يُبطئ المرض بنسبةٍ عالية: علاجٌ واعد لألزهايمر في بريطانيا.. إنما بكلفة باهظة
من منا لم يشاهد فيلم The Notebook الرومنسي، الذي يتحدث عن سيدةٍ تعاني من مرض ألزهايمر، تلازم المستشفى فيما زوجها يحكي لها قصةً جميلة عن عاشقين فرقتهما الحياة، لكن حبهما انتصر ليتزوجا ويؤسسا معًا عائلة. القصة تحكي قصة هذه السيدة مع زوجها، الذي تتذكره بين الحين والآخر؛ وللمصادفة، فإن الممثلة ذاتها التي أدت جينا رولاندز توفيت منذ فترةٍ وجيزة، بذات المرض الذي كانت تؤدي دوره في هذا الفيلم.
بالفعل إنه فيلمٌ جميل، لكنه يُجسَد بجانب قصة الحب المجنونة والرائعة، قصة معاناة تلك السيدة من مرض ألزهايمر الذي بات يُعدَ من أمراض العصر الحديث، مع تزايد أعداد المصابين به حتى ضمن فئة الشباب. وفي تقديرات ليست نهائية، يعيش في الولايات المتحدة نحو 6.5 ملايين مصاب بداء الزهايمر في سن 65 فأكبر؛ منهم أكثر من 70% في سن 75 عامًا فأكبر. ويُقدَر المصابون بداء الزهايمر بنسبةٍ تتراوح بين 60% و70% من بين 55 مليون شخص تقريبًا من المصابين بالخَرَف في جميع أنحاء العالم.
اعتُمد الميمانتين لعلاج حالات داء الزهايمر المتوسطة والشديدة؛ وعادةً ما يتم تناوله بشكل قرص أو سائل مرتين يوميًا، أو قرص واحد ممتد المفعول مرة واحدة يوميًا. ويعمل الباحثون والعلماء بدأب، على دراسة العديد من خيارات العلاج التي يمكنها المساعدة في تخفيف مرض ألزهايمر وإبطاء تقدمه. آخرها علاجٌ واعد تمَ ابتكاره في بريطانيا، عالي التكلفة لكنه قد يُساهم في تعزيز صحة المصابين بألزهايمر بنسبة عالية.
علاج جديد لألزهايمر من بريطانيا
إذن؛ أجازت الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية البريطانية الخميس الفائت، دواءً جديدًا الزهايمر قد يُغيَر قواعد اللعبة في علاج هذا المرض. والدواء الجديد (ليكانيماب) يأتي في مرحلة أولية في بريطانيا، بعدما أثبت فاعليةً في إبطاء تقدم المرض بنسبة تصل إلى 27%. قد تبدو هذه النسبة قليلة، لكنها بمعايير الأطباء، تُعدَ نقلةً نوعية في تحسين صحة المصابين بالمرض وتأخير تقدم المرض لديهم.
وفي بيانٍ للوكالة، أشارت إلى أن الدواء الجديد يعمل على إزالة بروتين (أميلويد) الذي يتراكم في مخ الشخص المصاب بالزهايمر، ويمكن حقنه بالوريد كل أسبوعين لمدة 18 شهرًا تقريبًا. وتبلغ تكلفة هذا العلاج 20 ألف جنية استرليني سنويًا، في الولايات المتحدة، فيما لم يُعلن بعد عن سعره الرسمي في المملكة المتحدة؛ وهو ما دفع بالمعهد الوطني للتميز الصحي والرعاية في بريطانيا لانتقاد تكلفته الكبيرة هذه، وبالتالي لن يكون متاحًا عبر نظام الخدمات الصحية الوطنية، على الرغم من الفوائد التي يقدمها.
ووصفت الدكتورة فيونا كاراغر، رئيسة السياسات والأبحاث في جمعية ألزهايمر، الموافقة على هذا الدواء بأنها لحظةٌ فاصلة للأشخاص في المملكة البريطانية، ممن يعانون من مرض الزهايمر في مراحله المبكرة؛ إلا أنها أبدت في الوقت ذاته خيبتها من قرار إصدار هذا الدواء بعدم التوصية بتوفيره عبر الهيئة الرسمية للخدمات الصحية البريطانية، بحسب ما جاء على موقع "العربية.نت".
بدوره، قال ديفيد توماس؛ رئيس السياسات في مركز أبحاث الزهايمر في المملكة المتحدة، أن هذا التطور هو بمثابة لحظة "مريرة وحلوة" في ذات الوقت. مضيفًا أن تكلفة الدواء ستجعل الوصول إليه مقتصرًا على الأثرياء فقط.
بالنسبة لألية عمله؛ فدواء (ليكانيماب) هو علاجٌ يعتمد على الأجسام المضادة مستهدفًا بروتين الأميلويد المتراكم في أدمغة مرضى الزهايمر. ويعمل الدواء على إزالة هذا التراكم وإبطاء التدهور المعرفي، ويتم إعطاؤه للمرضى عن طريق التنقيط الوريدي كل أسبوعين.
وبعد تجربته في عدد من الدول، أوضحت كاراغر أن الدواء المرخص في الولايات المتحدة واليابان والصين أثبت فاعليته في علاج المرضى الذين يحملون نسخةً أو نسختين من الجين (ApoE4).
على الرغم من حصول الدواء على ترخيصٍ في عدة بلدان مثل الولايات المتحدة والصين واليابان وهونج كونج وكوريا الجنوبية، إلا أن وكالة الأدوية الأوروبية رفضته في يوليو الماضي، مشيرةً إلى أن فوائده لا تُعوَض المخاطر المرتبطة به مثل النزيف والتورم في المخ، كما أن تأثيره في تأخير التدهور الإدراكي كان ضئيلًا.
ألزهايمر.. خرف الشيخوخة
تجدر الإشارة إلى أن مرض الزهايمر هو النوع الأكثر شيوعًا من الخرف، أحد أكثر مُسببات الوفاة في المملكة المتحدة. وداء ألزهايمر هو اضطرابٌ في الدماغ، يتفاقم مع مرور الوقت، ويتسم بحدوث تغيراتٍ في الدماغ تؤدي لترسبات لبعض البروتينات، وفقًا لموقع "مايو كلينك"؛ ويُسبَب داء ألزهايمر تقلصًا في الدماغ وموت خلاياه في النهاية.
ألزهايمر هو السبب الأكثر شيوعًا للإصابة بالخرف كما ذكرنا أعلاه؛ وهو تدهورٌ تدريجي في الذاكرة والقدرة على التفكير والمهارات السلوكية والاجتماعية، وهذه التغيرات يمكن أن تؤثر في قدرة الشخص على أداء وظائفه بشكلٍ سليم.
ما تزال الأسباب الدقيقة والرئيسية وراء الإصابة بداء ألزهايمر غير واضحة بصورةٍ تامة؛ إنما تشير الأبحاث والدراسات إلى أن بعض البروتينات الموجودة في الدماغ، قد تفقد قدرتها على أداء وظيفتها بنحوٍ طبيعي. وهو ما يُسبَب اضطرابًا في عمل خلايا الدماغ -التي تُعرف أيضًا باسم الخلايا العصبية- مؤديًا إلى سلسلةٍ من المشكلات؛ بحيث تتعرض الخلايا العصبية للتلف وتفقد الاتصال بين بعضها، لتموت في النهاية.
كما يعتقد العلماء أن معظم الأشخاص قد يُصابون بداء ألزهايمر جراء مجموعةٍ من العوامل الوراثية والبيئية، والمتعلقة بنمط الحياة التي تؤثر في الدماغ مع الوقت. وفي أقل من 1% من الحالات، يحدث داء ألزهايمر بسبب تغيراتٍ وراثية معيّنة تجعل الإصابة به أمرًا لا مفر منه في الأغلب. وفي تلك الحالات، يبدأ المرض عادةً في مرحلة منتصف العمر.
كيفية الوقاية من مرض ألزهايمر
الوقاية من ألزهايمر لها إمكاناتٌ كبيرة، في حال تفادينا عوامل الخطر المسببة له. وتشير الإحصاءات إلى أن 40% من حالات الخرف كانت مرتبطة بنحو 12 عاملًا خطرا ذات طبيعة مختلفة جداً؛ منها انخفاض مستوى التعليم، وجود مشاكل في السمع، التدخين، البدانة، تلوث الهواء، الاكتئاب، العزلة، صدمات الرأس، وارتفاع ضغط الدم. وقد أُضيف عاملا خطر جديدان هما فقدان البصر وارتفاع نسبة الكوليسترول، وفق دراسةٍ كبيرة نُشرت نتائجها في "ذا لانسيت".
وأكّدت الدراسة الدور الكبير المهم الذي تؤديه الوقاية في أمراض الخرف؛ مشيرةً إلى أن ملايين الإصابات يمكن تجنّبها من خلال العمل على عوامل مؤثرة كالتدخين أو التلوث، على الرغم من أن سُبل الوقاية هذه قد لا يكون فائدةٌ لها في عدد كبير من الحالات.
لكن وفي ختام القول؛ فإن نمط الحياة الصحي وتجنب العوامل التي قد تزيد من خطر إصابتنا بالأمراض، ومنها داء ألزهايمر، يجب أن تكون من أولوياتنا في هذه الحياة. لذا بادري إلى رسم خريطةٍ عملية وصحيحة لمجريات حياتك، من خلال اتباع نظامٍ غذائي صحي وممارسة الرياضة للتخلص من الوزن الزائد، وتجنب التدخين والتعرض للتلوث قدر الإمكان.
والأهم، حسَني من صحتكِ النفسية وعالجي مُسبَبات الاكتئاب والعزلة من خلال دوام التواصل مع الأخرين؛ لضمان رفاه وجودة صحتكِ على كافة الصُعد.