من أنا إلى نحن: خطوات عملية لتطوير الذات والارتقاء بالحياة الزوجية

إن ثقافة تطوير الذات عموما وتطوير الذات بين الأزواج بشكل خاص، تعتبر نوعا من أنواع الطفرة الفكرية الجديدة التي ظهرت جلية في مجتمعاتنا المعاصرة.

وقد قابل البعض هذه الثقافة الجديدة باهتمام وجدية بالغين، مع الإعجاب الكبير بها، في حين قابلها البعض الآخر بإهمال وتهكم قد يصل إلى حد العداء، خاصة إذا كنا نتحدث عن تطوير الذات في العلاقة الزوجة.

وتؤكد الدراسات الحديثة على أن إهمال أو تقاعس أحد الزوجين عن مواكبة تطوير الذات الذي يمارسه الطرف الآخر يعد عدوًا قويا للحياة الزوجية، لأن هذا سيعمل على اتساع هوّة الفوارق في الميول وأسلوب الحياة بين الزوجين.

ففي حين يُؤْثِرُ أحد الزوجين حياة الخمول والكسل والبلادة، يسعى الآخر إلى استدامة الحيوية والنشاط واتقاد الفكر.

لذا ننصح كُلّاً من الزوج والزوجة بالسعي إلى تطوير حياتهما إلى الأحسن عن طريق تطوير الذات، وتحسين المهارات الشخصية التي تساعد كل طرف منهما على عيش حياة زوجية أكثر سعادة واستقرارا.

وفي هذا المقال، سنتحدث عن الزوجة ومعرفة كيفية التعامل مع الزوج، وكيف تتعلم تنمية قدراتها، لتكون أفضل من الأخريات في نظر زوجها، والبداية تكون بأن تمشي في خطوات ثابتة نحو تطوير ذاتها.

ما هو تطوير الذات؟

يجب أن تعلمي في البداية أن تطوير الذات هي عملية مستمرة مدى الحياة، وهي عملية تساعدك على تقييم مهاراتك وإمكاناتك لتحقيق أهداف حياتك.

قد لا تصلين دائمًا إلى هدفك، ولكنكِ ستعيشين حياة أكثر إرضاءً، لأن هدفك محدد، ولأنك تسيرين إليه بخطوات ثابتة حتى لو لم تصلي إليه، كما يساهم تطوير الذات في الرضا عن الحياة الزوجية وعمل على إنجاحها.

ونشير هنا إلى أنه يمكنك العمل على تطوير ذاتك في حياتك الزوجية من خلال تبني بعض مهارات تحسين الذات، وهذه المهارات قد تكون لديك بالفعل، أو يمكنك اكتسابها من خلال التعليم والتدريب.

الهدف من تطوير الذات

الهدف النهائي من عملية تطوير الذات هو أن تكوني شخصًا محققًا لذاته في كل جوانب الحياة، وتتضمن العملية ثلاثة مكونات رئيسية:

• تحسين مهاراتك كزوجة وأم.
• التكييف مع متغيرات حياتك الزوجية.
• خلق عادات جديدة من شأنها تحسين حياتك الزوجية.

فالعلاقة مع زوجك وأولادك وحتى مع نفسك هي أساس الحياة، وستساعدك المهارات الاجتماعية والشبكات الجيدة على بناء علاقات صحية، فتقومين _على سبيل المثال_ بعلاج المشكلات التي تواجهك مع زوجك بدلاً من تجنبها.

كما ستتعلمين كيفية تنظيم عواطفك وأفكارك وسلوكياتك، وبالتالي تقوية عملية ضبط النفس، إلى جانب تمتعك بالمرونة اللازمة حيث يمكنك تجاوز أخطائك والنظر في كل مشكلة بموضوعية.

كما أن حرصك على تنمية نفسك كزوجة وكـ"أم" سيخلق علاقة زوجية ناجحة، وعندما يكون لديك فهم أفضل لنفسك، سيكون هناك وضوح أكبر حول آمالك وأحلامك.

أهمية تطوير الذات

هناك مفهوم شائع مفاده أن تطوير الذات مخصص فقط لمن يحتاجون إلى العمل بجدية أكبر لتحقيق أهدافهم.

ولكن في الواقع العملي، فحتى أكثر الأشخاص نجاحًا يسعون باستمرار للتطوير ذواتهم، حيث يحتاج عقلك إلى معلومات جديدة حتى تتمكني من الاستمرار في الازدهار.

فالتعلم عملية مستمرة ولا تتوقف إلا إذا أردتِ أنتِ ذلك، وقد تستغرق عملية تطوير الذات وقتًا طويلاً ولكن هناك العديد من المزايا لهذه العملية.

مزايا تطوير الذات:

وضوح الرؤية الشخصية

يساعدك تطوير الذات على تحديد رؤيتك الشخصية وأهداف حياتك الزوجية بشكل أكثر وضوحاً، فعندما تضعين أهدافًا لنفسك، يصبح من الأسهل إنشاء خطة والعمل على تحقيقها.

تحسين مهاراتك

التعلم المستمر وتطوير الذات هي السمات المميزة للشخص الناجح، حيث تتعلمين من أخطائك السابقة وتتغلبي على التحديات من خلال التدريب والإرشاد.

تحديد الإمكانات الحقيقية

كلما عملت على تطوير مهاراتك وقدراتك، زاد اكتشافك لإمكاناتك الخفية، واكتشاف أفضل طريقة للاستفادة من معرفتك.

الدافع والرضا

تطوير الذات هي عملية تمكين مستمرة، لأنها تتيح لك التحكم في الأشياء، نظرًا لوجود تحسن مستمر، وستشعرين بمزيد من الثقة والتحفيز، فتزداد إنتاجيتك، وأدائك الرائع سيمنحك الرضا.

التركيز على الصورة الأكبر

عندما تقرين بأوجه القصور عندك، فأنتِ تحاسبين نفسك على أخطائك، وسيساعدك هذا المستوى من الوعي الذاتي على النظر إلى الصورة الأكبر وعدم عتاب نفسك على أشياء خارجة عن إرادتك.

أهم مهارات تطوير الذات:

التواصل

يتيح لك التواصل الجيد مع زوجك فرصة نقل أفكارك بوضوح وثقة كبيرين، وكلما قمت بتطوير هذه المهارة كانت حياتك الزوجية أكثر استقرارا.

كما أن مهارة التواصل من المهارات الشخصية التي تساعدك على بناء العلاقات الجيدة، وإحداث انطباع جيد لدى زوجك والمحيطين بكِ في مختلف المواقف الاجتماعية.

حل المشكلات

إن مهارة حل المشكلات تمكنك من إيجاد أفضل الحلول عندما تواجهين عقبات أو تحديات في حياتك الزوجية، لذلك عليك العمل على تطوير ذاتك من خلال تنمية هذه المهارة.

القدرة على التكيف

إن قدرتك على التكييف مع المتغيرات الطارئة في حياتك الزوجية تتيح لك إمكانية تقبّل الأشياء الجديدة بسرعة وسهولة، بالإضافة إلى التزام الهدوء أثناء المواقف غير المتوقعة، وهي من المهارات الأساسية في عملية تطوير الذات للزوجة الناجحة.

مهارات القيادة

وهي مجموعة مهارات تساعدك في توجيه الآخرين، وتمكنك من رفع الروح المعنوية للمحيطين بك وبناء الثقة بينك وبين جميع أفراد عائلتك.

نصائح خبراء العلاقات الزوجية

أثناء سعيك لتطوير ذاتك من أجل بناء علاقة زوجية ناجحة ومزدهرة، ينصح خبراء العلاقات الزوجية بالتركيز على بعض الجوانب الخفية في شخصيتك، والتي تعتبر المفتاح لحياة زوجية ناجحة، وهي:

الفهم الجيد للنفس

يجب عليك التعمق داخل نفسك، حاولي فهمها لكي تظهري بأفضل طريقة ممكنة لنفسك ولشريكك، لأن ذلك سيزيد من قدرتك على التواصل بشكل ناجح مع شريك حياتك، كما ستكونين قادرة على إخراج أفضل ما فيك.

مراقبة النفس عند الشجار

يؤكد خبراء العاقات الزوجية على أن الشجار أمر صحي وطبيعي بين الأزواج، ولكن استمراريته تزعزع استقرار العلاقة، ولذلك يجب أن تراقبي نفسك عند الشجار أو الجدال مع شريك حياتك لكي لا يصدر عنك قول أو فعل يتسبب في خلق توترات تهدد استقرار العلاقة.

كما يجب عليك التخلي عن بعض المفاهيم الخاطئة _والتي يتمسك بها البعض عن الشجار_ مثل الندية، والمنافسة.

تحمل المسؤولية

لكي تعيشي حياة زوجية مستقرة وسعيدة، عليك بشكل أساسي تحمل المسؤولية، ومعرفة ما عليك من واجبات وما لك من حقوق، وتحقيق الموازنة التي تضمن بقاء العلاقة هادئة ومطمئنة ومنظمة.

كما أن التزامك بالمسؤولية سيكون بمثابة الشرارة التي تحفز شريكك على بذل مزيد من الوقت والجهد في سبيل تحقيق إزدهار ونجاح علاقتكما الزوجية.