قصيدة من المُخمل والضوء الخافت في مجموعة أشي ستوديو لربيع 2025 للأزياء الراقية
التقرير
قصيدة من المُخمل والضوء الخافت في مجموعة أشي ستوديو لربيع 2025 للأزياء الراقية
أشي ستوديو لا يقدّم مجموعة، بل يصنع مشهدًا، يخلق حالة، يدعونا إلى عالم مشحون بالتوتر الشاعري. ومرة أخرى في جو من العتمة المهيبة بفندق سالمون دي روتشيلد، يأخذنا المصمم محمد أشي في رحلة داخل مخيلته، حيث يصبح العرض نافذة إلى عالم سري مترف، انعكاسًا للعالم السري في الستينيات والسبعينيات، عندما كان البذخ رغبة خفية، والترف عملة متداولة في غرف مخملية مضاءة بالشموع.
مجموعة "ڤيلفيت أندرجراوند” هي وعد غامض بلحظة من التحوّل، حيث يعيد أشي تعريف نفسه دون أن يفقد بصمته الواضحة. حيث لا تُكرم إبداعات المجموعة الرفاهية فحسب، بل اعتراف برغبة لا تشبع، حاجة تنبض تحت الأقمشة، شوق يطفو في الهواء مثل عطر قديم عالق في المخمل.
يفتتح العرض بفستان كورسيه يحمل كل التناقضات التي تطبع المجموعة، أنوثة رقيقة مشبعة بالإغراء حيث رأينا الدانتيل الشانتلي ينساب عبر الجسد، يرسم المنحنيات كما لو كان منحوتًا بيد خفية. ولكن وسط هذه الرقة، يتسلل التحدي، أشواك تنبثق من الخصر، تجسيدًا للطموح، لمقاومة تستتر خلف المظهر الناعم. إنه هذا الصراع الخفي بين الرقة والقوة، بين المتعة والانضباط، الذي يغزل نسيج المجموعة.
وفي قلب هذه القصة، المخمل. نسيج يحمل في طياته كل معاني الترف، يصبح المحور الأساسي لهذه المجموعة الربيعية الصيفية، وكأن الزمن لا يفرض سطوته على امرأة أشي. المخمل ينساب، يلتف، يلفت الأنظار بوجوده، ألوانه الداكنة من المارون العميق والأسود الحالك تتحدث بلغة النخبوية، بينما تضيف الشراريب المتدفقة والفرو و التطريز المعقد تَرف يحمل بُعداً من الحسية الجامحة.
ولكن ما يجعل هذه المجموعة استثنائية ليس فقط الأقمشة و القصات، بل التلاعب العبقري بين التوتر والاستسلام، بين الحدة والإنسيابية. إنها لعبة مدروسة، شد وجذب، تحكم وانطلاق. ألوان مشبعة، خامات جديدة، لكنها لا تخل بتوازن الكثافة الإستراتيجية والهيكل الذي أصبح بصمة أشي الفريدة.
وراء الأزياء، يكمن السرد الزخرفي، الحكايات المنسوجة في كل تطريز. استلهمت الزخارف من الفن الصيني، حيث تحولت شاشات كورومان وأثاث الماركتري إلى تطريزات دقيقة على الكورسيهات والفساتين، في حوار بين الثقافات والزمن والجمال. ولكن ربما كان أكثر العناصر إثارة للدهشة هو الكلاب الصغيرة التي حملتها العارضات، ليست مجرد إكسسوار، بل رمزٌ لعالم مغلق من الترف، حيث الرفاهية ليست خيارًا و لكن أسلوب حياة. لم تكن دخيلة على المشهد، بل كانت امتدادًا طبيعيًا للأزياء نفسها، تنتمي إليها بانسجام غريب.
ثم تأتي اللمسة الأخيرة، السجائر المتلألئة بالكريستال، مخبأة في الجوارب الشفافة التي تتمركز كومضة من بريق العالم القديم، إيماءة سينمائية لفانتازيا البرجوازية، سرٌ لا يعرفه إلا من يرتديها.
أشي، شاعر الأزياء الراقية حيث في كل موسم، يحملنا أشي إلى عالم ينتظر أن يُكشف، قصة تتجلى في المنحنيات والقصات، في الشعر المنسوج بخيوط الحرير والفرو. ولكن “ڤيلفيت أندرجراوند” لم يكن مجرد عرض، بل تجربة حسية، مشهد سينمائي تُلعب أدواره بفساتين تمثّل أكثر من مجرد أزياء. هنا، الجمال ليس في الكمال، بل في الغموض، في الرغبات الخفية، في الشعر الذي يُكتب بالضوء والظل.