في كواليس الموسمين الخامس والسادس من "التاج"The Crown مع بطلتيه الجديدتين Imelda Staunton وLesley Manville
انتظر عشّاق مسلسل "التاج" The Crown الدرامي على أحر من الجمر أن تصدر منصة "نتفليكس" موسمه الخامس، لسببين رئيسين. فهو الموسم الجديد الأول الذي يصدر بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية، وهو الموسم الذي يوثّق أحداث فترة التسعينيات التي كانت صعبة جدا على الملكة الراحلة. بعد أن أسر مسلسل "التاج" قلوب المشاهدين حول العالم بأسلوبه الدرامي المشوق والراقي في تجسيد أحداث تاريخية واقعية من الفصول الشخصية والسياسية في حكاية الملكة إليزابيث البريطانية وحكمها، نصل إلى العقد الذي واجهت فيه مشكلات عائلية بين أولادها وأزواجهم، واحتراق قسم مهم من قصر "ويندسور"، وتعبير الشعب البريطاني عن تشكيكه في الحاجة إلى بقاء الحكم الملكي التقليدي على مشارف ألفية جديدة.
بمناسبة صدور الموسم الخامس وما قبل الأخير من مسلسل "التاج" تحدّثنا إلى الممثلتين البريطانيتين العريقتين الجامعتين في سيرتيهما بين المسرح والشاشة باحتراف استثنائي والحائزتين وسام رتبة "قائد" في الإمبراطورية البريطانية: "إميلدا ستونتون"Imelda Staunton التي تلعب دور الملكة إليزابيث الثانية، و"ليزلي مانفيل"Lesley Manville التي تؤدي شخصية شقيقتها الأميرة "مارغريت".
كيف يختلف تجسيد شخص حقيقي يعرفه كل الناس عن تمثيل شخصية خيالية مكتوبة في سيناريو؟ وما كان التحدّي الأكبر في تأدية دور الملكة "إليزابيث" الثانية؟
إميلدا: كل من شارك في هذه المسلسل شعر بمسؤولية إضافية، لكننا في نهاية المطاف نقدّم عملا دراميا. الأمر أشبه بسيف ذي حدّين، لأن الشخصية خيالية، وفي الوقت نفسه حقيقية، واضطررنا إلى العمل على الناحيتين بالتوازي. لكنه بلا شك تحدٍّ، ومسؤولية كبيرة، وشرف حقيقي خصوصا مع العائلة المالكة، وأيضا لأننا نتابع السير على خطى المواسم السابقة. كل شيء كان مجهّزا أمامنا، وكتابة "بيتر مورغان" الرائعة سهّلت العمل. إن المعيار الذي وضعته المواسم الأولى كان عاليا جدا، ورغبنا في الحفاظ عليه؛ لكن التحدي الحقيقي كان في تمثيل هذه الشخصيات الواقعية بشكل صادق ومحترم.
هل كنتم في موقع التصوير يوم وفاة الملكة؟ وهل أثّر رحيلها في تأديتك الدور؟
إميلدا: كنا نصور في فترة بعد الظهر من ذلك اليوم، وأتى الإعلان عن وفاتها في المساء. أوقف التصوير لعشرة أيام بعد ذلك، وأنا ممتنة لمهلة الاستراحة التي أعطيت لنا، لأنها ساعدتني لعلى التأقم مع الخبر. لكنني لم أسمح للحزن بالتأثير في عملي، حين استأنفنا التصوير بعد يوم من مراسم الدفن الرسمية.
كيف تصفين المزاج الذي عمّ موقع التصوير حين استأنفتم العمل؟
إميلدا: لا شك في أنه كان هناك شعور بالحزن. أنا و"ليزلي" جديدتان على المسلسل، لكن كل المنتجين والكتّاب ومعدّي الأزياء وأعضاء الفريق الذي عمل على هذا الإنتاج لنحو عشر سنوات، عاشوا مع المسلسل لفترة أطول بكثير. تعاطفت معهم، لأنهم أحبوا هذه الشخصيات، وأعتقد أن رحيل الملكة أثّر فيهم بطريقة مختلفة.
عملتما معا في السابق على مشاريع عدّة. هل كنت متحمسة لتؤدي دور شقيقتها هذه المرة؟ وكيف كانت التجربة حتى الآن؟
ليزلي: رائعة بالفعل! جمعت بين "مارغريت" و"إليزابيث" علاقة عائلية وثيقة وحميمة؛ وأنا أعرف "إميلدا" منذ عقود عديدة، وقد عملت إلى جانبها مرات كثيرة، وأبادلها المحبة والاحترام. لذلك، شعرت بالارتياح والاطمئنان والامتنان حين علمت أنني سأعمل معها في هذا المشروع، وكنت متأكدة من أن النتيجة ستكون رائعة. وبالفعل، كانت التجربة كما تخيلتها وتمنيتها أن تكون.
إميلدا: يمكننا القول إن الأساس كان موجودا، ولم يكن علينا بذل جهد كبير لنكون "شقيقتين". وقد ساعدنا هذا الأساس الموجود على تنفيذ عملنا.
ذكرتِ العلاقة الوثيقة والرائعة بين الشخصيتين. كيف تصفين ديناميكية العلاقة بين الأميرة "مارغريت" وشقيقتها الملكة "إليزابيث"؟
ليزلي: من كل ما قرأته عن حياتهما، استنتجت أنهما كانتا شقيقتين وثيقتي العلاقة، وأحبت إحداهما الأخرى بشكل كبير. أمضتا معا وقتا طويلا ومكثّفا بسبب الحرب العالمية الثانية، أي خلال السنوات التي تكوّنت فيها شخصيتاهما. شخصية الملكة تختلف تماما عن شخصية الأميرة، لكن ذلك لا ينقص أبدا من الحب العميق والاحترام الكبير اللذين تتبادلانهما.
في الموسمين الخامس والسادس من "التاج"، نلاحظ تغييرا في "مارغريت"، لأننا نراها في مرحلة أكثر هدوءا وعزلة من حياتها، وهي فترة كرّست فيها المزيد من الوقت لخدمة شقيقتها ومساعدتها.
على الرغم من أن الملكة كانت إحدى أكثر الشخصيات العامّة شهرة في تاريخ عالمنا، لم يشاهدها الناس يوما تعبّر عما يختلج في نفسها من مشاعر، لأنها حافظت دوما على هدوئها واتزانها. كيف استطعت تجسيد شخصيتها في إحدى أصعب مراحل حياتها والسنة التي وصفتها بالسنة الرهيبة، وهل أضفت تفسيرك الشخصي لمشاعرها؟
إميلدا: أعتقد أن كل شيء كان واضحا أمامي في السيناريو المكتوب. لا شك في أنه من الصعب أن أكون عاطفية ومتأثرة حين أؤدي شخصية لم تُظهر مشاعرها أبدا في حياتها الحقيقية، الأمر الذي لا يعني أبدا أنه لم يكن لديها مشاعر. كل إنسان يعبّر عن مشاعره بطريقة مختلفة، لكنني لا أعتقد أن الملكة كانت شخصا يصرخ ويضرب الجدران خلف أبواب مغلقة. في الموسمين الخامس والسادس، بعض اللحظات العاطفية النادرة التي تمنحنا نافذة على مشاعر الملكة إليزابيث في لحظات معينة. عموما، أردت أن أكون هادئة قدر الإمكان في ظل الأوضاع العصيبة التي مرّت بها، وراقية قدر الإمكان ضمن حدود معجمها العاطفي.
متى علمتما أنكما ستؤديان هذين الدورين؟ وهل كنتما تشاهدان المسلسل قبل أن تعرفا؟
ليزلي: علمنا أننا سنكون في الموسمين الخامس والسادس عام 2019 حين كانوا في صدد تصوير الموسم الرابع. كنت أتابع المسلسل قبل أن أعلم؛ أحببته للغاية، وشاهدت الحلقات لدى صدورها. وحين علمت أنني سأؤدي دور "مارغريت" قبل صدور الموسم الرابع، عدت إلى المواسم الثلاثة الأولى، وشاهدتها كلها من جديد.
تغيّر طاقم ممثلي المسلسل كل موسمين، طبعا من أجل تمثيل أعمار الشخصيات بأقرب شكل إلى الواقع. لكن هل من بعد آخر أضافه "الكاستينغ" الجديد إلى المسلسل؟
ليزلي: الأمر أشبه بالضغط على زر التحديث. نعم، كان لا بد طبعا من تغيير الممثلين بما يتوافق مع أعمار الشخصيات في المراحل المختلفة من حياتهم. كوني من مشاهدي المسلسل حتى قبل أن أعرف أنني سأصبح جزءا منه، رأيت أن الاعتياد على ممثلين جدد يتطلب بعض الوقت، لكن المشاهد يغوص معهم في القصة بسرعة. في النهاية، لم يتغير الممثلون فقط، بل حتى الأزياء وتسريحات الشعر وكل شيء، لتكون كل التفاصيل وفية لكل حقبة.
على ذكر الأزياء، هلا أخبرتمانا أكثر عن أزياء الممثلين في مسلسل "التاج" وأهميتها ودقّتها، خصوصا أن الملكة إليزابيث أرادت في الكثير من الأحيان إيصال رسائل معينة من خلال أزيائها، والأميرة مارغريت بدورها كانت أيقونة للموضة والأناقة في شبابها؟
إميلدا: تؤدي الأزياء دورا جوهريا في المسلسل. يملك فريق العمل صورا للكثير من إطلالات العائلة المالكة، لكن مصممة إطلالات المسلسل "إيمي روبرتس" تستمد إلهامها منها، وتضع بصمتها عليها وتفسرها برؤيتها الشخصية، ولا تكتفي بتقليد أزياء الملكة أو الأميرة مارغريت. الملكة تبقى طبعا ثابتة في أسلوبها، ولا تبحث عن الجرأة والاختلاف، وأعتقد أن فريق الأزياء جسّد ذلك بطريقة رائعة.
كل من يعمل على مسلسل "التاج" يريد أن يردد من خلال الشاشة صدى الانتباه إلى أصغر التفاصيل والعمل الدقيق الموجودين في هذه العائلة المالكة ومؤسستها.
ليزلي: إذا كان الممثل بين الأيدي المناسبة، ترتقي الأزياء دائما بما يمكننا فعله مع الشخصية التي نؤديها وتأخذها إلى مستوى آخر، وتضعها في الإطار الصحيح، ونحن مع "إيمي روبرتس" في أيدٍ أمينة بالفعل. نرى مثلا وجها آخر لخزانة الأميرة مارغريت خلال إجازتها على جزيرة "ماستيك"، حيث ارتدت أزياء كثيرة التفاصيل، وبلمسات متألقة ولافتة. وهو ما يعكس دقة "إيمي روبرتس" في كل ما تقدّمه، وتفانيها الذي يدفعها إلى الوجود معنا كل يوم في موقع التصوير، حيث تشبك بنفسها البروش، وتختار أقراط الأذن الملائمة لكل إطلالة، والحجم الصحيح لحبات اللؤلؤ في مناسبة معينة. ذُهلت بمستوى الجهد الذي يبذله كل أعضاء فريق العمل على الأزياء والماكياج والشعر، وسوى ذلك في الكواليس. فالكل يعكس أقصى مستويات إبداعه.