صعوبة فقدان الوزن أحد أسبابه.. تعرفي على التكيف الأيضي وكيفية التغلب عليه لجسم مثالي
التكيف الأيضي هو قدرة الجسم على تعديل عملية الأيض استجابة لتغيرات في البيئة الغذائية. عندما تُقلل المرأة أو الفتاة من تناول السعرات الحرارية بشكل كبير، يبدأ جسمها في التكيف عن طريق تقليل معدل الأيض الأساسي، وهو معدل الطاقة الذي يحتاجه الجسم للحفاظ على وظائفه الحيوية في حالة الراحة. هذا التكيف يمكن أن يسبب صعوبة في فقدان الوزن حتى مع اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية.
علاوة على ذلك، التكيف الأيضي هو عملية طبيعية يُمكن أن تؤثر بشكل كبير على عملية فقدان الوزن والصحة العامة. لكن باتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والحفاظ على نمط حياة صحي، يمكن لأي امرأة أو فتاة التغلب على تأثيرات التكيف الأيضي وتحقيق نتائج صحية مستدامة.
ولمزيد من المعلومات عن التكيف الأيضي وكيفية التغلب عليه؛ للحصول على قوام ممشوق ووزن مثالي، تتبعّي السطور القادمة عبر موقع "هي" للاستفادة من توصيات أخصائية التغذية العلاجية الدكتورة مريم جمال لوقا من القاهرة.
التكيف الأيضي مرتبط بهذه الأسباب
وبحسب دكتورة مريم، أسباب التكيف الأيضي متنوعة، وأهمها:
الأنظمة الغذائية القاسية
اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية بشكل كبير يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ معدل الأيض. ووفقًا لدراسة نشرت في مجلة American Journal of Clinical Nutrition، فإن تقليل السعرات الحرارية بشكل مفرط يمكن أن يؤدي إلى تقليل معدل الأيض الأساسي بنسبة تصل إلى 20%.
فقدان العضلات
عندما يفقد الجسم الوزن بسرعة، قد يترافق ذلك مع فقدان العضلات. وبما أن العضلات تستهلك سعرات حرارية أكثر من الدهون، فإن فقدان العضلات يُمكن أن يُقلل من معدل الأيض. علمًا أن دراسة من جامعة هارفارد تشير إلى أن الحفاظ على كتلة العضلات يساعد في الحفاظ على معدل الأيض.
التغيرات الهرمونية
التقليل الحاد في السعرات الحرارية يُمكن أن يؤثر على مستويات الهرمونات مثل الليبتين، وهو هرمون يلعب دورًا في تنظيم الشهية والتمثيل الغذائي. ووفقًا لمراجعة نشرت في Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism، فإن انخفاض مستويات الليبتين يُمكن أن يؤدي إلى زيادة في الشهية وتقليل معدل الأيض.
التكيف الأيضي سهّل التغلب عليه بهذه الأساليب الفعالة
ووفقًا للدكتور مريم، يُمكن للنساء والفتيات بجميع الفئات العمرية، التغلب على التكيف الأيضي بعد مراجعة الطيب المختص، وتحديد التعليمات اللازمة حسب طبيعية الجسم وحالته الصحية، وأيضًا الإلتزام باتباع الأساليب التالية:
تجنّبي الحميات القاسية
بدلًا من تقليل السعرات الحرارية بشكل مفرط، يُفضل اتباع نظام غذائي متوازن ومستدام. توصي دراسة من Nutrition Reviews بإنقاص الوزن بشكل تدريجي بمعدل لا يتجاوز 0.5-1 كيلوجرام في الأسبوع .
ارفعي معدل النشاط البدني لديكِ
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وخاصة تدريبات القوة، يُمكن أن تساعد في بناء العضلات وزيادة معدل الأيض. علمًا أن دراسة من Journal of Applied Physiology تظهر أن التمارين الرياضية يُمكن أن تُحسن من معدل الأيض الأساسي.
تحكّمي في مستويات التوتر والنوم
يُمكن أن يؤثر التوتر وقلة النوم سلبًا على معدل الأيض؛ وهنا نشرت دراسةفي Sleep Medicine Reviews توضح أن الحصول على قسط كافٍ من النوم، وتخفيف التوتر يُمكن أن يساعد في تحسين التوازن الأيضي.
تناولي وجبات متوازنة
تشمل التغذية المتوازنة تناول البروتينات، الدهون الصحية، والكربوهيدرات المعقدة. الجدير بالذكر أن دراسة من British Journal of Nutrition تُشير إلى أن تناول وجبات غنية بالبروتين يُمكن أن يساعد في زيادة معدل الأيض، والحفاظ على الكتلة العضلية.
أهمية ممارسة الرياضية للتغلب على عملية التكيف الأيضي
واستكمالًا لحديثنا عن كيفية التغلب على التكيف الأيضي؛ فقد أوضحت دكتورة مريم، أن معظم النساء أو الفتيات يُركّزن على تمارين الكارديو لحرق السعرات الحرارية؛ إلا أن بناء العضلات من خلال رفع الأثقال يُمكن أن يزيد من معدل الأيض، ويجعل الجسم يحرق المزيد من السعرات الحرارية حتى في حالة الراحة.
الجدير بالذكر، أن رفع الأثقال يدعم فقدان الوزن عن طريق بناء العضلات، التي تستهلك سعرات حرارية حتى أثناء الراحة. وهنا أثبتت الدراسات أن تدريب القوة يزيد من حرق السعرات بعد انتهاء التمرين لساعات وحتى أيام. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الأساطير المتعلقة برفع الأثقال، مثل: "الخوف من زيادة الوزن أو التضخم، خاصة لدى النساء"، وهي مفاهيم غير دقيقة.
إضافة إلى ذلك، أشارت دكتورة مريم، إلى أن النصائح الأساسية لمن لا يُمارسن الرياضة تشمل البدء بأوزان خفيفة، التركيز على التقنية الصحيحة لتجنب الإصابات، وإدراج تمارين مثل: "القرفصاء، الطعنات، وتمارين الضغط التي تستهدف مجموعات عضلية كبيرة". كذلك يُقترح للمبتدئات في رفع الأثقال الحصول على مدرب شخصي أو الانضمام إلى صالة رياضية للحصول على توجيه صحيح. من الضروري أيضًا تضمين الإحماء قبل التمرين، والتبريد بعده لتجنب الإصابات. ويُمكن البدء بأوزان خفيفة لرفعها حوالي 15 مرة متتالية، والتركيز على تعلم الشكل الصحيح للحركات لضمان سلامة الجسم.
وهنا أكدت دكتورمريم، على ضرورة ممارسة بعض التمارين الأساسية التي يجب إدراجها في أي برنامج لزيادة القوة وبناء العضلات؛ وتشمل:
القرفصاء Squats
من أفضل التمارين لتقوية العضلات الكبيرة، مثل: "الأرداف والفخذين"، وهي تساعد على رفع معدل ضربات القلب وحرق السعرات الحرارية.
الطعنات Lunges
تستهدف مجموعة عضلية كبيرة مثل: "الفخذين والأرداف"، ويُمكن تنويعها لتحدي الجسم بطرق مختلفة.
تمرين رفع الدمبلDumbbell Biceps Curl
يستخدم لتقوية عضلات الذراعين، ويُمكن تنفيذه بطرق مختلفة مثل: "الحركات المتناوبة أو الحركة المتقاطعة للجسم".
تمرين الضغط Push-Ups
تمرين متعدد الفوائد يستهدف الجزء العلوي من الجسم؛ بما في ذلك عضلات الصدر، الكتفين، العضلات الثلاثية والبطن.
جسر الألوية Glute Bridge
يستهدف العضلات الخلفية، ويُعدّ من أفضل التمارين لبناء عضلات الأرداف.
الرفعة الميتة Deadlifts
تمرين شامل يستهدف معظم عضلات الجسم ويساعد في بناء القوة العامة.
بالإضافة إلى هذه التمارين الأساسية، يمكن إدخال تمارين متقدمة مع تقدم المتدربين في قوتهم وتحقيق أهدافهم. على سبيل المثال، يُمكن إضافة تمارين مثل: "رفع الأثقال" للعضلات الصغيرة مثل: "تمرين العضلة الثنائية للذراعين، وتمرين رفع العجول لزيادة القوة في المناطق المحددة".
باختصار، دمج تمارين المقاومة ورفع الأثقال في برنامج فقدان الوزن يُمكن أن يعزز نتائج حرق السعرات الحرارية ويسرع من عملية فقدان الدهون مع بناء العضلات. هذا النهج، إلى جانب العادات الغذائية الصحية، يُعدّ من أكثر الطرق فعالية لتحقيق أهداف اللياقة البدنية طويلة المدى.
مقتطفات علمية للتغلب على التكيف الأيضي
ووفقًا للدكتورة مريم، هناك أيضًا دراسة جديدة حول الآليات الجزيئية لتمارين المقاومة تشير إلى أن تدريب الأثقال قد يقلص الدهون أيضًا من خلال تغيير وظائف الخلايا الداخلية. ووجدت الدراسة، التي شملت الفئران والبشر، أنه بعد تدريبات الأثقال، تفرز العضلات فقاعات صغيرة من المواد الجينية التي تنتقل إلى الخلايا الدهنية، وتبدأ عمليات متعلقة بحرق الدهون.
تمارين القوة تأثيراتها إيجابية لحرق الدهون
تضيف النتائج إلى الأدلة العلمية المتزايدة التي تشير إلى أن تمارين المقاومة لها فوائد فريدة في فقدان الدهون. كما تؤكد على مدى اتساع وتداخل التأثيرات الداخلية للتمارين الرياضية.
كثير منا يربط تدريبات المقاومة ببناء العضلات، وذلك لأسباب وجيهة. رفع الأثقال أو الاعتماد على وزن الجسم أثناء القيام بتمارين الضغط، القرفصاء، أو التمارين باستخدام الكرسي يعزز بشكل ملحوظ من حجم العضلات وقوتها. ولكن عددًا متزايدًا من الدراسات يقترح أن تدريب الأثقال يعيد تشكيل الأيض ومحيط الخصر لدينا.
وتابعت دكتور مريم، في تجارب حديثة، زادت تدريبات الأثقال من استهلاك الطاقة وحرق الدهون لمدة لا تقل عن 24 ساعة بعد التمرين لدى النساء الشابات، والرجال الذين يعانون من زيادة الوزن، والرياضيين. وبالمثل، في دراسة غطيتها في وقت سابق من هذا الشهر، كان الأشخاص الذين رفعوا الأثقال أحيانًا أقل عرضة للإصابة بالسمنة من أولئك الذين لم يقوموا بذلك.
علاقة رفع الأثقال واستهلاك الطاقة
من ناحية أخرى أوضحت دكتورة مريم، أن تأثير تدريب الأثقال على الدهون في الجسم لا تزال غير واضحة. إذ أن جزء من التأثير يحدث لأن العضلات نشطة من الناحية الأيضية وتحرق السعرات الحرارية، لذا فإن زيادة كتلة العضلات عن طريق رفع الأثقال يجب أن تزيد من استهلاك الطاقة ومعدلات الأيض أثناء الراحة. على سبيل المثال، بعد ستة أشهر من رفع الأثقال المكثف، ستحرق العضلات سعرات حرارية أكثر لمجرد أنها أصبحت أكبر. لكن هذا لا يفسر التأثير بالكامل، لأن زيادة كتلة العضلات تتطلب وقتًا وتكرارًا، بينما يبدو أن بعض التأثيرات الأيضية لتدريب الأثقال على مخازن الدهون تحدث فورًا بعد التمرين.
لذلك ربما يحدث شيء ما على المستوى الجزيئي مباشرة بعد تمارين المقاومة ويستهدف الخلايا الدهنية، وهي فرضية قرر مجموعة من العلماء في جامعة كنتاكي في ليكسينغتون، وجامعة نبراسكا-لينكولن، ومؤسسات أخرى مؤخرًا التحقيق فيها. كان الباحثون يدرسون صحة العضلات لسنوات، لكنهم أصبحوا أكثر اهتمامًا بأنسجة أخرى، خاصة الدهون. ربما، كما افترضوا، تحدث محادثة بين العضلات والدهون بشكل ودي بعد التمرين.
تجارب متقدمة لعضلات أكبر وأقوى
وتابعت دكتورة مريم، في العقد الماضي، بات فكرة أن الخلايا والأنسجة تتواصل عبر جميع أنحاء الجسم مقبولة على نطاق واسع، على الرغم من أن تعقيد التفاعلات لا يزال مذهلاً. تظهر التجارب المتقدمة أن العضلات، على سبيل المثال، تفرز سيلًا من الهرمونات والبروتينات الأخرى بعد التمرين التي تدخل مجرى الدم، وتسير إلى أعضاء مختلفة وتؤدي إلى تفاعلات كيميائية حيوية هناك، في عملية تُعرف باسم "الحوار الخلوي".
قرر الباحثون اختبار هذه الفكرة على الفئران. قاموا بإخضاع مجموعة من الفئران لتدريبات رفع الأثقال، حيث دربوها على تسلق سلالم صغيرة حاملةً أوزانًا. وبعد عدة أسابيع من هذه التدريبات، لاحظ الباحثون تغييرات في عضلات الفئران، كما هو متوقع، حيث أصبحت العضلات أقوى وأكبر.
لكن الأهم من ذلك، لاحظ الباحثون أن الدهون لدى الفئران قد تغيرت أيضًا. وجدوا أن العضلات بعد التمرين كانت تطلق جزيئات صغيرة تُسمى "الحويصلات خارج الخلية"، التي تحتوي على مواد جينية مثل RNA، والتي تنتقل إلى الخلايا الدهنية. بمجرد دخول هذه الجزيئات إلى الخلايا الدهنية، بدأت عمليات كيميائية حيوية هناك تساعد في حرق الدهون.
ثم كرر الباحثون التجربة على البشر، حيث جندوا رجالًا ونساءً لم يمارسوا تدريب الأثقال من قبل، وقاموا بمراقبة التأثيرات على عضلاتهم ودهونهم بعد البدء في برنامج تدريبات مقاومة لمدة 12 أسبوعًا. وكما هو الحال مع الفئران، أظهرت نتائج البشر نفس النتائج؛ حيث تسببت تدريبات الأثقال في إطلاق جزيئات مشابهة من العضلات البشرية، التي بدورها حفزت حرق الدهون في الجسم.
تشير هذه النتائج إلى أن هناك تواصلًا معقدًا بين العضلات والدهون أثناء وبعد تدريبات الأثقال، وأن هذا الحوار الجزيئي يساعد في تفسير كيف يمكن لتدريبات المقاومة أن تؤدي إلى فقدان الدهون حتى قبل أن تزداد كتلة العضلات بشكل كبير. هذه الاكتشافات تعزز أهمية إضافة تمارين المقاومة إلى أي برنامج لفقدان الوزن وتحسين الصحة بشكل عام.
تؤكد الدراسة على أن تمارين المقاومة لا تؤدي فقط إلى بناء العضلات، ولكنها تلعب دورًا مباشرًا في حرق الدهون عبر آليات جزيئية معقدة. بعد تدريبات الأثقال، لا تتوقف العضلات عن العمل بمجرد انتهاء التمرين، بل تستمر في إرسال إشارات إلى الخلايا الدهنية للمساهمة في تعزيز حرق الدهون.
علاوة على ذلك، فإن هذا الحوار الجزيئي بين العضلات والدهون يحدث بشكل سريع وفوري بعد التمرين، مما يعني أن تأثير حرق الدهون لا ينتظر حتى يتم بناء كتلة عضلية كبيرة، بل يبدأ من أولى جلسات التدريب. هذا يمكن أن يفسر لماذا نلاحظ أحيانًا تحسنًا في شكل الجسم وتقليل الدهون حتى قبل تحقيق زيادة ملحوظة في حجم العضلات.
بالتالي، الدراسة تُلقي الضوء على الدور المزدوج لتدريبات الأثقال في تعزيز الأيض وحرق الدهون، مما يجعلها إضافة حاسمة لأي برنامج لياقة يهدف إلى فقدان الوزن والحفاظ على الصحة العامة. إنها تذكير بأنه لا يجب النظر إلى تمارين المقاومة فقط كوسيلة لبناء العضلات، بل أيضًا كأداة فعالة لتقليل الدهون وتعزيز التوازن الأيضي.
إلى جانب تعزيز حرق الدهون وبناء العضلات، الدراسة تسلط الضوء أيضًا على كيفية تأثير تمارين المقاومة على الصحة العامة بطرق لم تكن مفهومة بالكامل من قبل. التمارين مثل رفع الأثقال تُحفز عمليات التفاعل بين الخلايا والأنسجة، مما يؤدي إلى تحسين وظيفة الجسم على مستويات متعددة. ومن المهم أن ندرك أن هذه الفوائد ليست مقتصرة على الرياضيين أو من لديهم خبرة طويلة في التمرين، بل يمكن لأي شخص، بغض النظر عن عمره أو مستوى لياقته البدنية، الاستفادة من هذه التأثيرات.
نتائج الدراسة تُعزز صحة الأيض
أكدت دكتوة مريم، أنه بناءً على هذه النتائج، من الواضح أن تضمين تدريبات المقاومة ضمن الروتين اليومي ليس فقط لأجل زيادة القوة أو تحسين المظهر البدني، ولكن أيضًا لتعزيز صحة الأيض، تحسين تكوين الجسم، وزيادة القدرة على حرق الدهون على المدى الطويل. هذه الفوائد تجعل تمارين المقاومة جزءًا أساسيًا من أي برنامج شامل للياقة البدنية أو فقدان الوزن.
في النهاية، النتائج تعزز الفكرة المتزايدة في الأوساط العلمية والرياضية بأن تمارين المقاومة يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من حياة كل فرد. سواء كان الهدف هو إنقاص الوزن، بناء العضلات، أو تحسين الصحة العامة، فإن التمارين التي تتضمن رفع الأثقال تقدم فوائد كبيرة تتجاوز بكثير ما نراه على السطح، حيث تعمل على تحسين الجسم على المستوى الخلوي والجزيئي.