حذاري عزيزتي.. فالعزلة الإجتماعية تزيد من العمر وارتفاع معدل الوفاة
نسمع كثيرًا عن العمر البيولوجي والعمر الزمني، فهل تعرفين عزيزتي ما الفرق بينهما؟
العمر الزمني هو مدة وجود الشخص على قيد الحياة، بحساب السنوات التي يعيشها؛ في حين أن العمر البيولوجي هو مقياسٌ يحسب وضع خلايا الجسم من حيث صحتها أو شيخوختها.في بعض الأحيان، قد يكون العمر الزمني والعمر البيولوجي متماثلين للشخص الواحد؛ لكن قد يكونان مختلفين عند شخصٍ آخر. مثلًا قد يكون عمر الشخص الزمني 30 عامًا، لكن خلاياه تعاني الشيخوخة، ولذلك فعمره البيولوجي قد يكون 40 عامًا.
بعض الأشخاص يتقدمون في العمر بشكل أسرع من غيرهم. بعد 25 عامًا من التخرج من المدرسة أو الجامعة، قد يبدو أحد زملاء الدراسة لديكِ أصغر سنًا من البقية بعقدٍ من الزمن، وآخر أكبر منه بعقدٍ من الزمن. وبحسب الدكتورة أندريا بريتا ماير، المديرة المشاركة لمركز طول العمر الصحي بجامعة سنغافورة الوطنية، فإن الباحثين يُعرّفون العمر البيولوجي على أنه "تراكم الأضرار التي يمكننا قياسها في أجسامنا". ويأتي هذا الضرر من الشيخوخة الطبيعية، وكذلك من البيئة والسلوكيات الحياتية الخاطئة.
يعمل العلماء غالبًا على قياس هذه الظاهرة وتحديد "العمر البيولوجي" للشخص، من خلال النظر إلى صحته الخلوية بدلًا من عدد السنوات التي عاشها. ومن خلال هذا القياس، يمكن تحديد العوامل التي تزيد من عمرنا البيولوجي مقارنةً مع عمرنا الزمني، وكيفية التخلص من العوامل التي تحول دون شيخوخة الخلايا وارتفاع معدل العمر البيولوجي.
وهنا يُطرح السؤال: ما هي العوامل التي تزيد من العمر البيولوجي؟ والجواب عليه بسيط ويتمثل في ممارساتٍ حياتية خاطئة والتعرض لتلوثات الهواء والبيئة من حولنا. لكن العامل الأخير الذي سنذكره اليوم، قد يكون الأخطر وهو صامتٌ بصورةٍ مخيفة. نتحدث هنا عن العزلة الإجتماعية التي تُعرَض خلايانا للوهن والشيخوخة، وهو ما يزيد من العمر البيولوجي.
العزلة الاجتماعية تزيد من العمر البيولوجي
هذا ما كشفت عنه دراسةٌ جديدة من مايو كلينك، أثبتت أن الأشخاص المنعزلين اجتماعيًا هم أكثر عرضةً لإظهار علامات تُظهرهم أكبر سنًا بيولوجيًا، وأكثر عرضةً للوفاة لأسبابٍ مختلفة. ونُشر البحث في مجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب؛ وتشير التطورات إلى أن التواصل الاجتماعي يقوم بدورٍ مهم في الصحة البدنية العامة وإطالة العمر، ويجب معالجة ذلك على أنه جزءٌ ضروري من المُحددات الاجتماعية للصحة.
لفحص دور التواصل الاجتماعي في الشيخوخة البيولوجية، قارن الباحثون مَنْسَب الشبكة الاجتماعية ومخطط كهربية القلب المُفعَل بالذكاء الاصطناعي. electrocardiogram (AI-ECG) - الفجوات العمرية المتوقعة لأكثر من 280,000 بالغ تلقوا رعايةً في العيادات الخارجية بين يونيو 2019 ومارس 2022. وقد أكمل المشاركون المؤهلون استبيانًا حول المُحددات الاجتماعية للصحة، وكان لديهم سجلاتٌ ومخطط كهربية القلب المُفعَل بالذكاء الاصطناعي (AI-ECG) مستقلةً عن الدراسة في الملف خلال عام واحد.
أستخدم مخطط كهربية القلب المُفعَل بالذكاء الاصطناعي (AI-ECG) الموضوع في مايو كلينك، لتقدير العمر البيولوجي، ثم مقارنته بالعمر الزمني. وأظهرت البحوث السابقة أن التنبؤ بالعمر عن طريق مخطط كهربية القلب المُفعَل بالذكاء الاصطناعي (AI-ECG) يُمثَل العمر البيولوجي للقلب. وتشير الفجوة العمرية الإيجابية إلى تسارع الشيخوخة البيولوجية، في حين تشير القيمة السلبية إلى شيخوخةٍ بيولوجية أبطأ.
قيَم الباحثون العزلة الاجتماعية باستخدام مَنْسَب الشبكة الاجتماعية، الذي يطرح 6 أسئلة متميزة متعددة الاختيارات، تتعلق بمجالات التفاعل الاجتماعي هذه:
- الانتماء إلى أي نادٍ أو منظمة اجتماعية.
- تواتر مرات المشاركة في الأنشطة الاجتماعية سنويًا.
- تواتر مرات التحدث عبر الهاتف مع العائلة والأصدقاء أسبوعيًا.
- تواتر مرات حضور الخدمات الدينية سنويًا.
- تواتر مرات الاجتماع مع الأصدقاء أو العائلة وجهًا لوجه في الأسبوع.
- الحالة الاجتماعية أو العيش مع شريك.
ومُنحت كل إجابةٍ على السؤال درجة 0 أو 1، وتراوحت حسابات الدرجات الإجمالية من 0 إلى 4، وهو ما يُمثَل درجاتٍ متفاوتة من العزلة الاجتماعية.
فجوةٌ عمرية أقل بوجود شبكةٍ اجتماعية فضل
المشاركون الذين حصلوا على درجة أعلى في مَنْسَب الشبكة الاجتماعية - يشير إلى وجود شبكة اجتماعية أفضل - كانت لديهم فجوةٌ عمرية أصغر في مخطط كهربية القلب المُفعَل بالذكاء الاصطناعي (AI-ECG)، ويسري هذا الأمر على جميع الفئات من حيث الجنس والعمر. وقد أثَرت حالة الشبكة الاجتماعية كثيرًا على خطر معدل الوفيات؛ففي أثناء فترة المتابعة التي دامت عامين، توفي ما يقرب من 5% من المشاركين. كان لدى أولئك الذين حصلوا على درجات مَنْسَب اجتماعي منخفضة، أقل من أو تساوي 1 خطر أعلى للوفاة مقارنةً بالمجموعات الأخرى.
في حين أن 86.3% من المشاركين كانوا من البيض من أصول غير لاتينية، إلا أن بيانات الدراسة تشير إلى الفوارق الصحية الموجودة. إذ كان لدى المشاركين غير البيض متوسط فجواتٍ عمرية أعلى من نظرائهم البيض، خاصةً أولئك الذين حصلوا على درجاتٍ أقل في مَنْسَب الشبكة الاجتماعية.
وفي تعليقه على نتائج الدراسة، يقول الدكتور أمير ليرمان ، طبيب قلب في مايو كلينك ومؤلف رئيسي لهذه الورقة البحثية: "تُسلَط هذه الدراسة الضوء على التفاعل الحاسم بين العزلة الاجتماعية والصحة والشيخوخة.ويبدو أن العزلة الاجتماعية المقترنة بالظروف الديموغرافية والطبية، تُشكَل عامل خطرٍ بالغ لتسارع الشيخوخة. ولكننا نعلم أيضًا أن الأشخاص يمكنهم تغيير سلوكهم - الحصول على مزيدٍ من التفاعل الاجتماعي، وممارسة الرياضة بانتظام، واتبَاع نظامٍ غذائي صحي، والتوقف عن التدخين، والحصول على نوم كافٍ، وغير ذلك. يُعدَ إجراء هذه التغييرات والحفاظ عليها قاطعًا لشوطٍ طويلٍ نحو تحسين الصحة العامة."
نصائح لتقليل عمركِ البيولوجي
إن كنتِ عزيزتي تهتمين بتحسين عمركِ البيولوجي مقارنةً مع عمركِ الزمني، فإن اتباع بعض الخطوات البسيطة كفيلٌ بتحقيق هذا الهدف.
وما هذه الخطوات إلا تعليمات طبية وصحية، عرفناها منذ زمن طويل، لكننا ما ننفك ننساها أو نتغاضى عنها في خضم زحمة الحياة والمشاغل والهموم. لكن لا ضير من التذكير بها وهي كالآتي:
- الأكل أقل بنسبة الربع (ترك الأكل قبل الشبع تمامًا).
- التوقف عن تناول الطعام بعد الساعة 8 مساءً.
- استخدام خيط الأسنان في الليل، للتخلص من الرواسب العالقة في الأسنان والتي تُسبَب الالتهاب في الجسم في حال عدم التخلص منها.
- المشي بشكلٍ أسرع لمدة 10 دقائق يوميًا.
- اتباع حمية البحر الأبيض المتوسط.
- معالجة الاكتئاب والتوتر والقلق.
- تقليل الجلوس قدر الإمكان.
في الختام، فإن أعمارنا الزمنية يُحدَدها الله سبحانه وتعالى؛ لكن أعمارنا البيولوجية، وهي أعمار أجسامنا تحديدًا، يزيدها أو يُقلَل منها اتباعنا للعادات الصحية في الأكل والنوم والرياضة وغيرها. فلا تتواني عزيزتي عن اتباع العادات الصحية المذكورة أعلاه، وغيرها من العادات التي ينصح بها الأطباء عادةٍ، لتعزيز صحة الجسم والخلايا ومنع شيخوختها في عمرٍ مبكر.