تتيح لكِ استعادة حياتكِ الطبيعية دون ألم: عملية استبدال مفصل الركبة
عندما داهمني ألم الركبة منذ عدة سنوات ماضية، شعرتُ بالعجز الشديد؛ فقد تعدى الأمر الوجع الحاد الذي كان يصيبني كلما حركتُ ركبتي أو حاولتُ ثنيها للوقوف أو النهوض، بل بتُ بالفعل عاجزةً عن المشي الصحيح.ولا أنسى بتاتًا، تلك اللحظات المؤلمة والشنيعة التي اضطررتُ فيها للدخول إلى عيادة الطبيب المختص على كرسي متحرك.
يومها، أحسستُ أنني أصبحتُ عاجزةً تمامًأ وأنني لن أستعيد عافيتي وقدرتي على الحركة وممارسة حتى أبسط الأنشطة مثل حمل ابنتي أو اللعب معها. أخذني الأمر وقتًا طويلًا بين الاستشارات المتعددة والعلاجات الدوائية والطبيعية، فضلًا عن خسارة الوزن والقيام بتمارين تقوية عضلات الركبة والظهر، للتخلص نهائيًا من آلام الركبة التي كانت ستصل بي إلى حدَ استبدال مفصل الركبة، لو كان الوضع بائسًا جدًا في حالتي..
أنا والحمدالله من المحظوظات اللاتي استعدنَ عافيتهنَ وقدرتهنَ على الحركة وثني الركبة وجلوس القرفصاء؛ لكن غيري من المصابين بآلام الركبة، قد لا يملكون نفس الحظ، وهم مضطرون للخضوع لعملية استبدال مفصل الركبة الذي يُحدَثنا عنه الدكتور سامي حنا؛ استشاري جراحة العظام - الورك والركبة في مستشفى هيلث بوينت.
عملية استبدال مفصل الركبة
تُعتبر عملية استبدال مفصل الركبة أحد التقنيات الطبية الحديثة التي تُسهم بشكلٍ كبير في تحسين جودة حياة الأفراد الذين يعانون من مشاكل في المفصل. ويُعدَ مفصل الركبة من الأجزاء الحيوية في جسم الإنسان؛ وعند تلفه نتيجة التقدم في العمر، أو الإصابات، أو الأمراض، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ألمٍ مستمر وصعوباتٍ في حركة الفرد ونشاطه اليومي.
وأوضح الدكتور حنا أن استبدال مفصل الركبة هو عملٌ جراحي لعلاج الخشونة المتقدمة في المفصل، عندمايتآكل الغضروف المفصلي بشكلٍتام. ولا يُعتبر هذا الإجراء استبدالًا فعليًا للمفصل، وإنما ما يُشبه عملية إعادةتلبيسه؛ إذ لا يتم استبدالالأوتار والأربطة المحيطة بالمفصل،بل تلبيسالأسطح المتأذية والمتآكلة بقطعة بلاستيك مصنوعة من "البوليأثيلين" وهي مادةٌ مقاومة للتأكل والتلف. كما يستخدم الأطباء المختصون بجراحة العظام مواد معدنية، ليعود المفصل لحركته الانسيابية. ويتم اللجوء لهذا الإجراء في حالات الخشونة المتقدمة بالركبة،عندما تتعرض أسطحالمفصل للتآكل الذي يجعل المفصل مصابًا بنوعٍ من اليبوسة، بشكلٍ يؤثر على المشي والنوم والحياة اليومية. وأكد الدكتور حنا أن هذا الخيار العلاجي يكون بعد استنفاذ العلاجات الأكثر تحفظًا مثل المُسكنات والحُقن والعلاج الطبيعي.
خشونة المفصل أكثر شيوعًا عند النساء
لتحديد المصابين أكثر بهذه المشكلة، أشار الدكتور حنا أنه وبشكلٍ عام؛ تصيب خشونة المفصل النساء أكثر من الرجال. وعلى الرغم من غياب الأدلة المُثبتة لذلك، إلا أن بعض الدراسات أظهرتأن النساء أكثر عرضةً للإصابات الرضية، في حين قد تلعب العوامل الوراثية والجينية والعوامل الهرمونية دورًا في ارتفاع معدل إصابة النساء بهذه المشكلة، حيث تكون الأربطة المحيطة بالركبة لدى النساء أكثر رخاوةً من الرجال. كذلكفإن العضلات الداعمة لمفصل الركبة عند النساء أضعف من الرجال؛في حين قد يكون لتناقص هرمون الأستروجين دورٌ في حدوث ذلك بعد الوصول لسن الأمل، لاسيما وأن هذا الهرمون يلعب دورًا في حماية المفصل.
بالنسبة للنشاط البدني، أكد الدكتور حنا أن الرياضة تلعب دورًا وقائيًا في حماية المفاصل؛ مُشدَدًا على أن هذه الوقاية تكون بشرط الاستعداد المناسب لممارسة الرياضة، وتجنَب التعرض للإصابة أثناء ممارستها، والاعتماد على تمارين تقوية العضلات لتوفير الدعم اللازم للمفاصل وتجنَب تعرضها للضرر.
وحول الاستعداد لعملية الاستبدال، أوصى الدكتور حنا بضرورة الخضوع للعلاج الطبيعي وخسارة الوزن الزائد وإجراء الفحوصات العامة، والسيطرة على الأمراض في حال وجودها مثل السكري قبل الخضوع للجراحة. موضحًا أن فترة التعافي من العملية تختلف بين مريضٍوآخر، إلا أنها تبلغ في المتوسط نحو 3 أشهر، مع المواظبة على العلاج الطبيعي لإعادة التأهيل.
أحدث مستجدات استبدال مفصل الركبة
تحدث الدكتور حنا عن أن تحسنَ النتائج العلاجية لمفصل الركبة اليوم يعود لأسبابٍ رئيسية؛ أبرزها بروتوكولات التعافي المبكر التي تعتمد على العلاج الطبيعي وخسارة الوزن وإدارة الحالات الصحية المتواجدةمسبقًا، فضلًا عن استخدام التخدير الموضعي، والبدء بالعلاج الطبيعي بشكلٍ مبكر بعد العملية، حتى أنه يمكن القيام بها في نفس يوم العملية. ويغادر معظم المرضى المستشفى في غضون 3 أو 4 أيام من إجراء العملية.
كما تتوافر اليوم عمليات استبدال المفاصل باستخدام الذراع الروبوتية التي أدت إلى تحسنَ نتائج الجراحة بصورةٍ كبيرة، حيث يتم فحصٌ شعاعي للمفصل قبل استبداله ودراسة الخطوات الجراحية الواجبة خلالها، ليتم تحميلها على الذراع الروبوتية، والتي تُقلَل كثيرًا من احتمال الخطأ البشري، كما تساعد الطبيب على إجراء العملية بشكل دقيق جدًا.
وأشار الدكتور حنا إلى أن معظم عمليات استبدال المفصل، تكون باستخدام مفاصل مصنوعةٍ مسبقًا بقياسات مختلفة؛ إلا أن تقنيات التصوير الحديثة ساهمت كثيرًا في استخدام مفاصل مصنوعةٍ بشكلٍ خاص لفئةٍ محددة من المرضى الذين لم تناسبهم تلك الجاهزة، ليتم صناعة مفصل خصيصًا لهم.
فيما يخص إجراءات الوقاية للحفاظ على صحة وسلامة مفصل الركبة؛ أوصى الدكتور حنا بضرورة ممارسة الرياضة منذ عمرٍ مبكر، تقوية العضلات، الحفاظ على وزن جسم ٍصحي، إجراء الفحوصات الدورية عند الطبيب، التحقق دومًا من مستويات الفيتامينات والمعادن للوقاية من هشاشة العظام، واتباع نمط حياة صحي.
خلاصة القول، أن الركبة في جسم الإنسان لها دورٌ كبير وحيوي؛ فهي تساعدنا على الحركة والجلوس والنهوض وغيرها من الحركات اليومية التي يقوم بها كلَ واحدٍ منا بنسبٍ متفاوتة. وعليه، ينبغي الحفاظ على صحتها وتقويتها منذ عمرٍ صغير، للحفاظ على صحة مفصل الركبة وعدم الحاجة مستقبلًا للخضوع لعملية استبدل؛ وإن كانت العمليات الحديثة تشهد الكثير من التطور وسرعة التعافي من الجراحة والعودة للحياة الطبيعية.