في اليوم العالمي للغدة الدرقية.. نصائح للتوعية بأعراض اضطراباتها وعلاجها
تتركز في جسم الإنسان، العديد من الغدد التي تلعب أدوارًا ووظائف مهمة يعتمد عليها الجسم للنمو والقيام بكافة نشاطاته. منها الغدة الدرقية، أحد أهم أنواع الغدد الصماء؛ حيث تساهم في تنظيم عمليات الأيض في الجسم، وهي موجودةٌ عند النساء والرجال على حد سواء؛ لذا فإنها تؤثر على الجنسين وإن بنسب متفاوتة.
تتألف الغدة الدرقية من فصين اثنين؛ ويرتبط الفص الأيمن بالفص الأيسر من خلال شريط رفيع من نسيج الغدة الدرقية المعروف بالبرزخ Isthmus. يتم تشبيه الغدة الدرقية بالفراشة، وتقع في الجزء الأمامي من منتصف الرقبة أسفل تفاحة آدم مباشرةً؛ وتحديدًا بجانب كل من القصبة الهوائية والمريء والبلعوم، حيث تلتفّ حول الغضروف الحلقي وحلقات القصبة الهوائية العلوية. وعلى الرغم من اختلاف وزن الغدة الدرقية من شخص لآخر اعتمادًا على حجم الشخص ومستويات اليود في نظامه الغذائي، إلّا أنّها تزن ما يقارب 15-20 جرامًا في العادة.
الجدير بالذكر أنّ الغدة الدرقية تستخدم اليود الذي تحصل عليه من النظام الغذائي لإنتاج هرموناتها؛ إذ تُفرِز الغدة هذه الهرمونات عند الحاجة مباشرةً في الدم، ولذا فهي متصلةٌ بشريانين رئيسيين مُغذَيين لها، هما الشريان الدرقي السفلي والشريان الدرقي العلوي.
كما باقي أعضاء الجسم، فإن الغدة الدرقية عرضةٌ للعديد من المشاكل الصحية والأمراض التي يمكن أن تلمَ بها، في مراحل مختلفة من حياة الإنسان؛ ويمكن لهذه الأمراض أن تؤثر على وظائف هذه الغدة الحيوية، لذا تمَ تخصيص يوم عالمي للتوعية بأمراضها.
منذ عام 2007 وحتى اليوم، يتم الاحتفال بيوم الغدة الدرقية في 25 مايو؛ للتعريف بوظائف هذه الغدة والأمراض التي تصيبها، إضافةً إلى الطرق الصحيحة للعلاج والوقاية منها. ونحن بدورنا، قمنا بالحديث إلى الدكتورة أصل محمد ندا، استشاري الغدد الصماء في مجموعة السعودي الألماني الصحية الإمارات، لتسليط الضوء على أهمية الغدة الدرقية وأمراضها الأكثر شيوعًأ؛ كي تكوني على دراية بأعراضها وسلبيات عدم علاجها، مع دعوة لك بضرورة الفحص الدوري للكشف عن هذه الأمراض.
بدايةً، نتعرف أكثر على الغدة الدرقية..
بحسب الدكتورة ندا، فإن الغدة الدرقية تقع في الجزء السفلي من مقدمة الرقبة، وتفرز هرمون الثيروكسين T4 الذي يؤثر على كل خلية في الجسم وتفرزه الخلايا الجُريبية، وهرمون ثلاثي يودوثيرونين T3؛ إضافةً إلى هرمون الكالسيتونين الذي تفرزه الخلايا المجاورة للجُريب والتي تتشكل منها الغدة الدرقية.
ويُعدَ هرمون الغدة الدرقية من أهم الهرمونات التي تساعد على انتظام النمو الطبيعي عند الأطفال، والحفاظ على نشاطهم وأدائهم في الدراسة والبلوغ في السن الطبيعي.
تُعتبر الإصابة بأمراض الغدة الدرقية، من أكثر حالات اعتلال الغدد الصماء خاصةً عند الإناث؛ حيث تحتل السيدات والفتيات الصدارة بنسبة تتراوح بين 80 – 90% من حالات الإصابة بهذه الأمراض.
أحد أمراض الغدة الدرقية الأكثر شيوعًا هو القصور في وظيفة الدرقية؛ يصحبه العديد من الأعراض كالكسل والخمول وزيادة الوزن وتساقط الشعر وجفاف الجلد، فضلًا عن اضطراب وظائف الجهاز الهضمي. كما يمكن أن يُسبَب قصور الغدة الدرقية، زيادة الإحساس بالبرودة، ارتفاع في ضغط الدم والكوليسترول، واعتلال الأعصاب الطرفية.
أما فرط نشاط الغدة الدرقية، فعلى الأغلب يكون مصحوبًا بنقص ملحوظ في الوزن، مع تسارع واضطراب في ضربات القلب ورجفة في اليدين والأطراف.
كيف يحدث فرط نشاط الغدة الدرقية؟
يحدث فرط الدرقية عندما تفرز الغدة الدرقية الكثير من الهرمون الدرقي وتُسمى هذه الحالة المرَضية أيضًا بفرط نشاط الغدة الدرقية. ويؤدي فرط الدرقية إلى تسريع عملية الأيض في الجسم عن الطبيعي، ما قد يُسبَب العديد من الأعراض، مثل فقدان الوزن ورُعاش اليد وسرعة ضربات القلب أو عدم انتظامها، بحسب ما ذكر موقع "مايو كلينك".
لكن هناك العديد من علاجات فرط الدرقية، منها الأدوية المضادة لنشاط الغدة الدرقية واليود المشع لإبطاء كمية الهرمونات التي تفرزها الغدة الدرقية، والتي يتم وصفها من قبل الطبيب المختص بعد إجراء الفحوصات اللازمة. وفي بعض الأحيان، يتضمن علاج فرط الدرقية إجراء جراحة لاستئصال الغدة الدرقية بأكملها أو جزء منها. وفي بعض الحالات وعلى حسب سبب الإصابة، قد يتحسن فرط الدرقية بدون دواء أو علاج آخر.
قصور الغدة الدرقية
هو مرضٌ ينجم عن نقص في هرمونيّ الغدة الدرقية، الثيروكسين وثلاثي يودوثيرونين في أنسجة الجسم. وهو داء ينجم عن وجود التهاب مستمر يؤذي الغدة وأداءها الوظيفي، وينشأ بفعل مضادات (Antibodies) يتم إنتاجها في الجهاز المناعي لدى المريض؛ تعمل على مهاجمة الغدة وإتلافها بشكل تدريجي، لا يمكن منعه أو وقفه.
ويشير موقع "ويب طب" إلى أن قصور الغدة الدرقية مرضٌ وراثي، يصيب أحيانًا أكثر من فرد واحد من أبناء العائلة نفسها؛ حيث توجد في دماء المصابين بداء هاشيموتو نسبةٌ مرتفعة جدًا من المضادات التي تهاجم البروتين الأساس الذي تنتجه خلايا الغدة الدرقية، ألا وهو الغلوبين الدرقي. كما تهاجم أيضًا إنزيم بيروكسيداز الضروري لإنتاج هرمونين الثيروكسين وثلاثي يودوثيرونين.
ويضيف الموقع المختص إلى أن قصور الغدة الدرقية، يصيب النساء أكثر من الرجال بنسبة 4: 1 ولدى المسنين بنسبة 8: 1؛ إذ قد يظهر هذا المرض في أية مرحلة من العمر، لكن احتمال ظهوره يزداد مع التقدم بالسن.
هل يؤثر اضطراب الغدة الوظيفي على صحة النساء؟
سؤال طرحناه على الدكتورة ندا من السعودي الألماني، وأجابت بالقول: "يجب الإشارة إلى أن الاضطراب الوظيفي للغدة، سواء بالقصور أو فرط الإفراز، من الأشياء التي تؤثر كثيرًا على انتظام الدورة الشهرية عند الإناث؛ كما أنها تؤثر على الخصوبة وحدوث الحمل، وقد تؤدي إلى الإجهاض في حال لم يتم تشخيصها وعلاجها سريعًا." وأضافت: "لا تقل أهمية هرمون الغدة الدرقية عند الرجال لجهة الخصوبة والقدرة الجنسية."
هل تضخم الغدة يعني أنني مصابةٌ بالاضطراب؟..
بحسب الدكتورة ندا، وبعكس الشائع بين الكثير من الناس؛ فإن اضطراب وظيفة الدرقية ليس بالضرورة أن يكون مصحوبًأ بتضخم الغدة، كما أنه ليس بالضرورة أن يلاحظ المريض تضخمًا وانتفاخًا في مقدمة الرقبة. كذلك هناك حالات تضخم بالغدة، لا تكون مصحوبةً بأي اضطراب في وظيفتها؛ ولكنها تحتاج إلى تقييم دقيق من قبل طبيب متخصص في الغدد الصماء.
لذا تنصحك استشارية الغدد الصماء بزيارة طبيب الغدد، عند الشعور بالأعراض المذكورة سابقًا؛ مع العلم أن القدرة على تحمل هذه الأعراض تختلف بين شخص وآخر. لذلك تظل هناك بعض حالات الدرقية التي يتم تشخيصها صدفةً أثناء إجراء بعض الفحوصات لأي سبب آخر، بالرغم من عدم وجود شكوى معينة تشير إلى اعتلال الغدة الدرقية.
في الختام، نحن متأكدون أنك تولين صحتك وصحة أحبابك العناية اللازمة؛ لكن لا ضير من تذكيرك دومًا بوجوب إجراء الفحوصات الدورية التي تساعدك في اكتشاف أمراض كامنة لا يدل عليها أي تغير في الجسم؛ كما هو الحال مع مشكلات الغدة الدرقية.