الانتقادات نسيج يغزل نجاحاتكِ في العمل وليس العكس... إليكِ أساليب هادفة لتتعاملي معها بثقة وقوة
لن تُجني ثمار نجاحاتك من دون انتقادات. وعلى الرغم من إدراكنا لهذه الحقيقة، فقلّة قليلة منّا من يمتلكون مهارات الردّ على النقد والتعامل مع هذا الأمر بكفاءة ممّا يضمن لهم تقدّمًا وتطوّرًا مستمرًّا.وهنا عليكِ أن تتأكدى، أنكِ من دون أن ينتقدكّي أحد، يعني أنكِ لا تقولي شيئًا، ولا تفعلي شيئًا ولا تكوني شيئًا!
ولتعزيز ثقتكِ بنفسك والتعامل مع الانتقادات الموجهة إليكِ، وتحويلها إلى قوة تدفع مسيرتك المهنية تحديدًا إلى التميُز والتقدم بخطوات ثابتة؛ تتبعّي السطور القادمة عبر موقع "هي" للتعرف على أساليب فعالة وهادفة للتعامل مع الانتقادات في العمل، بناءً على توصيات استشاري التنمية البشرية الدكتورعلى رياض من القاهرة.
الانتقادات مرتبطة بهذه الأنواع
وبحسب دكتور علي، قبل التطرق إلى أساليب التعامل مع الانتقادات في العمل؛ لابد الأخذ بعين الاعتبار أن الانتقادات مرتبطة بهذه الأنواع، وذلك على النحو التالي:
الانتقاد الذي لا صلّة له بالموضوع
ولعلّ هذا النوع من الانتقاد هو الأكثر انتشارًا، فالبعض لا يهمّهم شيء سوى انتقاد كل شخص وكلّ شيء، فنجدهم يرمون بتعليقاتهم للآخرين؛ والتي لا تكون ذات صلة في بعض الأحيان بالموقف الراهن. كأنّ ينتقد أحدهم ملابس زميلتكِ في العمل التي طلب منها أن يُعطيه رأيها في العمل الذي انتهت من إنجازه.مثل هذا النوع من الانتقادات لا يستحقّ أن يتمّ الردّ عليه، أو إيلائه أيّ أهمية. بل في الواقع، يعتبر تجاهل مثل هذه الانتقادات الحلّ الأمثل للتغلب عليها.
الانتقاد المدمر
ويأتي هذا النوع من الانتقاد في شكل هجوم مباشر على الشخص، وعلى شخصيته حيث يستخدم المنتقد في الغالب عبارات محبطة تقلّل من قيمة الفرد وتؤدي إلى قتل شخصيته. الجدير بالذكر، أن عبارات مثل: "أنتِ شخص غبي ولا تمتلكين أيّ كفاءة"، " أنتِ أنانية ومغرورة" كلّها تشير إلى النقد المدمّر، لذا فإن واجهتكِ مثل هذه الانتقادات، تأكّدي منّ أنّ هناك شيئًا خاطئًا من وراء هذه الانتقادات، وأنّ هناك خللًا ما في الشخص الذي يوجّه هذا الانتقاد. فالشخص الواعي حقًا لا يلجأ أبدًا لاستخدام العبارات الجارحة بهدف النقد.ولابدّ لك في مثل هذه المواقف أن لا تأخذي هذه الانتقادات على محمل الجدّ، وأن تمتلكّي من الثقة ما يكفي لتجاهلها من دون أن تسمحّي لها بالتأثير عليكِ.
الانتقاد البناء
وهو النقد الذي يهدف إلى تصحيح خطأ، أو خلل ما؛ ويقدّم تجربة تعلّم جديدة للشخص. حيث يستخدم النقد البنّاء الفعّال ما يعرف بتقنية " الشطيرة"؛ وهي تقنية يتم فيها وضع محتوى النقد المراد إيصاله بين عبارتين ايجابيتين، تمامًا كما حال اللحم الذي يوضع بين قطعتي الخبز في الشطيرة. على سبيل المثال، يمكن أن يأتي النقد البنّاء في شكل عبارة كالتالي:"أقدّر لكِ حقًا مدى اجتهادكِ في العمل وسرعة إنجازه، لكني أعتقد أنّكِ يجب أن تكوني أكثر حذرًا، فقد نسيت أن ترسلي لي الملف المطلوب مع البريد الإلكتروني، وارتكبتي بعض الأخطاء في عملية جمع البيانات، ولكن بشكل عام، شكرًا لك على جهودكِ."يسهم هذا النوع من النقد في تطوّيركِ ومساعدتكِ على التعلّم بشكل أسرع، لذا لابدّ من الأخذ به وتقبّله بروح رياضية والسعي للاستفادة منه.
أساليب هادفة للتعامل مع الانتقادات في العمل وتحويلها قوة تعزز شخصيتكِ
وتابع دكتورعلي، كما سبق أن ذكرنا، لا تخلو حياتنا من النقد، ولابدّ أن نتعرّض له في مرحلة من مراحل حياتنا. لذا وكما هو الحال مع مختلف المواقف من حولكِ، حضّري نفسك لتلقي بعض التغذية الراجعة السلبية حول أدائك سواءً في العمل أو المنزل أو غيرها. وذلك من خلال اتباع الأساليب التالية:
كوني دومًا مستعدة للانتقاد
- قومي باستعادة موقف مشابه في الماضي تعرّضت فيه للنقد.
- تذكّري كيف شعرت حينها.
- تخيّلي لو أنكِ امتلكتِ القدرة على العودة للوراء، تحديدًا إلى ذلك الموقف، كيف كنت ستتعاملين معه هذه المرة؟
- أعيدّي تخيّل الموقف عدّة مرات في رأسك بطريقة تضمن لكِ الحصول على النتيجة التي أردتيها.
- يُمكنكِ أن تستعيني بصديقة مقرّبة لكِ لإعادة تمثيل الموقف الماضي؛ أو تخيّلي مواقف نقد جديدة وتدرّبي على الردّ على بطريقة إيجابية.
فكّري قبل أن ترّدي
بعد أن ينتهي الشخص من إعطائكِ الملاحظات، عليكِ البدء في التفكير في الرد الذي ستقدمه. ولكن لا تقعِ في خطأ البدء في الدفاع عن نفسكِ وتقديم المبررات، إذ عليكِ الصبر والاستماع بشكل دقيق، ثم طرح الأسئلة لفهم جميع النقاط، ثم تقديم ردك. وفي حال شعرتِ بأنكِ غاضبة أو غير جاهزة لتقديم رد لحظي، يُمكنكِ طلب المزيد من الوقت للتفكير في المحادثة ثم الرد في وقت لاحق.
حددّي عيوبكِ
عندما تواجهين عيوبكِ قاصدة، ستنتهي سلسلة تلقي النقد؛ وستلتزمي بالتعامل مع النقد بشكل فعال. وهنا أسألي نفسكِ: "هل تتأخري عن الالتزام بموعد الحضور لأن ابنكِ الصغير يستغرق وقت طويل في الاستعداد للمدرسة كل يوم؟ عليكِ مناقشة الأمر مع مديرك. أنتِ لستِ الأم الوحيدة التي تتعرض لهذا الموقف. أوهل أنجزتي المهمة بطريقة خاطئة وأدركتِ ذلك؟ اسألي زميلكِ المختص في المرة القادمة؛ فجميعنا نتعلم طوال الوقت.
اطرحّي وجهة نظركِ
أنتِ لا تريدين فقط الدفاع عن نفسكِ ببعض الأعذار والمبررات، ولكن عليكِ أن تدافعي عن وجهة نظرك وتشرحي أسباب خطأكِ.
تعاملّي مع المشكلة
إذا كان مديركِ ينتقد بشكل متكرر جانبًا معينًا من أدائكِ، مثل: "أسلوبك في التواصل"، فإن أفضل طريقة للتعامل مع الموقف هي حل المشكلة فورًا. اسألي مديرك عما إذا كان منفتحًا على التحدث عن بعض المشكلات، وابحثي عن طريقة لوضع استراتيجية معه لحل مخاوفك.يُمكنكِ بذلك منحه فرصة حقيقية لشرح وجهة نظره بصراحة، ما يوفر لكِ فهمًا ممتازًا.
لا تأخذي الأمر على محمل شخصي
إن التواجد في مكان العمل يُحتم تلقي "النقد"؛ فهو ليس راية حمراء على إنجازاتكِ أو مهاراتكِ أو توقعاتكِ.عليكِ دائمًا أن تتذكري أنه إذا لم تكوني إضافة قيمة إلى الشركة، فسيستغني عنكِ رئيسيكِ في العمل. عمومًا، يأتي تلقي النقد كعلامة على الأداء الجيد؛ ومع ذلك، فإن أهم ما ينبغي القيام به هو الانتباه، والفهم، والحفاظ على رباطة جأشكِ؛ لذا امتنعي عن المقاطعة أو الاستجابة على الفور. فكلما زاد إقصاء المشاعر عن المشكلة، أصبحت قراراتكِ أكثر وضوحًا.
ناقشّي باحترام
على الرغم من أنّكِ قد تختلفين مع الانتقاد الذي وجّهه إليكِ شخص معيّن، إلاّ أنّك مع ذلك تستطيعين جعل هذا الموقف إيجابيًا لكليكما. يمكنك على سبيل المثال الاعتراف وتقبّل فكرة أن الشخص الذي أمامك لديه وجهة نظرة تختلف عن وجهة نظرك، وهكذا فأنتِ تتجنّبين الوقوع في فخّ محاولة إثبات أنّ أحدكما محقّ والآخر مخطئ. ومن خلال الاتفاق على أنّ لكلّ منكما وجهة نظر مختلفة، يمكنك المضي في النقاش للوصول إلى نقطة التقاء. فإذا وافقتِ الشخص الآخر بعد النقاش، قد تصلين إلى مرحلة تتقبّلين فيها رأيه وتشكريه عليه، وإن لم تفعلي، يسعكِ حينها أن تبدي رأيكِ وتوضّحي وجهة نظرك بل، وتقترحي حلولًا أخرى للتعامل مع الموقف أو تطلبين المساعدة إن شعرتِ بحاجة إلىذلك. لكن المهم قبل كلّ شيء هو أن تحافظي على الاحترام المتبادل أثناء النقاش، فهو أساس كلّ تواصل إيجابي بنّاء، وفقدانه يعني فقدان المنفعة المرجوّة من هذا التواصل وضياعها.
تحلّي بالمرونة
جميعنا قد مررنا بمواقف صعبة خلال تلّقي الملاحظات والنقد، خاصةً السلبية منها، ولكن هناك الكثير من الأشخاص الذين يبحثون عمن يُقدم لهم النقد البنّاء. لذا يُمكنكِ تغيير طريقة تفكيركِ، وعقليتكِ خطوة بخطوة، والتعلُم من أخطائكِ، والبدء في اكتساب الثقة والخبرة من خلال كل خطوة تأخذيها. وهنا فكري في الأمر كطريقة تعلُم، فلا أحد يعلم طريقة التصرف الصحيحة بشكل فوري، بلعلى الجميع المرور بمواقف صعبة أولًا لتحسين طريقة تفكيرهم وتصرفهم. وتذكري، كلما مررتِ بمواقف أكثر، كلما زاد مقدار المعرفة التي ستكتسبيها.
تجنبّي الانسياق وراء مشاعركِ
تسبق المشاعر التفكير في غالب الأحيان. بمجرّد أن تتلقى انتقادًا، سيشعرين بأنكِ تتعرّضين للهجوم، وتندفع مشاعر قوية في داخلكِ؛ الأمر الذي قد يدفعكِ للتصرّف من دون تفكير، ممّا يسبب الندم في كثير من الأوقات.الأمر الجيّد هو أنّ هذه المشاعر ما تلبث أن تتلاشى بمجرّد أن يستلم عقلكِ زمام الأمور، لذا إن شعرتي بمثل هذه الأحاسيس القوية، امنحي نفسكِ بعض الوقت قبل أن تردّي، وخذّي نفسًا عميقًا...عدّي للعشرة...أو قومي بأي أمر يشتت انتباهكِ في الوقت الحاضر حتى تهدأ مشاعركِ، وتستجمعي أفكارك، وتتمكّني بعدها من تقديم ردّ يحقق لكِ نتائج مُرضية.
اكتشفي كيف يتعامل مديركِ مع زملائكِ
قد يكون من الأفضل معرفة أن انتقادات مديركِ ليست شخصية؛ إذا أدركت أنها ليست مجرد أحكام عليكِ.وإذا كان ذلك ممكنًا ومقبولًا، فراقبي الطريقة التي يتواصل بها ممديركِ مع زملائك "هل يتحدث معهم بالطريقة نفسها؟، هل يطلب منهم ويوجه لهم الشكاوى نفسها؟" ربما يكون مديركِ صعب المراس ولا يهتم بعمل أي شخص.لذا، فهم شخصية المدير وطباعه قد تهون عليكِ صعاب تلقي النقد المستمر من دون أسباب مقنعة.
لا تختبئي
نتمنى جميعًا أن نختبئ في الرمال بينما نتلقى النقد.ومع ذلك، فإن الهروب من الموقف غير مُجدي على الإطلاق. ماذا ستفعلين إذا نجحت في الهروب ثم وجدتِ أن عملائك غير راضين أو زملائك يكرهون العمل معكِ؟. على الرغم من صعوبة التعامل مع جميع الانتقادات، فإنه يتعين عليكِ ذلك. لذا حاولي أن تستمعي جيدًا، ولا تأخذي الأمر على محمل شخصي، وابحثي عن حلول لمعالجة مشكلتكِ.سيساعدكِ هذا في إتقان مهارات جديدة، والتغلب على العديد من العقبات، وإظهار المرونة، وهي مهارة مطلوبة بشدة في سوق العمل اليوم.
أطلبّي وجود وسيط
قبل بدء المحادثة، حاولي العثور على وسيط إذا كنت ترتين أن الحديث عرضة لسوء الفهم أو أنكِ تحتاجين لمن يعثر على أرضية مشتركة بينك وبين مديركِ.ليكن هدفكِ هو فهم متطلبات مديركِ. ما الخطأ الذي حدث في المشروع؟ وماذا حدث مع عميلك فغضب؟ ومتى كانت آخر مرة تأخرتِ فيها ولم تدركِ ذلك؟. في كثير من الأحيان، يتورط الموظف والمدير في نقاش طويل من دون وجود سبب واضح لنشأة النزاع. وهنا سيساعد الوسيط على تقريب وجهات النظر وطرح الحلول الأفضل.
فكّري في الغد
إن تحديد أفضل نهج للتعامل مع مديركِ، يحدد كيفية تعاملك مع الانتقاد. ويمكن أن يشمل ذلك وضع جدولًا زمنيًا للالتزام به، أو عقد جلسة تدريبية، أو وضع استراتيجية أكثر فعالية.مع أن مديركِ ينبغي أن يكون واضحًا بشأن أهدافه، إلا أنكِ ستكوني مسؤولة عن معظم المهام. لذا ضعي أهدافًا فردية بناءًة على تقييمكِ الخاص لمهاراتكِ وأوجه قصوركِ "هل تحتاجين المزيد من الوقت لإتمام المهمة، مثلاً؟ أو هل يتعين عليكِ قضاء المزيد من الوقت للتأكد من أنك تفهمين تمامًا قائمة التعليمات؟
اغتنمّي فرصتكِ لتوجيه النقد أيضًا
وأخيرًا، إذا شعرتِ أن انتقادات مديركِ غير عادلة. يُمكنكِ توضيح أنكِ غير مسؤولة عن ذلك الخطأ -إذا كان ذلك صحيحًا-، ويجب أن تعتمد مبرراتكِ على الحقائق والأسباب المادية حتى تتمكن من إقناعه. عمومًا، لديكِ أيضًا الحق في الانتقاد ولكن افعلّي ذلك بأدب واحترافية.