حوار خاص لـ"هي" مع نعومي كامبيل: يصعب عليّ أن أصدّق حقيقة الحياة التي حظيت بها
هل هناك أجمل من الحوار مع هذه السمراء الساحرة "نعومي كامبيل" Naomi Campbell، وهل هناك أجمل من أن أشعر أنني أصبحت قريبا منها، وهل هناك أجمل من أن ترحب بي عندما تلمحني في أي مناسبة، والأجمل من كل هذا ذلك الوقت الخاص جدا الذي قضيته معها في الطائرة ونحن في طريقنا من دبي إلى إيطاليا حيث افتتحت معرض "إلهام وإتقان: دولتشي آند غابانا" في القصر الملكي بميلانو الذي ضم لوحات نادرة لها.. شهادتي مجروحة بها كنجمة، وهي بالأساس ليست بحاجة لها أو بحاجة إلى أي شهادة أو مديح، لكن لا بد أن أفيها حقها كإنسانة، وأم حنون، وابنة وحفيدة وفية، وصديقة مميزة، وقد أكون من بين عدد قليل من الإعلاميين الذين عاصروها والتقوها عن قرب، ولمست كم هي شفافة ورقيقة وناعمة وقوية في الوقت نفسه، ولذلك هي لا تحتاج إلى مقدمات كثيرة، ويكفي أن أقول إنني أعتز بهذا الحوار الذي يكشف أسرارا وجوانب كثيرة من حياتها العملية والشخصية، وكذلك في نظرتها إلى الحياة بكل جوانبها.
تركّز حملة BeYourOwnBoss# الإعلانية على التمكين، وتعزيز الثقة بالنفس، والتحفيز والتميّز. كيف يتردد صدى هذه الرسالة لديك على الصعيد الشخصي؟ وأين تكمن أوجه التآزر بين القيم التي تؤمنين بها وفلسفة الحملة؟
أرى أنّه لا بدّ من إتمام أي عمل نقوم به على أفضل وجه بكل إخلاص ومحبّة. حتى إن علينا بذل كل ما في وسعنا لإنجاز مهمتنا وتحقيق النجاح. من ناحية العمل مع Hugo Boss، يتجسّد التعاون بيننا من منطلق فهم قصّة الحملة والأهداف التي نعمل على تحقيقها، فنحرص على التماشي معها، وفهم الرسالة التي نريد إيصالها إلى الجمهور. لذلك، أسعى جاهدة إلى إنجاز العمل على طريقتي الخاصة حتى أترك بصمتي الخاصة عليه.
تتمثل رسالة الحملة الإعلانية لهذا الموسم في عبارة "إلى مدى الحياة"، كيف وجدت أسلوبك الخاص عندما بدأت العمل في مجال عرض الأزياء؟ وكيف حافظت عليه طوال هذه السنوات؟
أخبرينا المزيد عن هذه الحملة التي تدعو كلّ شخصية لتكون سيّدة نفسها في مختلف أوجه حياتها؟
أتاح لي هذا التعاون مع علامة Hugo Boss على مجموعة Naomi x BOSS محـــدودة الإصدار فرصة للتعبير عن نــــــفـــسي، فــــقــــد اختـــــرت مشـــــاركة مشاعري ومعارفي لابتكار مـــجـــمـــوعـــــة تـــعـــكــــس شخــصــيـــــتي. وتـــضــــمّ هـــذه الــمــجــمـــوعـــة إطــــلالات قد أرتـــــديـــهــــا بنـــفــسي، انـــطـــلاقــــا من إيـــمــــاني بـــأهمـية التمسّك بالأصالة.
لاحظت خلال تجـــــربتي في الــــعـــمــــل مــــعــــهــــم أنـــهــــم منـــظــمـــون كثيرا، كما أنّــــهـــم يــــدركــــون اهتمامات جمهورهم، وقدرتهم الشرائية، ونقاط قوّتهم، وميزة فريق العمل أنهم يبتكرون إبداعاتهم وفقا لكل ذلك. وقد فهمت الكثير من الأمور عن طريق العمل معهم، مثل كيفية بناء استراتيجيات العمل والتسويق، كما تعرّفت إلى الأشخاص الذين يتعاونون معهم. كنّا نجتمع أثناء العمل على مجموعتي محدودة الإصدار مع "ماركو" (ماركو فالتشيوني، نائب رئيس الإدارة الإبداعيّة لعلامة HUGO BOSS)، وكنت أخبر الفريق بكل وضوح عمّا أحبه وما لا أحبه، وما سأرتديه وما لن أرتديه. فأنا أريد أن تعكس هذه المجموعة شخصيتي بحيث تضمّ قطعا مريحة قد أرتديها شخصيا. وقد ركّزت عند ابتكار مجموعتي الأولى على رحلات السفر، لأنني أسافر باستمرار، وأبحث دائما عن التألّق بإطلالات مريحة.
تركتِ بـــصــمـــة لا يــــزال يــــتردّد صــــداهــــا حــتى يومنا هذا في مـــجـــال الـمـــوضـــة، إلى جانب مكانتك في عرض الأزياء. فقد صممتِ مجموعة محدودة الإصدار مع BOSS، وخصّص متحف "فيكتوريا وألبرت" معرضا لك، وشاركتِ في برنامج تلـــفـــزيــــون الواقــــع. هل يــــوجــــد أي مشروع ما زلت تريدين تنفيذه، أو أي أحلام مهنية ترغبين في تحقيقها؟
ثمة الكثير من المشاريع التي أود تنفيذها. وقد دخلت مؤخرا في مجال الإنتاج مع افتتاح أوّل شركة لي في دبي، على أن يكون فرعها الثاني في لندن. كما شكّلت سلسلة الأفلام الوثائقية تحت عنوان "ذا سوبر موديلز" خطوة مهمّة بالنسبة إلينا كعارضات أزياء، لأنّنا كنا شركاء مع كلّ من المخرجَين "رون هاورد" و"بريان غرايزر"، وشركة الإنتاج "إيماجن فيلمز"، بينما لم نمتلك يوما حقوق النشر لصورنا في إطار جلسات التصوير. من هذا المنطلق، عملت على الكثير من المشاريع، وسأواصل العمل على المزيد. وأعتبر العمل مع الفنانين الشباب الناشئين من الأمور الأحبّ إلى قلبي، ولهذا السبب أطلقت مبادرة "إميردج" الخيرية للتركيز على البلدان التي تشارك قليلا في أسابيع الموضة الرئيسة، بهدف تعزيز مشاركتها في أسابيع الموضة أو تعريفها على علامات تجارية معينة. حاليا، أشعر بفرح عظيم في هذه المرحلة من مسيرتي المهنية إلى جانب إطلاق المبادرة التي ذكرتها.
باعتباري شخصا صريحا، تحدّثت بكلّ شفافيّة عن هذا الموضوع في سلسلة الأفلام الوثائقية "ذا سوبر موديلز"، التي شكّلت منصة لي ولزميلاتي لمشاركة تجربتنا. وإذا اطّلعتم على مقابلاتي الصحافية طوال مسيرتي، فستلاحظون أنني منذ الثامنة عشرة من عمري وأنا أتحدث بصراحة عن جوانب هذه المهنة وفقا لتجربتي ووجهة نظري.
بالعودة إلى مسيرتك المهنية منذ اكتشاف موهبتك في سن الخامسة عشرة حتى أصبحت واحدة من أشهر عــــارضـــات الأزيـــاء، ما أبـــرز اللــحـــظــــات الــمـفـصــليّــــــة التي أسهمت في تشكيل شخصيتك الحالية؟
أتذكّر الكثير من اللحظات المهمة، بعضها من عالم الموضة والبعض الآخر من حياتي بعيدا عن الأضواء. بكل صراحة، أنا ممتنة جدا لكلّ الفرص التي حصلت عليها والثقة التي مُنحت لي لتحقيق كل ما فعلته، وكذلك لفرصة العمل مع أشخاص رائعين، لأن النجاح لا يتعلق بي وحدي، بل يتطلّب جهودا مشتركة. تماما كما هو الحال عند تنفيذ جلسة تصوير، لا يقتصر الأمر على عارضة الأزياء فقط، بل يشمل المصور ومصفّف الشعر وخبير الماكياج أيضا. وحتى يومنا هذا، ما زلت أستمدّ الإلهام والحماس من الأشخاص الذين هم حولي، وأتطلع إلى تحقيق العمل الذي ألتزم به. كما أحب التعاون مع المصورين الشباب الناشئين، حتى أرى طريقة عملهم، ورؤيتهم لي، وكيف سيلتقطون صوري بشكل مختلف عن الطريقة التي أعتمدها منذ أكثر من 40 عاما. ولا يفارقني الشغف تجاه العمل الذي أضطلع به، حيث أهتم بأدقّ تفاصيله، وأكرس كل جهودي له. فدائما ما أحرص على التفاني تماما لما أفعله من أجل تحقيقه على أكمل وجه. لذلك أصل إلى موقع العمل من دون أي مخططات أو توقعات، فأسمح لفريق العمل بابتكار إطلالة جديدة لي وفقا لرؤيتهم. والحقيقة أنني أعشق عملي كثيرا، حيث لا يزال يبهرني، ويمنحني شعور الفرح الغامر.
يصعب عليّ أن أصدّق حقيقة الحياة التي حظيت بها. كنت أمرّ دائما بجانب متحف "فكتوريا وألبرت" أثناء ذهابي إلى المدرسة، ولم أتصوّر أبدا أنّه سيستضيف في يوم من الأيّام معرضا يحمل اسمي. لقد كان التحضير لهذا المعرض عاطفيّا جدّا، حيث استرجعت الكثير من الذكريات، ولا سيّما التصاميم التي ارتديتها والقصص الكامنة خلفها، منها ابتكارات المصمّم "عز الدين عليّة"، و"جون غاليانو"، و"إيف سان لوران"، وحتّى "كارل لاغرفيلد". وأعتزّ بأنني نلت هذه الفرصة فيما لا أزال على قيد الحياة، إذ لا يحظى بها معظم الأشخاص إلا بعد رحيلهم. لذلك أنا ممتنّة جدا لهذه التجربة التي تغمرني بمشاعر الفخر والاعتزاز.
إذا تمكّنتِ من الـــعـــودة بالـــزمــــن، ما النــصــيــحــــة الــتي قد تقدمينها لنفسك في بداية مسيرتك المهنية؟
سأختصر النصيحة بثلاث كلمات: الالتزام، والمثابرة والعزم. فمنذ صغري، اكتشفت معنى الالتزام بفضل انتسابي لمعهد لتعلّم التمثيل، لذلك عندما أقرر الالتزام بمهمة محددة، أبذل قصارى جهدي لأقدّم أفضل ما لديّ. كما أحرص على تعلّم كل ما أجهله لأكون الأفضل في إتمام مشروعي. لذلك أنصح نفسي بأنّ أبذل كل ما بوسعي دائما لأنّ هذا سرّ النجاح.
الملابس أداة قوية للتعبير عن الذات، وخلال مسيرتك التي امتدت على مدى 40 عاما في مجال عرض الأزياء، نلتِ فرصة التألّق بمختلف الإطلالات والشخصيات عبر عرض قطع تحمل بصمة مختلف المصمّمين. هل اكتشفت أي خفايا من شخصيتك بعد أن ارتديت تصميما معيّنا؟
أغلب عارضات الأزياء اليوم شابات ولسنَ من مواليد التسعينيات. كيف قد تفسرين لهن مفهوم "عارضة أزياء"؟ وما المتطلبات اللازمة لاستحقاق هذا اللقب؟
من هي عارضة الأزياء في الحقيقة؟ عارضة الأزياء لا تملك قوة خارقة، وأعتقد أن سلسلة الأفلام الوثائقية تحت عنوان "ذا سوبر موديلز" تثبت مقولتي. فنحن ملتزمات ومثابرات في عملنا كما نسعى دائما إلى اعتماد مختلف الأساليب للتعبير عن تفانينا لعملنا مع الاستمتاع بما نفعله ونقدّمه، وإلا فلن نتمكن من تأدية عملنا بحرفية تامة.
تــــقـول عـــارضـــة الأزيــاء "كريستي تورلينغتون" إنّها لو علمت بما يحصل على وسائل التواصل الاجتماعي ما كانت لتدخل مجال عرض الأزياء. ما الفرق الأساسي بين عارضة الأزياء اليوم وعارضة الأزياء سابقا؟ وهل تشتاقين أحيانا للأيام الخوالي؟
أجل، فتــــلك الأيــــام كانــت ممـــيّزة بالــفــعــــل. ولكــــنّني أتفّهم "كريستي"، فــقـــد كانـــــت الأيام السابقة اسـتـــــثـــنائـــيـــة، حيث لم نــــحــــاول أن نواكب أي صيـــحــات. تشكّل وسائل التواصل الاجتماعي جزءا من حياتي، ولكنّها ليست حياتي بأكملها؛ فأنا لا أعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لأعيش. لا شكّ في أنّني أستخدمها في عملي، ولكن أغلبية منشوراتي وتفاعلي على هذه المنصات متعلّقة بعملي. فهي تعكس واقع العـــالـــم الــذي نــعـــيــــش فيـــه الـــيـــوم، ولكــنّـــــها لا تــتــمــلّكني كشخص ولا تؤثر في حياتي اليومية، فأنا أضع أمورا أخرى في قائمة أولوياتي. وسائل التواصل الاجتماعي ليست أولوية بالنسبة إليّ، وهي لا تحدّد من نحن في مجال عملنا. بمعنى أنّك يمكننا القيام بعملنا على أكمل وجه حتى لو لم نكن نملك نسبة كبيرة من المتابعين، إذ لا تحدّد هذه الأرقام مدى خبرتنا وحرفيتنا، وأعتقد أنّ هذا المعيار غير واضح للكثير من الأشخاص.
هل غيّرت الأمومة وجهة نظرك أو أولوياتك؟ أو هل دفـــعــتـــك إلى تــقــديــــر رئــيـــسـة عملك السابقة التي هي - إذا أمكنني القول - والدتك؟
حتما! فأطفالي هم أولويتي اليوم، ولهذا أقول إنني لا أملك الكثــــير من الـــوقـــت لأتــصــفــح وســائـــل التـــواصـــل الاجــتـــــمـــاعي مطولا. فمهمتي الأولى والأخيرة تكمن في أن أكون أفضل أم على الإطلاق.
ما النصـيـحــة التي تـــســدينــهـــا لأطفــالك؟ وهــل ثـمــة تــجربة من مسيرتك المهنية تودّين مشاركتهم بها؟
أحاول أن أستقي الإلهام من أمي وجدتي، فأنا من عائلة تمـتــــلك إرثــــا غنـــيــــا بالنـــســـاء الــقــويــــات، من خـــــالاتي ووالدتي وجدتي، لذا أميل دائما إلى التصرّف مثلهّن أو مثلما يتوقعنَ منّي.
هلّا أخبرتنا قليلا عن تجربتك في مجال تصميم الملابس لمــجــمــوعــــة Naomi x BOSS؟ وما أبرز النـــقــــاط التي تركزين علـيـــها أثناء تصميم الملابس: الراحة، التميّز، الأناقة؟
أستمدّ معظم إلهامي من البلدان التي زرتها، فأنا أحظى بفــرصـــة السفــــر إلى عـــددٍ من البــلـــدان الرائــعـــــة حول العالم، وأستوحي من الملابس التي أرتديها في كل وجهة والمشاعر التي تغمرني عند ارتدائها لأصمّم الإطلالات. هذا هو السرّ الذي يدفــعــــني إلى الابــتـــكار، وهذه هي الـــطـــريــــقـــــة التــــــي أفسّر بها رؤيتي لـ"اماركو فالتشيوني"، فنــعـتــمـــدها كخطوة أولى خلال عملية التصميم، ومنها ننطلق نحو الإبداع.
ما الذي يميّز أسلوبك الشخصي؟
أنا انتــقـــائـــــــــيــــة جـــدا، فــــمـــن الــمــمـــكن أن أرتـــــــــــدي ملابـــس من الثـــــلاثــيــنــيات وأنـــسّــقـــهــــا مـــع جــــاكيـــــت من "شانيل" أو من "عليّة" لأنّ الأهم بالنســبـــة إلي أن أشـــعــر بــالـــراحـــــــــة. ويُعدّ التنــسيــــق ما بـــين الــقـــطـــع المختـــلــفــــة من الخــطــــوات التي شـــجعـــــني عليها "عز الدين عليّة"، و"كــارل لاغرفيلد"، و"جيـــاني فيرســاتـــشــــي" و"جـــون غاليــــانو"، حيث اعتمدتها طوال مسيرتي، ولم أغيّر طريقتي هذه أبدا. ما زلت أعتمد هذا الأســلــــوب، حيـــث من المـــمكن أن أشتـــــــري قــطــعـــــة اليوم وأرتــــديـــهــا بعد مـــــــرور عــــامٍ، إذ ليس من الضروري أن أرتـــديـــهــــا فورا فقط لأنني اشتريتها الآن، فهذه ليست شخصيتي ولا أســـلوبي. في الـــواقــــع، أفـــضّل أن أرتديها عندما أجد الوقت مناسبا، وهذا ما أحبّه في نفسي.
ما النصائح التي قد تشاركينا إياها لاختيار البدلة المناسبة
؟
أعشق ارتداء جاكيت مع حزام لتعزيز ثقتي بنفسي. وليس من الضروري أن تكون بدلة مع بنطال، بل يمكنني أن أرتديها مع ليغينغ، إذ يبقى المهم بالنسبة إلي تحديد خصري وإبراز كتفَي. لذا أفضّل أن تكون الجاكيت واسعة قليلا. كما يروق لي وضع الأحزمة، ولا سيّما تلك السميكة والكبيرة. وأنا من محبّي التنانير الضيّقة، فيحلو لي ارتداء التنورة الضيّقة الطويلة قليلا، وأجدها فائقة الأنوثة والجمال. تُظهر هذه التنورة جزءا صغيرا من الأرجل، ويمكن تنسيقها مع أخفاف ناعمة، هذه هي الإطلالة المفضلة لدي!