الباحثة في مجال التراث "ريم البسام" تثري محتوى الأزياء التقليدية في المملكة وتتحدث لـ"هي" عن رحلتها
إعداد: "جمانة الشيخ'
رسومات: "عبيد باحميد"
تزخر المملكة العربية السعودية في مناطقها المختلفة بتراث غني وتهتم بالحفاظ عليه وتطويره. ومن ألوان التراث المختلفة تشهد الأزياء التراثية ازدهارا ملحوظا لا سيما بعد التركيز على الأزياء في المناسبات الوطنية المهمة والمحافل مثل يوم التأسيس واليوم الوطني وغيرهما. كما ساهمت الجهود المبذولة في ازدهارها ونذكر منها دليل الأزياء في كأس السعودية وبرنامج 100 براند سعودي الذي ركز في دورته الأولى على الأزياء التراثية، ولأن تراثنا وموروثنا في الأزياء باهر، نحرص على توسيع مدارك انتشاره بشكل متقن ومتكامل، وبحسب ثقافة المنطقة. ونستعرض لكم في هذا المقال مع الباحثة في مجال التراث ريم بنت عبدالرحمن البسام تفاصيل عن الأزياء التراثية لكل منطقة في المملكة العربية السعودية بأسلوب شاعري نبطي من كبار الشعراء، مثل الشاعر حمود الناصر البدر، محمد زايد الألمعي، ومحسن الهزاني، وغيرهم، وعبر رسومات تعبيرية تجسد الأزياء التراثية السعودية من الفنان عبيد باحميد.
وعلى الرغم من أنها متخصصة في علوم الحاسب الآلي، يعد التراث شغفا للمهتمة والباحثة في مجال التراث ريم البسام، التي تهدف إلى الحفاظ على الموروث، ونقله للأجيال القادمة وهي تعمل على تحقيقه من خلال بعض المقالات في المجلات الثقافية وحساباتها في مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي.
حدثينا عن أبرز ما تتميز به الأزياء التقليدية في مناطق المملكة العربية السعودية؟
في تراثنا الملبسي الغني، نجد أن الملابس التقليدية النسائية متشابهة إلى حد كبير في شكلها العام وتفصيلها، وقد يعود ذلك إلى التبادل التجاري وانتقال القبائل بين المناطق، إلا أن كل منطقة تميّزت بتفاصيل معينة، ومسمّيات محددة، تبعا لطبيعة السكان والبيئة والمناخ، واتصال المنطقة بالحضارات والشعوب المختلفة. وبوجه عام، تتكون الملابس التقليدية النسائية في المملكة العربية السعودية - بشكل رئيسي- من زي فضفاض له أكمام طويلة، ويصل طوله إلى الكعبين، وهو المعروف بالمِقْطَع “الدرّاعة” في منطقة نجد، والشرقية والشمال، مع اختلاف المسميات والأشكال والزخارف بين المناطق، يُرتدى فوق الزي السابق ثوب علوي واسع بأكمام واسعة، يمكن رفعها فوق الرأس، وله مسميات مختلفة تبعا للمناطق المختلفة، كما أن أشكال الملابس التقليدية وزخارفها تتعدد تبعا لكل منطقة، وسنستعرض هنا على سبيل المثال أنواعا من هذه الملابس، من رسومات الفنان المبدع حميد باعبيد.
المقصب يتسيد الأزياء في منطقة نجد
يبدو في الرسم الثوب المسرّح “المقصّب”، وهو من الثياب التقليدية الشهيرة في “نجد”، ويُرتدى في المنطقة الشرقية كذلك، ويسمى ثوب النشل، وهو ثوب واسع، وله أكمام واسعة يتم رفعها فوق الرأس، يُصنع من قماش الحرير، ويُطرّز بالزري من أعلاه إلى أسفله، إلا أنه في “نجد” يكون أعرض، وأكمامه أطول. وفوق” المِقطَع” تُرتدى “الدراعة”.
يقول الشاعر حمود الناصر البدر:
وش خانة الملبوس والعمر ما زان وا ضيعته بين السّرف والفواتِ
كبّن جديد “مسرّحات” الدمقسات اعفن وعفّن عنه يا المترفاتِ
وغطاء الرأس هنا، والذي ترتديه النساء في نجد يسمى "الشيلة" أو "الغدفة"، وتكون باللون الأسود، وغالبا تكون من القطن، ويندر أن تكون من الحرير.
وقد ذكرها الشاعر مشعان بن هذال:
قعدت أنا مع لابسات الغدافِ ما كن جرى لي ساعةٍ فوق ظهرها
وقال هويشل بن عبدالله:
إلى قضّ الأشقر وانتثر من خلاف كما زلّ حيرٍ يوم هبّ الهوا به
ثلاثين جوزٍ ما غطّته الغداف على عِزْلِته تشدي خوافي خضابه
ثوب النشل أهم ما يميز أزياء المنطقة الشرقية التقليدية
يبدو هنا ثوب النشل، وهو - كما ذكرنا - يُعرف في نجد بالمسرّح، وهو من الحرير، ويطرّز بخيوط الزري، وتميّزت المنطقة الشرقية باستخدام زخرفة طير الطاووس فيه بخلاف منطقة نجد. واشتهر استخدامه في دول الخليج العربي، ويُرتدى في المناسبات وحفلات الزفاف.
ويذكره الشاعر البحريني عبدالرحمن رفيع:
خَضَر نشلك على عودك تزينينه ولا يزيّنك
المرودن الزي الأشهر في المنطقة الشمالية
من الثياب الشائعة في المنطقة الشمالية، الثوب المرودن، ويتميز بأردانه “أكمامه” الواسعة الطويلة المثلثة الشكل، والتي تتدلى إلى الأرض، وهو مشابه في أكمامه للثوب المرودن الرجالي المعروف، وقد يُعقد طرفا الأكمام، وتُربط خلف الرقبة.
ذكره محسن الهزّاني:
من حين شافنّي رهاف الثنايا قامَن لي بأطراف "الأردان" يومون
المنطقة الغربية متعددة الثقافات والقبائل.. والثوب المبقَّر هو الأبرز
يبدو هنا "الثوب المبقّر"، وهو من الملابس التقليدية في الحجاز، في بعض قبائل الطائف، ويتميز بالاتساع من أسفله، ويُرتدى عادة مع سروال طويل أسفله، ويسمى غطاء الرأس هنا بـ"البيرم"، أو "القناع"، ويكون من القماش الأسود الثقيل، للحماية من الشمس، ولحمل الأشياء الثقيلة، ويسمى الحزام بـ"حزام الكواكب".
ثقافات وقبائل المنطقة الجنوبية لا تقل عن المنطقة الغربية شيئا.. والثوب المجنّب أبرزها
يبدو في الرسم الثوب العسيري المسمى بـ“المجنّب”، ويعلو الرأس غطاء قطني أصفر يسمى "المنديل"، وهو مثلث من القماش القطني الأصفر / البرتقالي مزيّن بالورود المطبوعة، تعلوه القبعة المسماة بـ"الطفشة"، وهي قبعة تُصنع من الخوص "سعف النخيل"، وتستخدم للحماية من الشمس عند الخروج.
والشيلة "المريشة" عُرفت في المنطقة الجنوبية، وهي من قماش القطن الأسود، وفي طرفها كتل من الخيوط الحريرية الملونة، وتُرتدى هنا فوق المنديل الأصفر.
يذكر الشاعر محمد زايد الألمعي، المنديل الأصفر:
كلامُ حبيبتي سكر وفي منديلها الأصفر
وعيناها عسيرية نَمَا قمرٌ وجوريّة
هذه أمثلة لتراثنا الملبسي الغني بالأشكال والزخارف والألوان، يحق لنا أن نفخر به، ونظهره ونطوّره بالشكل الذي يحافظ على أصالته، ويواكب حياتنا اليومية المعاصرة