تأكيد خبير: تحسّن تجربة المرضى مع تطور علاجات سرطان الدم
سبتمبر هو شهر التوعية بسرطان الدم وسرطان الغدد الليمفاوية؛ نوعان من السرطانات الشائعة عند الكبار والصغار على حد سواء. ويُعدّ السرطان أحد الأسباب الرئيسية للوفاة على مستوى العالم، إذ تسبَب في وفاة نحو 10 ملايين شخص، أي ما يعادل 1 من كل 6 وفيات في عام 2020، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. وقد كان من المتوقع أن تُشكَل الحالات الجديدة لسرطانات الدم، بما في ذلك اللوكيميا والليمفوما والورم النقوي، حوالي 10% من الحالات الجديدة للسرطان التي تمَ تشخيصها في الولايات المتحدة في عام 2020.
تشهد علاجات سرطان الدم تطورًا كبيرًا، ما يُوفَر خياراتٍ علاجية أكثر تنوعًا وفعاليةللمرضى.ووفقاًللدكتوراسكندرالعوضي، اختصاصي أمراض الدم والأورام في مركز مايو كلينك بمدينة جاكسونفيل في فلوريدا وأحد خبراء علاج سرطانات الدم، خاصةً مرض الورم النقوي المتعدد: "أصبح الأطباء اليوم قادرين على تحديد المرض ومراقبته والقضاء عليه بشكلٍ أسرع وأكثر دقةً بفضل العلاجات الدوائية المُوجهة والعلاجات الحديثة، مثل العلاج بالخلايا التائية ( CAR-T)."
نتعرف في مقالة اليوم، على علاجات سرطان الدم المتطورة وتأثيرها الإيجابي على حياة المرضى من خلال معلومات حصلنا عليها من الدكتور العوضي؛ لكن وكما هو الحال دومًا، لا بدَ من تسليط الضوء على ماهية سرطان الدم وأنواعه وأعراضه، وإن بشكلٍ مختصر..
سرطان الدم: أنواع وأسباب وأعراض
ابيضاض الدم (لوكيميا) هو سرطان الأنسجة التي تشكِّل الدم في الجسم، بما في ذلك نخاع العظم والجهاز اللِّمفي. هناك أربعة أنواع رئيسة لسرطان الدم (اللوكيميا)، تختلف في الوسائل العلاجية، وفي مقدار استجابتها للعلاج، والأنواع هي اللوكيميا النخاعية الحادة؛ اللوكيميا الليمفاوية الحادة؛ اللوكيميا النخاعية المزمنة؛ واللوكيميا الليمفاوية المزمنة. تكون بعض أشكال ابيضاض الدم أكثر شيوعًا بين الأطفال، في حين تصيب أشكالٌ أخرى من ابيضاض الدم البالغين غالبًا.
يشمل ابيضاض الدم عادةً كريات الدم البيضاء؛ فهذه الكريات هي خط الدفاع الأول في جسمكِ لمكافحة العدوى، وهي تنمو وتنقسم بطريقةٍ مُنظمة، حسب احتياجات الجسم. ولكن في حالة المرضى المصابين بابيضاض الدم، ينتج نخاع العظم كمياتٍ زائدة من كريات الدم البيضاء غير الطبيعية، والتي لا تعمل بشكل صحيح.
تختلف أعراض ابيضاض الدم باختلاف نوعه. تشمل العلامات والأعراض المعتادة لابيضاض الدم:
• الحمى أو القشعريرة.
• الإرهاق المستمر والضعف.
• العدوى المتكررة أو الخطيرة.
• فقدان الوزن دون مبرر.
• تضخم العقد اللمفية وتضخم الكبد أو الطحال.
• سهولة النزيف أو الكدمات.
• نزيف الأنف المتكرر.
• ظهور بقع حمراء صغيرة في الجلد (الحبَرات).
• فرط التعرق، وخاصة أثناء الليل.
• ألم في العظم أو إيلام عند اللمس.
تطور علاجات سرطان الدم تُحسَن من حياة المرضى
كما ذكرنا في بداية المقالة؛ تشهد العلاجات الدوائية لسرطانات الدم تطورًا كبيرًا، حيث كان مرضى الورم النقوي يتلقون عقارين متتاليين في الماضي، ولكنهم يأخذون الآن أربعة أدوية في الوقت نفسه، مما أدى إلى اختفاء الأعراض عندعددٍ أكبر من المرضى. ويشير الدكتور العوضي إلى أن بعض العلاجات أصبحت فعالة جدًا، حتى بعد زراعة الخلايا الجذعية، لدرجة أن بعض المرضى قد يتمكنون من التوقف عن تناول الأدوية تمامًا. وتجري حاليًا تجارب سريرية لدراسة هذا النهج.
يمتلك مرضى سرطان الدم خياراتٍ أوسع من العلاجات المناعية، بما في ذلك العلاج بالخلايا التائية ( CAR-T) الذي يستفيد من جهاز المناعة في الجسم لمحاربة السرطان. ويتضمن هذا العلاج تعديل الخلايا التائية وراثيًا، لتحفيز جهاز المناعة على مهاجمة الخلايا السرطانية. وقد تمَ اعتماد هذا العلاج من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج بعض أنواع اللوكيميا والليمفوما والورم النقوي المتعدد. كما تُجرى حاليًا التجارب السريرية لاستخدامه كخيارٍ علاجي لأنواعٍ أخرى من السرطانات، مثل سرطان الثدي والدماغ والبنكرياس والعظام والأنسجة الرخوة، وأيضًا لأمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة.
وإذا لم يتمكن المرضى من تلقَي علاج الخلايا التائية(CAR-T)، فقد يكون بمقدورهم تلقَي فئةً من الأدوية تُعرف باسم "مُحفزات الخلايا التائية" التي لا تحتاج إلى تصنيع،على عكس علاجات الخلايا التائية. وغالبًا ما يتلقى المرضى هذه العلاجات في المستشفى، ولكن في عيادة مايو كلينك، يتم تقديمها للمرضى الخارجيين وفقًا للدكتور العوضي الذي يضيف: "لم نرَفي الماضيالكثير من الحالات التي تغيب فيها الأعراض لمدة 10 سنواتعند المرضىالمصابين بالسرطان، ولكننابدأنا نلاحظ أنه مع تطبيق الخيارات العلاجية الجديدة مثل(CAR-T)ومُحفزات الخلايا التائية، أصبح المرضى،حتى أولئك الذين يعانون من السرطان منذ سنواتٍ طويلة،يختبرون غيابًا كليًا للأعراض".
علاجات متوفرة في حال عودة السرطان
يتعافى الكثيرون من سرطان الدم، الحمدالله؛ لكنهم يبقون في دائرة خطر عودة السرطان من جديد. ما هو الحل في هذه الحالة؟
في حال عودة السرطان لاحقًا، قد تتوفر للمرضى خياراتٍ علاجية جديدة لم تكن موجودة عند تشخيصهم الأولي. ويذكر الدكتور العوضي حالة مريضٍ بالورم النقوي من المملكة المتحدة،كان قد تلقى العلاج بالخلايا التائية(CAR-T)في عيادة مايو كلينك لتغيب الأعراض عنده تمامًا؛ ولكن المرض عاد بعد تسعة أشهر. وبحلول ذلك الوقت، كانت هناك تجارب سريرية جديدة متاحة في المملكة المتحدة، وتمكن المريض من بدء العلاج محليًا بمتابعة فريقه الطبي في عيادة مايو كلينك من فلوريدا ولندن.ويضيف الدكتور العوضي في هذا الشأن: "لقد حظي المريض بفرصة الحصول على خياراتٍ علاجية جديدة مع مرور الوقت."
بدورها، تشهد التقنيات المُستخدمة في إجراء الفحوص التشخيصية تطورًا كبيرًا أيضًا، مما يسمح للأطباء بتحديد مدى استجابة المريض للعلاج بشكلٍ دقيق. وتستطيع الفحوصات حاليًا اكتشاف خلية سرطانية واحدة بين 100 ألف خلية طبيعية؛ ومع تقدم التقنيات، قد تتمكن الفحوصات في المستقبل من اكتشاف خليةٍ سرطانية واحدة بين مليون أو حتى عشرة ملايين خلية. ويأمل الباحثون في تطوير نموذجٍ تنبؤي في المستقبل،يمكنه إخبار المرضى باحتمالية تحقيق استجابة عميقة للعلاج تغيب معها الأعراض ليصبح بإمكانهم التوقف عن تناول الأدوية.
ويوضح الدكتور العوضي أن بعض المرضى،يستطيعون الحصول على العلاج في المنزل؛ فهناك فئةٌ من المرضى الذين يخضعون لزراعة الخلايا الجذعية والذين يضطرونللمكوث في المستشفى لمدة ثلاثة أيام، ثم ينتقلون إلى الرعاية المنزلية.وقد تطورت الأدوية المُستخدمة لإدارة أعراض الألم والغثيان والآثار الجانبية الأخرى لسرطانات الدم، حيث تُوفر المراكز الكبيرة خدماتٍ أكثر للمرضى تشمل الرعاية التلطيفية وعلاج الألم والأشعة التداخلية وعلم النفس والعلاج الطبيعي والطب التأهيلي.
ويختتم الدكتور العوضي حديثه قائلًا: "من المهم جدًا الاطلاع علىنمط حياة المريض قبل الإصابة بالسرطان،فأحد الأهداف الرئيسية للعلاج هو محاولة إعادة المريض إلى ذلك الوضع مرةً أخرى، بينما نعملللسيطرة على السرطان."