
كيف تؤثر العلاقة الزوجية على تربية الأطفال؟.. ضوابط ومحاذير
الأسرة هي الملاذ الآمن للطفل، ومنها تتشكل شخصيته وقيمه الأولى. وبما أن الأسرة تتكون من زوج وزوجة وأبناء، فإن العلاقة بين الزوجين تلعب دورًا حاسمًا في تربية الأطفال. فعندما تسود المودة، والاحترام، والتفاهم بين الأبوين، يشعر الطفل بالأمان، ويكبر في بيئة صحية تسهم في بناء شخصيته بشكل سليم.
لتوضييح أثر العلاقة بين الزوجين على التربية، نتعرف سويًا في السطور التالية، كيف تؤثر العلاقة الزوجية على تربية الأطفال؟، وكيف يمكن أن تكون العلاقة الزوجية الناجحة مفتاحًا لسعادة الطفل واستقراره النفسي والسلوكي؟
إلى أي مدى تؤثر العلاقة الزوجية على تربية الأطفال؟
بحسب "داليا شيحة"، خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية، تلعب العلاقة الزوجية دورًا كبيرًا في تشكيل شخصية الأطفال كما يلي:
-
الأطفال يقلدون آبائهم وأمهاتهم
تتحقق التربية السليمة للأطفال في ظل البيئة العاطفية التي تسيطر على المناخ العام في الحياة الزوجية. الطفل لا يستمع فقط لما يُقال له، بل يراقب ويتأثر بما يراه بين والديه. وعندما تكون العلاقة الزوجية مليئة بالمودة والتقدير، يتعلم الطفل معاني الحب والرحمة والاحترام، مما يؤثر بشكل إيجابي على سلوكياته وتعامله مع الآخرين.
-
الأمان النفسي للأطفال
من الجوانب الأساسية في فهم كيف تؤثر العلاقة الزوجية على تربية الأطفال هو إدراك أن الطفل يحتاج إلى الشعور بالأمان داخل أسرته. هذا الشعور ينبع من علاقة مستقرة بين الزوجين، حيث يشعر الطفل بأن من يحبهم ويعتمد عليهم في تنشئته يعيشون في تناغم، مما ينعكس على شعوره بالثقة والاستقرار.
-
تعلم مهارات التواصل
يتعلّم الطفل كيف يعبر عن مشاعره من خلال أبويه، كما أنه يتعلم منهم كيف يستمع للآخرين، ويحترم وجهات النظر المختلفة. هذه المهارات تعتبر ضرورية لنموه الاجتماعي وتفاعله مع الآخرين في المدرسة والمجتمع.
-
الحد من السلوكيات السلبية
عندما يتعرض الطفل لمشاهد متكررة من الخلافات بين الزوجين أو التوتر بين والديه، قد يطور سلوكًا عدوانيًا أو انسحابيًا. لذلك، أحد الإجابات العملية عن سؤال كيف تؤثر العلاقة الزوجية على تربية الأطفال؟ هي أن العلاقة المتزنة تساعد في تقليل المشكلات السلوكية والنفسية.
-
الاستقرار العائلي يمنحهم الطمأنينة
الطفل السعيد ليس بالضرورة أن يكون مالكًا لكل شيء، بل من يعيش في جو عائلي مليء بالمحبة. فعندما تكون العلاقة بين الأب والأم قائمة على الاحترام المتبادل، يشعر الطفل بالطمأنينة، ويستطيع التركيز على تطوير نفسه ومهاراته.
-
توافق الوالدين في التربية
تؤكد داليا شيحة على أن توافق الوالدين في التربية يحقق جزء كبير من سعادة الطفل، خصوصًا مع وجود قواعد وحدود يلتزم بها الجميع داخل الأسرة. وعندما يتفق الزوجان على أساليب التربية، يشعر الطفل بالعدالة، ولا يكون ضحية لصراعات الوالدين أو اختلاف قراراتهم عند الشجار الزوجي.
كيف يمكن تعزيز العلاقة الزوجية من أجل تربية أطفال سعداء؟
بحسب داليا شيحة، يجب أن يعرف كل من الزوجين، كيف تؤثر العلاقة الزوجية على تربية الأطفال؟ وكيف أن العلاقة بينهما تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل البنية التحتية لنمو الطفل النفسي والاجتماعي. فهي تحدد مدى ثقته بنفسه، وطريقة تعامله مع الآخرين، وحتى مستوى تحصيله الدراسي.
توصي داليا شيحة كل زوجين بالإلتزام بتطبيق ما يلي لبناء شخصية سوية للطفل:
- تعزيز التفاهم في الحياة الزوجية، وبخاصة قبل اتخاذ قرارات تربوية، لأن الاتفاق بين الزوجين على أسلوب موحد في تربية الطفل يقلل من التوتر ويخلق بيئة خصبة كلها تناغم وانسجام ما يحقق أمان واستقرار الطفل.
- تجنب الخلافات أمام الأطفال، حتى وإن كانت العلاقة تمر ببعض التوتر، يُفضل أن تكون المناقشات الساخنة، والشجار بعيدًا عن مسامع الطفل.
- التعبير عن الحب أمام الأطفال، إذ أنه من الجيد أن يرى الطفل مظاهر المودة بين والديه، فهي تبعث الطمأنينة في نفسه.
- تخصيص وقت للعائلة، والالتزام به رغم أي ظروف، لأن اجتماع الأسرة بشكل منتظم يعزز من الروابط ويقوي علاقة الطفل بوالديه.
- طلب المساعدة عند الحاجة، يجب على الأزواج والزوجات التخلص من التردد بشأن إستشارة خبراء العلاقات الزوجية أو خبراء التربية بحسب المشكلة، لأن ذلك يحمي الأسرة من الانهيار.
ما هو تأثير الخلافات الزوجية على الأطفال؟
تشدد داليا شيحة على خطورة الخلافات الزوجية على الأطفال، إذ تترك آثارًا نفسية وسلوكية عميقة على الأطفال، خصوصًا وأنهم لا يملكون القدرة على فهم أو معالجة ما يدور حولهم من نزاعات أسرية، مما يجعلهم أكثر عرضة للقلق والتوتر والاضطرابات السلوكية. وفي كثير من الأحيان، تكون الخلافات الزوجية المستمرة سببًا مباشرًا في تدهور الأداء الأكاديمي والاجتماعي للطفل، وقد تمتد آثارها إلى مراحل متقدمة من حياته، مؤثرة على قدرته في تكوين علاقات صحية في المستقبل.
ومن أخطر تأثيرات الخلافات الزوجية على الأطفال ما يلي:
- الشعور بالقلق والتوتر المستمر.
- انخفاض مستوى الأمان العاطفي لديهم.
- زيادة إحتمالات الإصابة بالاكتئاب أو الحزن المزمن.
- الشعور بالذنب أو المسؤولية عن الخلافات.
- إصابة الأطفال بالعدوانية أو العنف تجاه الآخرين.
- الدخول في العزلة وانسحابهم من كثير من العلاقات الاجتماعية.
- إصابتهم بمشاكل في النوم أو اضطرابات الأكل.
- تقليد سلوكيات سلبية كالصراخ أو الكذب.
- تدهور الأداء الأكاديمي بسبب قلة التركيز والانتباه في الدراسة.
- التأثير سلبًا على النمو الشخصي وضعف تقدير الذات، وزعزعة الثقة في النفس.
- انعدام القدرة لدى الأطفال على اتخاذ القرارات.
- زيادة إحتمالات تعرضهم لمشاكل في الحياة الزوجية مستقبلاً نتيجة غياب العلاقة الزوجية الأسرية السليمة.
خلاصة القول:
تقول داليا شيحة خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية، أنه عندما نتساءل كيف تؤثر العلاقة الزوجية على تربية الأطفال؟ نكتشف أن الجواب لا يكمن في تفاصيل معقدة، بل في أبسط التصرفات اليومية بين الزوجين. فكل كلمة، وكل نظرة، وكل موقف يحمل رسالة تربوية للطفل. إن تأسيس علاقة زوجية صحية لا ينعكس فقط على سعادة الطرفين، بل يزرع بذور النجاح والسعادة في حياة الطفل أيضًا.
تذكروا .. العلاقة الزوجية السليمة هي البيئة الخصبة التي يتغذى عليها الطفل، ومنها يتعلم القيم، والتعبير عن المشاعر.