ظهران الجنوب.. وجهة مثالية لعشاق التاريخ والقلاع الأثرية
تزخر المملكة العربية السعودية بوجود العديد من البقاع التاريخية الخالدة والآثار الساحرة على أرضها وفي العديد من المحافظات والمدن، لتوفر المملكة لعشاق التاريخية واحدة من أجمل التجارب السياحية التاريخية في المنطقة.
وفي تقريرنا اليوم دعونا نحزم الأمتعة لنطير صوب منطقة عسير لنسلط الضوء على واحدة من أجمل المحافظات في تلك المنطقة الساحرة التي تضم العديد من الوجهات السياحية ومناطق الجذب التي اشتهرت بها منطقة عسير على مدار العام، وأمام زائرها وجهات متعددة بين طبيعتها البكر وأجوائها المعتدلة في فصل الصيف.. دعونا نسلط الضوء على محافظة ظهران الجنوب "جنوب منطقة عسير"
وجهة مثالية لعشاق التاريخ والقلاع الأثرية
تتميز محافظة ظهران الجنوب بمواقعها التاريخية وقصورها وقلاعها الأثرية، وتتصدر تلك الأماكن "بلدة ظهران الجنوب" وسط السوق القديمة، وعرفت بمسجدها الأثري وساحاتها الشهيرة كمركز لالتقاء القوافل بين الشمال والجنوب.
بينما تشتهر سوقها الشعبية الأسبوعية " سوق الخميس" بصناعة الخناجر والسيوف والجنابي، إلى جانب صناعة المنسوجات والجلود والأواني الفخارية والحجرية.
وعملت بلدية المحافظة على تطوير السوق، ببناء عشرات المحال التجارية المجاورة للسوق راعت فيها طبيعة المكان وأصالته، ونمطها المعماري حفاظاً على السمة التاريخية والثقافية والسياحية، فضلاً عن توفير مختلف الخدمات البلدية في الموقع.
نمط معماري مميز
محافظة ظهران الجنوب كمنطقة عمرانية يمكن تقسيمها حسب استعمالات الأراضي فيها إلى ثلاث مناطق متوازية أساسية، شكّلت عبر السنين شخصية البلدة من الناحية الحضرية ، أولها المنطقة الزراعية وتقع جنوب البلدة على ضفاف الوادي، يليها مباشرة بشكل موازٍ وعلى هضبة شبه مستوية المنطقة السكنية التي تتوسط بموقعها المنطقة الزراعية والمنطقة التجارية " منطقة السوق" الواقعة إلى شمال البلدة.
ويأتي الهدف من تقسيم البلدة وتخطيطها في الماضي البعيد على ذلك النحو بهدف سهولة الحركة والاتصال السريع بين أجزائها، فضلاً عن المزايا الاجتماعية والأمنية والخدمية، التي خدمت سكانها في الماضي، لا سيما أن هذا التخطيط قديماً توافق مع نمط معماري مميز، أخذ طابع القلاع الدفاعية المشرفة على فضاء واسع من الأرض.
استطاع مواطنو محافظة ظهران الجنوب في الماضي وهم يمشون في مناكبها ببصيرة الشيوخ وعزم الشباب أن يطوّعوا الطبيعة من حولهم، وأن يروّضوا تضاريسها.
تاريخ أصيل وسعي متواصل
كما أستغل المواطن في ظهران الجنوب قديما مواردها فيما حقق له أمنه وكينونته عبر مئات السنين، فالمزارع الواقعة على امتداد وادي العرين قد خططت ونظمت لتستفيد من مياه السهول عند جريان الوادي مباشرة، من خلال مسالك وخلجان تتصل بداياتها ونهايتها بطرف الوادي يمكن التحكم فيها بالفتح والغلق، وتمتد بمحاذاة المزارع من الجهة الخلفية للمزارع سواقي تسمح بعبور قدر من مياه السيل الجاري، ويتيح للمزارع أن يروي مزرعته من خلال فتحات تسمى النقوب تتصل بالمزارع، مستفيداً من الطمي والسماد الذي يحمله السيل، حتى إذا ما غمر السيل تلك المزرعة بالكامل وارتوت سد تلك النقوب فلا يؤدي زيادة الري عن الحاجة إلى تلف المحاصيل.
أهالي البلدة في القدم بنوا في مواقع مختارة سدوداً صخرية قوية البنيان، لحجز مياه السيول لأطول مدة ممكنة، وشيدت على امتداد الوادي لتستفيد منها الآبار المنتشرة في المزارع لري المزارع عند انقطاع السيل ولسقيا الأنعام.
وفي الجهة الشمالية من البلدة توجد ساحة السوق الأسبوعية، وتشكّل أحد ملامح البلدة الحضرية على مستوى المناطق المجاورة، وكانت سابقاً تشهد في يوم الأربعاء توافد الباعة والتجار محملين بأًصناف البضائع، استعداداً لموعد إقامة السوق في اليوم التالي، ومن أهم السلع أنواع الحبوب والزبيب والبن والتمور والحطب والأغنام والسمن والعسل والخضروات والفواكه والمشغولات الحرفية.
تخطيط عمراني ساحر
ومن أبرز مميزات البلدة الطراز العمراني لقصورها وبيوتها وقلاعها وإطلالة بيوتها على ساحة السوق من الجهة الشمالية وعلى المزارع من الجهة الجنوبية والغربية ، متوسطة المنطقة الزراعية والتجارية ، ولها مداخل من جهة ساحة السوق ما زالت قائمة حتى الآن، وكانت في الماضي عبارة عن بوابات تغلق ليلاً وتفتح صباحاً لدواعٍ أمنية ، وتشتمل البلدة على مسجد أثري لا يزال قائماً في الجزء الغربي.
ومن أبرز المعالم التي تلفت الزائر تخطيط البلدة القديم وعمرانها التقليدي المكون من مباني طينية على شكل كتل متراصة تخترقها ممرات متعرجة، وصممت رغم صغر مساحتها التي لا تتجاوز 40 متراً مربعاً، لتلبي احتياجات ووظائف ساكنيها في الماضي بتوجههم نحو التمدد الرأسي في البناء، حتى إنك تجد البيوت قد تصل أدوارها إلى خمسة أو ستة أدوار، استخدم في تشييدها الطين والحجر والخشب، وجميعها من البيئة المحيطة والبيوت من الداخل والخارج تتماثل في أنماطها وتفاصيلها، إلا أن طبيعة التخطيط والبناء تعكس متانة العلاقة الاجتماعية.