كيف يكون الحب مفيدًا لقلبك؟ خبراء ودراسات يشرحون هذه العلاقة
للقلب أكثر ما هو من الحب.. قد تبدو عبارة "قوة الشفاء من الحب" كسطرٍ من روايةٍ رومانسية، لكن هل تعلمين عزيزتي أن ثمة العديد من الدراسات العلمية التي تدعم هذه المقولة وبقوة؟
تلعب العلاقات الجيدة - سواء كانت رومانسية أو مع الأصدقاء أو حب حيوانٍ أليف – دورًا بارزًا في تدعيم الصحة الجيدة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بصحة القلب؛ وذلك من خلال خفض حالات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفيات. من منا لم يشعر بالسعادة والنشاط وكأنه قلبه ينبض مئة نبضة بشكلٍ صحيح وسليم، ما أن يرى من يحب أو يلمس يده أو حتى يتحادث معه على الهاتف؟ لتلك اللحظات تأثيرٌ إيجابي على صحة قلوبنا، وهو ما لا يجب أن نغفل عنه أبدًا.
بينما يمنح القلب غالبًا المشاعر الائتمانية مثل الوقوع في الحب أو الانطباع الأول الإيجابي الذي يبدأ فعليًا في الدماغ، وعندما يحدث هذا يُفرز الدماغ بعض الهرمونات مثل الأدرينالين والنورادرينالين. وعندما نقع في الحب، يتم إفراز هرمون الترابط الأوكسيتوسين؛ وكل هذه الهرمونات لها تأثيرٌ فسيولوجي على بقية أعضاء الجسم، ما يؤدي بطبيعة الحال إلى تسريع ضربات القلب وتوسَع الأوعية الدموية وتحسين الدورة الدموية ووظيفة القلب بصورةٍ عامة.
إن اللمسة الرقيقة والاتصال بالعين والمحادثات الممتعة أو حتى مجرد التفكير في الأحبة، يمكن أن يكون له تأثيرٌ إيجابي على حالتكِ الجسدية؛ ووظيفة القلب المُحسنة والأوعية الدموية المتوسعة المصاحبة لذلك، تُعدَ مفيدةً للغاية للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو أولئك الذين يعانون من ضيق الأوعية الدموية.
أبحاثٌ حول تأثير الحب على السلوكيات
بغض النظر عن الفوائد الجسدية، فإن للحب مفاعيل إيجابية أيضًا على سلوكيات الفرد. وقد درست الدكتورة جوليان هولت لونستاد، باحثة متخصصة في علم الأعصاب وعلم النفس في جامعة بريجهام يونغ، عينةً لأكثر من 300 ألف شخص؛ لتُظهر النتائج التي توصلت إليها والتي نُشرت في مجلة بلوس الطبي (PLOS) ، أن الأشخاص الذين تربطنا بهم علاقاتٌ وثيقة هم ذو تأثيرٍ أكبر في دفعنا نحو السلوك الإيجابي. ويمكن أن يتجلى هذا التأثير في تقديم الدعم المعنوي عندما نكون بخير، أو تشجيعنا مثلًا على ممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي؛ وبالتالي يمكن القول أن العلاقات الإيجابية في حياتنا قد تكون مفيدةً لصحتنا على المدى الطويل، بحيث قد نقلع عن التدخين على سبيل المثال لإرضاء من نحب.
بدورها، تُظهر الإحصائيات الصادرة عن مركز المعلومات الصحية القومي الأمريكي أن المتزوجين هم أكثر ميلًا للعيش فترةً أطول، من العازبين أو المطلقين أو الأرامل؛ إنما لا بد من التأكيد هنا، على أنه عندما يتعلق الأمر بأمور القلب ، فإن الجودة تتفوق على الكمية أو حالة العلاقة في أي وقت. فالأشخاص غير المتزوجين الذين تربطهم علاقةٌ عاطفية صحية ومُرضية، سيكونون أفضل حالًا من حيث المخاطر الصحية من أولئك الذين هم عالقون في زيجاتٍ دون حب أو غير مُجدية.
لستِ في علاقةٍ عاطفية في الوقت الحالي؟ لا تخافي عزيزتي، فثمة أنواعٌ أخرى من العلاقات يمكن لها أن تمنحكِ الامتيازات ذاتها: صداقاتكِ المتينة، علاقتكِ القوية بالعائلة والأقارب والجيران، حتى حبكِ لحيوانكِ الأليف يمكن أن يُحسَن صحة قلبكِ إلى أبعد الحدود. ليس المهم نوعية علاقة الحب، بل قوتها ومتاتنها بحيث تمنحكِ الأمان والعافية.
أظهرت دراسةٌ سويدية أُجريت على مرضى نقص تروية القلب ممن يتلقون العلاج في المستشفى بعض النتائج المشجعة في هذا الخصوص؛ إذ كان المرضى الذين يقتنون كلابًا أليفة أقل عرضةً للوفاة بعد خروجهم من المستشفى بنسبة 67 ٪ مقارنةً بالمرضى الذين يعيشون بمفردهم. كما قلت فرصهم في تكرار الزيارة إلى المستشفى من أولئك الذين عاشوا بمفردهم، وكل ذلك بفضل أصدقائهم ذوي الأرجل الأربعة الذين لعبوا دورًا فعالًا في جعل هؤلاء المرضى يخرجون لبعض التمارين، وكذلك للتفاعل وبناء علاقات مع الأشخاص الآخرين. ما يعني أن اقتناء أي نوعٍ من الحيوانات الأليفة، سيكون له تأثيرٌ إيجابي ومريح على قلوب أصحابها.
كيف يكون الحب مفيدًا لقلبك؟
بعد النظرة الشاملة التي تعرفنا من خلالها آنفًا على فائدة الحب في تحسين وتعزيز صحة القلب، من الضروري الآن الإضاءة أكثر على حيثيات هذه الفائدة وكيفية عملها.
ووفقًا لموقع Community Health Services، يمكن أن يكون للحب والتجارب العاطفية الإيجابية تأثيراتٌ مفيدة على قلبكِ ورفاهكِ بشكلٍ عام. وقد أظهرت الدراسات العلمية أن كونكِ في علاقات حبٍ، وتجربة مشاعر الحب والرحمة والتواصل، يمكن أن يكون لها تأثيراتٌ إيجابية على صحة القلب والأوعية الدموية.
إليك بعض الطرق التي يمكن أن يكون فيها الحب جيدًا لقلبك:
1. خفض التوتر: يمكن أن يساعد الحب والعلاقات العاطفية في تقليل مستويات التوتر. إذ إنه وعندما تكونين في حالة حب أو محاطة بمشاعر الحب، يفرز جسمكِ هرموناتٍ مثل الأوكسيتوسين، والتي يمكن أن تعاكس تأثيرات هرمونات التوتر مثل الكورتيزول.
2. انخفاض ضغط الدم: يرتبط كونكِ في علاقة حب، بانخفاض مستويات ضغط الدم. وتُوفَر العلاقات الصحية الدعم العاطفي، والذي يمكن أن يساهم في صحة القلب والأوعية الدموية بشكلٍ أفضل.
3. تقوية المناعة: يمكن أن يُعزَز الحب والعواطف الإيجابية من عمل جهاز المناعة لديكِ، ما يجعلكِ أقل عرضةً للأمراض والمشاكل الصحية.
4. طول العمر: اقترحت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يعيشون علاقاتٍ سعيدة ومُحبة يميلون إلى العيش لفترةٍ أطول من أولئك الذين ليسوا كذلك (أعطينا مثال في السابق على طول عمر المتزوجين المحبين مقارنةً بغيرهم). وبالتالي، فإن الدعم العاطفي والرفقة التي تُوفرها العلاقات المُحبة تساهم بالفعل في تحسين الصحة العامة وطول العمر.
5. صحةٌ عقلية أفضل: غالبًا ما ترتبط العلاقات العاطفية والداعمة بنتائج أفضل للصحة العقلية، بما في ذلك انخفاض معدلات الاكتئاب والقلق، والتي يمكن أن تفيد بشكلٍ غير مباشر صحة القلب.
بشكلٍ عام، فإن تنمية العلاقات الإيجابية المُحبة وتجربة الحب بأشكالٍ مختلفة بما في ذلك الصداقات، يمكن أن تُساهم في صحة القلب وحياةٍ أكثر سعادة. ولا يُعدَ اهتمامكِ بصحة قلبكِ من خلال ممارسة الرياضة وتناول النظام الغذائي الجيد وإجراء الفحوصات الصحية المنتظمة فقط العامل الوحيد في تحقيق هذه المعادلة؛ بل حان الوقت لتضمين بناء العلاقة الجيدة مع شخصٍ ما والاستمتاع بها، سواء أكان إنسانًا أم حيوانًا، كجزء من رعايتكِ الذاتية لصحة قلبكِ ونفسيتكِ وعقلكِ.