تعانين من التوتر والضيق بسبب حر الصيف.. إليك أفضل طرق الاسترخاء
مع أن الصيف هو فصلٌ محبَب لدى الكثيرين حول العالم، كونه موسم العطلات والإجازات والاستمتاع بالسفر والسباحة والتسمير والسهر. إلا أنه لا يخلو من المتاعب خصوصًا للأشخاص الذين يعانون من بعض المشاكل الصحية؛ حتى الأفراد الأصحاء، قد يعانون بين الحين والآخر من الضيق والتوتر بسبب ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة خاصةً خلال شهري أغسطس وسبتمبر من كل عام.
وهذه السنة، يبدو أن الصيف اتخذ منحى مرتفع بعض الشيء فيما يخص درجات الحرارة، التي وصلت إلى حد "الغليان" في بعض الدول؛ وكذلك الرطوبة التي حملت معها متاعب في التنفس لمن يعانون من مشاكل صحية في الرئتين والجهاز التنفسي.
كل هذه الأمور، تزيد من حدة الضيق والتوتر لدى المرء؛ فتجعله شديد العصبية، سريع الانفعال، وغير قادر على الراحة والاستمتاع بالصيف. لهذا ينبغي التعرف على بعض الوسائل والأساليب التي تساعدنا على الاسترخاء، عند الشعور بالتوتر والضيق؛ وهو ما سوف نتعرف عليه سويًا في موضوعنا اليوم.. فتابعي القراءة.
ما هي أهمية الاسترخاء
يُشدَد خبراء الصحة على ضرورة الحصول على قدر كبير من الراحة والاسترخاء كل يوم؛ لما له من آثار إيجابية على الصحة الجسدية والنفسية على حد سواء فالاسترخاء هو واحدٌ من الممارسات الطبية التي لا غنى عنها، لتعزيز الرخاء البدني والذهني؛ خاصةً في عصرنا الحديث الذي يزدحم بالتوترات والضغوطات الناجمة عن العمل وطبيعة الحياة والكوارث الطبيعية والحروب وغيرها.
وأصحاب الأمراض هم الأكثر حاجة للاسترخاء، وتعلَم أساليب الاسترخاء على يد مختصين في هذا المجال؛ نظرًا لانعكاس هذه المسألة على صحتهم ورفاههم.
تعريف الاسترخاء
في بحثنا عن معنى الاسترخاء، وجدنا التعريف التالي: "نقيض التوتر (عدم الاستقرار... الاضطراب الانفعالي... القلق) الذي تصاحبه مظاهر لأبرز الضغوط التي تواجه الإنسان، والتي يصاحبها زيادةٌ في الأنشطة العضلية تتركز في الجبهة، الرقبة، المفاصل والركبتين، والعضلات الباسطة والظهر بل وحتى عضلات الأعضاء؛ مما يُضعف قدرة الشخص على التوافق والنشاط والتركيز، كالمعدة والقفص الصدري. وتنهار مقاومته على الاستمرار بنشاطاته اليومية حتى."
تعريف آخر للاسترخاء ينص على التالي: "التوقف الكامل لكل الانقباضات والتقلصات العضلية المصاحبة للتوتر. والاسترخاء يختلف عن الهدوء الظاهري أو حتى النوم، فكثيرًا ما نجد شخصًا ما يرقد على سريره لساعات طويلة، لكنه لا يكف عن إبداء عدم الاستقرار الحركي، والتقلب المستمر، والأفكار والصراعات النفسية."
أما من الناحية الطبية المحض، فيُعرف الاسترخاء بأنه ارتخاءٌ العضلات؛ما يعني التوقف التام لكافة تلك الانقباضات العضلية، فلا يكون للعضلة أي مقاومة للشد وتصبح ساكنةًومسترخية.
فوائد صحية للاسترخاء
إلا أن التعريف الأبسط للاسترخاء والذي ورد على موقع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، يتلخص في الآتي: "إعادة توجيه الاهتمام إلى شيء يُسبب الهدوء وزيادة الوعي بما يجري ويعتري الجسم".
ويسهم الاسترخاء في العديد من الفوائد الصحية على الصحة الجسدية والنفسية، ينقلها موقع الصحيفة السعودية عن الأطباء في "مايو كلينك" على الشكل التالي:
- إبطاء سرعة نبضات القلب: يرتبط القلب ارتباطًا وثيقًا بالجهام العصبي الودِي Sympathetic Nervous System والجهاز العصبي اللاودّي Parasympathetic Nervous System. وعليه قد يتأثر القلب سلبًا أو إيجابًا بزيادة نشاط وتحكّم أي منهما في الجسم والدماغ؛ ما يجعل القلب يخفق بشدة في حال الخوف الشديد أو المواجهة أو الانجذاب العاطفي.
في المقابل، يرتاح القلب وتتباطؤ ضرباته في حال الهدوء والسكينة والسعادة؛ ويُعزَز الاسترخاء هذه المشاعر، كونه يعمل كدواء لخفض معدل نبضات القلب.
- خفض ضغط الدم: يؤكد أطباء "مايو كلينك" على أن الأشخاص المصابين بالتوتر، قد يعانون من ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم لفترة موجزة. أما في حالة الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم، فإن ممارسة الأنشطة البدنية التي تساعد في السيطرة على التوتر وتحسين الحالة الصحية؛ يمكنها أن تساهم في خفض ضغط الدم.
هذا الانخفاض في ضغط الدم المرتفع، قد يحمي مرضى ارتفاع الضغط من العديد من المضاعفات الخطيرة مثل الأزمات القلبية والسكتات الدماغية. وأشار الأطباء إلى أن الارتفاعات المؤقتة في ضغط الدم (أثناء نوبات التوتر) قد يتطور لاحقًا إلى نوبات قلبية أو سكتات دماغية في حال لم يتم علاجه بسرعة وفاعلية. كون التوترات في ارتفاع ضغط الدم بين الحين والآخر، قد تؤدي إلى تضرر الأوعية الدموية والقلب والكلى بمرور الوقت، بصورة مشابهة لضغط الدم المرتفع على المدى الطويل. ناهيكِ عن الهرمونات التي يفرزها الجسم عند التعرض لضغط عاطفي، والتي قد تُسبَب تلف الشرايين؛ ما يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب.
- إبطاء معدل التنفس.: يتسبب التوتر بارتفاع معدل التنفس كما يفعل مع معدل ضربات القلب؛ ما يؤدي إلى انخفاض مستويات ثاني أكسيد الكربون في الدم، وإصابة المرء بالدوار والضعف.
ويساعد اتباع اساليب الاسترخاء، في إبطاء معدل التنفس وعودته للوتيرة الطبيعية؛ وذلك من خلال تعلَم التنفس البطيئ المقصود (أي حوالي 6 أنفاس في الدقيقة)، والذي قد يتراوح في حالة التوتر والقلق ما بين 12 – 20 نفسًا في الدقيقة.
- تقوية جهاز المناعة: كما الالتهابات مضرةٌ بالجهاز المناعي للجسم، كذلك كثرة التوتر والإجهاد؛ اللذين قد يُضعفان من قدرة الجسم على محاربة العدوى بكافة أشكالها. وبالتالي، يساعد الاسترخاء على تقوية جهاز المناعة والتعافي والعمل بكفاءة أكبر. والسبب وراء أن الإجهاد المستمر يجعلنا عرضة للمرض، هو أن الدماغ يرسل إشارات دفاعية إلى جهاز الغدد الصماء، الذي يقوم بعد ذلك بإفراز مجموعة من الهرمونات التي لا تجعلنا فقط على استعداد لحالات الطوارئ، ولكنها أيضاً تضعف مناعتنا بشدة في الوقت نفسه.ويزعم بعض الخبراء الطبيين أن الإجهاد مسؤول عن حوالي 90% من جميع الأمراض.
ويمكن الوصول إلى ذلك بمساعدة بعض التقنيات، مثل استرخاء العضلات التدريجي؛ أي الذي تشدين فيه، ثم تسترخيين ببطء، كل مجموعة عضلية، الواحدة تلو الأخرى.
- ضبط مستويات السكر بالدم: بحسب الخبراء من "مايو كلينك"، فإن تقنيات الاسترخاء "قد لا تكون أولوية في حياتكِ؛ لكنها مهمةٌ للصحة خصوصًا فيما يتعلق بضبط سكر الدم."
وكان باحثون من جامعة كابوديستريان الوطنية في أثينا باليونان؛ قدموا دراسة بعنوان "أدى التدريب على الاسترخاء إلى انخفاض كبير في مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري"، نُشرت تفاصيلها في عدد يونيو 2020 منمجلة الهرمونات Hormones. وتفيد نتائج الدراسة أن الاسترخاء لا يسهم فقط في ضبط مستويات السكر بالدم؛ بل أن له تأثيراتٌ إيجابية كبيرة على الصحة الجسدية والنفسية والفكرية، لجهة تحسين فرص الشفاء من مضاعفات مرض السكري.
هذا بالإضافة بالطبع لدور الاسترخاء في تحسين عملية الهضم،الحد من نشاط هرمونات الإجهاد والتوتر العضلي والألم المزمن، وتحسين التركيز والمزاج.
أساليب الاسترخاء للتخلص من التوتر والقلق
يؤكد الخبراء على وجوب الأساليب المعتمدة والمرخصة، للاسترخاء والتي تساعد على حل العديد من المشاكل. مثل أساليب التأقلم الإيجابي؛ كالتفكير الإيجابي، البحث عن الجانب الفكاهي، حل المشكلات، إدارة الوقت وترتيب الأولويات، ممارسة الرياضة بانتظام، اتباع نظام غذائي صحي، النوم لوقت كافي، قضاء بعض الوقت في الأماكن المفتوحة، والتواصل مع أفراد العائلة والأصدقاء الداعمين.
وهي في الحقيقة تختلف بعض الشيء عن أساليب الاسترخاء؛ مثلما توضح جولي كورليس، المحررة التنفيذية لـ"رسالة هارفارد لصحة القلب"بقولها: "استجابة الاسترخاء هي عكس استجابة الإجهاد. إنها حالةٌ من الراحة العميقة يمكن استنباطها بعدة طرق؛ ومع الممارسة المنتظمة، يمكنك إنشاء بئر من الهدوء لتغوص فيه كلما دعت الحاجة."
وللإجابة على سؤالكِ: كيف يمكنني الاسترخاء؟ تقدم لكِ رابطة القلب الأمريكية الممارسات الثلاث الآتية:
- تنفسي بعمق: وذلك من خلال أخذ نفس طويل وعميق، والعد حتى 10 ثم إطلاق النفس ببطء. مع وجوب تكرار هذه الطريقة 5 مرات وستشعرين براحة كبيرة.
- اسمحي لنفسكِ ببعض الوقت: من خلال قضاء 20 دقيقة في اليوم على الأقل، للتخلص من التوتر. وذلك من خلال إغماض عينيكِ والتفكير في كلمة واحدة، مثل كلمة "هدوء". كرري هذه الكلمة لحين الوصول إلى حالة الاسترخاء التام.
- استمعي إلى الموسيقى الهادئة.
من جهتهم، لخَص خبراء صحيون من "مايو كلينك" 3 أساليب من الاسترخاء ستساعدكِ على تخطي القلق والتوتر. وهي:
- الاسترخاء التلقائي: يصدر من داخل الإنسان، ويستخدم خلاله التخيل البصري والوعي بالجسم؛ لتقليل مشاعر التوتر التي تعصف به. ويطرح الخبراء طريقة فعل ذلك بالتالي: "كرري في ذهنكِ بعض الكلمات أو الاقتراحات التي يمكن أن تساعدكِ على الاسترخاء وتخفيف توتر العضلات، كتخيل التواجد في مكان جميل على البحر. بعد ذلك، يمكنكِ التركيز على تهدئة أنفاسكِ أو إبطاء سرعة قلبكِ أو الشعور بأحاسيس بدنية مختلفة، مثل إرخاء كل ذراع أو ساق واحدة تلو الأخرى."
- استرخاء العضلات التدريجي: في هذا الأسلوب، ينصحكِ الخبراء بوجوب التركيز على شد كل مجموعة عضلات على حدة، ثم إرخائها ببطء. ويمكن أن يساعدكِ هذا الأسلوب في التركيز على الفرق في الشعور بين توتر العضلات واسترخائها؛ لتصبحي بعدها أكثر وعيًا بالأحاسيس والتغيرات البدنية التي تعتريك. أما طريقة تنفيذ هذا الأسلوب فيشرحها الخبراء بقولهم: "في أحد أساليب استرخاء العضلات التدريجي، ابدأي بشد العضلات وإرخائها في أصابع القدمين، ثم اصعدي تدريجياً إلى العنق والرأس. أنسب مكان لممارسة هذا الأسلوب، منطقةٌ هادئة وخالية من الأمور المُشتتة. يمكنكِأيضاً البدء بالرأس والعنق نزولًا إلى أصابع القدمين؛ ابدأي بشد العضلات لمدة خمس ثوانٍ ثم إرخائها لمدة 30 ثانية وتكرار هذه العملية."
- التخيل المرئي: في أسلوب الاسترخاء هذا، يمكنكِ تكوين صور ذهنية للقيام برحلة بصرية إلى مكان أو بيئة يسود فيها السلام والهدوء. ويطرح الخبراء من "مايو كلينك" طريقة فعل ذلك بقولهم: "للاسترخاء باستخدام التخيل المرئي، حاولي الجمع بين أكبر عدد ممكن من الحواس؛ مثل الشم والبصر والصوت واللمس. فإذا كنت تتخيلين الاسترخاء في المحيط، فكري في رائحة المياه المالحة، وصوت الأمواج المتلاطمة، ودفء أشعة الشمس على جسمك."
ماذا بشأن اليوغا وغيرها من أساليب الاسترخاء؟
بالتأكيد، يمكنكِ اللجوء إلى اليوغا أو التأمل أو التدليك؛ وكذلك الأمر العلاج بالفن والموسيقى والماء والعطور، للتخلص من مشاعر التوتر والوصول إلى حالة مناسبة من الاسترخاء. ويُشدد الخبراء على أن الاسترخاء هي مهارةٌ يمكن تعلَمها، وتتحسن قدرتكِ على الاسترخاء مع الممارسة.
فلا تتواني عزيزتي عن اللجوء للخبراء في تحديد الأساليب الأنجع لكٍ، في حال كنتِ تعانين من قلق وتوتر شديدين، وتطمحين في الوصول إلى أقصى درجات الاسترخاء التي تنعكس إيجابًا على صحتكِ من مختلف الجوانب.