خاص "هي": من "آيرون مان" إلى قمم العالم.. لولوة المري تلهم النساء لرسم حدود جديدة للإنجاز
لولوة المري رياضية استثنائية حطمت الأرقام القياسية في رياضات التحمل، حيث تنافس في مجموعة واسعة من الرياضات، بما في ذلك الترياثلون، وركوب الدراجات، والجري، وتسلق الجبال. في عام 2021 أصبحت لولوة أول امرأة قطرية تكمل مسافة "آيرون مان" الكاملة، محققة إنجازا عالميا، ومرسخة معايير جديدة لرياضيي التحمل على مستوى العالم.
تُعّد لولوة رمزا للتغيير وداعما قويا لمشاركة المرأة وتمكينها في الرياضة، حيث أسهمت في كسر الحواجز وفتح آفاق جديدة للنساء لتحقيق أحلامهن والوصول إلى إمكاناتهن الكاملة. لا يتوقف شغف لولوة عند خطوط النهاية؛ بل يمتد إلى تحدي قمم العالم الأكثر صعوبة، مثل قمة جبل "إلبروس" Mount Elbrus، أعلى قمة في أوروبا بارتفاع 5642 مترا، والتي تسلقتها في يونيو 2024، وقمة "آيلاند بيك" Island Peak في نيبال بارتفاع 6185 مترا في أبريل من العام نفسه. وهي اليوم تسعى لتحقيق حلمها الأسمى بتسلق جبل "إيفرست" Mount Everest. في سبتمبر 2024، بدأت لولوة مرحلة جديدة ومثيرة في مسيرتها الرياضية بانضمامها إلى عائلة "نيو بالانس" سفيرة للعلامة التجارية، لتنضم إلى نخبة من أبرز الرياضيين العالميين.
في هذه المقابلة الخاصة مع "هي"، تشاركنا لولوة المري تفاصيل رحلتها الفريدة، من كسر الحواجز المجتمعية إلى صعود القمم العالمية، وتفتح لنا أبوابا نحو أحلامها وطموحاتها المقبلة. سنتعرف إلى تجاربها وأبرز محطاتها الرياضية، كما تسلط لولوة الضوء على أهمية تمكين المرأة في الـــريـــاضة، وتـقدم نصائحها للنساء اللواتي يسعين لتحقيق إنجازات استثنائــيـة في أي مجال.
ما الذي ألهمكِ لممارسة رياضات التحمل والقدرة؟ وما شعوركِ لكونكِ أول امرأة قطرية تكمل مسافة الرجل الحديدي بالكامل؟
لقد كان إلهامي لممارسة الرياضة نابعا من مزيج من الشغف الشخصي والرغبة في تحدي المعايير المجتمعية التي كنا نعيش في ظلها. نشأت في قطر، حيث كانت القيود التقليدية تمثل عائقا، ورغبت في إظهار أن المرأة يمكنها التفوق في جميع المجالات، بما في ذلك الرياضة. إتمام سباق الرجل الحديدي كان لحظة فارقة في حياتي؛ حيث لم أُثبت فقط لنفسي قدرتي على التحدي، بل كنتُ أول امرأة قطرية تحقق هذا الإنجاز. عبور خط النهاية كان لحظة مليئة بالفخر، وأتمنى أن تلهم قصتي الأخريات لتحقيق أحلامهن في قطر وفي جميع أنحاء المنطقة.
هل يمكنكِ مشاركة أهمية إنجازاتك الأخيرة في مجال تسلق الجبال، مثل تسلق جبل إلبروس وقمة "آيلاند بيك"، في رحلتك كرياضية؟
تسلق جبل إلبروس وقمة "آيلاند بيك" كانا من أكثر التجارب التي غيّرت حياتي. تسلق قمة "آيلاند بيك" كان تحديا هائلا، حيث اختبرت فيه مهاراتي العقلية والبدنية على أكمل وجه. أما تسلق جبل إلبروس، فكان مميزا لأنه تم بمشـــاركة مجــمـــوعــــة من المتسلقيـــــن من دول مجـــلــــس التعاون الخليجي، وهو ما جعل الرحلة أكثر متعة وتعاونا. تعلمت من هذه التجارب أهمية العمل الجماعي والمرونة، فـــضلا عن قــــوة المجـــتــمـــع الـــداعـــــم. هذه الرحـــــلات زادت من شغفي بتسلق الجبال، وأكدت عزيمتي على تجاوز حدودي، وآمل أن تُلهم قصتي الآخرين لتحدي أنفسهم وتحقيق أهدافهم.
بصفتك مدافعة شغوفة عن مشاركة المرأة في الرياضة، ما التحديات التي واجهتكِ؟ وكيف تغلبتِ عليها لتمهيد الطريق للآخرين؟
واجهت الكثير من التحديات كمدافعة شغوفة عن مشاركة المرأة في الرياضة. نشأتُ وأنا أواجه قيودا على ما يمكنني تحقيقه وأين يمكنني متابعة اهتماماتي. كان هناك تركيز قوي على الأكاديميين، ولم يتم تشجيعي على طرق أبواب الرياضة كثيرا، وهو ما أدى إلى ظهور شكوك حول المرأة في مجال الرياضة، وواجهت في كثير من الأحيان انتقادات حيال سعيي وراء شغفي.
ومع ذلك، تعلمت تحويل تلك الطاقة إلى دافع، وذلك من خلال مشاركة رحلتي والتفاعل مع المجتمع. وأتمنى أن أُلـــهـــم الفتـــيــــات الصغـــيــــرات للســـعــــي وراء شـــغـــفـــهــن دون خجل، وأريد أن يدركن تماما أن باستطاعتهن التحرر من القيود المجتمعية وتحقيق أحلامهن، سواء في الرياضة أو غيرها من المجالات. "معا يمكننا تمهيد الطريق للمرأة المستقبلية في الرياضة في قطر".
كيف تتـــخـيــلـيــــن مستــقـبــل الرياضيات في قطر والمنطقة؟ وما الدور الذي تضطلعين به في هذا التطور؟
أتخيل مستقبلا مشرقا للرياضيات في قطر، حيث ستنخرط النساء في رياضات متعددة، ليس فقط الرياضات التقليدية، ولكن أيضا في الرياضات التي تتطلب قوة أكبر ورياضات المـــغــــامــــرة. وباعــــتــبــــاري سفــــيـــــرة لعـــــلامــــــــة "نيو بالانس"، فإنني أرغب في لعب دور فاعل في توسيع نطاق التعريف بالرياضيات وتعزيز الفرص للفتيات للمشاركة في الرياضة، وآمل أن نتمكن من بناء مجتمع رياضي قوي يعزز من إمكانات النساء في جميع المجالات.
تتطلب رياضات التحمل قوة جسدية وعقلية على حد سواء، كيف تعززين الانسجام الداخلي للبقاء مستعدة خلال التدريب والمنافسات الشاقة؟
الانسجام الداخلي أمر ضروري بالنسبة لي، خاصة خلال التدريب والمنافسات الشاقة. أمارس التأمل بانتظام، وأدمج تقنيات التنفس التي تساعدني على الحضور والتركيز. تعد تقنيات التصور أيضا جزءا كبيرا من روتيني اليومي؛ أتخيل نفسي أتغلب على العقبات وأحقق أهدافي، وغالبا ما أتخيل نفسي مع ميدالية ذهبية، وأرفع العلم القطري عاليا. هذا لا يعزز ثقتي فحسب، بل يذكرني أيضا بأهمية رحلتي.
ماذا تعني لك "العناية الذاتية" بصفتك رياضية؟ هل يمكنك مشاركة أي طقوس أو ممارسات صحية كانت مفتاحا للحفاظ على طاقتك وتركيزك خلال التحديات الصعبة؟
العناية الذاتية بالنسبة لي تعتبر جزءا أساسيا من رحلتي الرياضية، ومكونا حيويا في مجال الوعي بالصحة العقلية. يتضمن ذلك تغذية كل من جسدي وعقلي، والاعتراف بأهمية التوازن في تحقيق الأداء الأمثل. هذا الأمر يتمحور حول عدم مقارنة نفسي بالآخرين والتركيز على رحلتي الشخصية، والتي تتماشى تماما مع مبادرة " اركض على جوك" من نيو بالانس. تذكرني هذه الفلسفة بأن الجري والعناية الذاتية هي تجارب شخصية، ومن المهم أن أخوض سباقي الخاص وبوتيرتي الخاصة من دون ضغط لمطابقة تقدم أي شخص آخر.
كما كان الاجتماع مع طبيب نفس رياضي نقطة تحول فارقة في مسيرتي، حيث قدم لي رؤى قيمة حول كيفية تأثير الصحة العقلية بشكل مباشر في قدراتي الجسدية، حيث تعلمت من خلال جلساتي تقنيات لإدارة التوتر والقلق، وهو ما حسّن تركيزي بشكل كبير أثناء التدريب والمنافسات، فأصبح دمج ممارسات التأمل والتصور جزءا مهما من روتيني، وهو الأمر الذي ساعدني على الاحتفاظ بتركيزي الكامل.
كيف تـــوازنيــــن بين الإنــجــــازات الجـــســديــــة والـــرفــــاهية العاطفية والعقلية؟ ومن أبرز داعميكِ؟
التــــوازن بين الإنـــجــــازات الجــــســـديــــة والـــرفــــاهيــــة العــقـــلــيــــة والعاطفية هو رحلة مستمرة، حيث أضع أهدافا واقعيـــــة وأحتـــــفــــل حتى بأصـــغـــر الإنـــجــــازات، باستــخــدام التدويــــن اليومي للتفكير في مشاعري والتقدم الذي أحرزه. أتلقى دعما كبيرا من محيطي، بما في ذلك الأصدقاء المقربون والعائلة وزملائي الرياضيون، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لي، حيــــث يـــوفـــــرون التـــشـــجــيــــع والحـــافــــز خلال الأوقات الصعبة، ودائما ما يذكرونني بضرورة إعادة شحن طاقتي عند الحاجة. إضافة إلى ذلك، أنا ممتنة أيضا لكوني جزءا من مجتمع "نيو بالانس"، الذي أصبح بمنزلة عائلة ثانية لي نتشارك في مستوى تفكير مماثل، ودائما ما يحفزونني ويحــمــلــــونــــني المسؤولـــيــــة ويُلهــــمــوني لتحـــقــيــــق المـــــزيـد من الإنجازات.
كيف يتماشى كونكِ سفيرة لعلامة "نيو بالانس" التجارية مع قيمكِ بصفتك رياضية ومدافعة عن التمكين؟
كوني سفيرة لعلامة "نيو بالانس" التجارية يتماشى تماما مع قيمي باعتباري رياضية ومدافعة عن التمكين. تلتزم "نيو بالانس" بالشمولية وتعزيز مشاركة المرأة في الرياضة، وهو ما يتردد صداه بعمق مع رسالتي. إن أكثر ما يعجبني هو تشجيع العلامة التجارية للنساء على تحدي أنفسهن وكسر الحواجز. ومن خلال تمثيل "نيو بالانس"، أشعر بأنه يمكنني إبراز حقيقة أن جميع النساء يستحققن السعي وراء شغفهن في الرياضة واللياقة البدنية، بغض النظر عن القيود المجتمعية.
ما نصيحتك للمرأة التي تطمح إلى كسر الحواجز في أي مجال؟
نصيحتي الوحيدة للمرأة التي تطمح إلى كسر الحواجز في أي مجال هي أن تثق بقدراتها وتؤمن بها، لا تخافي من تحدي الوضع الراهن أو طرح الأسئلة التي قد تبدو غير مريحة. أحيـــطـــي نــفـــســــك بشبكة داعمة من المرشدين والأقران الذين يرفعون من شأنك ويشاطرونكِ رؤيتك. بالنســـــبة لي، إن كوني جــــزءا من مجتمع "نيو بالانس" كان مثالا رائعا على ذلك، حيث حظيت بمجموعة شجعتني على خوض سباقي الخاص والإيمان بقدراتي.
تذكــــري أن النـــكــســـات جــــزء من الرحــــلــــة؛ استــخــدمــيــــها كخــبــــرات تعــلـيــمـيــــة لتصبـــــحي أقـوى، فالأمر يستحق، وذلك لأن الخروج من منطقة راحتـــــك سيـــؤدي ليـــــس فـــقــط إلى النـــمو الشخـــصــــي، ولكــــن أيضا إلى إلهام النساء الأخريات لتحقيق أقصى غاياتهن.