خاص لـ"هي": شهد العقيلي... صوت سعودي يصدح في قمة التنمية بمقر الأمم المتحدة

خاص لـ"هي": شهد العقيلي... صوت سعودي يصدح في قمة التنمية بمقر الأمم المتحدة

رهف القنيبط
23 أبريل 2025

في لحظة يتوقف فيها الزمن داخل قاعة مقر اليونسكو في نيويورك، كانت شابة سعودية تكتب سطورًا جديدة في تمكين المرأة العربية على الساحة العالمية. شهد العقيلي لم تكن هناك لمجرد التمثيل، بل لتكون صوتًا نابضًا بالحقيقة في قمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية العالمية "Global Forum for Social and Economic Development"، حيث يجتمع قادة وممثلو الدول للحديث عن مستقبل الإنسان وفقًا لأهداف التنمية المستدامة "SDGs".

هذه الأهداف، التي تبنّتها الأمم المتحدة عام 2015، تشكّل خارطة طريق طموحة للقضاء على الفقر، وتعزيز السلام، وحماية الكوكب. من بين الأهداف السبعة عشر، يركز الهدف الثالث: "الصحة الجيدة والرفاه"، وهو المحور الذي يلقى عليه الضوء في هذه الجلسة، سلطت شهد العقيلي الضوء عليه من منظور سعودي يفتخر بالمنجزات ويتحدث بلغة التأثير لا التحدي.

شهد العقيلي
شهد العقيلي من مقر منظمة الأمم المتحدة في قمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية العالمية

جاء وصول شهد إلى هذا المحفل الدولي نتيجةً لاختيارها ضمن وفد المملكة عبر برنامج تأهيل القيادات الشابة التابع لمشروع سلام للتواصل الحضاري، الذي يمنح الشباب فرصًا لتمثيل المملكة في المحافل العالمية. 

تفتتح شهد حديثها لـ"هي" قائلة: "تم اختياري عبر برنامج تأهيل القيادات الشابة التابع لمشروع سلام للتواصل الحضاري، البرنامج الذي يمنح الشباب الفرصة لتمثيل المملكة في المحافل الدولية. وكوني أملك خلفية علمية في قطاع الصحة، إلى جانب خبرتي في الإلقاء، وقع عليّ الاختيار للمشاركة ضمن وفد المملكة في محور الصحة."

ولأن لكل بداية كلمة، بدأت العقيلي خطابها بجملة تلخص فلسفة وطنها: "نحن في المملكة نؤمن أن الاستثمار في الشباب والصحة هو استثمار في المستقبل. أكثر من 36٪ من شعبنا من الشباب، وهم جوهر رؤيتنا."

 

كتبت كلمتها بنفسها، مستندة إلى إنجازات المملكة في عام مضى، بتنسيق وتوجيه من مشرفي الوزارة وممثلي الوفد. تحدثت عن مبادرات وزارة الصحة الموجهة للشباب، وعن المسار الرياضي التي أصبح جزءًا من أسلوب الحياة، وعن التوعية النفسية، والوقاية من الأمراض المعدية، وانتهاءً بالمبادرة الذي أطلقها صندوق الاستثمارات العامة بالتعاون مع رابطة التنس، التي تعد الأولى من نوعها

كان المشهد بعد الكلمة مؤثرًا، وذكريات اللحظة لا تزال حية في ذاكرة شهد توضح: "بعد الخطاب، اقتربت مني وفود من دول مختلفة، بعضهم لا يفهم العربية، لكنهم قالوا إنهم شعروا بالقوة والثقة. هذا ما لمسني فعلًا، أن تصل رسالتنا رغم اختلاف اللغة، وأن أكون أنا من تحملها… فتلك لحظة لا تُنسى."

شهد العقيلي
شهد العقيلي من مقر منظمة الأمم المتحدة في قمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية العالمية

ولعل أبرز ما ميز حضور المملكة، من وجهة نظرها، هو الفرق في النبرة العامة: "ما شدّني أن أغلب الدول كانت تتحدث عن التحديات، بينما نحن تحدثنا عن الإنجازات، عن التقدّم، عن جودة الحياة."

أما عن الشعور الشخصي، فتصفه بكلمات تختصر الامتنان والفخر تقول: "لم أتخيل يومًا أنني سأرد شيئًا من دين هذا الوطن العظيم. درست في الولايات المتحدة، ورأيت الواقع عن قرب، وكان بداخلي رغبة أن أقول للعالم: انظروا كيف تعامل السعودية شعبها، كيف تصنع المستقبل."

وفي نهاية اللقاء، قالت شهد لـ"هي" بصوت يعبق باليقين: "رحلتي لم تكن سهلة، لكن الله لا يخذل من يُخلص. النجاح الحقيقي ليس في الوقوف على المسرح فقط، بل في أن تحمل رسالتك بصدق. واليوم، أنا مؤمنة أن مكاني هو هذا: أن أكون صوتًا لوطني أمام العالم."

شهد العقيلي
شهد العقيلي من مقر منظمة الأمم المتحدة في قمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية العالمية

وفي حديث سابق لـ"هي" وضحت شهد، كيف بدأت رحلتها الملهمة، تعرضت للرفض على جميع الأصعدة، لكنها كانت تطرق كل الأبواب، لأن النجاح في نظرها لا يتعلق فقط بالمحاولة، بل بالاستعداد لقطع المسافات الإضافية. في إحدى المقابلات، انتظرت أربع ساعات حتى يقابلها الشخص المسؤول عن التوظيف، حتى غادر جميع الموظفين وبقيت وحدها تنتظر. في TEDx، جلست مع كل متحدث فرديًا لتعرف قصته بشكل أعمق قبل تقديمه، رغم أن ذلك لم يكن مطلوبًا منها.  

تقول شهد ل"هي": "إذا كان هناك شيء تعلمته، فهو أن أساس النجاح في الحياة هو علاقتك بربك، واستقامتك في العبادات هي العمود الثابت. الطموح يجب أن يكون مستعدًا للركض المسافات الإضافية، لأن الفرق بين الناجحين وغيرهم هو بذل الجهد الزائد والتسلح بالمعرفة."  

اليوم، بعد خمس سنوات من الرفض، المحاولات، والنجاحات، تشعر شهد أن رحلتها لم تنتهِ بعد، لكنها عرفت أن هذا هو الطريق الذي تنتمي إليه—الوقوف على المسرح، وإلهام الآخرين، وصنع أثر حقيقي بصوتها.