خاص "هي": الفنان عبدالله جمعان JEME.. حينما تهمس إيقاعات الموسيقى بقصص الأبوة

خاص "هي": الفنان عبدالله جمعان JEME.. حينما تهمس إيقاعات الموسيقى بجذور الحنين وأمل المستقبل

رهف القنيبط
2 سبتمبر 2024

في عالم تلتقي فيه الإيقاعات بتجارب الحياة اليومية، يقف الفنان عبدالله جمعان JEME كصوت نابض بالحنين إلى الجذور والتطلع إلى المستقبل. من شوارع لوس أنجلوس الصاخبة إلى أجواء المشهد الموسيقي المزدهر في السعودية، يجسد JEME رحلة مليئة بالإبداع والشغف، وأيضاً رحلة مليئة بالمشاعر والأحاسيس المرهفة من فنان مميز إلى أب يوثق مشاعره وأصوات حياته في ألبوم يروي قصصًا شخصية وثقافية. في حديث ملهم مع "هي"، نغوص في عوالم JEME الموسيقية، نستكشف كيف أثرت تجربة الأبوة على إبداعاته، وكيف استطاع من خلال KNZ Records أن يسهم في إحداث ثورة في المشهد الموسيقي السعودي، معربًا عن رؤيته لنقل إيقاعات المملكة إلى منصات عالمية، رحلة موسيقية تتجاوز الحدود الثقافية وتجمع بين صوت القلب ونبض الإيقاعات.

JEME
الفنان عبدالله جمعان "مزجت عناصر من ثقافتي وتجربتي الشخصية مع الأصوات المتنوعة في الموسيقى الغربية"

يعد الفنان عبدالله جمعان، المعروف بـ JEME، أحد أبرز DJs ومنتجي الموسيقى في المملكة العربية السعودية ومؤسس رؤية KNZ Records، حيث تشهد مسيرته الموسيقية على شغفه العميق بالابتكار ودمج الثقافات. وُلد ونشأ في السعودية، لكن رحلته الفنية شهدت تحولًا كبيرًا عندما انتقل إلى كاليفورنيا، حيث ألهمه المشهد الموسيقي النابض في لوس أنجلوس لبدء مسيرته الفنية وصقل صوته المميز.

يحمل الفنان عبدالله جمعان JEME عدد من الشهادات البارزة في المجال الموسيقي، فهو مدرب معتمد عالميًا على برنامج Avid Pro Tools، كما يحمل شهادة خبير معتمد في الصناعة الإبداعية من برنامج CLOCK. كما تتسم موسيقى JEME بقدرتها على إثارة المشاعر، مما يجذب المستمعين إلى تجربة سمعية تتسم بالعمق الشخصي والعالمي. 

كيف أثرت تجربتك في كاليفورنيا وتحديداً مشهد الموسيقى في لوس أنجلوس على أسلوبك الموسيقي؟

كانت إقامتي في لوس أنجلوس بمثابة نافذة مفتوحة على عالم واسع من الأصوات والفنون والعروض. الحياة الليلية في هذه المدينة صاخبة  ولها روح مختلفة، كما أتيحت لي الفرصة لمشاهدة الكثير من الفنانين من مختلف أنحاء العالم. هذا التنوع ألهمني كثيرًا، حيث ساعدني على استقاء الإلهام من مصادر مختلفة. كما أن مشاهدة التنافس الشديد في صناعة الموسيقى في لوس أنجلوس علمني أن أدفع بنفسي نحو الأمام باستمرار، وأن ألتزم بتطوير موهبتي.

وأيضاً تنوع الخيارات في البداية أمر مربك، لكنه ساعدني على تحديد اتجاهي الموسيقي كفنان، وضمان أن تتفرد أعمالي وتعكس هويتي الشخصية كذلك، أضفت لمسة خاصة إلى المشهد الموسيقي في لوس أنجلوس، بمزج عناصر من ثقافتي وتجربتي الشخصية مع الأصوات المتنوعة في الموسيقى الغربية.

ما هي التحديات التي واجهتك عند تأسيس KNZ Records وكيف ساهمت في تطوير المشهد الموسيقي في السعودية؟

كان من الصعب تحديد أتجاه موسيقي يعكس جذوري الثقافية ويتماشى مع متطلبات السوق التنافسية في لوس أنجلوس. كما كان بناء فريق متماسك وتأمين الموارد المالية اللازمة أمرًا معقدًا. علاوة على ذلك، كان التحدي الأكبر هو التنقل في ظل القيود الثقافية والاجتماعية المحيطة بالموسيقى في السعودية، مما تطلب مني نهجًا مدروسًا للحفاظ على هويتي الثقافية مع إنتاج موسيقى قادرة على المنافسة عالميًا.

بالرغم من هذه التحديات، استطاعت KNZ Records إحداث تأثير كبير في المشهد الموسيقي السعودي، حيث قمنا بإطلاق منصات مثل Factory O8 وHidden Gems Records وTribe Zero، مما أتاح للفنانين المحليين الفرصة لإبراز مواهبهم وتطوير التعاونات الإبداعية والمشاركة في فعاليات تعزز الموسيقى الإلكترونية. كان هدفنا دعم الفنانين السعوديين ومنحهم القوة للتعبير عن أنفسهم بطرق مبتكرة وأصيلة، وبذلك نسعى لإثراء المشهد الموسيقي المحلي ورفع معايير الإنتاج الموسيقي في المملكة.

JEME
الفنان عبدالله جمعان JEME في أحد الحفلات 

كيف ترى دور الموسيقى في تعزيز الوعي الثقافي والتواصل بين الثقافات المختلفة؟

في أعمالي الموسيقية، أسعى دائمًا لإدماج عناصر تعبر عن ثقافتي وتراثي. على سبيل المثال، في إصداري "يقول الشاعر"، قمت بمزج صوت شاعر من الباحة مع إيقاع الطبول التقليدية من جنوب السعودية، المعروف بإيقاع "رايح". سررت جدًا عندما اكتشفت أن أغلب مستمعي هذه القطعة كانوا من مناطق مختلفة حول العالم. 

هذه التجربة أثبتت لي كيف يمكن للموسيقى أن تكون جسراً يصل بين الثقافات المختلفة، ويتيح للناس استكشاف وتقدير ثقافات قد تكون غير مألوفة لهم، العمل بهذا النهج لا يساعد فقط في الوصول إلى جمهور أوسع، بل يجلب أيضًا روح جديدة إلى صناعة الموسيقى، مما يثريها بأصوات ومنظورات جديدة تتجاوز الفروق الثقافية.

ما الذي يلهمك عند تأليف وإنتاج مقاطعك الموسيقية وكيف تسعى للتعبير عن مشاعر وأفكار معينة من خلال أعمالك؟

ما يلهمني في تأليف وإنتاج الموسيقى يبدأ غالبًا بشرارة، قد تكون في صورة صوت سينث أو إيقاع أو عينة صوتية أو حتى فنان أو إيقاع يخطر في ذهني. كل مشروع يعكس حالتي العقلية ومشاعري في تلك اللحظة المحددة، مما يتيح لي نقل هذه الأحاسيس إلى موسيقاي. هدفي هو خلق مشهد صوتي يتناغم مع جمهوري ومع عالمي الداخلي. حاليًا، أستكشف أنماطًا صوتية مختلفة، خصوصًا في الموسيقى التجريبية والهاوس العضوي. هذا الاستكشاف يبقيني مبدعًا ومتحفزًا، ويضيف دائمًا عناصر جديدة وفريدة إلى فني.

حدثنا عن آخر أعمالك التي كانت بالمشاركة مع ابنتك.

هذا المشروع يحمل معنى شخصيًا عميقًا بالنسبة لي. خلال ليلة افتتاح بينالي الدرعية، حدثت لحظة خاصة جمعت بين فني وحياتي الشخصية. بينما كنت أدعم الفنانة مروى في أدائها الفني الحي "البحر لي"، اكتشفنا أنا وزوجتي منيرة أننا ننتظر طفلنا الأول. وبعد مرور عامين، تم دعوتي مرة أخرى للمشاركة في تركيب فني موسيقي بعنوان "الطريق" للفنان طارق عطوي. هذا العمل يتناول التقاليد الموسيقية القبلية في العالم العربي، بمزج بين عناصر التاريخ والثقافة والصوت.

لتحضير لهذا المشروع، زرت البينالي مع طفلتي الصغيرة، حيث سجلت صوتها وضحكاتها، ومقتطفات من أحاديثنا على العشاء، وأصوات من المعرض نفسه، بما في ذلك الطبول والمعادن. هذه العناصر الشخصية أصبحت جزءًا أساسيًا من ألبومي الجديد "Drums & Tribes"، الذي يأخذ المستمع في رحلة صوتية عبر إيقاعات قبلية وذكريات عزيزة. مستوحاة من موضوع "بعد المطر"، أضفنا أنا وسارة أصواتًا إلى القطعة قبل أيام قليلة من الأداء الحي، مستوحين من أغنية "في السماء غيم" للفنان أبو بكر سالم.

هذا المشروع سمح لي بدمج تجاربي الشخصية مع التعبير الفني، مما أدى إلى خلق عمل يجسد رحلتي كفنان وأب. هذا الألبوم ليس مجرد موسيقى؛ بل هو أرشيف شخصي للأصوات والقصص.

عبدالله جمعان JEME
مؤسس KNZ Records الفنان عبدالله جمعان JEME

هل هناك مشاريع أو تعاونات مستقبلية نترقبها منك ومن KNZ Records؟

KNZ تتوسع من كونها مجرد شركة تسجيلات إلى وكالة موسيقية كاملة الخدمات. نقدم الآن خدمات الميكسينغ والماسترينغ، وتصميم العلامات الصوتية، والاستشارات، وإدارة الفعاليات، وحجوزات الفنانين. تركيزنا ينصب على المواهب الجديدة والأصوات التي تمثل الثقافات المتنوعة بشكل أصيل ودون قيود على النوع الموسيقي.

مؤخرًا، وقعت KNZ اتفاقية مع Paradise Worldwide لصالح علامتنا الفرعية Hidden Gems، التي ستسلط الضوء على الأصوات المتخفية والمواهب الصاعدة من السعودية والمنطقة وخارجها، نحن أيضًا متحمسون لعودة Factory O8، فعالية الأسبوعية التي تُقام كل أربعاء. 

بعد نجاح ثمانية أشهر من الفعاليات، سيتطور Factory O8 إلى مفهوم جديد يقدم تجربة محسنة لجمهورنا. بالإضافة إلى ذلك، نترقب بفارغ الصبر فعالية Tribe Zero، التي ستركز على الموسيقى الإلكترونية الحية، معززة بكرم الضيافة السعودي والفن الحديث، بما في ذلك تجربة الخيمة السعودية العصرية.

كيف ترى تطور المشهد الموسيقي في السعودية خلال السنوات الأخيرة، وما هو دورك في هذا التحول؟

المشهد الموسيقي في السعودية شهد تطورًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، حيث تحول من استهلاك الموسيقى الإلكترونية إلى تصدير موسيقانا الخاصة. أشعر بالفخر عندما أرى بروز مواهب سعودية متميزة ومتنوعة، تقدم أصواتًا ليست فقط فريدة ولكنها أيضاً قادرة على جذب انتباه المستمعين ودفعهم للرقص.

JEME
الفنان عبدالله جمعان JEME في أحد الحفلات 

في KNZ Records، نلعب دورًا حيويًا في هذا التطور من خلال دعم المواهب المحلية وتعزيز ثقافة الموسيقى الحيوية. هدفنا هو خلق أنماط موسيقية جديدة تعكس هويتنا الثقافية وتستطيع الوصول إلى الساحة العالمية. من خلال دعم الفنانين المبتكرين وتقديم أصوات جديدة، نسعى إلى تأسيس حضور سعودي مميز في مشهد الموسيقى الإلكترونية العالمي.

بالإضافة إلى ذلك، ألترم بشكل كبير بتعليم وتوجيه الجيل القادم من المواهب. من خلال ورش العمل ومبادرات تعليم الموسيقى في Saudi Music Hub، وقبلها في KNZ، أعمل بنشاط على إرشاد الفنانين الصاعدين، ومساعدتهم في تطوير مهاراتهم والعثور على صوتهم الفريد في هذه الصناعة.

ما هي الفكرة أو الرسالة التي ترغب في إيصالها من خلال مشاركاتك في المهرجانات العالمية مثل Burning Man و MDL Beast؟

من خلال مشاركتي في المهرجانات العالمية مثل Burning Man وMDL Beast، أسعى إلى تقديم رؤيتي الفنية وصوتي لجمهور أوسع. توفر هذه الفعاليات منصة فريدة للوصول إلى مجموعة متنوعة من الحاضرين، مما يمكنني من التواصل مع مجتمعات مختلفة. كما أرغب في بناء روابط حقيقية مع رواد المهرجانات، وإلهام حوارات عبر الثقافات، وإظهار كيف يمكن لأصواتنا المحلية أن تتردد أصداؤها لدى جماهير من مختلف أنحاء العالم. هدفي هو توسيع نطاق موسيقانا، وكسر الحواجز الثقافية، وتعزيز فهم أعمق وتقدير لتراثنا الفني.