الوعي الذاتي أصعب المهارات الإنسانية... كيف يمكنك ترويض أدواته لصالحك؟
يُعد الوعي الذاتي أهم مُحرّك لنا في الكون؛ فهل تمتلكين القدرة على أن تكوني واعية بذاتك؟ بما أن معظمنا يمضي في الحياة بطريقة فوضوية، منتظرين أن تأتي الحلول لمشكلاتهم من الخارج، وغير واعين أن الحلول الحقيقية لكل ما نُعاني منه تكمن في دواخلنا.
لذا سنُسط الضوء اليوم عبر موقع " هي" على فوائد الوعي الذاتي ، وكيف يُمكنك اكتساب هذه المهارة لتحقيق أهدافك وتحقيق ذاتك على مدار سنوات أعمارك المتقدمة؛ وذلك من خلال من لايف كوتش واستشاري علاقات وأخصائية تعديل سلوك وتربية إيجابية الأستاذة منال بكري أحمد من القاهرة.
ما هو الوعي الذاتي؟
وبحسب أخصائية تعديل السلوك منال، يعبّر الوعي الذاتي، أو الوعي بالذات أو الـ Self-awareness عن عادة الانتباه إلى الطريقة التي نفكّر ونشعر بها، ونتصرّف بناءً عليها. وبتفصيل أكبر. يعني ذلك؛ أن الوعي الذاتي هو الانتباه، ومحاولة معرفة المزيد حول أنفسنا وذواتنا.
ما هي إيجابيات الوعي الذاتي التي تعود على شخصية المرأة؟
وأضافت أخصائية تعديل السلوك منال، لاشك أن إيجابيات امتلاك المرأة وعيًا عالِ بذاتها لا تُعد ولا تُحصى؛ إلا أننا يُمكن تقديم أبزرها، وذلك على النحو التالي:
الوعي الذاتي يُحسن مزاجها
يعتمد مزاج المرأة واختلاف مشاعرها من وقت لآخر اعتمادًا كبيرًا على قرارها الشخصي بكيفية التفكير أو التصرّف. وحينما تُحسن وعيها بالعلاقات المتبادلة بين أفكارها وتصرفاتها ومشاعرها، سيصبح من السهل للغاية التحكّم في هذه المشاعر وتنظيمها؛ ما يؤدي ذلك إلى تحسين مزاجها.
الوعي الذاتي يُساعدها على بناء علاقات أفضل
من الصعب أن تُحدد المرأة ما تُريد الحصول عليه، وما تحتاجه في علاقة معيّنة ما لم تكن واضحة بخصوص هذه الأمور بينها وبين نفسها؛ فضلًا عن ذلك، كلما كان وعيها بذاتها متدنّيًا، أصبح من السهل عليها أن تكون دفاعية أكثر في تعاملها مع الغير، وهذا ما يؤدي إلى انهيار العلاقات بكافة أنواعها.
وبالتالي، إذا كانت المرأة تُريد بناء علاقات أفضل مع زملائها أو أصدقائها أو شريك حياتها، فيجب أن تبدأ بالتعرف على ذاتك في المقام الأول.
الوعي الذاتي يُساهم في رفع إنتاجيتها
إن السبب الحقيقي وراء التأجيل والتسويف وتراجع الإنتاجية لا يتعلّق بالافتقار إلى الالتزام أو الجهد المبذول في العمل، وإنّما بمشاعر وأسباب أخرى داخلية.حينما تواجه المرأة صعوبة في الذهاب إلى العمل، فذلك مردّه في العادة أنّ أفكارًا أو مشاعر أو عاداتٍ محدّدة تقف في طريقها؛ لذا فإن تحسين وعيها بذاتها سيُسهم بشكل كبير في التخلص من جزء كبير من هذه المُعيقات التي تقف في طرق إنتاجيتها.
الوعي الذاتي يُعزز تواصلها الفعّال
عندما تمتلك المرأة وعيًا أكبر بما تؤمن به وتُريده حقًا، سيصبح في وسعها التواصل بشكل أفضل في مختلف مجالات الحياة، سواءً مع مديرها في العمل، أصدقائها المقرّبين، أو شريك حياتها. وكلما عرفت نفسها أكثر، أصبح من السهل عليها التواصل مع الآخرين بحزم، وصار بإمكانها التعبير عن رغباتها بصدّق، بل و أيضًا احترام الآخرين ورغباتهم.
الوعي الذاتي يُطور قدرتها على اتخاذات القرارات الحاسمة
تأتي القرارات السيئة في غالب الأحيان نتيجة للأفكار المتضاربة، وردّات الفعل العاطفية القويّة. لذا، عندما تُصبح المرأة أكثر وعيًا بأنماط تفكيرها ومشاعرها، سيُصبح في وسعها التمييز بين الرغبات الفجائية السريعة، وبين القيم والأهداف طويلة الأمد. وحينما تُدرك هذا الأمر، ستُصبح أكثر قدرة على اتخاذ قرارات سليمة مبنية على دراسة وتفكير منظّم، وليس مجرّد رغبات جامحة عابرة.
كيف تُصبح المرأة أكثر وعيًا بذاتها؟
أوضحت أخصائية تعديل السلوك منال، أن الوعي الذاتي هو أصعب المهارات الإنسانية؛ ولكن ذلك لا يعني أن اكتسابها وتطويرها أمر مستحيل. بالتدريب والتمرين يصبح كلّ شيء ممكنًا؛ وفيما يلي، بعض أدوات الوعي الذاتي التي ستُساعدك في أن تصبحي أكثر وعيًا بذاتك وفهمًا لخفايا نفسك:
استخدمي " ماذا " بدلًا من " لماذا "
حينما يقيّمي حالكِ في لحظة معيّنة، أو مشاعرك أو البيئة المحيطة بكِ؛ غالبًا ما يطرحين أسئلة تبدأ بـ "لماذا؟". مثلاً:
- لماذا أشعر بالحزن؟
- لماذا أعطاني مديري في العمل هذه التغذية الراجعة؟
- لماذا لا تسير أموري كما يجب؟
إليكِ السبب وراء كون استخدام مثل هذه الأسئلة غير ذي نفع:
بداية وبحسب العديد من الدراسات والبحوث، فإنك لا تستطيعي الوصول إلى الكثير من الأفكار والمشاعر والدوافع المخزّنة في عقلك الباطن. لذا، فعندما تتصرّفي أو تفكّري على نحو معين، ستكوني مخطئًة في تفسير سبب تصرّفك هذا.
على سبيل المثال، لو تعرّضتي لانتقاد من مديرك في العمل، قد تبدأي على الفور بالتفكير أن السبب في ذلك، هو أنكِ غير مناسبة للوظيفة، أو أيّ من مخاوفكِ الأخرى. وسيكون من الصعب عليكِ حينها أن تقيّمي نقاط قوتك وضعفك بشكل عادل غير متحيّز يساعدك للوصول إلى استنتاج صحيح.
فضلاً عن ذلك، قد تهملي إدخال الاستجابات الفسيولوجية إلى المعادلة خلال محاولتك لفهم سبب تصرّفك على نحو معيّن. فربّما فقدتِ أعصابك في موقف ما بسبب قلّة النوم، أو انخفاض مستويات السكر في جسمك!
وعليه فإن تقييم الذات باستخدام أسئلة تبدأ بـ "لماذا؟" سيولّد مشاعر الإحباط والقلق في داخلكِ، ولن يكون مفيدًا على الإطلاق.
بدلاً من ذلك، استخدمي "ماذا؟" في أسئلتك. نظرًا لأن هذا النوع من الأسئلة أكثر نفعًا، كونها تركّز على الأهداف المستقبلية بدلًا من تركيزها على أخطاء الماضي.
لنقل مثلاً أنك تشعرين بالإحباط في عملك. حينما تطرح سؤالًا مثل: "لماذا أشعر بالإحباط؟" ستشعري غالبًا بالمزيد من الضيق والاكتئاب، وستذهبي بعقلك إلى أفكار أكثر سلبية.
ولكن، إن سألتي نفسك: "ما هي المواقف التي تُشعرنّي بالإحباط في عملي؟"، ستبدأي حينها بالتفكير في العوامل الخارجة عن إرادتكِ، والتي تتعارض مع شغفك وأهدافك، ما يتيح ذلك المجال أمامك لإصلاح هذه المواقف.
اطلبي الحصول على تغذية راجعية وتقبليها
إليك السؤال التالي: "كم مرّة تسعىن في العادة للحصول على تغذية راجعة عن نفسكِ؟"؛ إن كنتِ من البشر الطبيعيين العاديين، فأنتِ على الأغلب لا تفعلي ذلك كثيرًا. وهو أمر مؤسف حقًا، ذلك أن التغذية الراجعة الحقيقية هي واحدة من أسرع طرق النمو الشخصي وأكثرها فعالية. وبما أنكِ لا تدركين بعض الجوانب في شخصيتك، إليكِ بعض الاقتراحات لتحقيق هذا الأمر:
- اطلبي التغذية الراجعة حول أمرًا بسيطًا أو ثانوي.
- تقبلّي الانتقاد بروح رياضية.
- اختاري الشخص المُناسب الذي تتقبلين منه سماع جوانبك السلبية بصدق دون مجاملة أو خوف.
انتبهي لما يُزعجك الآخرين
تجهل الكثيرات حقيقة أن العديد من الأمور التي تزعجهافي الآخرين، ما هي في الواقع إلا انعكاس لصفات وسلوكيات يكرهونها في أنفسهن. جميعنا نمتلك جوانب لا نحبّها في أنفسنا، ولا نشعر بالفخر لوجودها فينا، وفي حال كنّا نجهل كيفية التخلص منها، أو نؤمن في أعماقنا أنه من المستحيل التغلّب عليها، سنلجأ على الأغلب إلى الحلّ الأفضل التالي؛ ألا وهو عدم التفكير فيها.
على الرغم من أن تجاهل هذه الجوانب قد يكون مريحًا، إلاّ أنه ليس حلًا منطقيًا على المدى البعيد. لذا، وفي كل مرّة تشعرين بأن تصرفات معيّنة في أحدهم تزعجك كثيرًا، اسألي نفسك قبل كلّ شيء: " هل يُمكن أن يكون هذا التصرّف انعكاسًا لصفة أو سلوك أكرهه في نفسي؟ هل أتصرّف بطريقة مشابهة أنا أيضًا؟. الإجابة عن هذا السؤال ستكشف لك الكثير عن نفسكِ وتزيد من وعيك بذاتك.
اكتسبّي مهارات جديدة
حينما تقومين بالأشياء التي نبرُعين فيها فقط، ستميلين للتفكير حينها بأنكِ بارعة في كلّ شيء وتفهميتمامًا طريقة سير العالم من حولك. والطريقة الوحيدة للتغلب على هذا الأمر هي تعزيز المرونة والتجدّد في نفسك، وفي طريقتك لرؤية الأمور.
خصصّي وقتًا لتوضيح قيمّك ومبادئك الخاصة
إن كنتِ مثل الغالبية العظمى من البشر الغارقين في مشاغل الحياة وضغوطاتها، فأنتِ على الأرجح لم تملكّين يومًا ما يكفي من الوقت للتفكير في الأمور العميقة.
ولهذا السبب بالذات، لا تستغرب كثيرًا إن كنتِ تواجهين صعوبة في تحقيق أهدافك، أو الوصول إلى مرحلة الرضا التامّ؛ في النهاية أنت لا تقضي أيّ وقت في التفكّر في هذه الأهداف أو كيفية تحقّقها على أرض الواقع!
ليس هذا وحسب، إذ ليس من الغريب أيضًا أن الكثير منّا ينتهي بهم الأمر في ملاحقة أهداف وهمية فرضتها علينا الثقافة والمجتمع المحلّي (سيارة فارهة، منزل كبير، شهادة جامعية، ارتباط في سنّ معيّنة وغيرها.
عمومًا، أحد أشكال الوعي بالذات المهمّة يتمحور حول إدراك وفهم الأشياء المهمّة بالنسبة لكِ حقًا؛ أسئلة مثل:
- لماذا أنتِ هنا الآن؟
- ما الذي خُلقتِ لتحقيقه وإنجازه في الحياة؟
- ما الذي يُحقق لكِ حياة مُرضية يُمكنك أن تشعري بالفخر لعيشها؟
هذه الأسئلة قد تبدو لكِ عظيمة وعميقة للغاية، لكن السبب في ذلك على الأرجح، هو أنّك تقضي الكثير من الوقت في التفكير فيها.
وفي هذا الشأن، ليس عليكِ أن تصبحي فيلسوفة، وتقضي نهارك بأكمله باحثة عن سرّ وجودك! لكن، يمكنك القيام بالتالي:
- خصصّيحوالي 30 دقيقة مرّة واحدة في كل شهر للتفكّر في قيمك العليا وأهدافك وطموحاتك.
- أخرجي ورقة وقلمًا، وقومي بعملية عصف ذهني مع نفسك.
- فكّري بإجابات عن هذه الأسئلة، واكتبي الأمور التي ترغبي في تحقيقها والوصول إليها.
ليس هُناك طريقة صحيحة أو خاطئة للقيام بهذا الأمر، فالمهمّ هنا هو أنكِ تمنحي نفسكِ الفرصة للتفكير في هذه الأسئلة العميقة؛ والإجابة عنها ستبهرك حقًا!
اقرأي قصصًا خيالية دومًا
يُقال عادةً أنالمؤلفين الرائعين هم مراقبون رائعون للعالم من حولهم. وهذه المقدرة الفريدة على ملاحظة التفاصيل الدقيقة الخفية هي بالضبط ما يتيح لهم إعادة بناء العالم في أعمالهم بطريقة مؤثرة مثيرة للمشاعر.
لكن أفضل الكتّاب على الإطلاق، هم أولئك الخبراء في ملاحظة الطبيعة الإنسانية على وجه الخصوص. حيث تنطوي وظيفتهم على الانتباه إلى التفاصيل الصغيرة جدًا في مشاعر ورغبات وأفكار الآخرين، والتي غالبًا ما نمرّ عنها مرور الكرام في خضمّ روتين الحياة المليء بالمشاغل.
وفي هذا السياق، ليس عليكِ أن تكوني كاتبة أو أديبة عظيمة، تعلمي كيف تراقبي العالم من حولكِ كما يفعل المؤلفون. وذلك من خلال تخصيص بعض الوقت في يومك للقراءة والإطلاع؛ وستُلاحظين أثر القراءة على مدى وعيك بنفسك، وفهمك لخفاياها.
استمتعّي بالرحلات
ستُجبرك زيارة الأماكن الجديدة والبيئات الغريبة على الخروج من روتينك الخاص، لتجعلك أكثر وعيًا بذاتك؛ فما عليكِ سوى الترحال إلى بلاد أخرى أو قارة جديدة، ويُمكنك تحقيق نفس النتيجة من خلال السفر على المستوى المحلي.
وأخيرًا، الوعي بالذات ليس مجرّد أمر فلسفي عميق، وإنما هو مهارة شخصية تحتاجها كل امرأة في كل وقت وفي كل حين.