أهمية الفحص الدوري لسرطان الثدي خلال شهر أكتوبر الوردي
ها قد أقبل علينا من جديد،شهر أكتوبر الذي يُعرف عالميًا بشهر التوعية بسرطان الثدي، ويُطلق عليه تسمية "أكتوبر الوردي" تكريمًا للحملة العالمية الرامية لزيادة الوعي بهذا المرض الخطير.
وكما بات معلومًا، يُعد سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطان انتشارًا بين النساء في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه في مجالات العلاج والكشف المبكر وتراجع أعداد الوفيات الناجمة عنه، إلا أن سرطان الثدي لا يزال يُشكَل تحديًا كبيرًا للصحة العامة؛ وينبع ذلك في المقام الأول من توجس الكثير من النساء من الكشف عن الإصابة بالمرض والخضوع للعلاج، أو عدم الوعي الكافي لضرورة إجراء الفحص الدوري للكشف المبكر عن سرطان الثدي.
إذن، يُحتفل بشهر التوعية بسرطان الثدي في شهر أكتوبر من كل عام؛ وهو فرصةٌ لزيادة الوعي حول سرطان الثدي وأهمية الفحص المبكر والوقاية. وتتضمن أهداف هذا الشهر بحسب مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية:
- توعية المجتمع بعلامات وأعراض سرطان الثدي، والتشجيع على الفحص الذاتي وإجراء الفحوصات الطبية الدورية.
- تقديم الدعم النفسي والمعلومات للنساء المصابات والمتعافيات من سرطان الثدي ولأسرهن.
- دعم الأبحاث في مجال علاج سرطان الثدي والوقاية منه.
- التأكيد على أهمية نمط الحياة الصحي كعاملٍ مهم للوقاية من سرطان الثدي، بما في ذلك النظام الغذائي الصحي والنشاط البدني.
للتعرف أكثر على أهمية هذا الفحص وأنواعه، تحدثت إلينا الدكتورة رشا القفاص؛ أخصائي أشعة تشخيصية متخصصة في مستشفى فقيه الجامعي بدبي، وأفادتنا بالآتي:
سرطان الثدي وأهمية الكشف المبكر
تبرز أهمية الفحص الدوري والكشف المبكر كعاملٍ أساسي في تحسين فرص العلاج والنجاة من سرطان الثدي؛ وهو نموٌ غير طبيعي لخلايا الثدي التي تتحول إلى خلايا سرطانية. يمكن أن يظهر السرطان في مختلف أجزاء الثدي، سواء كان ذلك في الغدد اللبنية، أو القنوات التي تحمل الحليب، أو حتى الأنسجة المحيطة. كما قد يكون المرض موضعيًا (يبقى في مكانه) أو قد ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، مما يزيد من تعقيد العلاج وصعوبة السيطرة على المرض.
أهمية التوعية خلال شهر أكتوبر الوردي
يهدف شهر أكتوبر الوردي إلى زيادة الوعي بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي وكيفية الوقاية منه. وتؤكد الحملة العالمية التي تنطلق في هذا الشهر، على أهمية التوعية والدعم للمرضى والمجتمع بشكل عام، بالإضافة إلى تعزيز التمويل للأبحاث العلمية المرتبطة بتطوير أساليب علاج جديدة.
الفحص الدوري لسرطان الثدي هو الطريقة الأكثر فعاليةً للكشف المبكر عن المرض، والذي يُعد عاملًا حاسمًا في تحسين نتائج العلاج. إذ أنه وعندما يتم اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة، فإن خيارات العلاج تكون أكثر تنوعًا وفعالية، وفرص الشفاء أعلى بكثير.
أنواع الفحص الدوري لسرطان الثدي
من الضروري التذكير بأن فحص الثدي الدوري يجب أن يحصل في أي وقتٍ من السنة، حسب الحاجة إليه، وليس فقط خلال شهر أكتوبر. لذا لا تتأخري عزيزتي في الخضوع لأيٍ من فحوصات الثدي الضرورية والتي تُساعد في الكشف المبكر عن هذا المرض الذي باتت نسب التعافي منه تتخطى 90%.
ووفق الدكتورة القفاص، هناك عدة أنواع من الفحوصات التي يمكن للمرأة القيام بها للكشف عن سرطان الثدي:
- الفحص الذاتي للثدي: تُشجع النساء على القيام بفحصٍ ذاتي دوري لثدييهنَ، للتحقق من أي تغيراتٍ قد تحدث عليهنَ، مثل الكتل أو التورم أو الاحمرار. ويُعتبر هذا الفحص خطوةً أولية وهامة في رصد أي علامات مبكرة للمرض.
- تصوير الثدي الشعاعي (الماموغرام): يُعد الماموجرام الوسيلة الأكثر شيوعًا للكشف عن سرطان الثدي. ويوصى بإجراء تصوير الماموغرام للنساء ابتداءً من سن الأربعين، أو في وقتٍأبكر في حال كانت هناك عوامل خطر مثل التاريخ العائلي للمرض. ويعمل هذا الفحص على اكتشاف الكتل الصغيرة التي قد تكون غير محسوسةً باليد.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI):يُستخدم في بعض الحالات ذات الخطورة العالية، خاصةً إذا كان هناك تاريخٌ عائلي قوي أو وجود جينات مرتبطة بسرطان الثدي مثل BRCA1 أو BRCA2.
- الموجات فوق الصوتية (Ultrasound):يُستخدم هذا الفحص بشكلٍ أساسي لتحديد طبيعة الكتل الموجودة في الثدي، سواء كانت صلبة أو مملوءة بسائل؛ وهو يُكمَل فحص الماموغرام في بعض الحالات.
تأثير الفحص الدوري على خفض معدلات الوفيات
للإضاءة أكثر على أهمية الفحص الدوري لسرطان الثدي، تشير العديد من الدراسات إلى أن الفحص الدوري والكشف المبكر عن سرطان الثدي يؤدي إلى خفضٍ كبير في معدلات الوفيات الناتجة عن هذا المرض. وفي الحالات التي يتم فيها اكتشاف السرطان مبكرًا، تصل معدلات البقاء على قيد الحياة إلى خمس سنوات بعد التشخيص إلى حوالي 90%. أما في الحالات المتقدمة التي ينتشر فيها المرض إلى أجزاءٍ أخرى من الجسم، فإن معدلات البقاء تقل بشكلٍ ملحوظ.
تقليل الخطر من خلال الفحص المبكر
بالإضافة إلى تحسين فرص البقاء على قيد الحياة، فإن الفحص المبكر يسمح باتخاذ خطواتٍ وقائية أو علاجية أقل تدميرًا. فبدلًا من الحاجة إلى العلاجات الجراحية الكبرى أو العلاج الكيميائي المُكثَف، قد يتمكن الأطباء من إزالة الورم بسهولة باستخدام تقنياتٍ أقل تدخلاً.
علاوةً على ذلك، يساعد الفحص الدوري في تقليل الضغط النفسي الذي قد تعاني منه المريضة وعائلتها. فعندما يتم اكتشاف المرض في مراحله الأولى، تقل الحاجة إلى علاجاتٍ طويلة وشاقة، مما يُحسَن من جودة حياة المريضة خلال فترة العلاج.
دعم المجتمع والمبادرات الصحية خلال أكتوبر الوردي
شهر أكتوبر الوردي ليس فقط فرصةً للتوعية، وإنما هو أيضًا فرصةٌ لتقديم الدعم والتضامن مع المريضات وعائلاتهنَ. ويتم تنظيم العديد من الفعاليات والمبادرات الصحية في مختلف أنحاء العالم خلال هذا الشهر، لجمع التبرعات وزيادة الوعي بضرورة الفحص الدوري؛ كما تلعب هذه الفعاليات دورًا هامًا في تشجيع النساء على اتخاذ خطواتٍ استباقية لحماية صحتهنَ.
على سبيل المثال، تُقدم العديد من المستشفيات والعيادات خلال هذا الشهر، خصوماتٍ على فحوصات سرطان الثدي، أو حتى تقدمها مجانًا في بعض الأحيان. هذه المبادرات تُشجع النساء على القيام بالفحوصات التي قد يترددنَ في إجرائها لأسبابٍ مالية أو خوفًا من التشخيص.
في الختام؛ ففي شهر أكتوبر الوردي، تتضافر الجهود لزيادة الوعي حول سرطان الثدي وأهمية الفحص الدوري في الكشف المبكر عن المرض؛ولا يمكن التقليل من أهمية الفحص الذاتي والدوري كجزءٍ من روتين الرعاية الصحية لكل امرأة. إن الاستثمار في صحة الثدي من خلال الفحوصات المنتظمة هو استثمارٌ في الحياة، حيث يتيح الكشف المبكر فرصًا أكبر للشفاء والعلاج بأقل قدرٍ من التدخل الطبي. كما أن توعية المجتمع حول أهمية الفحص الدوري يُعزَز من قدرة النساء على اتخاذ قراراتِ صحية واعية. ففي النهاية، فالوقاية والكشف المبكر هما الأسلحة الأكثر فعالية في مواجهة سرطان الثدي، فلا تترددي في استخدامهما لحماية نفسكِ ومن تحبين.