لأفضل إدارةٍ لمرض السكري: خبراء ينصحون بالنظام الغذائي الصحي
يُعَد شهر نوفمبر من كل عام، شهرًا وطنيًا لمرض السكري، ليس فقط على مستوى دولة الإمارات وغيرها من دول المنطقة، وإنما أيضًا على مستوى العالم. إنه الوقت المناسب لتسليط الضوء، من جديد وكما كل عام، على مرض السكري وتأثيره على ملايين الناس حول العالم.
اليوم العالمي للسكري هو حملةٌ عالمية للتوعية بمرض السكري، يحتفل بها العالم في 14 من نوفمبر؛ بهدف التوعية بالمرض وتقديم المعلومات التي يحتاج إليها الأفراد المصابون بهذا الداء، كي يتعايشوا مع المرض وعلاجه بعناية. كما أنه فرصةٌ ذهبية لتوعية مجمل الناس حول مخاطر هذا الداء وأهمية الوقاية منه بالغذاء والنمط الصحي. وإلى جانب زيادة الوعي بالسكري بوصفه أحد قضايا الصحة العامة العالمية، يهدف هذا الحدث إلى تسليط الضوء على ما يجب فعله، على المستويين الجماعي والفردي، لتمكين المرضى من الحصول على خدماتٍ أفضل للوقاية من هذا المرض وتشخيصه وعلاجه.
منذ العام 2000 إلى العام 2019، حدثت زيادة بنسبة 3% في معدلات الوفيات المُوحَدة حسب السن الناجمة عن السكري. وفي البلدان متوسطة الدخل، ارتفع معدل الوفيات الناجمة عن السكري بنسبة 13%. وفي عام 2019، انضم السكري إلى قائمة أكثر 10 أسباب للوفاة على مستوى العالم. وتعمل منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات المعنية بصحة الأفراد، على زيادة الوعي حول داء السكري للوصول إلى الهدف الأكبر، ألا وهو خفض الوفيات المُبكرة الناجمة عن الأمراض غير السارية بمقدار الثلث بحلول عام 2030.
ومع ذلك، يمكن في الغالب الوقاية من النوع الثاني من السكري؛ إذ يمكن أن يؤدي النظام الغذائي الصحي والنشاط البدني والحفاظ على وزنٍ صحي للجسم وتجنَب التدخين، إلى الحد من خطر الإصابة بالسكري، ومن ثَم الوقاية من الإصابة بالنمط الثاني من السكري أو تأخير ظهوره. أكثر من 95% من مرضى السكري مصابون بالنمط الثاني من السكري، الذي كان يُعرف سابقًا باسم السكري غير المعتمد على الأنسولين أو سكري البالغين. وحتى وقتٍ قريب، كان هذا النوع من السكري لا يظهر سوى عند البالغين، ولكنه الآن أصبح يظهر بشكلٍ متزايد لدى الأطفال أيضًا.
للإضاءة أكثر على أهمية النظام الغذائي الصحي، الذي يلعب دورًا محوريًا في الوقاية ليس فقط من مضاعفات داء السكري وإنما من أمراضٍ أخرى خطيرة؛ تحدثت إلينا كلٌ من نادين هلال، أخصائية التغذية في مركز هيلث بلاس للسكري والغدد الصماء، وآسيا البلوشي أخصائية تغذية رئيسية في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري، وكلاهما جزء من مجموعة M42، على أهمية المنهجية الشخصية في التخطيط الغذائي التي تتم بالتشاور مع مُقدَمي الرعاية الصحية المختصين.
إدارة مرض السكري.. من خلال النظام الغذائي الصحي
يُعتبر السكري مرضًا مُزمنًا، يؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم؛ويحدث عند عجز الجسم عن إنتاج ما يكفي من الأنسولين أو انخفاض كفاءته في استخدام الأنسولين. نتيجةً لذلك، ترتفع مستويات سكر الدم، في حالةٍ إن لم تتم إدارتها بشكلٍ جيد، قد تُسبَب مضاعفاتٍ لا تُحمد عُقباها على الصحة.
تأتي التغذية في طليعة أبرز الوسائل الفعالة لإدارة مرض السكري. فبينما لا يمكن الوقاية حاليًا من مرض السكري من النوع الأول، إلا أن خياراتٍ محددة من أنماط الحياة، مثل الحفاظ على وزنٍ صحي والالتزام بممارسة النشاط البدني، قد تدعم الصحة عمومًا وتُقلَل على الغالب من مخاطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني. لذلك، فإن اتخاذ القرارات الصحيحة هو أمرٌ هام للسيطرة على مستويات سكر الدم وتحسين الصحة بالعموم.
بالنسبة لمرضى السكري، يمكن للخيار الغذائي المناسب أن يكون أداةً قوية للسيطرة على سكر الدم والحفاظ على الصحة. إلا أنه وبوجود معلوماتٍ كثيرة حول الأنظمة الغذائية، قد يُصاب المرضى بالارتباك حول معرفة الخيار الصحيح، ونقطة الانطلاق المثلى.
فهم العلاقة بين السكري والغذاء الصحي
يؤثر السكري، بنوعيه 1 و2، على قدرة الجسم على التعامل مع الجلوكوز، الذي يُمثَل مصدر الطاقة بالنسبة لخلايا الجسم. ويكون الهدف الرئيسي لمريض السكري عادةً، هو الحفاظ على استقرار مستويات السكر في الدم، لذلك يلعب النظام الغذائي دورًا رئيسيًا في هذه العملية.
وفقًا لنادين هلال، أخصائية التغذية والتثقيف بمرض السكري فيمركز هيلث بلاس للسكري والغدد الصماء؛ تُعتبر الوجبات الغذائية المتوازنة التي تجمع بين العناصر الغذائية الدقيقة، والكربوهيدرات، والبروتينات، والدهون الصحية، أمرًا أساسيًا لتجنب الارتفاع والهبوط المفاجئ في مستويات سكر الدم، وتضيف: "إن السر هنا ليس في الابتعاد عن الطعام، بل بإيجاد التوازن الأمثل."
أفضل منهجية غذائية لإدارة السكري
من هذا المنطلق، تُشدَد هلال على اتباع المنهجية التالية:
- مراقبة حصص الكربوهيدرات: إذ يمكن للكربوهيدرات التأثير بشكلٍ كبير على مستويات سكر الدم، ما يجعل مراقبة تناولها أمرًا بالغ الأهمية. وبدلًا من الابتعاد عنها كليًا، يتعين التركيز على الخيارات المناسبة ومراقبة الحصص المحددة.
- التقسيم بالنظر: طريقةٌ فعالة لاستخدام طبق الطعام كوسيلةٍ لتحديد أنواع الطعام المناسبة، حيث يتعين أن يكون نصف الطبق مليئًا بالخضروات غير النشوية مثل السبانخ والبروكلي والفلفل الأخضر؛ وربعه بروتينات قليلة الدهون، مثل الدجاج والسمك؛ في حين يكون الربع المتبقي مُخصصًا للحبوب الكاملة أو الخضروات النشوية مثل البطاطا الحلوة أو الكينوا.
تشارك آسيا البلوشي، أخصائية تغذية رئيسية في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري، هلال في اتباع هذه المنهجية؛ من خلال تناول الطعام بشكلٍ متوازن مع إدارةٍ فعالة لمستويات السكر في الدم، وتضيف: "هذه الطريقة عمليةٌ وبسيطة للتحكم في الحصص الغذائية والخيارات المناسبة."
- التركيز على الدهون الصحية: تلعب الدهون الصحية دورًا رئيسيًا في الحفاظ على استقرار مستويات سكر الدم وتحدَ من مخاطر التعرض لأمراض القلب، والتي تُعتبر مدعاة قلقٍ رئيسي لمرضى السكري. لذلك يجب إدخال مصادر الدهون الصحية في النظام الغذائي مثل الأفوكادو، والمكسرات، وزيت الزيتون، والأسماك الدهنية لدى مرضى السكري.
- الانتظام في أوقات الوجبات: يساعد الالتزام بأوقاتٍ محددة لتناول الوجبات وتجنَب البقاء دون طعام لفتراتٍ طويلة، في الحفاظ على استقرار مستويات سكر الدم. ويوصي خبراء هيلث بلاس بثلاث وجباتٍ متوازنة واثنتين من الوجبات الخفيفة الصحية خلال اليوم.
- شرب ما يكفي من الماء: يساعد شرب الماء خلال اليوم في تنظيم سكر الدم، خصوصًا وأن التعرض للجفاف يزيد من مستويات السكر في الدم. كما يجب تجنَب المشروبات الغنية بالسكر واستبدالها بالمياه وشاي الأعشاب مع كمياتٍ قليلة من السكر، أو دونه.
ختام القول؛ إن إدارة مرض السكري رحلةٌ مستمرة من الالتزام والمراقبة الدائمة لمستويات سكر الدم. لذلك لابد من التعاون مع مُقدَمي الرعاية لوضع خطةٍ غذائية شخصية، كون الغذاء أمرٌ أساسي، واتخاذ خياراتٍ غذائية صحية يضمن تحسين الصحة وتعزيز جودة الحياة.
بالطبع، لا توجد خطةٌ واحدة تناسب جميع المرضى. لذلك فإن تلقي الدعم المناسب واكتساب المعلومات اللازمة، يُمكَن المريض من امتلاك زمام السيطرة على صحته وعيش حياة جيدة.