مرضى السكري في رمضان.. نصائح فعالة للعناية بصحتهم أثناء الصيام
ننتظر جميعاً حلول شهر رمضان المبارك بفارغ الصبر من عام لآخر، ونتوق لقضاء أوقات ممتعة خلاله مع أفراد الأسرة والأصدقاء على الموائد الرمضانية وخلال جلسات السهر والسمر بعد صلاة التراويح.
لكن الصيام قد يُعدَ مشقةً على بعض الأشخاص ممن يعانون من أمراض مزمنة، مثل السكري وأمراض القلب وغيرها. وعليه يُنصح هؤلاء بضرورة استشارة الطبيب المختص قبل الإقدام على الصيام الذي يفرض على الصائم الإنقطاع عن الأكل والشرب لساعات طويلة.
بعض المختصين يجدون في أن صيام شهر رمضان المبارك، قد يعود على مرضى السكري بفوائد عديدة على الجانبين النفسي والبدني، بشرط الاستعداد المسبق والتخطيط الجيد. إذ يتعين عليهم اتباع عادات غذائية معنية وأنماط محددة، وإجراء تعديلات على الجرعات الدوائية بعد التشاور مع طبيبهم لقضاء فترة صيامهم بصحة وعافية، وتجنب أية مضاعفات قد تؤثر على صحتهم البدنية والنفسية .
وفي هذا الخصوص قالت الدكتورة فرحانة بن لوتاه، استشارية أمراض باطنية بتخصص السكري والغدد الصماء في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري: "صيام مرضى السكري المؤهلين لشهر رمضان المبارك أمرٌ مفيدٌ للغاية، فكثيرةٌ هي منافعه وإيجابياته؛ ومنها تعزيز فقدان الوزن والحفاظ على كتلة العضلات وتقليل الالتهابات وتحسين حساسية الأنسولين ومستويات الكوليسترول وصحة القلب والأوعية الدموية."
مخاطر الصيام على مرضى السكري
إلا أن صيامهم يتطلب اتخاذ إجراءات معينة مسبقًا، وقد أوضحت الدكتورة فرحانة ذلك بالقول: "في الحقيقة، تحيط بمرضى السكري مخاطر نوبات الإغماء الناتجة عن نقص السكر الشديد أو الارتفاع الشديد في مستويات سكر الدم. لذلك نضع لمرضانا على الدوام، وقبيل بدء الشهر الفضيل، خططًا غذائية محددة ونُحيطهم بنصائح عدة لتجنَب أية مخاطر ممكنة. في ذات الوقت نقوم بإجراء تعديلات دوائية لدى المرضى الذين تحتاج حالتهم الصحية لتناول الأدوية باستمرار، ليتمكنوا من أخذها خلال ساعات الإفطار."
وأشارت الدكتورة فرحانة إلى أن مرضى السكري ينقسمون إلى ثلاث فئات:
- المرضى المصابون بالسكري من النوع الأول معفيون من الصيام؛ إلا أن هناك دراسات لتمكينهم من الصيام باستخدام مضخة أنسولين تعمل بالذكاء الاصطناعي؛ وقد ظهرت نتائج أولية مبشرة لهذا الاستخدام.
- يمكن السيطرة على حالة المصابين بالنوع الثاني من السكري بشكل جيد، شريطة استشارة الطبيب قبل بدء شهر رمضان.
- أما مرضى السكري الذين تتسم حالتهم بعدم الاستقرار والذين يعانون من أمراض مصاحبة مثل أمراض الكلى وقصور القلب، فهم أكثر عرضةً إما لنقص السكر الشديد أو للارتفاع المفرط في مستويات سكر الدم؛ وبالتالي عليهم متابعة الطبيب بشكل دائم.
ماذا بخصوص مستويات سكر الدم خلال الصيام
أوضحت الدكتورة فرحانة أن مستوى سكر الدم لدى مرضى السكري، يجب أن يكون خلال شهر رمضان وفق الآتي:
- قبل السحور: بين 120 و140 ملغم/ ديسيلتر.
- الصباح: بين 140 و180 ملغم/ ديسيلتر.
- منتصف اليوم: بين 120/ 180 ملغم/ ديسيلتر.
- قبل الإفطار: يجب ألّا يقل عن 70 ملغم/ ديسيلتر.
- ساعتين بعد الإفطار: يجب أن يكون أقل من 180 ملغم/ ديسيلتر.
كيفية التخلص من مخاطر الصيام على مرضى السكري
ويعدُّ الجفاف أيضًا من المخاطر التي تهدد مرضى السكري أثناء ساعات الصيام، علاوةً على الشعور بجوع شديد ناتج عن اتباع أنماط غذائية خاطئة . لذلك أكدت الدكتورة فرحانة على ضرورة تناول أطعمة مُعينة تمدَ الجسد بالطاقة ببطء، وتخفف من الشعور بالجوع على غرار الأطعمة الغنية بالألياف والحبوب الكاملة؛ مع الابتعاد عن المأكولات المالحة التي تستنزف مخزون الجسم من السوائل.
وأضافت: "الخضروات غير النشوية مثل البروكلي والجزر والورقيات الخضراء والفلفل والطماطم، خياراتٌ غذائية مثالية خلال شهر رمضان؛ ليس فقط لمرضى السكري وإنما لجميع الناس، نظراً لغناها بالألياف والعناصر الغذائية المفيدة للجسم، وقدرتها على تعزيز الشعور بالشبع فترة أطول، فضلًا عن فاعليتها في ضبط مستويات سكر الدم. وتُمثَل الحبوب الكاملة وجبةً ضرورية يوميًا خلال الشهر الفضيل، وهي تساهم أيضًا في الحدَ من الشعور بالجوع دون التسبب بارتفاعات كبيرة في سكر الدم. ولا يجب إهمال تناول حصص غذائية كافية من البروتين الضروري لمد الجسم بالطاقة خلال اليوم."
5 نصائح للإعتناء بصحتك إذا كنت مريضة سكري في رمضان
إذ أردنا أن نختصر ما أفادتنا به الدكتورة فرحانة فيما تقدم، لإيجاز ما يحتاجه مرضى السكري في رمضان للإعتناء بصحتهم؛ فإنه يمكن القول أن النصائح الخمس التالية هي الأساس لكل مريضة سكري للحفاظ على صحتها أثناء الصيام، والاستفادة من فوائد الصيام على المدى الطويل.
وتتشارك العديد من المواقع الطبية هذه النصائح والتي جاءت على موقع "اليوم السابع" المصري على النحو الآتي:
-
تناول وجبة سحور صحية
كثيرًا ما يهمل الصائمون، ومنهم مرضى السكري، تناول وجبة السحور التي تُعدَ مهمةً وضرورية لتعزيز الطاقة في الجسم ومحاربة الجوع خلال ساعات الصيام. ويُنصح مرضى السكري تحديدًا بوجوب عدم تفويت وجبة السحور كل ليلة طوال أيام الصيام، على أن تتضمن خيارات صحية مثل الأطعمة النشوية الغنية بالألياف والتي تطلق الطاقة ببطء في الجسم؛ ومنها الشوفان والخبز متعدد الحبوب والأرز البني أو البسمتي ، إضافة إلى الخضار والعدس والسمك والتوفو المكسرات. ولا تنسي عزيزتي الإكثار من السوائل بين وجبتي الإفطار والسحور، بشرط أن لا تحتوي على السكريات والكافيين بشكل كبير، مثل القهوة ومشروبات الطاقة والعصائر الجاهزة وغيرها.
-
مراقبة مستويات السكر بانتظام
يحتاج مرضى السكري للتأكد من مستويات السكر الطبيعية في الدم بشكل مستمر خصوصًا خلال الصيام؛ ويمكن فحص ومراقبة مستويات السكر بالدم من خلال الأجهزة الحديثة المتوفرة والقابلة للارتداء (CGM) ، والتي تُعدَ خيارًا بسيطًا للأشخاص المصابين بداء السكري للوصول إلى قراءات واتجاهات الجلوكوز في الوقت الفعلي، مثل أثناء الصيام أو عند وقت الإفطار، مع تجنب ألم الوخزات التي تأتي مع خيارات اختبار الجلوكوز التقليدية.
-
تناول الإفطار بشكل صحيح
يمكنك اتباع السنة الشريفة التي تقوم على كسر الصيام بالتمر والحليب، متبوعًا بتناول الكربوهيدرات المعقدة التي تعزز الطاقة في الجسم وتساعد على ترطيبه مثل الشوربة والسلطة وغيرها. ولا ضير في تناول بعض الأطعمة المقلية أو الحلويات لكن باعتدال ويُفضل تناول هذه الأطعمة المُحضَرة بطريقة صحية كالشوي.
وللحفاظ على مستويات السكر ضمن المعدل الطبيعي، يمكن تناول بعض أصناف الفاكهة بكميات معتدلة.
-
القيام ببعض التمارين الخفيفة
تُعدَ الرياضة مهمةً وضرورية لجميع الصائمين على حد سواء في رمضان، ولمرضى السكري بشكل خاص؛ كونها تُعزَز القوة والنشاط في الجسم بعد صيام يوم طويل، كما تسهم في منع زيادة الوزن. كذلك تساعدك الرياضة في رمضان على تجنب فقدان العضلات وبناء القوة في ذات الوقت.
-
النوم الجيد
النصيحة التي لا بد منها في كافة الأوقات، خاصةً خلال شهر رمضان حيث يشهد الكثيرون اضطرابات في النوم بسبب الحاجة للقيلولة بعد الظهر، والاستيقاظ ليلًا للسحور. ويؤكد الخبراء أن ساعات النوم الكافية حسب سن الشخص، ضروريةٌ لتعزيز الصحة والعافية؛ فالنوم الجيد يساهم في تحسين عملية التمثيل الغذائي وتنظيم مستويات السكر بالدم، وهو أمرٌ بالغ الأهمية عند إدارة مرض السكري.
في الختام، لا ضير من الصيام والاستفادة من فوائده الروحانية والجسدية حتى وإن كنت تعانين من مرض السكري؛ بشرط أن تستشيري طبيبك أولاً لتبيان ما إذا كنت قادرةً على الصيام أم لا، واتباع النصائح والإرشادات الطبية والصحية والغذائية التي تحافظ على صحتك خلال الشهر الفضيل.