جيل الألفية الأكثر عرضةً لها: التأثيرات السلبية للضوء الخافت من الهواتف المحمولة
يقضي أبناء جيل الألفية ما يقرب من ربع حياتهم وهم يقظون على الهواتف الذكية. لكن أبناء جيل زي هم الأكثر تعلقًا بشاشات الهواتف من بين جميع الأجيال البالغة، حيث يعترف 76% منهم بأنهم مرتبطون بهواتفهم أكثر مما يرغبون.
ومع ذلك، سلط الباحثون الضوء أيضًا على تقليص حجم الإفراط في التعلق لدى جيل زي؛ أي أن إساءة استخدام الأجهزة المحمولة كانت مرتبطة لدى هذا الجيل بنقص النشاط البدني، وانخفاض جودة النوم، والغش الأكاديمي، والاكتئاب، وانخفاض الاهتمام بالمُحفزات الخارجية.
مع تحوَل أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية إلى عنصرٍ أساسي في الحياة العصرية، كيف يمكننا التأكد من حماية أعيننا من وهج الشاشة؟
من بين العديد من الأفكار الرائعة التي تم الكشف عنها في استطلاع أوربيس الأخير Orbis (تعمل مؤسسة Orbis UK الخيرية للرؤية مع المستشفيات غير الربحية والحكومات الوطنية والمحلية والمنظمات غير الحكومية لتوفير التدريب على رعاية العيون والعلاج) حول صحة العين في المملكة المتحدة؛ كانت هناك إحصائيةٌ واحدة تفتح العيون بشكلٍ خاص: حقيقة أنه من بين جميع الفئات العمرية التي شملها الاستطلاع، كان الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عامًا - والذين يُعتبرون عمومًا جزءًا من المجموعة الجيلية المعروفة باسم جيل الألفية - أكثر عرضةً لتجربة حساسية الضوء عند القيادة ليلًا.
ونظراً لأن أعيننا تتغير بشكلٍ كبير مع تقدمنا بالسن، فقد تتوقعين أن يُظهر السائقون الأكبر سناً مشاكل أكثر فيما يتعلق بحساسية الضوء، مقارنةً بنظرائهم الأصغر سنًا؛ خصوصًا وأن هذا قد يكون أحد أعراض إعتام عدسة العين. ولكنه لم يكن الحال في الواقع: حيث أفاد 27% فقط من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 55 عامًا فأكثر، أنهم واجهوا مشاكل مماثلة.
إذن، ما الذي يجعل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عامًا أكثر عرضةً لحساسية الضوء؟ من المرجح أن تلعب ظروف مكان العمل دورًا - وتكشف التقارير السابقة أن أربعة من كل خمسة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عامًا، يقولون إن عيونهم تشعر بالإجهاد بعد يوم عمل، مع كون الساعات التي يقضونها في التركيز على شاشات الكمبيوتر عاملًا كبيرًا. الأمر لا يقتصر على أجهزة الكمبيوتر فقط؛ فالاعتماد المتزايد الذي لدينا جميعًا على هواتفنا له الكثير من المسؤوليات. الأشخاص في هذه الفئة العمرية هم أكثر مستخدمي الهواتف الذكية، وقد كشف أحدث تقرير لـ Ofcom أن 60٪ من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا، يتحققون من هواتفهم قبل خمس دقائق من إطفاء الأنوار في الليل.
الضوء الخافت للهواتف الذكية: مشكلةٌ كبيرة تتهدد أجيالنا القادمة
هذه العادة الأخيرة تُعدَ إشكاليةً بشكلٍ خاص، لأن الاكتشافات الأخيرة تشير إلى أن الضوء الأزرق من الشاشات الموجودة على أجهزة مثل الهواتف الذكية، يمكن أن يُعطَل النوم ويزيد من احتمالية إجهاد العين وحتى يتسبب بالعمى. ناهيكِ عن وجود خلفيةٍ خافتة للهاتف المحمول معظم الوقت، بحيث أعجزُ عن تصفَح هاتف ابنتي التي ستبلغ 16 عامًا الشهر القادم؛ كونها تُبقي الضوء خافتًا للغاية على هاتفها معظم الوقت. وهو ما يُثير قلقي وقلق والدها حول صحة عينيها وانعكاس هذه الإضاءة الخافتة على ضعف البصر لديها لاحقًا.
إن استخدام الهواتف المحمولة في بيئاتٍ ذات إضاءة خافتة، يمكن أن يؤثر بشدة على صحة العين، خاصةً بين الشباب والمراهقين. وقد أصبح الإجهاد الناتج عن الاستخدام المطول للشاشات ضمن ظروف إضاءةٍ ضعيفة، مشكلةً متزايدة مع ارتفاع الاعتماد على الأجهزة الرقمية بين الفئات العمرية الأصغر.
لتبيان تداعيات استخدام جيل الألفية للضوء الخافت على هواتفهم الذكية، وتقديم العون والمشورة لهم لحسن استخدامهم لهذه التقنية المحمولة؛ تحدثنا إلى الدكتور بورجا سلفادور، استشاري طب وجراحة العيون في مستشفى باراكير للعيون في الإمارات، والذي أفادنا مشكورًا بالمعلومات التالية..
الضوء الخافت للهواتف الذكية يؤدي لإجهاد العين الرقمي
أحد أبرز المخاوف من هذا الاستخدام هو متلازمة الرؤية الكمبيوترية (CVS)، أو إجهاد العين الرقمي. ويحدث ذلك بسبب الجهد المستمر الذي تبذله العين للتركيز على شاشةٍ مضيئة ضمن بيئةٍ خافتة الإضاءة. تتضمن الأعراض تهيَج العين، وضبابية الرؤية، والصداع؛ ويمكن أن تتفاقم هذه المشكلات عند الأطفال، حيث لا تزال عيونهم في طور النمو، مما يجعلهم أكثر عرضةً للتلف.
انبعاث الضوء الأزرق من الشاشات يُمثَل خطرًا آخر؛ فبينما يلعب الضوء الأزرق دورًا مهمًا أثناء النهار في تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية، فإن التعرض المفرط له خصوصًا في الليل، يمكن أن يُثبط إنتاج الميلاتونين. وهو ما يؤدي إلى اضطراب دورة النوم والاستيقاظ، متسبَبًا في الحرمان من النوم، وهي مسألةٌ خطيرة وضارة ليس فقط بالصحة العامة، وإنما بالتطور العقلي أيضًا لجيل الألفية.
مشكلةٌ أخرى طويلة الأمد قد تنتج عن الاستخدام المفرط للشاشات، هي تطوَر قصر النظر؛ حيث تشير الأبحاث إلى وجود علاقةٍ قوية بين زيادة الأنشطة التي تتطلب تركيزًا قريبًا، مثل استخدام الشاشات، وتطوَر قصر النظر. وتزيد الإضاءة الضعيفة أثناء هذه الأنشطة من تلك المشكلة من خلال إجهاد العضلات الهدبية المسؤولة عن التركيز، مما يسرّع تطوَر قصر النظر.
أضرار الضوء الخافت للهواتف الذكية.. وتدابير وقائية للتخفيف منها
من الطبيعي أن ننادي، وعلى أقل تقدير، بموازنة الأشياء في حياتنا؛ ليس من السهل بالطبع الطلب من جيل الألفية وغيره، التخلي عن الهواتف الذكية بالمطلق لأنها قد تتسبب لهم بمشاكل صحية خاصةً في النظر، ولكن يمكننا إرشاده لكيفية الاستخدام الجيد والمتوازن لها، بحيث تبقى ملجأهم عند الحاجة لاستخدامها إنما بطريقةٍ صحية.
وفي هذا الصدد، يقدم الدكتور سلفادور لنا ولهم هذه النصائح الوقائية:
- تشجيع استخدامٍ متوازن للشاشات: من خلال تحديد فترات استخدام الأجهزة وتخصيص أوقاتٍ خالية من الشاشات خلال اليوم.
- استخدام وضعية الليل أو فلاتر الضوء الأزرق: هذه الإعدادات تُقلَل من انبعاث الضوء الأزرق وتُخفَف من الإجهاد.
- مراقبة وضعية الجلوس والمسافة: الحفاظ على مسافةٍ مناسبة (حوالي 18-24 بوصة من العين) وضمان أن يحمل الصغار والمراهقين الأجهزة بزاويةٍ تُقلَل الوهج.
- إعطاء الأولوية للعب في الهواء الطلق: أثبتت الدراسات أن التعرض لأشعة الشمس الطبيعية يُبطئ تقدم قصر النظر، وهو إجراءٌ مضاد هام للتعرض المُفرط للشاشات.
مع التشديد على ضرورة أن يلعب الأهل والمُربون دورًا نشطًا في تعزيز هذه العادات. إذ يمكن للتغييرات البسيطة في نمط الحياة، أن تُقلَل بشكلٍ كبير من خطر المشكلات البصرية طويلة الأمد المرتبطة باستخدام الشاشات في ظروف إضاءةٍ خافتة، مما يحمي رؤية أولادنا في المستقبل.
تأثير الضوء الخافت للهواتف المحمولة على صحة العين
إن الاستخدام المُطول للهواتف المحمولة، وفي ظروف إضاءةٍ خافتة، يُشكَل مخاطر كبيرة على صحة العين؛ خاصةً بين جيل الشباب والمراهقين. إذ تُصدر الأجهزة الرقمية الضوء الأزرق، الذي يمكن أن يتغلغل بعمقٍ في العين، مما قد يتسبب في تلف شبكية العين بمرور الوقت. ورغم عدم وجود دليلٍ قاطع يربط الضوء الأزرق بفقدان البصر الدائم، إلا أن التعرض الطويل له قد يُسرّع من بعض مشكلات العين مثل الضمور البقعي مع تقدم العمر.
إحدى المشكلات الفورية لهذه المسألة هي إجهاد العين الرقمي، وهو حالةٌ تتميز بأعراضٍ مثل ضبابية الرؤية، وجفاف العين، والصداع، وإرهاق العين. وتتفاقم هذه الحالة في البيئات ذات الإضاءة الخافتة، حيث تضطر العين إلى بذل جهدٍ أكبر للتركيز. بالإضافة إلى ذلك، يميل الأفراد إلى تقليل معدل رمش العين أثناء استخدام الشاشات، مما يُقلَل من ترطيب العين ويُسبَب الجفاف وعدم الراحة.
هل تعانين من جفافٍ في العين واحمرارٍ غير مفهوم؟ راقبي عدد المرات التي ترمشين فيها أثناء تصفحكِ الهاتف المحمول؛ في حال كانت النسبة ضئيلة للغاية، اعلمي عزيزتي أن عدم الرمش الكافي هو السبب وراء هذه المشكلات في عينيكِ.
يرتبط استخدام الشاشات في الإضاءة الخافتة أيضًا باضطراب أنماط النوم. إذ يعمل الضوء الأزرق على تثبيط إنتاج الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم النوم. المراهقون من جيل الألفية والذين تكون ساعاتهم البيولوجية أكثر حساسيةً للتغيرات، هم الأكثر عرضةً لهذا التأثير. وقد يؤثر النوم السيئ بدوره على الصحة العامة والوظائف الإدراكية، التي تُعدَ أساسيةً خلال سنوات النمو.
مشكلةٌ أخرى متزايدة هي انتشار قصر النظر بين الأطفال والمراهقين. وتشير الدراسات إلى أن زيادة وقت الشاشة، مع تقليل الأنشطة الخارجية، يساهم في تطوَر قصر النظر وتقدمه. كما يزيد نقص ظروف الإضاءة المناسبة أثناء استخدام الشاشات من هذه المشكلة، حيث تضطر العين إلى بذل جهدٍ كبير، ما يؤدي إلى تدهورٍ تدريجي في حدة البصر مع الوقت.
توصياتٌ مهمة للتخفيف من هذه المخاطر
لتحمي نفسكِ ومن تحبين من مخاطر سوء الإضاءة عند استخدام الهاتف الذكي؛ ما عليكِ سوى اتباع هذه التوصيات التي يقدمها الدكتور بورجا سلفادور، استشاري طب وجراحة العيون في مستشفى باراكير للعيون:
- اتباع قاعدة 20-20-20: خذي استراحةً كل 20 دقيقة من استخدام الهاتف أو الكمبيوتر، وانظري إلى شيءٍ يبعد عنكِ 20 قدمًا لمدة 20 ثانية.
- ضبط سطوع الشاشة واستخدام وضعية الليل: تأكدي من أن سطوع الجهاز يتناسب مع الإضاءة المحيطة.
- تحديد استخدام الشاشات في الليل: تجنَبي استخدام الأجهزة لمدة ساعة على الأقل قبل النوم، لتقليل اضطرابات النوم.
- زيادة الأنشطة الخارجية: شجعي نفسكِ وأولادكِ على قضاء ساعتين على الأقل يوميًا في الهواء الطلق، حيث أن الضوء الطبيعي مفيدٌ لتطور العين.
في الخلاصة؛ فإن للأهل والأوصياء دورٌ أساسي في توجيه الشباب والمراهقين لاعتماد بعض الممارسات الصحية، لضمان صحة العين على المدى الطويل. وتُشكَل الإضاءة الخافتة للهواتف الذكية خطرًا مضاعفًا على صحة العينين لدى جيل الألفية، ممن يبدون تعلَقًا كبيرًا باستخدام هذه الهواتف طوال الوقت.
من الطبيعي أن تتراجع صحة العيون مع العمر، لكن أولادنا يُسرَعون من هذه المشاكل في عمرٍ مبكر؛ وذلك من خلال الاستخدام الخاطئ والزائد لهذه الهواتف. لذا من الضرورة أن نقوم بواجبنا تجاههم بشكلٍ مضاعف، ونقدم لهم توصياتٍ وتدابير وقائية تحميهم من مضاعفات الاستخدام المفرط للمحمول خاصةً في ظل الإضاءة الخافتة التي يعشقها جيل الألفية.