
أنامل تروي: الفنانة التشكيلية شريهه لـ"هي" الفن هو أفكار يصعب التعبير عنها بالكلمات
في عالمٍ تتحدث فيه الألوان والخيوط، تنسج الفنانة السعودية شريهه حكايات من التراث بحروف الإبداع، حيث يلتقي الماضي بالحاضر في لوحة تنبض بالحياة.
في إطار سلسلة "أنامل تروي" التي تحتفي بالمواهب السعودية المتميزة في دمج الحرف اليدوية بالفنون المعاصرة، بمناسبة عام الحرف اليدوية، وعلى ذلك تتحدث "هي" مع الفنانة التشكيلية السعودية شريهه، التي تحمل بين أناملها لغة فنية متفردة، تنسج من خلالها قصصًا تجمع بين الماضي والحاضر برؤية إبداعية متجددة.

في هذا الحوار، تكشف شريهه لـ"هي" عن رحلتها الفنية، وكيف توازن بين الأصالة والتجديد، وتجربتها في إعادة صياغة الفنون التشكيلية عبر الحرف اليدوية.
رحلة الإبداع.. حين يصبح الفن لغةً تتجاوز الكلمات
لكل فنان بداية تحمل معها جذور الإلهام ومسارات التطور. تقول شريهه لـ"هي": "منذ طفولتي، وجدتُ سعادتي في الفن والمهارات اليدوية، حيث كنت أبدع بشغف وأعتبره وسيلة تعبير تتجاوز حدود الكلمات. لم يكن الفن مجرد موهبة بالنسبة لي، بل لغة حية تتشكل عبر الألوان والخطوط. رحلتي تأثرت بعوامل عدة، أهمها دراستي للفنون في مؤسسات تحتفي بالإبداع وتدعمه، مما منحني أساسًا أكاديميًا متينًا. ومع ذلك، كان الإلهام الحقيقي ينبع من التجربة، ومن استكشاف الجمال في تفاصيل الحياة اليومية."
بين التراث والابتكار.. معادلة التوازن في أعمالي
تحقيق التوازن بين الأصالة والابتكار يتطلب إعادة صياغة الرموز التراثية بأسلوب حديث. توضح شْريهه: "التوازن بين الحفاظ على التراث الفني السعودي والابتكار في أعمالي يكمن في إعادة صياغة الرموز التقليدية بأسلوب حديث. أستلهم من المعمار النجدي والأنماط التاريخية، وأعيد إحياءها بطريقة تتناسب مع رؤيتي الفنية."
وتوضح قائة: "على سبيل المثال، قمتُ بتوظيف رمزية المثلث في العمارة النجدية، حيث أضفت إليها 16 كلمة تعبر عن فلسفته العميقة، مع لمسات معاصرة تعكس أسلوبي الخاص. بهذه الطريقة، أتمكن من تقديم أعمال تحافظ على هويتها الثقافية، لكنها في ذات الوقت تنبض بالحياة وتواكب الحداثة."

الفن كتعبير شخصي.. ورسالتها للعالم
الفن ليس مجرد ألوان وخطوط، بل وسيلة لنقل الأفكار والمشاعر. تعبر شْريهه لـ"هي": "أرى الفن وسيلة للتواصل العميق، فهو ليس مجرد لوحة تُرسم، بل رسالة تحمل في طياتها مشاعر وأفكارًا يصعب التعبير عنها بالكلمات. في أعمالي، أسعى إلى دعوة المشاهدين لاكتشاف الجوانب الخفية للإنسانية، والتأمل في التفاصيل التي قد تمر دون أن يلحظها أحد. أؤمن بأن الفن لغة عالمية، يعبر عن الجميع، ويخلق حوارًا بصريًا يتجاوز الحدود والاختلافات الثقافية."
رحلة في عالم التطريز.. حين يلتقي الفن بالحرفة
المزج بين الفن والتطريز اليدوي يعكس أهمية الحرف في التعبير الفني. بكل فخر وسعادة، تروي شْريهه لـ"هي" عن مشاركتها في إطار "عام الحرف اليدوية 2025" الذي أطلقته وزارة الثقافة السعودية، حيث تقول: "شاركتُ في مسابقة "عدسة وحرفة" بالتعاون مع المصورة المبدعة لينا إبراهيم، من خلال مشروع "رحلة في عالم التطريز"."
وتكمل الحديث: "الذي يُعد جزءًا من مجموعتي الفنية "ما لنا إلّا الظاهر". هدفنا من هذا المشروع تسليط الضوء على جماليات التطريز اليدوي، ليس فقط كحرفة، بل كفن تأملي يمنح الشعور بالسكينة ويتيح فرصة لتخليد الذكريات بأسلوب إبداعي."
وتختتم: "أبدعت لينا في إبراز تفاصيل الأعمال بعدستها الذكية، مما أضفى بُعدًا بصريًا خاصًا على المشروع، وجعل من التطريز تجربة حسية تتجاوز مجرد الخيوط والإبر، لتصبح سردًا مرئيًا يروي حكايات من التراث السعودي بروح متجددة."

تحديات دمج الفنون التشكيلية بالحرف اليدوية
دمج الفن بالحرف اليدوية ليس مهمة سهلة، بل رحلة توازن وإبداع. تقول شْريهه لـ"هي": "الفن والحرف اليدوية شكلان مختلفان من التعبير، فالأول ينبض بالإبداع والتجديد، بينما الآخر متجذر في المهارة والدقة. عندما يجتمعان في عمل فني واحد، ينتقل إلى بُعد جديد يوازن بين الأصالة والابتكار."
وتوضح: " أرى أن التحدي يكمن في تحقيق هذا التوازن دون أن يطغى أحدهما على الآخر، بحيث يتكاملان ليشكلا رؤية فنية تعيد بناء الجسور بين الماضي والحاضر. هذه الرحلة ليست مجرد محاولة دمج، بل استكشافٌ متجدد يمنح الفن عمقًا تاريخيًا وثقافيًا، ويجعله نافذة تطل على تراث غني يمتزج بروح الحداثة، ليحكي قصة إبداعية فريدة."