ليست أسرارًا وتُسهم في جعلك تبدين أصغر سنًا: ما تحتاجين فعله لتصغير عمركِ البيولوجي
بالطبع سمعتِ عزيزتي عن الساعة البيولوجية، وفي ذات الوقت ترددت عبارة "العمر البيولوجي" أمامكِ عدة مرات؛ فهل هما الشيء ذاته، أم أنهما يختلفان اختلافًأ كبيرًا؟ هل هناك بعض أوجه الشبه بينهما، بالرغم من اختلافهما؟
لمعرفة المزيد عن الأمر، لا بدَ من تحديد ماهية الساعة البيولوجية بالمقارنة مع العمر البيولوجي. فالأولى هي الساعة البيولوجية الرئيسية التي تتواجد في الدماغ، وتتألف من آلاف الخلايا العصبية التي تساعد على مزامنة وظائف الجسم وأنشطته؛ أي تنظيم أنشطة الجسم في أوقاتٍ معينة، مثل، وظائف الجسم خلال ال24 ساعة كالنوم والاستيقاظ، وكذلك الوظائف التي تستمر لأكثر من 24 ساعة مثل الدورة الشهرية عند النساء.
أما العمر البيولوجي فهو مقياس مدى صحة جسمكِ وشبابه، أو ضعفه وشيخوخته، بالاستناد إلى عوامل مختلفة تتعلق بالصحة، ونمط الحياة، والعوامل الوراثية وغيرها؛وللمفاجأة، قد يتبين عند حساب هذا العمر البيولوجي أنّكِ أكبر أو أصغر من عمركِ الزمني/الحقيقي، إلى حد يشبه السفر عبر الزمن كما جاء على موقع "ويب طب".
إذن، نفهم مما تقدم أن انضباط أو اضطراب الساعة البيولوجية، قد يكون له تداعياتٌ سلبية على العمر البيولوجي؛ وبالتالي من الضروري الحفاظ على سير عمل ساعتكِ البيولوجية لخفض عمركِ البيولوجي، في حال كان أكبر من عمركِ الزمني. وهو ما سوف نتعرف عليه اليوم في مقالتنا، من خلال بعض النصائح وكذلك نتائج حميةٍ معدةٍ خصيصًأ لهذا الغرض.
كيف تُخفضَين عمركِ البيولوجي؟
نعلم أنه من الصعب على الإنسان، تحديد سنوات حياته لأن ذلك من أقدار الله سبحانه وتعالى؛ لكن يبدو أن الفرصة متاحةً لنا لتحسين نوعية هذه السنوات وعكسها بعض الشيء من السلبي نحو الإيجابي، من خلال اتباع بعض الطرق الحياتية والنصائح الفعالة التي تُسهم في خفض العمر البيولوجي للجسم. وهو ما قد ينعكس إيجابًا ليس فقط على مظهرنا الخارجي الذي نوليه كنساء عنايةً مضاعفة، بل يؤثر كثيرًا على جودة حياتنا وتعزيز صحتنا والحيلولة دون الإصابة بالكثير من الأمراض والمتاعب الصحية.
فإذا كنتِ تطمحين لتقليل عمركِ البيولوجي بطرقٍ سليمة ومعتمدة، إليكِ هذه النصائح البسيطة التي تخدمكِ في هذه المهمة:
- تناولي الأكل بنسبة الربع: مهما كانت مُغريات الطعام كبيرة، حاولي تناول كمية الربع من طعامكِ في كل وجبة. ويُفضَل في هذه الحالة، وضع كمية الربع في صحنكِ كي تتناوليها كلها دون شعورٍ بالإحباط.
- توقفي عن الأكل عند الساعة 8 مساءً: قد يبدو الأمر مُحبطًا ومزعجًا بعض الشيء، لكن من الضروري العلم أن إراحة المعدة قبل عدة ساعات من موعد النوم، وإسناح الوقت الكافي لها لهضم الطعام بسلاسة كي لا تُصابي بالتخمة والإنزعاج وعدم القدرة على النوم ليلًا.
- استخدام خيط الأسنان في الليل: كلنا يعلم أهمية استعمال هذا الخيط في التخلص من بقايا الطعام التي تعلق في الأسنان، على الرغم من تنظيفها بالفرشاة والمعجون. ويُسهم استخدام خيط الأسنان ليلًا في تنظيفها جيدًا من تلك البقايا، وعدم السماح للبكتيريا بالتكاثر داخل الفم والتسبب بالتهاباتٍ في الجسم؛ بعضها قد يُشكَل خطورةً كبيرة على أعضاء الجسم مثل القلب.
- المشي بشكلٍ أسرع لمدة 10 دقائق يوميًا: للمشي قدرةٌ فائقة على تحسين الصحة والمساعدة على خسارة الوزن وتقوية العظام، وغيرها الكثير من الفوائد الصحية والنفسية التي لا تُحصى لهذه الرياضة البسيطة وغير المُكلفة. وتتعزز هذه الفوائد في حال واظبتِ على المشي السريع لمدة 10 دقائق فقط كل يوم، ضمن روتينكِ اليومي من الحركة أو التمرن.
- تناولي حمية البحر الأبيض المتوسط: اتفق العلماء وخبراء الصحة والتغذية جميعًا، في معظم أنحاء العالم، على أن حمية البحر الأبيض المتوسط هي الأفضل لتحسين صحة الجسم والعقل؛ نظرًا لمحتواها العالي من العناصر الغذائية المفيدة كالحبوب الكاملة والدهون الصحية والخضروات والفواكه. وهذه الحمية موجودةٌ لدينا في منطقتنا العربية، فلمَ لا نستفيد منها لتقليل عمرنا البيولوجي؟!
- عالجي الاكتئاب وأسبابه: أثبتت الدراسات والأبحاث المختلفة، أن للتوتر والاكتئاب والحالة النفسية السيئة، تأثيرٌ كبير على صحتنا الجسدية والفكرية؛ وأن الاكتئاب يمكن أن يُخفَض من العمر البيولوجي بنسبةٍ عالية. لذا لا تتواني عزيزتي في طلب المساعدة الطبية المختصة، في حال كنتِ تعانين من مشاكل نفسية أو الشعور بالاكتئاب الموسمي أو المستمر لفترةٍ معينة.
- قلَلي من الجلوس: أكثر ما يضر بصحتنا ويجعلنا نُراكم الدهون ويرفع من خطر إصابتنا بالأمراض، هو الجلوس طويلًا دون حركة. لذا خططي للوقوف كل ربع أو نصف ساعةٍ من الجلوس، إما للمشي قليلًا أو للحديث على الهاتف أو تسلق بعض السلالم، بغية تحريك جسمكِ وعضلاتكِ وتقويتها.
بدورها، أشارت مورغان ليفين؛ العالمة في جامعة "ييل" واختصاصية مكافحة الشيخوخة، إلى إمكانية "عكس الساعة البيولوجية" وتحسين الصحة من خلال 4 طرقٍ محددة، أوردت صحيفة Telegraph البريطانية تفاصيلها في تقريرٍ نشرته كالأتي:
-
التحول إلى نظامٍ غذائي نباتي
بحسب دراسةٍ أجرتها ليفين مع الدكتور فالتر لونغو على 3 آلاف شخص في جامعة سيدني الاسترالية؛ فإن اتباع نظامٍ غذائي غني بالبروتين (20% من السعرات الحرارية من البروتين) يرتبط بزيادة خطر الموت المُبكر بنسبة 74%، مقارنة بآخرين يتناولون كميةً أقل من البروتين (أقل من 10%). وبالتالي ينبغي على الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا،الحذر من تقليل كمية البروتين أكثر من اللازم.
وتُعلَق ليفين على هذا بالقول: "لا يُعدَ البروتين مشكلةً لدى الأشخاص الصغار بالسن أو في منتصف العمر، لأن أجسامهم لا تزال تُصنّع بشكلٍ طبيعي ما يكفي من هرمون النمو. ولكن مع التقدم بالعمر، يكون تناول المزيد من البروتينات الصحية، سواء الحيوانية أو النباتية مفيدًا، لا سيما للأشخاص الذين يفقدون كثيرًا من كتلة العضلات".
-
الصوم لمدة 3 مرات في السنة
خلُص البحث الذي عملت عليه ليفين مع الدكتور لونغو، إلى أن اتباع 3 دورات من الصيام سنويًا وتناول 4500 سعر حراري فقط موزعة على مدار 5 أيام، يُخفَض العمر البيولوجي بنحو عامين ونصف لكل فرد. وقد أظهرت دورات الصيام هذه لدى الأفراد المشاركين في البحث، خصائص مناعية أكثر شبابًا، ما يعني وبتأكيد ليفين "أن الصيام، على غرار التمارين الرياضية، يُهيَئ الجسد لإصلاح خلاياه وصيانتها".
بحث العالمين أيضًا في تأثير حميات الصيام هذه على المدى البعيد؛ فوجدوا أن البيانات تُظهر إضافة 5 سنوات إضافية إلى متوسط العمر المتوقع، فضلً عن تقليل خطر الإصابة بكلَ من أمراض القلب بنسبة 50%، خطر السرطان بنسبة 30%، ومرض السكري بنسبة 75%..
-
ممارسة التمارين المتواترة العالية الكثافة
بحسب ليفين، فإن التمارين المتواترة العالية الكثافة تُعدَ الأفضل لزيادة العمر البيولوجي لكل منا. وتؤكد نتائج إحدى الدراسات التي نُشرت على موقع "مايو كلينك" العام 2017 على هذا الرأي؛ حيث خلصت الدراسة إلى أن ممارسة التمارين المتواترة العالية الكثافة لمدة 3 أشهر على الأقل، كانت كافيةً لتحسين اللياقة البدنية وحساسية الإنسولين لدى المشاركين بصورةٍ كبيرة. وهو ما أوضحته ليفين بقولها أن "هذه التمارين تساعد في بناء ألياف العضلات مرةً أخرى وتكون أكثر سُمكًا وكثافة".
-
التنعم بنومٍ جيد
ليس الأكل الصحي والتمرين الرياضي هما السبيلان الوحيدان لتعزيز الصحة وخفض العمر البيولوجي للجسم، بل أن للنوم دورٌ مماثل في تحقيق هذه المعادلة. وهو ما أشارت إليه دراساتٌ عدة؛ حيث عمد علماء الأبحاث في بوسطن وجامعة "هارفارد" لاستخدام فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي، لإظهار أن السائل الدماغي الشوكي يغسل أنسجة المخ خلال الليل ويُزيل الخلايا الميتة. وبحسب العلماء، فإن هذه العملية قد تكون له آثارٌإيجابية على مرض ألزهايمر المرتبط بتراكم "لويحات بيتا أميلويد".
تجدر الإشارة إلى أن الأبحاث أظهرت، أن التنعم بحوالي 7 ساعات من النوم في المتوسط، يُعدَ الطريقة الأفضل لزيادة عمركِ الافتراضي وخفض العمر البيولوجي.
كيف يمكن تصغير العمر البيولوجي للمرأة؟
لتسهيل هذا الأمر على كافة النساء، قام علماء أمريكيون من معهد الطب الوظيفي في جامعة فيرجينيا كومنولث وجمعية التغذية الأمريكية، باستحداث حميةٍ تمتد لحوالي 8 سابيع وطبَقوها على 6 نساء. وفي نهاية الفترة المذكورة آنفًا، تبيَن للعلماء أن هذه الحمية أسهمت في خفض العمر البيولوجي لهؤلاء النساء بما يقرب من 5 سنوات.
الحمية التي عمل عليها الباحثون كارا إن فيتزجيرالد، وتيش كامبل، وسوزان مكارم، وروميلي هودجز ونُشرت في مجلة الشيخوخة، كما كتب عنها موقع "يوريك أليرت"؛ تضمنت إضافة مجموعة الميثيل، والتي ساعدت في تعزيز عمل بعض الجزيئات في الجسم.
النظام الغذائي الذي اتبعته المشاركات، تمَ تعريفه على أنه "داعم للميثيل" (methylation-supportive diet)، ومصمم للتأثير على مثيلة الحمض النووي (DNA methylation)ومقاييس الشيخوخة البيولوجية.وعملية مثيلة الحمض النووي هي تفاعلٌ كيميائي في الجسم، تتم فيه إضافة جُزيءٍ صغير يدعى مجموعة الميثيل إلى الحمض النووي أو البروتينات أو الجزيئات الأخرى.وبحسب المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة، يمكن أن تؤثر إضافة مجموعات الميثيل هذه على كيفية عمل بعض الجزيئات في الجسم؛فمثلًا، قد تؤدي مثيلة تسلسل الحمض النووي للجين إلى إيقاف تشغيل الجين بحيث لا يُصنَع بروتينًا. ويمكن أن تؤثر التغييرات في أنماط مثيلة الجينات أو البروتينات على خطر إصابة الشخص بمرضٍ مثل السرطان، كما تؤثر على عمره البيولوجي.
وفيما يخص تفاصيل هذا النظام، فقد اشتمل على العديد من العناصر؛ منها الغذائي والرياضي والحياتي بحيث يتضمن كافة النواحي الضرورية لخفض العمر البيولوجي. وجاء على الشكل التالي:
- تناول كوبين من الخضر الورقية الداكنة.
- تناول كوبين من الخضروات الصليبية.
- تناول 3 أكواب من الخضار الملونة.
- تناول ربع كوب من بذور اليقطين.
- تناول ربع كوب من بذور عباد الشمس.
- تناول حصة أو اثنتين من البنجر أو الشمندر (الحصة تعادل نصف كوب مقطع).
- تناول مُكمل للكبد أو الكبد (3 حصص، 3 أونصات في الأسبوع).
- تناول بيضة واحدة يوميًا (5-10 في الأسبوع).
- تناول مُكملات البروبيوتيك (كبسولتان).
- ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة على الأقل.
- ممارسة تمارين التنفس مرتين.
- النوم 7 ساعات على الأقل.
- الصيام 12 ساعة بعد تناول الوجبة.
- شرب 8 أكواب من الماء في اليوم.
ما مقدار العمر الذي انخفض لدى المشاركات بعد اتباع هذه الحمية؟
إذن وعلى مدار 8 أسابيع متواصلة من اتباع هذا النظام الحيوي، وبعد أخذ عينات من الدم من المشاركات في بداية ونهاية مدة الاختبار؛ أظهرت 5 من المشاركات الست، انخفاضًا في العمر البيولوجي يتراوح بين 1.22 و11.01 سنة من العمر البيولوجي الأساسي، وبمتوسط انخفاضٍ قدره 4.6 سنوات.
قد يبدو من الصعب علينا جميعًا، الالتزام بهذا النوع من الحميات المدروسة وتطبيقها بحذافيرها؛ لكن النتائج المدهشة والرائعة التي تكشفت لدى السيدات المشاركات في البحث، لا بدَ وأن تشجع الكثيرات منا على اتباعها أو استشارة طبيبنا الخاص حول نظامٍ مشابه يُحاكي هذه الحمية، يلائم متطلباتنا الغذائية والحياتية، ويُسهم في خفض عمرنا البيولوجي عدة سنوات؛ كي ننعم بالصحة والجمال ورفاه الحياة ما استطعنا.