الأميرة نورة بنت فيصل آل سعود وسيان تيشار لـ"هي": كتاب أزياء المملكة.. سفر بصري يحفظ إرث الأناقة في صفحات أسولين

الأميرة نورة بنت فيصل آل سعود وسيان تيشار لـ"هي": كتاب أزياء المملكة.. سفر بصري يحفظ إرث الأناقة في صفحات أسولين

رهف القنيبط
25 فبراير 2025

في عالم تتغير فيه معالم الموضة بسرعة، تظل جذور التراث منارات ثابتة تُضيء الهوية. يجسد كتاب "أزياء المملكة العربية السعودية: إرثٌ من الأناقة، Costumes of Saudi Arabia: A Heritage of Fashion"، الصادر عن دار أسولين، بإشراف صاحبة السمو الأميرة نورة بنت فيصل آل سعود والكاتبة سيان تيشار، وبعدسة المصور الشهير لازير حماني رحلة بصرية وثقافية تجمع بين الفخامة والبحث العميق في تاريخ الأزياء السعودية. 

أزياء المملكة العربية السعودية: إرثٌ من الأناقة
صاحبة السمو الأميرة نورة بنت فيصل آل سعود والكاتبة سيان تيشار

من خلال حديث "هي" مع صاحبة السمو الأميرة نورة بنت فيصل آل سعود والكاتبة سيان تيشار، نستشرف رحلة بدأت بمعرض فريد في الرياض في عام 2019، وسعي دؤوب لتوثيق قطع تراثية لم يُسبق لها الظهور. هنا، تلتقي روح الأصالة مع نبض الإبداع، ليتجلى أن الموضة ليست مجرد تغيرات سطحية، بل هي حكاية عريقة تحكي تفاصيل حضارة وتاريخ يتجاوزان الزمن.

شرارة الإلهام وراء توثيق التراث السعودي في الأزياء  

بدأ التعاون بين الأميرة نورة بنت فيصل آل سعود والكاتبة سيان تيشار في عام 2019، حيث جاءت الفكرة بعد تنظيم معرض للأزياء التراثية السعودية في الرياض لصالح وزارة الثقافة. تقول سمو الأميرة لـ"هي": "شاركنا في هذا المعرض بكتابة كتالوج داعم، ومنذ تلك اللحظة، بدأنا البحث عن دار نشر يمكنها تقديم توثيق دائم للقطع الفريدة التي جمعناها. هذا الكتاب هو ثمرة حب وعمل انتظرناه طويلاً."  

صاحبة السمو الأميرة نورة الفيصل
تقول صاحبة السمو: "هذا الكتاب هو خطوة أولى في رحلة طويلة من البحث والتوثيق."

وتضيف الأميرة نورة: "بعد أن لعبنا دورًا في التشكيل الاستراتيجي الوطني للأزياء من خلال هيئة الأزياء التابعة لوزارة الثقافة، دفعتنا الطموحات لبناء منظومة أزياء مزدهرة في المملكة. ولضمان ترسيخها على أساس قوي، كرسنا جهودنا للبحث والحفاظ وأرشفة التراث الغني للأزياء السعودية."  

إبراز الهوية السعودية في الحوار العالمي للموضة والتراث  

يوفر هذا الكتاب نافذة فريدة لاستكشاف تنوع وعمق التراث السعودي، حيث تكشف الأزياء عن الأصول الإقليمية، والانتماءات القبلية، والمكانة الاجتماعية. تقول تيشار لـ"هي": "لطالما كانت الملابس رمزًا للهوية، تعكس الانتماء والمكانة الاجتماعية، وتتحدث بلغة الألوان والتصاميم عن جذور أصحابها. من خلال توثيق تفاصيل الأزياء التقليدية، مثل الأقمشة والألوان والأطوال، نمنح القراء فرصة لفهم أعمق لمعانيها الثقافية والتاريخية."  

وتسترسل قائلة: "بعيدًا عن مجرد الحفاظ على التراث، يقدم الكتاب سردًا بصريًا ديناميكيًا للأزياء السعودية، يحتفي بتطورها عبر لوحة ألوان نابضة بالحياة. وقد سُمّي معرضنا The Hidden Kaleidoscope لتسليط الضوء على الدرجات الغنية والتصاميم المعقدة التي شكلت الزي السعودي على مدى القرن الماضي – عناصر غالبًا ما تُغفل في السرديات التقليدية. ومن خلال هذا العمل، نأمل في توسيع تقدير العالم لمكانة الموضة السعودية ضمن تاريخ التراث الثقافي والأسلوب العالمي."  

صاحبة السمو الأميرة نورة الفيصل
 توضح سمو الأميرة: "سافرنا لمسافات طويلة، تعاونّا مع مقنين التراث وتجاوزنا تعقيدات لوجستية لضمان نقلها وتوثيقها بأمان"

التحديات في توثيق الأزياء التقليدية عبر مناطق المملكة  

إحدى أبرز التحديات كانت تحديد القطع الأساسية للكتاب، حيث تعود ملكية هذه الأزياء إلى أفراد من مختلف أنحاء المملكة. تطلّب جمعها السفر والتنسيق مع جامعين، إلى جانب تحديات لوجستية لضمان النقل الآمن والعرض المناسب لأول مرة. توضح سمو الأميرة لـ"هي": "كان أحد أكبر التحديات هو اختيار القطع المناسبة، حيث لا يوجد أرشيف مركزي للأزياء التقليدية السعودية، بل هي مقتنيات خاصة موزعة في جميع أنحاء المملكة."  

وتكمل: "ولجمعها معًا، سافرنا لمسافات طويلة، تعاونّا مع مقنين التراث وتجاوزنا تعقيدات لوجستية لضمان نقلها وتوثيقها بأمان. نظرًا لحساسية هذه القطع التاريخية، اضطررنا إلى تعديل استراتيجيتنا، فاستخدمنا استوديوهات تصوير متعددة في مناطق مختلفة بدلًا من نقل الأزياء لمسافات طويلة، مما سمح لنا بالحفاظ عليها في أفضل حالاتها. كل قطعة في هذا الكتاب كانت تعامل بعناية فائقة، احترامًا لحرفيتها وتاريخها العريق."  

الربط بين الماضي والحاضر في تطور الموضة السعودية  

لم يكن هذا الكتاب مجرد توثيق للأزياء، بل مشروع يهدف لحفظ التراث الثقافي السعودي وإبرازه عالميًا. تقول تيشار لـ"هي": "كان إنشاء هذا الكتاب بمثابة مشروع توثيق ثقافي، حيث لم نكن مجرد باحثين، بل مؤرخين ورواة قصص وباحثي كنوز. فقد تطلب العمل منا تنظيم القطع، ودااسة أصولها، وتحليل الأساليب التي تميزها، مما أتاح لنا رسم صورة واضحة لتاريخ الأزياء السعودية."  

وتضيف: "يأتي هذا الكتاب كتأكيد على أهمية الأزياء في تشكيل الهوية الوطنية، فهو ليس مجرد تجميع للأزياء التقليدية، بل توثيق لجذورها، ومصدر إلهام للأجيال القادمة من المصممين الذين يبحثون عن تجديد التراث بأساليب معاصرة."  

دار أسولين
" لقد حرصنا على تقديم صورة دقيقة عن تاريخ الأزياء السعودية دون مزجها بالموضة الحديثة"

اكتشافات مذهلة أثناء البحث عن الأزياء التراثية  

كل قطعة أزياء تحمل قصة خفية، حيث تعكس الأنماط والزخارف التأثيرات الثقافية وطرق التجارة القديمة. تقول الأميرة نورة لـ"هي": "ربما كان الاكتشاف المثير للدهشة هو أن الأقمشة والتطريز والأنماط ليست مجرد زخارف، بل علامات تاريخية تُظهر طرق التجارة والتبادل الثقافي عبر العصور."  

وتوضح: "على سبيل المثال، تعكس الملابس من المنطقة الشرقية للمملكة تأثيرات قوية من الهند وآسيا، حيث وصلت الأقمشة عبر طرق التجارة البحرية. أما أزياء الشمال، فتُصنع من خامات أكثر متانة، مثل صوف الخراف المنسوج، المصمم لمقاومة الشتاء القارس. لكل من يعرف كيف يقرأ التفاصيل، تحمل كل قطعة تاريخًا يروي أسرار الماضي."  

الإكسسوارات التراثية.. تفاصيل تعكس غنى الثقافة السعودية  

لم يقتصر الكتاب على الأزياء فحسب، بل شمل أيضًا المجوهرات، الحقائب، وقطع الزينة الخاصة بالرأس، مما أضاف بعدًا آخر للتراث. تقول تيشار لـ"هي": "بعيدًا عن الأزياء، حرصنا على تضمين الإكسسوارات التقليدية التي تلعب دورًا في إبراز الهوية الثقافية. من بين الاكتشافات المثيرة للاهتمام، برزت أواني الكحل، التي لم تكن مجرد أدوات تجميل، بل تحفًا مزخرفة تعكس الذوق الفني في ذلك الوقت."  

وتضيف: "بعض هذه الأواني لم تكن مجرد عناصر عملية، بل كانت مزينة بالقماش، الحشو، والتفاصيل المطرزة، مما جعلها قطعًا فنية بحد ذاتها. كان الحفاظ على هذه القطع جزءًا أساسيًا من توثيق الأزياء السعودية، لأنها تحمل في تفاصيلها قصصًا غير مروية."  

دار أسولين
لا يأتي هذا الكتاب مجرد توثيق للأزياء التراثية، بل مشروع يهدف لحفظ التراث الثقافي السعودي وإبرازه عالميًا. 

توثيق التراث بعيون الباحثين واستلهام المصممين المعاصرين  

يركّز الكتاب بالكامل على حفظ التراث السعودي من خلال بحث دقيق وتنظيم متقن، دون دمج الأنماط الحديثة. ومع ذلك، يُلاحظ تأثير الأزياء التقليدية على المصممين السعوديين، ما قد يشكّل مادة غنية لكتابٍ جديد مستقبليًا. تقول صاحبة السمو لـ"هي": "هذا الكتاب هو خطوة أولى في رحلة طويلة من البحث والتوثيق."

تكمل الحديث:" لقد حرصنا على تقديم صورة دقيقة عن تاريخ الأزياء السعودية دون مزجها بالموضة الحديثة، لكننا نشهد اليوم عددًا متزايدًا من المصممين السعوديين الذين يستلهمون من الملابس التقليدية ويعيدون تفسيرها بأساليب معاصرة."  

وتختم قائلة: "ربما تكون هذه التطورات قصة أخرى تستحق أن تُروى في كتابنا القادم!"

جميع الصور المستخدمة من الصفحة الرئيسية لصاحبة السمو الأميرة نورة الفيصل عبر الانستغرام