أي زيجة أسعد.. زواج الحب أو الزواج التقليدي؟ هذا ما كشفته الدراسات
ترغب العديد من الفتيات المقبلات على الزواج بالارتباط بشريك تعيش معه قصة حب كتلك التي نقرأ عليها في القصص أو نشاهدها في الأفلام والمسلسلات الرومانسية، ولكن تصطدم بعضهن بوجودهن داخل بيئة تفرض عليهن الزواج التقليدي الذي يتم فيه تزويج الأبناء عن طريق الأهل مما يعني غياب الحب عن العلاقة قبل الزواج.
يرى بعض الناس أن الزواج التقليدي يؤسس لبناء عائلة أكثر تماسكا ًوصموداً ومتفاهمة وناضجة بينما يقول آخرون أن الارتباط بعد قصة حب يؤسس لعلاقة زوجية ناجحة.
وينتشر الزواج التقليدي أكثر في جنوب آسيا مثل الهند، النيبال، الباكستان، بنجلادش، سريلانكا وإفريقيا، والشرق الأوسط، وجنوب شرق آسيا، بينما يتجه الشباب للزواج عن حب أكثر في الدول الأوروبية والدول الاسكندنافية.
فهل زيجة الحب أسعد من تلك الزيجة التقليدية التي يتم تدبيرها من الآباء أو العكس صحيح؟ عدد من الدراسات وعلماء النفس حاولوا الإجابة على هذه الأسئلة التي تحيّر ملايين الشباب، وتضاربت النتائج ولكن أجمعت كلها على أن الحب ضرورة في أي علاقة زوجية.
دراسة بريطانية تدعم الزواج المدبّر
تلقى مؤيدو الطريقة التقليدية في الزواج دعماً كبيراً من دراسة بريطانية أثبتت صحة وجهة نظرهم بعد أن كشف القاض السابق في المحكمة العليا بالمملكة المتحدة بول كوليردج أن الزواج المرتّب أو المدبّر قد يكون أكثر سعادة من زواج الحب، لأنه يزيل ضغوط العثور على شريك "متكامل" حسب تعبيره.
وبحسب نتائج الدراسة التي توصل إليها الباحثون ونقلها القاضي فإن النساء المسلمات البريطانيات يعشن حياة زوجية سعيدة أكثر من معتنقات الديانات الأخرى.
الدراسة التي تُعتبر الأولى من نوعها في بريطانيا أجريت على أكثر من من 15 ألف أمًّا، ووجدت أن 45% من النساء الباكستانيات أو البانغلادشيات المسلمات"سعيدات جدا" في علاقتهن، بالمقارنة مع 34% في المئة فقط من الأمهات المسيحيات.
ورأي القاضي بول، استناداً إلى الدراسة التي كشفت عن علاقة "وطيدة" بين الديانة والاستقرار العائلي، أن المرأة المسلمة التي تزوجت عن طريق الزواج المرتب تكون لديها علاقة ناجحة.. في الواقع، المسلمون الذين يتزوجون بالاعتماد على الزواج المدبر لديهم الكثير من مقومات النجاح في زواجهم على المدى الطويل"، لافتا إلى "أنهم يتزوجون من دون توقعات وضغوطات، مما يجعلهم لا يشعرون بخيبة أمل بعد زواجهم".
كما كشف بحث آخر أجراه موقع "ماتش. كوم" ونشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية إلى أن 31% من الرجال الذين شملهم الاستطلاع والبالغ عددهم 5 الاف متطوع، أبدوا استعدادهم للزواج من إمرأة "فيها كل المواصفات المطلوبة، رغم عدم وجود علاقة حب بين الجانبين". ورأوا أن التراحم والمودة بين الزوجين يمكن أن يحلان مكان الحب.
كما أظهر بحث آخر قام به البروفسور آرون بن زائيف ونشره في موقع "سايكولوجي تودي" أن الزواج القائم على الهيام والغرام والمشاعر الملتهبة يتجاهل في الغالب عناصر الشراكة المهمة بين الزوجين من قبيل التقارب الفكري والذكاء المطلوب والتقارب الإجتماعي، وهو في النهاية اختيار رومانسي قد يزول بزوال أسبابه.
ورأى أن الهيام والإفتتان يمكن أن يزولا بمجرد ولادة طفل يجعل الحياة غير ملوّنة وغير رومانسية بين الاثنين لأن الأب لا يستطيع حينها النوم بسبب صراخ الطفل، والأم لا تستطيع العناية ببشرتها وشعرها وأظافرها الملونة الطويلة، ولا تستطيع التعطر واستخدام المكياج حرصا على سلامة الرضيع، كما انّ الولادة تؤدي غالبا الى نمو بطنها بشكل لا يناسب مقاييس الرشاقة الرومانسية.
علماء نفس آخرون يرون أن الحب عاطفة متغيرة وليست ثابتة ولذلك فهو لا يؤسس قاعدة صلبة لإقامة مؤسسة. إضافة إلى أن الحب هو أبعد ما يكون عما يوصف عاطفيا أنه كل ما نحتاجه.
دراسة تنتصر لزواج الحب
وعلى عكس الدراسة السابقة التي أيدت بشكل عام الزواج التقليدي ورأت فيه نجاحاً أكبر، فإن الطبيب النفسي الإنكليزي توني ليك توصل في دراسة أعدها إلى نتيجة مغايرة بالكامل عن سابقتها. وقال إن الزواج التقليدي محكوم عليه بالفشل وعدم الاستمرار لعدم معرفة الشريكين لبعضهما مسبقا، في حين أن الحب يكلل العلاقة الزوجية بالنجاح، لأن الارتباط العاطفي معناه اتفاق الشريكين على كل شيء في الحياة، مما يشعرهما بالأمان والاستقرار وتقاسمهما الحياة سويا.
وبحسب توني ليك فإن شعور الطرفين بالأمان في الزواج عن حب يأتي من إحساس الطرفين بقدرة كل منهما على حماية الآخر ورعايته، وعلى النقيض يشعر الطرفان في الزواج التقليدي بعدم الأمان والقلق والتوتر في العلاقة، مما يجعل مستقبل الحياة الزوجية مبهما ومهددا بالانهيار.
توني ليك شدد في دراسته على أن الزواج عن حب يجعل الشخص يشعر بأنه محبوب ومقبول لشخصه بكلّ ما يحمله من صفات حسنة وسيئة، لأن الطرف الآخر يتقبله كما هو ولا يوجّه له الانتقادات، على عكس الزواج التقليدي بدون حب والذي تشوبه انتقادات من كل طرف للآخر ويكون لأهداف أخرى كالحصول على منصب مرموق أو لسبب يتعلق بالمال أو لاسباب أخرى، وهو ما يجعل العلاقة غير سوية وتتحول إلى علاقة مصلحة، ما يؤدي إلى فشل العلاقة وعدم تقبل كل طرف للآخر.
الحب ضروري في العلاقة الزوجية
وبين هذه الدراسات وتلك كان لخبراء علم النفس رأيهم الخاص بضرورة وجود الحب في الزواج واعتبر عددا منهم أن الزواج القائم عن الحب هو بذرة النجاح، لكن ينبغي أن يرافق ذلك المنطق والعقل وليس العاطفة وحسب. فالحب من وجهة نظرهم ضروري في جميع الزيجات لبناء علاقة زوجية سليمة وناجحة، كون تجربة الزواج لا تقوم إلا على التفاهم والود والتقارب النفسي بين الطرفين، وهو ما ينعكس بشكل طبيعي على الأطفال ونشأتهم.
فالحب في العلاقات الأسرية من شأنه برأيهم أن ينشئ جيلا متسامحا ذكيا عاطفيا واجتماعيا ما يجعله أكثر ألفة وتوازنا.