رؤية نقدية ـ "نادى الرجال السرى"..كوميديا تعتمد على ضيوف الشرف
على عكس ما يوحي التريلر الغامض لفيلم "نادى الرجال السرى" يأتي الفيلم نفسه بخفه وجودة لتمحي كل خيبة الأمل التي تزامنت مع عرض التريلر والتي كانت غير منطقية خاصة مع وجود أسماء مثل كريم عبد العزيز وماجد الكدواني وغادة عادل، التجارب السابقة لصناع العمل توحي بفيلم جيد لا فيلم يبدو قريب الشبه من Kingsman عام 2014 أو Mr. & Mrs. Smith عام 2005 مع موجة الاستسهال والتقليد المخل المسيطرة للأفلام الأمريكية الشهيرة، لكن الحقيقة أن الفيلم مختلف ومميز ومن خلال هذه المفارقة تظهر أهمية الدعاية لأي فيلم وأهمية استغلالها وتأثيرها على الإيرادات خاصة فى الأيام الأولى التي يلجأ لها المنتجين عادة لتكون وسيلة سريعة ومؤثرة للترويج بدلاً من انتظار انتشار أراء الجمهور فيما بينهم بشكل تصاعدي.
هذا الفيلم تحديدًا هو فيلم ذكي يبتعد بشكل أو بآخر عن المشاكل الكلاسيكية التي أصبحت تصاحب أفلام نجوم أواخر التسعينيات ففي الوقت الذى لا يتصالح فيه هؤلاء مع تقدمهم في العمر وطبيعة ما يقدمونه كما الحال مع أحمد السقا وأحمد حلمي فلا يقدرون مدى التراجع وعدم التطور بالشكل الكافي كما الحال ع محمد هنيدي ومحمد سعد، لكن كريم عبد العزيز مختلف وعلى العكس من نجوم جيله هو مقل فى ظهوره، وأفلامه هي الأكثر نجاحًا مقارنة بهم، وقد يكون هو أفضلهم فنيًا هذا بخلاف التنوع الذي يسعى إليه ويطبقه دائمًا.
شخصية كريم في الفيلم هي لطبيب يدعى أدهم يعاني من تحكم زوجته هاجر (غادة عادل) فى تصرفاته وتفاصيل حياته، الأمر الذي يدفعه للاستسلام لها لكن مع تقدم الأحداث في الفيلم نكتشف أن هناك جانب آخر في هذه الشخصية وأنها ليست بالخضوع والاستكانة التي تبدو عليها فهو متعدد العلاقات واستطاع بذكاء تكوين جماعة تساعد بعضها البعض على الخيانة الزوجية، تجمعه الصدفة بفؤاد (ماجد الكدواني) الذي يتخذ من أدهم مثلا أعلى يتتبع خطواته ومن هذه النقطة تنطلق سلسلة المفارقات التي يكون فؤاد طرفًا فيها.
يذهب الفيلم لمنطقة العلاقات الزوجية المستقرة التي تقف في المنتصف لا هي حديثه ولا قديمة مرحلة يتجمد فيها كل شيء وتتحول لروتين، تتعامل هاجر مع الروتين بشكل مخالف لزوجها ففيما ذهبت هي للمراقبة اللصيقة لزوجها، ذهب أدهم لعلاقة مع فريدة (نسرين طافش) إلى جانب علاقات متعددة سريعة، هذه المنطقة تمثل صراع أبدي بين الرجال والنساء، دائرة مفرغة من لعبة "من السبب؟" الأمر الذى يجعلها ثرية جدًا في التعامل معها كوميديًا ومستهلكة ومكررة في التعامل معها ميلودراميًا!
المؤلف أيمن وتار –هذا الفيلم هو افضل ما قدم منذ بدايته- استغل هذه العقدة الكلاسيكية قرب نهاية الفيلم ليصنع مشهدي مواجهة، تقليديان لكنهما يعكسان ماهية الحال من البداية وحتى النهاية فى العلاقات بشكل عام حيث يلقي كل طرف بالتبعات على الآخر، لكن توظيف هذا الفعل المكرر والمستهلك كان جيدًا ولم يكن يحمل أكثر مما يحتمل، مجرد مشهد ضروري تم تنفيذه بشكل جيد ينقل لما بعده بشكل طريف، هنا ننتقل لبصمة خالد الحلفاوي المخرج الذي يعد وقوفه وراء هذا الفيلم واضحًا، كما هي العادة يخرج العمل بشكل لا يمكن التعامل معه باستهانة، بالتأكيد تبدو بصمته واضحة على إيقاع الفيلم والدراما ورسم الشخصيات، فما سبق وقدمه أيمن وتار من أعمال لم يكن على نفس مستوى هذا الفيلم، حتى على مستوى إدارة الممثلين واستغلال ضيوف الشرف تبدو لخالد اليد العليا فى ظهورهم بهذا الشكل.
حسن اختيار أبطال الفيلم الرئيسين كريم وغادة ونسرين وماجد وبيومي فؤاد، الأخير تحديدًا خرج من الإطار المعتاد المكرر للكوميديا التي يقدمها في شخصياته لكنه مع شخصية " حيرم " اعتمد الجدية وقدم أداءا حركيًا وتعبيرات ولدت الكوميديا بشكل طبيعى جدًا في احتكاكها بالشخصيات الأخرى التي تبدو خطوطها الدرامية تقليدية ومتوقعة لكنها تسير بثبات لتخدم هدفها وهو رسم صورة للحياة الزوجية المهددة لأدهم وهاجر، ضيوف الشرف هم من حملوا مسئولية الكوميديا والتأكيد على تفاصيل حياة أدهم وهاجر بشكل غير تقليدي، غيرة الأخيرة ومراقبتها الخانقة ظهرت فى موقف هشام ماجد وميرنا جميل اللذان ذهبا لعيادة أدهم في شخصيتى عصام وأميمة التي ترغب في كشف خيانة زوجها، فمن هذا الموقف الكوميدي نكتشف مدى حرص أدهم على شكل حياته مع هاجر وفي الوقت نفسه نتعامل مع كوميديا من نوع آخر تتصاعد مع تقدم الأحداث وتواجد ضيوف شرف آخرين يظهرون مع المواقف المختلفة وكلما تعقد الموقف يظهر الضيوف بقصص فرعية كوميدية تكسر ملل رحلة أدهم وفؤاد فى تغطية آثار الخيانة.