاصية التغذية حرب بتناول السكريات الطبيعية الموجودة في العسل والفواكه، أو تحضير الحلويات في المنزل وبطريقةٍ صحية.
- تجنب الأطعمة الدسمة، الدهنية والمقلية واستبدالها بالأطعمة المشوية. يمكنكِ مثلًا تناول البطاطس المشوية بدل المقلية، واللحوم المشوية بدل المقلية.
- التقليل من كمية الملح المضاف إلى وجبات الطعام، وعدم الإكثار منه خاصةً في الوجبات الرئيسية.
- ممارسة الرياضة بشكلٍ منتظم وبمعدل لا يقل عن 30 دقيقة يوميًا، بالنشاط الذي تحبين.
خلاصة القول، أن العودة لنمط الحياة السابق الغذائي تحديدًا، يتطلب الكثير من التخطيط المدروس والعودة التدريجية، كي تضمني عدم تعرَضك لأية مشاكل صحية خاصةً تلك المتعلقة بالجهاز الهضمي. وليكن نمط حياتكِ الغذائي صحيًا قدر الإمكان، مع وجوب عدم تفويت ممارسة الرياضة.