إدارته تُحسَن من جودة حياة المصابين.. نصائح لإدارة داء السكري باستخدام التقنيات الحديثة
لا يُخفى على أحد أن مرض السكري، أو داء السكري كما بات يُعرف على نطاق العالم في السنوات الأخيرة؛ هو مرضٌ خطير بخطورة مضاعفاته التي قد تتفاوت بين شخص وآخر، وحسب نوع الداء (النوع الأول، النوع الثاني، سكري الحمل، وغيره) من الأنواع.
وتشير التقديرات إلى أن 537 مليون شخص، يعيشون حاليًا مع داء السكري حول العالم. وبحلول العام 2045، يُتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 783 مليون مصاب بالسكري على نطاق العالم. فيما رصدت منظمة الإتحاد الدولي للسكري، في تقرير لها العام الماضي، أعداد المصابين في الدول العربية من الأعلى للأسفل؛ وجاءت مصر بين الدول العربية الأعلى بعدد المصابين بمرض السكري ممن تتراوح أعمارهم ما بين 20 و79 عامًا، لتصل نسبتهم إلى %20.9 وإجمالي عددهم إلى 10.9 مليون شخص خلال عام 2021، تلتها في المرتبة الثانية السعودية على الصعيد العربي بنسبة بلغت %18.7 وإجمالي 4.3 مليون شخص، ثم السودان بنسبة %18.9 ومجموع 3.5 مليون شخص .
أما في دولة الإمارات، فأفادت وزارة الصحة ووقاية المجتمع بأن 11.8% من سكان الدولة مصابون بالسكري، وأن 11.7% من السكان لديهم عوامل الخطورة ومقدمات الإصابة بالمرض مستقبلاً، وفقاً لمسح أُجري في العام 2018.
السكري داء العصر
سجّلت منطقة الشرق الأوسط، أعلى معدل انتشار لداء السكري في العالم؛ في الوقت الذي فشلت فيه نفقات الرعاية الصحية في معظم هذه الدول، من مواكبة الزيادة السريعة في أعداد المرضى حتى وصل إلى حد الوباء.
وبحسب الدكتور أحمد اللبودي، استشاري الغدد الصمّاء والسكري في مركز أمبريال كوليدج لندن للسكري؛ يُعتبر السكري مرض العصر، وتزداد معدلات الإصابة به بشكل مطرد على مستوى العالم، ونخص بالذكر هنا النوع الثاني منه. وعلى الرغم من أن العوامل الوراثية تلعب دورًا كبيرًا في الإصابة بالمرض، إلا أن أنماط الحياة العصرية تزيد من مخاطر الإصابة وتسهم بشكل أو بآخر في تفاقم أعداد المرضى.
لكن وعلى الرغم من خطورة هذا المرض على صحة المصاب أولًا، وعافية المجتمع ونُظم الرعاية الصحية ثانيًا؛ إلا أن التعايش معه أمرٌ ممكن بفضل التطور الطبي الكبير الذي شهدته مجالات إدارة السكري وعلاجه واكتشافه في وقت مبكر. وحول هذا الموضوع، تحدث إلى الدكتور أحمد اللبودي؛ والذي قدم لنا معلومات هامة عن أحدث التطورات في مجال إدارة وعلاج السكري، وغير ذلك من التفاصيل.
تطوراتٌ كبيرة في مجال إدارة وعلاج داء السكري
أوضح الدكتور اللبودي أن العقد الماضي شهد تطوراتٍ عديدة في مجال إدارة وعلاج مرض السكري بنوعيه الأول والثاني ، الذي يُشكل معظم عدد الإصابات بنسبة تتجاوز 90%. وقال: "على الرغم من اختلاف أسباب الإصابة بالنوعين الأول والثاني من السكري، إلا أن كلا النوعين يُسبَبان ارتفاع مستويات سكر الدم، والذي يقود في حال إهماله لمضاعفات خطيرة على صحة القلب والشرايين والكلى والأعصاب والعيون والأطراف، فضلًا عن خطر التعرض للسكتة الدماغية."
ومن أكثر التطورات اللافتة في سبل إدارة وعلاج مرض السكري؛ وفقًا لاستشاري الغدد الصماء والسكري من مركز أمبريال كوليدج لندن للسكري، هو ظهور أجهزة المراقبة المستمرة لمُستوى السكري ومضخات الأنسولين المدعومة بالخوارزميات والذكاء الاصطناعي )مثل نظام مضخة الأنسولين ذاتية الضبط للأنسولين القاعدي مع خاصية التصحيح التلقائي(، والتي تُشكَل مجتمعةً منظومة لإدارة المرض. حيث تقوم بتقديم قراءات مستمرة ومتتالية كل دقائق معدودة عن مستويات السكر في الأنسجة، لتحفيز مضخة الأنسولين على ضخ هذا الهرمون أو إيقافه حسب نتائج القراءات، الأمر الذي سهّل لمرضى السكري من النوع الأول التعايش مع مرضهم، وإدارته بكفاءة؛ حيث يُوفر النظام الأمان من ارتفاع أو انخفاض نسبة السكر - خاصةً أثناء النوم - دون تدخل من المريض. كما أثبتت أجهزة المراقبة المستمرة لمُستوى السكري، فاعليةً في علاج مرضى السكري من النوع الثاني.
وأشار الدكتور اللبودي إلى أن العلاجات الدوائية للسكري من النوع الثاني، شهدت أيضًا تطورًا لافتًا خلال السنوات الأخيرة؛ حيث توفرت أدويةٌ لا تساعد فقط في الحفاظ على السكري ضمن مستوياته الطبيعية، وإنما تعمل كذلك الأمر على إنقاص الوزن، كما أثبتت الدراسات العلمية فوائدها في حماية القلب والجهاز الدوري والكلى.
تعزيز الوعي بداء السكري
أكد الدكتور اللبودي على وجود نسبةٍ لا يُستهان بها من إصابات السكري من النوع الثاني غير المُشخصة، مشددًا على أن إهمال تشخيص المرض يقود لمضاعفات سيئة على صحة المريض. وأضاف: "تكمن أحد مشاكل السكري من النوع الثاني بأن معظم حالاته لا تُظهر أي أعراض في بداياتها، وبالتالي من الممكن ألا يكتشف المرضى إصابتهم إلا في مراحل متأخرة . لذلك فإن الكشف المبكر يعود بفوائد كبيرة على صحة المريض ويُمكَنه من إدارة مرضه وتجنب مضاعفاته، والتعاون مع طبيبه لصياغة خطة علاجية مُحكمة تُمكَنه من عيش حياته دون عقبات صحية. كما أن الفحوصات الدورية قد تكشف عن حالة تدعى (ما قبل السكري)؛ حيث يكون الشخص مُعرَضًا للإصابة إلا أنه لم يُصب بعد، وبالتالي يمكن للطبيب توجيهه نحو الحلول الفعّالة التي تُقلَل نسبة إصابته مستقبلًا بمرض السكري من النوع الثاني".
التحديات وأهمية التوعية
حول التحديات المرتبطة بمرض السكري، أكد الدكتور اللبودي أن أحد أكبر التحديات هو زيادة معدلات الإصابة بالمرض (وخاصةً مرض السكري من النوع الثاني) على مستوى العالم؛ بما في ذلك بين المراهقين والشباب، وما يُسبَبه هذا الارتفاع من زيادة في التكلفة على نُظم الرعاية الصحية. لذلك يتعين التوعية بأهمية أنماط الحياة الصحية وممارسة الرياضة وتناول الأغذية الصحية، للحد من معدلات الإصابة بالمرض؛ وكذلك أهمية الفحوصات الدورية للمساعدة على التشخيص المبكر، ومن هنا تكمن أهمية نشر الثقافة الإيجابية في المجتمع .ونظرًا لأن العامل الوراثي يؤثر على فرص الإصابة بالمرض، فإن توعية المرضى بذلك، وبأهمية دورهم في نشر الثقافة الإيجابية بين أهلهم والوسط المحيط، سيكون له أثرٌ إيجابي في الحد من انتشار السكري والمساعدة على التشخيص المبكر.
خلاصة القول، أن داء السكري وعلى الرغم من تحوله لوباء يهدد حياة الملايين حول العالم، كبارًا وصغارًا؛ إلا أنه داءٌ يمكن الوقاية منه باتباع أساليب الحياة الصحية سواء لجهة الأكل الصحي أو إنقاص الوزن أو المواظبة على الرياضة والنشاط البدني. حتى في حال الإصابة بداء السكري بأي من أنواعه المختلفة، فإن الوقاية والوعي بضرورة إدارته، يسهمان بشكل كبير في تحسين جودة حياة المرضى وتأخير المضاعفات قدر الإمكان.