حماية البشرة من تأثير الضوء الأزرق.. ما مدى أهميتها؟
في عالم أصبحت كل أقطاره متّصلة أكثر من أي وقت مضى، وصارت فيه أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة والحواسيب اللوحية أشياء لا غنى عنها في حياتنا اليومية، من البديهي أن ندرس تأثير الضوء الأزرق المنبعث من شاشات هذه الأجهزة على صحّة الإنسان.
وقد وجدت الدراسات المتتالية أنه للضوء الأزرق مسؤولية في الشيخوخة الضوئية التي تصيب الجلد، إذ أن الضوء الأزرق الذي تبعثه الشاشات المشعّة للكمبيوترات والحواسيب اللوحية والهواتف الذكية، يؤذي سطح البشرة، مشجّعاً تشكّل الجذور الحرّة المسؤولة عن الشيخوخة والإجهاد التأكسدي.
تأثير الضوء الأزرق على الجلد
في الواقع، إن المصدر الأساسي للضوء الأزرق هو الشمس، لكن الشاشات الرقمية والمصابيح الثنائية الباعثة للضوء والإنارة الفلوريّة هي مصادر أخرى له. وعلى مدى السنوات الخمسة عشر الأخيرة، في ظل تطور التكنولوجيا الرقمية وازدهارها الجذري، ازدادت بسرعة فائقة الدراسات العلمية حول الآثار السلبية للضوء الأزرق على الجلد. وقد استنتج بحث حديث نُشر ضمن المجلة العلمية لطب الجلد التجميلي في مارس، أن التأثير يختلف وفقاً لحدّة الموجة وطولها ووقت التعرض للضوء الأزرق. على وجه الخصوص، يمكن للطاقة العالية وأوقات التعرض الطويلة أن تؤدّي إلى إتلاف الحمض النووي الخلوي والأنسجة، مما يتسبب في شيخوخة ضوئية ملموسة (بالإضافة إلى الأذى البصري للعين). وفي المقابل، يمكن للطاقة المنخفضة ومدة التعرض القصيرة للضوء الأزرق أن تساعدا في الوقاية من بعض الأمراض الجلدية.
يساهم الضوء الأزرق في تسريع عمليات شيخوخة البشرة عبر تشجيع إنتاج الجذور الحرة التي يمكن أن تنجو من الدفاعات الطبيعية وتسبب تلفاً للحمض النووي بمفعول دائم. الأضرار تشبه آثار التعرض الخاطئ لأشعة الشمس: من بقع الشمس إلى التجاعيد وصولاً إلى مشكلات أكثر خطورة مثل سرطان الجلد. وأحد أسوأ العوامل في هذا السياق لا يتمثل في شدّة الموجة أو الطول الموجي، بل في عدم استعدادنا المناسب، أي ميلنا إلى عدم إطفاء الأجهزة الالكترونية ليلاً أو تمضية الكثير من الوقت أمام شاشة الكمبيوتر. هكذا نواجه خطر التعرّض الطويل الأمد للضوء الأزرق. باختصار، على الرغم من محدوديته مقارنة بالأشعة فوق البنفسجية، إنه للضوء الأزرق نتائج سلبية محتملة.
افضل الطرق لحماية البشرة من الضوء الأزرق
في النهاية، إن البشرة في الليل تفعّل نشاط أهم عملياتها الترميمية والإصلاحية، ولا سيما بين الساعة الحادية عشرة ليلاً والرابعة فجراً، وهي الفترة الزمنية التي أطلق عليها الخبراء لقب "الساعة الذهبية" والتي تعتبر الأفضل لمحاربة الجذور الحرة لأنها تزيد من إنتاج بروتينات الكولاجين والإيلاستين الموجودة في قاعدة النسيج الضام. وهذا ما يجعل النوم الحليف الرئيسي للجمال ويدفع أطباء الجلد إلى التوصية بإبقاء أغنى العلاجات لساعات الليل بهدف دعم هذا التجدد الطبيعي. لكنك إذا بقيتِ مستيقظة أمام الشاشة، فلن يحدث أي من ذلك.
وبالطبع يتبادر إلى أذهاننا الآن سؤال وحيد: كيف نحمي البشرة إن كنّا نمضي أياماً أمام شاشة الكمبيوتر وأصبحنا في فئة الأشخاص المعرضين بشكل كبير لخطر شيخوخة الجلد الناتجة عن الضوء الأزرق؟
يُفضَّل في هذه الحالة استخدام الكريمات المرتكزة في تركيباتها على الفيتامينَين إيE وسيC وعلى نشاط فعّال في محاربة الأكسدة وقوي في وجه الجذور الحرة. كما أن منتجات العناية بالوجه الغنية بالفيتامين أ A والفعّالة في تفتيح السحنة، جيدة أيضاً. أما المنتج الذي لا غنى عن استخدامه فهو الكريم المزوّد بعامل حماية من الشمس. وإن كان استخدامنا المكثّف لجهاز الكمبيوتر في السنوات القليلة الماضية بسبب الجائحة قد ترك بقعاً ظاهرة وتفاوتاً في لون البشرة ومظهراً باهتاً، فنشجّعك على اللجوء إلى البروتوكولات الطبية التجميلية ذات التأثير المشرق. ومنها مثلاً ما يستغل التآزر المفيد بين التقشير والترددات الراديوية، دون أن ننسى أيضاً تجديد البشرة باستخدام جلسات IPL (الضوء النبضي المكثف).
الضوء وفوائده لعلاج حب الشباب
حسناً، ما هي خطّتنا للمواجهة إذاً؟ إذا كانت التكنولوجيا تتسبب في شيخوخة البشرة، من الضروري اتخاذ إجراءات احترازية على وجه السرعة وتنفيذ شتى الطرق لمنع حدوث التلف الناتج عن الضوء الأزرق والحد منه وتقليصه. ننصحك بتخفيف وقت التعرض لهذه الإضاءة كخطوة أولى، ومن ثم تخفيض مستوى سطوع الشاشة وإبعادها عن وجهك قدر المستطاع. ومع ذلك، لا بد من الاستعانة بمنتجات شركات التجميل التي تنقذنا مع مجموعة واسعة من المستحضرات الفعالة في الوقاية من الضوء الأزرق والقادرة على إنشاء درع بين بشرتنا والضوء المنبعث من أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.
وعلى الرغم من السمعة السلبية لنتائج التعرض لهذا الضوء، إنه يتمتع بفوائد مختلفة للبشرة. على وجه الخصوص، تم إثبات فعالية معينة له في علاج حب الشباب، وذلك بفضل قدرته على استهداف المكوّن البكتيري لهذه الحالة المرضية، فضلاً عن كونه مضاداً معتدلاً للالتهابات التي تصيب سطح الجلد. ولذلك، ليس من باب الصدفة أن الأطباء ينصحون باستعمال واقيات شمسية معيّنة لمن يعانون من حب الشباب والعد الوردي والبهاق والصدفية، وتكون تركيباتها مصممة بدقّة للسماح بمرور إشعاعات معيّنة مفيدة في علاج الأمراض الجلدية المختلفة. وبهذه الطريقة، يمكن لمقدار صغير من الضوء الأزرق القريب من الأشعة فوق البنفسجية أن يمر عبر واقي الشمس ويعمل بشكل مباشر على مشاكل الجلد.