الدكتورة وديعة الشريف لـ"هي": تعزيز جودة الحياة يُحقق مبدأ الشيخوخة الصحية
الشيخوخة أو التعمّر، هي عملية الهرم والتقدم بالعمر التي تصيب الكائنات الحية نتيجة تناميها. وتُصنَفها التعريفات المعروفة لعملية الشيخوخة، على إنها خللٌ وتلفٌ في عمليات النظام مع مرور الوقت والزمن. كما تُعرف الشيخوخة Senile بأنها التّقدّم في السن مع ظهور بعض الأعراض الجسدية كالتجاعيد والشعر الأبيض، ضعف البصر والسمع، واحتمالية انحناء الظهر؛ بالإضافة إلى بعض التغيرات في القدرات العقلية كعدم القدرة على التذكر أحيانًا، واستغراق وقتٍ أطول في تعلَم شيءٍ جديد أو حل مشكلة.
يختلف تقرير الأمم المتحدة عن بداية سن المسنين من مجتمعٍ إلى آخر؛ فبعض الدول اعتبرت (60-65) سنة بدء المسنين من 60 عامًا للرجل، و50 عامًا للمرأة، فيما دولٌ أخرى تبدأ مرحلة المسنين للرجل فيها من 55 عامًا وللمرأة من 50 عامًا وذلك مرتبط بمستوى الأعمار في كل دولة.
يمكن للبعض أن يُصاب بما بات يُعرف "الشيخوخة المبكرة"، إما لأسبابٍ مرضية أو لأسبابٍ حياتية خاطئة مثل اتباع حميةٍ غذائية غير صحية، التدخين وشرب الكحول، قلة الحركة والنشاط البدني وعدم ممارسة الرياضة، التشيَخ الضوئي أو التعرض بشكلٍ كثيف للأشعة فوق البنفسجية والتي غالبًا ما يكون مصدرها من الشمس، العيش في بيئة أو في منطقة هواؤها غني بالمواد الملوثة والسامة، وغيرها من العوامل التي تجعلنا نبدو أكبر في السن من عمرنا الحقيقي. ولا ننسى بالطبع الحالة النفسية غير المستقرة، والاكتئاب، والتوتر وغيرها من العوامل النفسية التي قد تنعكس سلبًا على صحة أجسامنا وشكل وجوهنا.
في المقابل، هناك ما يُطلق عليه تسمية "الشيخوخة الصحية" والذي تُطلعنا على تفاصيله الدكتورة وديعة الشريف مديرة إدارة التعليم الطبي والأبحاث في هيئة الصحة بدبي ورئيسة شعبة الإمارات لطب الأسرة. فإن كنتِ عزيزتي مهتمةً بصحتكِ وشبابكِ، وترغبين بالتعرف على كافة الطرق التي تتيح لك "شيخوخةً صحية" مع الزمن، ننصحكِ بقراءة هذه المقابلة...
ما هي الشيخوخة الصحية، وما الفرق بينها وبين الشيخوخة غير الصحية؟
الشيخوخة الصحية هي عمليةٌ تستمر مدى الحياة، وتُركَز على اتباع عاداتٍ ونمط حياةٍ صحي والحفاظ عليها، بهدف تحسين الصحة الجسدية والنفسية والحفاظ على الاستقلالية وضمان حياة عالية الجودة؛حيث يتيحذلك للأفراد الحدّ من الإصابة بالأمراض الخطيرة التي قد تؤثر فيقدرتهم على أداء المهام اليومية بنجاح.
ما هي الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى شيخوخةٍ غير صحية؟
من المعروفأن قدرة الجهاز المناعي على حماية الجسم،تتغير وتضعُف بشكلٍ تدريجي مع التقدم بالسن،مما يُقلَل من قدرتنا على مقاومة الأمراض والالتهابات بالفاعلية نفسها. وفي عمر الخمسين تقريبًا،نصبح أكثر عرضةً للإصابة بالعدوى والأمراض الخطيرة أكثر منه في عمر أصغر.
ومع التقدم بالسن، يمكن أن تحدث مضاعفات الأمراض بشكلٍ متكرر وأكثر خطورة،كما تصبح عوامل مثل النظام الغذائي السيئ أو نمط الحياة الخامل، أكثر تأثيرًا على صحتنا العامة.
ما هي العلامات المبكرة للشيخوخة غير الصحية وضعف الجهاز المناعي؟
من الضروري جدًا استشارة الطبيب، للمساعدة على فهم الأعراض الرئيسية التي تدل على ضعف الجهاز المناعي والوقاية منها؛إذ يُمكّننا ذلك من ملاحظة المشاكل الصحية المُحتملة في وقتٍ مبكر.
فعلى سبيل المثال، إذا لاحظتِإصابتكِ بنزلات البرد أو أمراضٍأخرى بشكلٍ أكبر ولمدةٍ أطول، قد يشير ذلك إلى أن الجهاز المناعي لا يعمل كما ينبغي.كما يدلَ الشعور الدائم بالإرهاق على ضعف الجهاز المناعي، وقد يكون علامةً على محاولة الجسم للاحتفاظ بالطاقة لمكافحة العدوى، ما يستنزف طاقتكِ للقيام بالمهام اليومية.
ما هي أبرز المشاكل الصحية التي تُصيب كبار السن؟ وماذا نعرف عنها؟
تُعدّ الإعاقة الحركية وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكر والسرطان وأمراض الرئة والخرف، مجموعةً من أبرز المشاكل الصحية التي تصيب كبار السن في منطقة الشرق الأوسط.
كما يُعدّ مرض الهربس النطاقي واحدًا من مجموعةٍ من الأمراض التي يزداد خطر الإصابة بها مع التقدم بالسن.ففي سن الخمسين، يكون الفيروس المسؤول عن الإصابة بمرض الهربس النطاقي موجودًا عند معظم الأفراد، إلا أن خطر ظهور الأعراضيكون أكبر، وذلك بسبب نقص فعالية الجهاز المناعي بفعل التقدم بالسن إلى حد ما وانخفاض قدرته على مقاومة الأمراض.
ولا يكون الأشخاص بأعمار فوق 50 عامًا أكثر عرضةً للإصابة بالمرض فحسب، بل أيضًا أكثر عرضة لحدوث مضاعفاتٍ طويلة الأجل، بما في ذلك ألم الأعصاب المستمر.
كيف يمكن تجنَب الشيخوخة غير الصحية؟
بإمكانالطبيب تقديم الإرشادات والتوجيهات حول التغييرات الواجب إجراؤها على نمط الحياة للحفاظ على قوة الجهاز المناعي وتجنَب الشيخوخة غير الصحية. ولا توجد توجيهاتٌ موحدة تناسب الجميع، إذ ينبغي تخصيص نهجٍ محددلكل شخص.
وبشكلٍ عام، يساهم تحسين جودة النظام الغذائي والحصول على قدرٍ كافٍ من النوم وممارسة الرياضة بانتظام والحد من التوتر والإقلاع عن التدخين، وغيرها من العادات غير الصحية فيحماية الجهاز المناعي وضمان الحفاظ على قوته لفترةٍ أطول.
ما هي القواعد الواجب اتبَاعها لضمان شيخوخةٍ صحية؟
بالإضافة إلى محاولة اتباع نمط حياة صحي قدر الإمكان، من الضروري الالتزام بإجراءالفحوصات الطبية بانتظام وتحت إشراف أخصائي الرعاية الصحية.
وننصح بزيارة أخصائي الرعاية الصحية بشكلٍ منتظم وخلال فتراتٍ أقصر مع التقدم بالسن لإجراء الفحوصات الدورية التي تُسهم في الحد من تفاقم أية أعراض (مثل المراجعات الخاصة بتعديل الأدوية أو الفحوصات الخاصة بضغط الدم)، بدلًا من الانتظار لحين حدوث طارئٍ طبي يستدعي ذلك. كما يمكن لأخصائيي الرعاية الصحية إحالتكم إلى الأقسام التي تقدمالخدمات المتخصصة بحسب الحالة،فهم حليفكم الأول في الحفاظ على صحتكم.
ولا بد هنا من التأكيد على أن الشيخوخة أمرٌ طبيعي يحدث للجميع، ولكن يمكننا الحفاظ على صحة أجسامنا مدةً أطول لضمان الحدّ من الآثار السلبية للتقدم بالسن، مما يتيح لنا الاستمتاع أكثر بهذه الفترة الذهبية من حياتنا.
خلاصة القول، يُصاب الإنسان بالشيخوخة كأمرٍ طبيعي لدورة الحياة التي تمتد من ولادةٍ مرورًا بمراهقةٍ وشباب مفعمين بالنشاط والحيوية، وصولًأ إلى شيخوخةٍ في الجسم تنعكس سلبًا على الحالة النفسية للمرء؛ إلا في حال اتباع بعض النصائح الفعالة التي تتيح لكل منا، التمتع بشيخوخةٍ صحية شبه خاليةٍ من الأمراض والمشاكل الصحية. وتتمحور هذه النصائح بشكلٍ رئيسي حول الأكل الصحي، ممارسة الرياضة، العناية بالبشرة وتجنب التدخين والتعرض للشمس بصورةٍ مفرطة.