دراسة تكشف: جراحات إنقاص الوزن تُعزز صحة القلب لدى مرضى السُمنة وانقطاع النفس الإنسدادي
ما زالت مواضيع جراحات إنقاص الوزن محط أخذٍ وجذب، بين من يشجع عليه بشدة وبين من يحذر من تداعياته على المدى الطويل، داعيًا إلى المزيد من الأبحاث والدراسات حول نجاعة هذا الإجراء الذي يلجأ إليه البعض للتخلص من السُمنة التي تقف وراء العديد من المخاطر الصحية والأمراض.
والحقيقة أن الجسم الطبي حول العالم، يسعى وبجد من خلال الدراسات والبحوث الطبية، لاستخلاص أفضل سُبل استخدام جراحات إنقاص الوزن في تحسين حياة الملايين حول العالم؛ والذين وصل عددهم في العام 2022 إلى 2.5 مليار شخص يعانون من زيادة الوزن، منهم 890 مليون شخص ممن يتعايشون مع السُمنة. وتشمل هذه الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، ليس فقط البالغين فحسب، وإنما أيضًا الأطفال والمراهقين الذي باتوا في خطر الإصابة بداء السكري وغيره من الأمراض المزمنة والخطيرة. منها دراسةٌ لكليفلاند كلينك، تُظهر أن جراحات إنقاص الوزن تُقلَل مخاطر الإصابة بالمضاعفات القلبية والوفاة لدى المرضى الذين يعانون من انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم والسُمنة.
نتعرف في موضوعنا اليوم على تفاصيل هذه الدراسة المثيرة، والتي تمنح الأمل للمصابين بالسُمنة وانقطاع النفس الإنسدادي، وكلاهما مرتبطٌ بالآخر بعلاقة طردية.
جراحات إنقاص الوزن تُعزز صحة القلب لدى مرضى السُمنة وانقطاع النفس الإنسدادي
دراسة الجراحة الأيضية لانقطاع النفس أثناء النوم وأمراض القلب والأوعية الدموية(MOSAIC) الأولى من نوعها، والتي قام بها باحثون من "كليفلاند كلينك"؛ تُظهر أن جراحات إنقاص الوزن ارتبطت بانخفاضٍبنسبة 42% في مخاطر المضاعفات القلبية، وانخفاضٍ بنسبة 37% في مخاطر الوفاة لدى المرضى الذين يعانون من انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم .
وأكدت الدراسة التي نُشرت في مجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب (Journal of the American College of Cardiology)، أن جراحات علاج السُمنةالتي يتم إجراؤها في المرضى المصابين بالسمنة وانقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم المعتدل إلى الشديد، ارتبطت بانخفاض خطر الوفاة والأحداث القلبية الوعائية الضارة بشكلٍ كبير، مقارنة بالمرضى الذين لم يخضعوا لهذه الجراحة.
وقال الدكتور علي أمينيان، مدير معهد السُمنة والتمثيل الغذائي لدى كليفلاند كلينك، والباحث الرئيسي في دراسة الجراحة الأيضية لانقطاع النفس أثناء النوم وأمراض القلب والأوعية الدموية (MOSAIC): "يُظهر البحث أن فقدان الوزن الذي يتم تحقيقه عن طريق جراحات علاج السُمنة،ارتبط بانخفاضٍ نسبته 42% في الأحداث القلبية الوعائية الضارة، وانخفاضٍ بنسبة 37% في مخاطر الوفاة لدى المرضى المصابين بالسُمنة وبانقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم المعتدل إلى الشديد."
وكانت دراسةٌ جرى نشرها في مجلة لانسيت لطب الجهاز التنفسي (Lancet Respiratory Medicine) أظهرت أن نحو مليار شخصٍبالغ حول العالم، يعانون من انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم؛ وتُعتبر السُمنة أحد أبرز عوامل الخطر في تطوَر انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم. من جانبها، تشير جمعية طب السُمنة إلى أن نحو 70% من المرضى البالغينالذين يعانون من انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، هم من المصابين بالسُمنة.
وغالبًا ما يكون مرضى انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم -الذي قد يعطل التمثيل الغذائي ويتسبب بالمزيد من السُمنة-أكثر عرضةًلمخاطر الإصابة بأمراضٍ مُهددة للحياة مثل الأزمات القلبية وفشل القلب. وتُعدَ دراسة الجراحة الأيضية لانقطاع النفس أثناء النوم وأمراض القلب والأوعية الدموية (MOSAIC)الأولى من نوعها التي تقدم بياناتٍ متعلقة بالنتائج القلبية الوعائية طويلة الأمد لجراحات علاج السُمنة، عند المرضى الذين يعانون من انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم والسُمنة.
تفاصيل الدراسة
شملت الدراسة 13,657 مريضًا بالغًا ممن لديهم مؤشر كتلة جسم يتراوح بين 35-70، ويعانون من انقطاع نفس انسدادي أثناء النوم من معتدل إلى شديد (المُشخص بعد إجراء اختبار نوم)؛ وذلك خلال الفترة ما بين عامي 2004-2018. وتمت موازنة الخصائص السريرية الأساسية لـ970 مريضًا خضعوا لجراحات علاج سُمنة مع 12,687 مريضًافي مجموعة التحكم غير الجراحية باستخدام طرق ترجيحٍ متداخلة.
انتهت المتابعات المتعلقة بالدراسة في سبتمبر 2022، لتُظهرالنتائج أن معدل الإصابة التراكمي بالأحداث القلبية الوعائية الرئيسية الضارة عند فترة 10 أعوام بلغ 27% في مجموعة جراحات علاج السُمنة، و35.6% في المجموعة غير الجراحية. ويتم تعريف الحدث القلبي الوعائي الرئيسي الضار على أنه أول حدثٍ متعلق بالشريان التاجي، والأحداث الدماغية الوعائية، وفشل القلب، والرجفان الأذيني، والوفيات الناجمة عن جميع الأسباب. فيما أظهر تحليلٌ إضافي أن معدل الوفيات التراكمي لجميع الأسباب عند فترة 10 أعوام، بلغ 9.1% لدى مجموعة جراحات علاج السمنة و12.5% لدى المجموعة غير الجراحية.
من جهته قال الدكتور ستيفين نيسين، الرئيس التنفيذي للشؤون الأكاديمية في معهد القلب والأوعية الدموية والصدر في كليفلاند كلينك والمؤلف الأول المشارك للدراسة: "لا توجد حاليًا علاجاتٌ دوائية حاصلة على الموافقة لعلاج انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم. قبل إجراء دراسة الجراحة الأيضية لانقطاع النفس أثناء النوم وأمراض القلب والأوعية الدموية (MOSAIC)، لم يُظهر أي علاج انخفاضًا في مخاطر الحوادث القلبية الوعائية الرئيسية الضارة والوفاة عند المرضى المصابين بانقطاع النفس أثناء النوم."
على مدى 10 أعوام، نجح المرضى في مجموعة جراحات علاج السُمنة في تخفيض وزنهم بنحو 33.2 كيلوجرامًا، فيما خفّض المرضى لدى المجموعة غير الجراحية وزنهم بنحو 6.64 كيلوجرامًا. وحافظ المرضى في مجموعة جراحات علاج السُمنة على 25% من فقدان الوزن على الأقل لفترة 10 أعوام بعد العملية.
جراحات السُمنة تُحسَن من حياة المصابين بانقطاع النفس الانسدادي
بدورهاعلَقتالدكتور نانسي فولدفاري-شيفر، مدير مركز اضطرابات النوم في كليفلاند كلينك، على نتائج الدراسة بالقول: "إن التوجيهات الحالية لإدارة انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، توصي بتخفيف الوزن وإجراء تعديلاتٍ على نمط الحياة. وتدعم نتائج دراسة الجراحة الأيضية لانقطاع النفس أثناء النوم وأمراض القلب والأوعية الدموية (MOSAIC) هذه التوصيات، ولكن بدلًامن التركز على تعديلات نمط الحياة لوحدها؛ فإن هناك حاجةً لعلاج السُمنة بطرقٍ أكثر فعالية واستدامة مثل جراحات علاج السُمنة،وذلك من أجل تحسين النتائج القلبية الوعائية ومعدلات النجاة في صفوف المرضى الذين يعانون من انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم والسُمنة في الوقت ذاته."
كما اختتم الدكتور أمينيان قائلًا: "تُعتبر جراحات علاج السُمنة مُنقذةً للحياة في حالة بعض المرضى.وتشير الجراحة الأيضية لانقطاع النفس أثناء النوم وأمراض القلب والأوعية الدموية (MOSAIC) إلى وجود استجابةٍ معتمدة على الجرعة بين مقدار فقدان الوزن والفوائد المُحققة بالنسبة للقلب والأوعية الدموية لدى المرضى الذين يعانون من انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم؛ إذ كلما زاد فقدان الوزنانخفضت مخاطر الإصابة بمضاعفات القلب. وبالتزامن مع ظهور جيلٍ جديد من أدوية السُمنة التي يمكن أن تُحقق انخفاضًا وسطيًا في الوزن يتراوح ما بين 15-20%، فقد أصبح من الممكن نظريًا الحصول على نتائج مماثلة من العلاجات الطبية."
نصائح للتخلص من السُمنة في وقتٍ قياسي
لا بدَ من التذكير مجددًا، بأن بعض الأفراد لديهم عوامل وراثية وصحية للسُمنة؛ لذا فإنهم بحاجة لاستشارة الطبيب المختص الذي قد ينصح بالخضوع لأحد جراحات إنقاص الوزن.
لكن البقية ممن يعانون من مؤشر متوسط أو منخفض للسُمنة، بإمكانهم اتباع بعض النصائح الغذائية والحياتية، بالطبع تحت إشراف المختصين، بغية التخلص من الوزن الزائد والتمتع برشاقةٍ وصحةٍ جيدة.
ووفقا لتقريرٍ نشره موقع Health Shots ونقل تفاصيله موقع "العربية.نت"، يمكن من خلال بذل بعض الجهود، التخلص من الدهون غير الصحية في الجسم التي وبحسب الدكتورة أرشانا باترا، أخصائية التغذية ومرض السكري في الهند، تؤثر سلبًا على الصحة وتزيد من مخاطر أمراض القلب والسكري وآلام المفاصل وغيرها.
فإن كنتِ عزيزتي ممن يعانون من هذه المشاكل أو تخشين التعرض لها، ينصحكِ التقرير المذكور أعلاه باتباع الخطوات التالية:
- اتباع نظام غذائي متوازن: يحوي الكثير من الخضروات والفواكه الخضراء، البروتينات الخالية من الدهون، الأطعمة الغنية بالألياف والدهون الصحية.
- ممارسة نشاطٍ بدني: سواء من خلال الحركة المستمرة، أو عن طريق ممارسة التمارين الرياضية بمعدل 15 دقيقة على الأقل أسبوعيًا.
- تناول حصصٍ غذائية أصغر: وتجنب الإفراط في الأكل قدر الإمكان.
- شرب الماء بكمياتٍ كافية: لضمان ترطيب الجسم، ومنع الدماغ من فهم الجفاف على أنه حاجةٌ للأكل.
- النوم لساعاتِ كافية: لضمان توازن الهرمونات في الجسم ومنع ارتفاع هرمونات الجوع والتوتر.
- الأكل اليقظ: وهو أسلوبٌ ممتاز للتركيز على الطعام أثناء تناوله، إن لجهة مضغ الطعام جيدًأ أو لجهة التوقف عن الأكل فور البدء بالشعور بالشبع.
- تقليل التوتر والإجهاد قدر المستطاع: وذلك من خلال ممارسة تقنيات تخفيف التوتر، مثل اليوغا أو تمارين التنفس العميق أو التأمل أو ممارسة الهوايات، وفقًا لباترا.
في الختام؛ فإن السُمنة وانقطاع النفس الانسدادي من المشاكل الصحية التي ترتبط ببعضها ارتباطًا وثيقًا، ما يزيد من خطر الوفاة المبكرة للأشخاص الذين يعانون من المشكلتين. لذا توصلت دراسةٌ حديثة إلى أن جراحات إنقاص الوزن لهؤلاء المرضى، كان لها أبلغ الأثر على حياتهم لجهة خفض الوزن مع تقليل مخاطر هذه المشاكل.
من هنا، تبرز أهمية المحافظة على الوزن الصحي وتجنب السُمنة قدر الإمكان؛ وذلك باتباع خطواتٍ حياتية وغذائية معينة تتيح لكِ التمتع بجودة ورفاه الحياة دون أي منغصاتٍ صحية.