نانسي عجرم

خاص "هي": ما بين الماضي والحاضر.. لماذا تسحر شاشة السينما مشاهير عالم الغناء؟

هالة أبو شامة
15 أغسطس 2024

نقاشات مطولة أثيرت خلال الفترة الماضية، عقب الكشف عن تفاصيل عن أكثر من مشروع سينمائي يقوم ببطولته مجموعة من نجوم الطرب، ولعل أبرزها فيلم ضخم يعيد عمرو دياب لشاشات السينما لأول مرة بعد مرور ما يقارب 30 عاما على مشاركته في فيلم "أيس كريم في جليم"، الذي عرض عام 1992، وكان من إخراج خيري بشارة وتأليف محمد المنسي قنديل.

فيلم عمرو دياب ونانسي عجرم

المفاجأة التي أعلنها رئيس الهيئة العامة للترفيه، المستشار تركي آل شيخ، لم تقتصر على نبأ عودة الهضبة فقط، وإنما شملت أيضًا الإعلان عن اتجاه المطربة اللبنانية نانسي عجرم، لتقتحم عالم التمثيل من خلال عمل فني يجمعها بـ "دياب"، ينعش ذاكرة الجمهور بأفلام الزمن الجميل، التي شارك فيها ثنائيات من كبار المطربين الذين تركوا بصمات بارزة في تاريخ الموسيقى والسينما بينهم شادية وعبد الحليم وفريد الأطرش وصباح، ولكن بروح العصر الجديد –حسبما المنشور ـ واصفا إياهما بأنهما أيقونتي نجاح.

عمرو دياب
عمرو دياب يعود للسينما

وعلق الناقد الفني إيهاب التركي، في تصريحات خاصة لـ "هي"، عن تلك التجربة التي تُحيطها العديد من التوقعات قائلا إنه لو تم التحضير جيدا للعمل فإنه سينجح جماهيريا بالتأكيد، موضحا: "نانسي مطربة لطيفة ولكن لا توجد لها أعمال درامية للحكم عليها كممثلة، وعمرو دياب قدم أعمال درامية سابقة نجح بعضها لأسباب لا تتعلق بموهبته بكونه ممثل في الأساس.. وظني أنهما قد ينجحا في عمل غنائي استعراضي يستغل موهبتهما في الغناء".

 

نانسي عجرم
نانسي عجرم تقدم بطولة سينمائية قريبا

سبب انجذاب مشاهير الطرب لشاشات السينما

الحديث عن فيلم جديد يجمع الثنائي عمرو دياب، ونانسي عجرم، ربما يدفعنا للتساؤل عن السبب الذي يجعل أنظار المنتجين تتجه إلى أشهر المطربين ليكونوا أبطال أعمالهم السينمائية، لذا فسر الناقد الفني حاتم جمال، الأمر قائلا إن السينما استعانت بعدد كبير من المطربين لاستغلال شهرتهم، مؤكدا أن تلك الظاهرة ليست وليدة اللحظة وإنما منذ زمن بعيد، ولفت إلى أنه من أشهر المطربين الذين تم استثمار نجاحهم أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، ومحمد فوزي.

ذلك التفسير اتفق معه أيضًا الناقد الموسيقي محمد عاشور، حيث قال إن الفن بوابة واحدة للغناء والتمثيل، والاستعانة بالمطربين هو شكل من أشكال استغلال نجاحهم، موضحا أن هذا الاستغلال الفني لا يتعلق بالسينما المصرية أو العربية فقط، وإنما هو أمر متعارف عليه عالميا، مثلما حدث مع ريهانا وجاستن تمبرليك، وغيرهم.

علاقة متكاملة بين المطرب والسينما

من ناحية أخرى، قال الناقد إيهاب التركي، إن أغلب المطربين اعتمدوا على قاعدتهم الجماهيرية لدخول مجال التمثيل من أوسع أبوابه، موضحا أن أم كلثوم وعبد الوهاب وليلى مراد، ومن جاء بعدهم، بداياتهم كانت بطولة مطلقة في السينما والغناء كان نقطة قوتهم في السينما أكثر من الأداء التمثيلي.

مي كساب
مي كساب نجحت كممثلة وكمطربة

وأشار إلى أن الأعمال السينمائية التي قدمها نجوم الزمن الجميل اعتمدت بشكل أساسي على أغانيهم، حتى إن أفلام عبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، وليلى مراد، تكاد تكون ألبومات غنائية مطعمة بمواقف درامية، بالإضافة إلى أنه بشكل عام تواجد المطرب في عمل سينمائي أو درامي هو أمر يوطد علاقته بالجمهور بصورة أكبر ويحقق له مزيد من الشهرة، خاصة إذا كانت ظروف الغناء لا تتيح للمطرب فرص كبيرة للظهور والتواجد الجماهيري.

ورأى "جمال" أن المطرب استفاد من السينما والعكس صحيح، لأنه في الماضي كانت أغانيه تُبث عبر أثير الإذاعة لكن حينما انضم لعالم التمثيل أصبح وجهه معروفا ومألوفا للجمهور وهو ما ساعد في دعم شهرته ونجاحه، وفي مقابل ذلك استفادت السينما من شهرة المطرب في الإذاعة ونجحت في استقطاب جمهوره ومحبيه لصالات العرض، لذا فإن العلاقة بينهما متكاملة.

وبجانب تكامل العلاقة بين المطرب والسينما، فإنه تطرق للتأكيد على أن هناك بعض المطربين استطاعوا أن يخلقوا حالة من التوازن بين التمثيل والغناء، من بينهم صباح وشادية وغيرهم، في حين أن البعض الآخر أحدث خلل بهذا التوازن بعد أن ظهر بدورين أو ثلاثة وانتهت علاقتهم بالسينما مثل كارم محمود، الذي يعد أحد الأصوات القوية آنذاك، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المطربين بينهم محمود العسيلي الذي لم يكرر تجربة التمثيل بعد فيلم "خليج نعمة"، الذي تم عرضه عام 2007.

وبخلاف الحالتين السابق ذكرهما، فقد ذكر حاتم جمال، أيضًا أن نجاح بعض المطربين في التمثيل أبعدهم عن الغناء، ولعل أقرب الأمثلة على ذلك الفنان إدوارد، الذي بدأ مشواره بفرقة غنائية من ثم صب كامل تركيزه على التمثيل، أو أن آخرين أصبحوا مُقلين في الغناء مثل الفنان محمد دياب وأحمد فهمي من فرقة "واما"، وهاني عادل، أمير صلاح الدين من فرقة "بلاك تيما"، ومي كساب، وغيرهم.

أولى تجارب المطرب تضمن إيرادات العمل

على صعيد آخر، قال "عاشور" إن التجربة الأولى للمطرب عادة ما تضمن لمنتج العمل توافد نسبة كبير من الجمهور على شباك التذاكر، وهو في حد ذاته نجاحا من الناحية المادية، لكن نجاح إيرادات العمل لا تضمن للمطرب نجاحه فنيا، فربما يكون من أنجح المطربين إلا أنه لا يمتلك موهبة التمثيل وهو ما سيصرف الجمهور عنه بالتأكيد إذا ما فكر في تكرار تجربة التمثيل مرة أخرى.

تابع، ومن أهم المهارات التي يجب أن يتمتع المطرب المنضم حديثا لفئة الممثلين هي خلعه لعباءة المغني، إذ يجب على المتفرج أن ينسى تماما أنه مطرب في الأصل ويقتنع بأدائه التمثيلي.

تامر حسني
أفلام تامر حسني حققت إيرادات ضخمة

من جانبه، قال "جمال" إنه على مدار التاريخ كان هناك طفرات بسيطة جدا تم خلالها لفظ المطربين من السينما مباشرة أو أنهم يتوقفون عن الاستمرار في هذا المجال، والسبب ربما يرجع للأداء الضعيف أو مشكلة في الدور ذاته، لذا فإن هناك العديد من العومل التي يجب أن توضع في الحسبان عندما يتم تقييم تجربة مطرب ما.

ووصف "التركي" أغلب المطربين بأنهم زوار للسينما والتليفزيون في الأساس وعدد قليل منهم نجح في التواجد دراميًا بشكل شبه منتظم؛ منهم مثلًا تامر حسني في السينما وحمادة هلال في التليفزيون.

صناعة الاستعراضات مهدت للفيديو كليب

على صعيد آخر، مشاركة المطربين في بطولات الأفلام السينمائية ساعدت في صناعة العديد من الأعمال الموسيقية التي تتضمن لوحات استعراضية لا تنسى حتى الآن، وقد رجح "عاشور" أن تلك الاستعراضات التي كثيرا ما شاهدناها في أفلام فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ، مهدت لفكرة الفيديو كليب العروف حاليا.

كما أشار إلى أننا نفتقد في عصرنا هذا هذه النوعية من الأعمال الموسيقية، والدليل على ذلك أنه حينما يتم صناعة فيلم مثل الأمريكي "لالا لاند" والبريطاني "ماما ميا" يحصلون على جوائز عدة من كبرى المحافل الدولية، لأن تلك النوعية متعبة للغاية في صناعتها، موضحا أن صعوبة الفيلم الاستعراضي تتمثل في تبنيه لفكرة درامية يتخللها أفكار موسيقية وأغاني واستعراضات غير مقحمة تتسق مع القصة والأحداث التي يدور حولها العمل.

أضاف الناقد الموسيقي، أن حسابات السينما في الماضي كانت تختلف تماما عن الآن، إذ أنها كانت بمثابة شكل من أشكال حفر اسم المطرب في تاريخ الفن، موضحا دائما ما يتغير الذوق الفني للجمهور، وتتطور وسائل الاستماع للموسيقى من الاسطونات إلى شرائط الكاسيت وغيرها، إلا أن العنصر الثابت هو الصورة السينمائية التي مكنت عدد كبير من أبناء هذا الجيل من أن يشاهد أغاني مطربي الزمن الجميل أثناء تخللها لأحداث الأفلام.

وفسر إيهاب التركي، سبب غياب الاستعراضات عن السينما في الوقت الحالي قائلا إن الغناء الاستعراضي ارتبط عالميًا بالمسرح وانتقل إلى السينما في هوليوود في بداياتها وواكبت السينما المصرية هذا التوجه وإن كان بصورة أقل من مثيلتها في هوليوود ومع نهاية حقبة السبعينيات قلت الأعمال الاستعراضية في السينما المصرية لأسباب عديدة؛ ربما أهمها أن شكل الغناء الاستعراضي لم يتطور.

حمادة هلال
حمادة هلال مطرب وممثل له حضور جماهير كبير

وأكد "التركي" أن الجيل الحالي من النجوم يركز على التمثيل والدراما لأن الجمهور حاليا لن يدخل فيلم فيه عشر أغاني مثلًا وهذا تحدي للمطربين وتحدي لموهبتهم التمثيلية المحدودة، لكن مع ذلك استطاع الفنان تامر حسني على سبيل المثال أن يحقق التوازن بين كونه مطرب في الأساس وممثل، إذ أنه أكثر مطرب حالي تمكن من صنع أفلام نجحت في شباك التذاكر بالتزامن مع تقديمه لأغاني وحفلات ناجحة.