العين الكسولة.. مشكلةٌ تبدأ منذ الصغر لكن حلولها ممكنة
العين نافذة الإنسان نحو الحياة، ومن خلالها نتحرى الأشياء ونعرف أي درب نسلك وأي خطر نتجنب. تتيح لنا العين رؤية الأشياء بوضوح، بأشكالها وألوانها وتغيراتها، كما تسمح لنا بالتعرف على الأشخاص والمعالم من حولنا.
باختصار، العين هي طريقنا لاكتشاف الحياة من حولنا ومعرفة كيفية العيش والتصرف؛ ومن دونها، قد يصعب على الإنسان أن يحيا ويتعلم. وبالتالي فهي عضوٌ مهم من أعضاء الجسم وينبغي الحفاظ عليها، منذ الصغر وحتى سن الشيخوخة.
تتعرض العين، كما باقي أعضاء الجسم، للعديد من المشاكل والتغيرات التي تحدث لها جراء المرض أو العمر أو عدم العناية اللازمة بها. بعض مشاكل وأمراض العين قد تكون نتيجة أسبابٍ وراثية أو عرضية أو بسبب التقدم في السن، والتي من شأنها التأثير بشكلٍ سلبي على عملية الرؤية. لذا ينصح الخبراء بوجوب عدم إهمال أية مشكلة في العين، مهما كان حجمها، واستشارة الطبيب المختص لتحديد العلاج المناسب والطرق الصحيحة للتعامل مع هذا العضو الحساس والمهم جدًا.
من أكثر المشاكل التي تتعرض لها العين، العين الكسولة؛ وهي تعريفٌ يحمل الكثير من التأويلات خاصةً أنها تبدأ في مرحلة مبكرة من العمر، وقد يكون لها تداعيات على صحة العين مع التقدم بالسن، في حال عدم علاجها بسرعة وبكفاءة.
لذا توجهنا بالسؤال إلى الدكتور أحمد شبانة، رئيس قسم طب وجراحة العيون في المستشفى السعودي الألماني، دبي حول طبيعة العين الكسولة، أسبابها، الفئات الأكثر عرضةً للإصابة بها، أعراضها وطرق علاجها؛ فأفادنا بالتالي.
ما هي العين الكسولة
بدايةً، أشار الدكتور شبانة إلى تعريف العين الكسولة أو "الغمش" أو "lazy eye" على أنها كلها مسميات لنفس الحالة. مشيرًا إلى أن الأبحاث الأخيرة خلصت إلى أن العين الكسولة تصيب 3% من الأطفال، وهي نسبةٌ مرتفعة بعض الشيء. لذا من الضروري شرح المزيد حول هذه المشكلة في السطور التالية.
العين الكسولة وفقًا لأخصائي طب وجراحة العيون، هي عندما يكون النظر بعين واحدة أفضل من الأخرى بنسبة كبيرة. وهو ما قد ينتج عنه، تفضيل المخ للنظر والإعتماد على العين السليمة أكثر من العين الكسولة.
ومع اعتماد المخ المُركَز على عين واحدة، ومع الوقت، يحدث خللٌ في الإشارات العصبية للعين الضعيفة؛ وعندما يقرر المخ عدم الإعتماد على هذه العين أكثر، فإن نسبة الكسل وعدم الرؤية السليمة في العين تزيد.
ما هي أسباب العين الكسولة
كما أسلفنا، فإن عوامل وراثية وحياتية قد تقف سببًا وراء الإصابة بالعين الكسولة. كما أن عدم العناية بصحة العين وكشف عيوبها في عمر مبكر، قد يزيد من حدة المشكلة وتفاقم أعراضها مع العمر.
وفيما يخص الأسباب الأشهر والأكثر شيوعًا لكسل العين، يوردها الدكتور شبانة على الشكل الآتي:
- عيوب الابصار: في حال كان الطفل يعاني من قصر أو طول نظر شديد في عين واحدة، فقد يحدث فيها كسلٌ مع الوقت؛ لأن الصوره التي تصل المخ تكون مشوشةً في عين أكثر من الأخرى.
- الحول: عندما يعاني الطفل من حول دائم في إحدى العينين، يتم أيضًا إيصال صورتين غير متطابقين إلى المخ؛ الذي يقوم بدوره بالاعتماد على واحدة وإهمال الأخرى، ما يؤدي للإصابة بالكسل في العين.
- الحرمان من التحفيز: والذي قد يُعيق الرؤية السليمة، مثل المعاناة من المياه البيضاء أو ارتخاء الحفن في عين واحدة. عندها يحصل كسل في تلك العين.
ما هي أعراض العين الكسولة
يحذر الدكتور شبانة أن أحد أهم مشاكل كسل العين، أنه يحدث دون أعراض. وقد لا يعلم الأهل أن طفلهم يعاني من العين الكسولة إلا عن طريق الصدفة أثناء زيارة طبيب العيون للكشف عن النظر والمراجعة، وعند فحص كل عين على حدا.
لذا ينصح أخصائي العيون بضرورة الكشف الروتيني على صحة الرؤية لدى جميع الأطفال قبل سن دخول المدارس، للإطمئنان على نظرهم في كل عين. وفي حال حدوث كسل في العين، يُفضَل إتمام علاجه قبل سن 12 عامًا؛ إذ أنه بعد هذا السن، يصبح علاج كسل العين أكثر صعوبة.
كيفية علاج العين الكسولة
كما هو الحال في أي مشكلة صحية يعاني منها أي عضو في الجسم، فإن علاج السبب يساعد في علاج المشكلة. وبالتالي فإن علاج سبب كسل العين يؤدي للتخلص من هذه المشكلة.
فإذا كان سبب كسل العين ناتجًا عن ضعف النظر، ينبغي إجراء فحص طبي من قبل الطبيب المختص الذي يصف النظارات الطبية حسب الدرجات المطلوبة للطفل؛ وفي حال كان السبب ارتخاء الجفن أو المياه البيضاء، فإن العملية الجراحية هي العلاج الأمثل لكسل العين في هاتين الحالتين.
وبعد العملية، تبدأ المرحلة الأهم في العلاح، ألا وهي العقوبة البصرية. بحيث يتم إغلاق العين السليمة لفترة محددة كل يوم؛ للمساعدة على تفعيل الإشارات العصبية للعين الكسولة، وإجبار المخ على تفعيلها من جديد.
في المُحصَلة، فإن مشاكل العين ومنها كسل العين، عادةً ما تبدأ في سن مبكرة لدى الأطفال. قد يساعدك الاهتمام والمتابعة بصحة طفلك في كشفها سريعًا، لكن الأكيد أن زيارة الطبيب المختص في سن صغيرة، يسهم بشكل كبير في كشف هذه المشكلة وسرعة التعامل معها من خلال العلاجات التي أوردناه آنفًا.