علاقة خالدة بين الصحة والحب.. إليكِ أهميتها لتعزيز صحتكِ النفسية وشعوركِ بالسعادة
ليس غريبًا أن يكون هناك علاقة وثيقة بين الصحة والحب. فالصحة ليست الخلو من المرض، ولكن الصحة هي السعادة، والأمن النفسي، والشعور بالرفاهية والوفرة. كما أن المصدر الأساسي للسعادة هو الحب، والمصدر الأساسي للأمن النفسي هو الحب. وتلك غايتنا جميعًا من الحياة "السعادة والأمن النفسي".
وبما أن السعادة هي حالة من السرور والرضا. والأمن النفسي هو حالة من الوثوق والسيطرة على الخوف، والتحكم في الذات، والاستعداد لما سوف يحدث مستقبلًا. فكلاهما، أي "السعادة والأمن النفسي"، يجعلان الإنسان يشعر بالاكتمال. والاكتمال هو شعور عظیم مرتبط بالتوافق والانسجام مع مكونات الإنسان الثلاثة: "الروح والنفس والجسد".
من هذا المنطلق، سنُطلعكِ عبر موقع "هي" على أهمية الحب في تعزيز صحتكِ النفسية وشعوركِ بالسعادة، بناءً على توصيات استشارية الطب النفسي الدكتورة لبنى عزام من القاهرة.
معنى "أنا أحبك" في علم النفس
وبحسب دكتورة لبنى، التوافق والانسجام إلى حدّ الالتحام بين الروح والنفس والجسد هو الألفة مع النفس، والشعور بالذات. يترجم ذلك لفظيًا في كلمة أنا، فحينما تقولي "أنا" فإنكِ تشعرين بهذه الأنا، كي تعرفيها وتألفيها. لا تنظري إليها وكأنها تقع أمام عينيكِ ولكن تشعري بها داخلكِ. وحين توجد " أنا " يوجد الآخر. أنا والآخر، وأنا وأنت، وبذلك يكتمل الإنسان، يكتمل أولًا مع نفسه ثم يكتمل مرة ثانية مع الآخر، أي قمة السعادة وقمة الأمن النفسي. ولكن بشرط أن تكون العلاقة مع الآخر هي علاقة حب، ولذا فأنتِ تكوني في أروع حالاتكِ وأنتِ تقولين للآخر: " أنا أحبك". قمة الإحساس بالذات وقيمة التكامل الداخلي بين الروح والنفس والجسد، وقمة التكامل بالإنسان الآخر، وقمة الشعور باللذة والنشوة والانسجام والسرور والرضا والطمأنينة.
بانوراما كونية للكشف عن الرؤية الخارجية والداخلية معًا
وتابعت دكتورة لبنى، وبعد أن يتحقق لكِ هذا الشعور القوي بالذات، والشعور المؤكد بالإنسان الآخر، فإنكِ تشعرين بموقعكِ في هذا الكون. وتستطيعي أن ترّي أبعاد وأطراف الكون بوضوح على هيئة "بانوراما كونية". وتتجلي لكِ الأسرار، ويتعمق الفهم، للوصول إلى أروع متعة وهي "الفهم والإحاطة والكشفعن الرؤية الخارجية والداخلية معًا".
المعنى الحقيقي للصحة مرتبط بأعلى درجة في الصحة النفسية
وأضافت دكتورة لبنى، في هذه الحالة تشعرين بحّسن الحال الناتج عن الإيقاع المنتظم لأجهزة الجسم المختلفة وانسجامها مع بعضها بعضًا، وهي أعلى درجة في الصحة الجسدية. ثم تشعرين بالصفاء والتواصل، وهي أعلى درجة في الصحة الروحية، ثم تشعرين بانسجام فكركِ مع وجدانكِ وإدراككِ، وانسجام كل ذلك مع سلوككِ وردود أفعالكِ، وهي أعلى درجة في الصحة النفسية.وببساطة شديدة منكِ، ومن دون أي عناء أو بذل مجهود، ستشعرين بانسجام روحكِ مع نفسكِ ومع جسدكِ. كل يؤثر في الآخر، لأنه جزء من الآخر. إنه شيء مثل: "الانسجام الفسيولوجي" الذي يحدث بين حركة القلب والرئة والكبد والكلى. إيقاع منتظم من كل عضو ينسجم بنسق، وتتابع معين مع الإيقاع الصادر عن بقية الأجهزة الأخرى. وهذا هو المعنى الحقيقي للصحة.
الصحة الجسدية ليست الخلو من المرض بل أبعد من ذلك
ووفقًا للدكتورة لبنى، الصحة هي انتظام الإيقاع. هي الانسجام. هي الشكل الجميل، هي الباطن القوي.هي الأنا المتحدة روحًا وجسدًا، وهي القدرة على التواصل العاطفي مع الآخر. إذاً الصحة ليست الخلو من المرض، بل أبعد من ذلك. ولذا فالإنسان قد يشعر بغاية الصحة وهو ضرير أو وهو مبتور اليد أو فاقد للنطق والسمع. فنحن نُطالع هؤلاء الناس وهم في غاية السعادة، رغم قصورهم الصحي، ويشعرون بالأمن النفسي رغم عجزهم الواضح، أو رغم اختلافهم عن بقية الناس.إذاً المرض في حد ذاته ليس معوقًا، وإنما الإعاقة تأتي من التفسخ الذي يصيب الوحدة الإنسانية، فتتطاير متناثرة، الروح والنفس والجسد، لشظايا ليس لها علاقة ببعضها. هذا هو المرض، ودواؤه الحب، فأحبوا تصحوا.
العلاقة وثيقة بين الصحة النفسية والحب
من ناحية أخرى، أوضحت دكتورة لبنى، أنهوُجد علميًا أن الوقوع في الحب يأتي على شكل ثلاثة مراحل، ولكل مرحلة هرمونات خاصة بها من شأنها أن تحدث تغييرات فسيولوجية ونفسية، وذلك على النحو التالي:
مرحلة الرغبة
مرحلة الرغبة هي المرحلة الأولى في الحب، حيث يقوم الجسم بإفراز هرمونات الأستروجين (Estrogen) لدى السيدات، والتستوستيرون (Testosterone) لدى الرجال، وهذين الهرمونين يثيرين الشعور بالشهوة والرغبة الجنسية في الدماغ.هذا الأمر يؤدي إلى تعزيز عمل الغدد اللمفاوية المسؤولة عن عمليات تنقية الدم، وضخه إلى الأنسجة، والخلايا المختلفة من أجل مدّ الجسم بالطاقة والتخلص من الإجهاد والتعب.من جهة أخرى، عند الوقوع في الحب يتم إغلاق نشاط منطقة التقييم الموجودة في مقدّمة الدماغ، وهذا ما يفسر عدم تتطابق التقييمات العقلانية مع توجه المشاعر والعاطفة نحو شخص ما، وهو ما يعبر عنه الأمثال الشعبية بالحب أعمى!
مرحلة الانجذاب
هي المرحلة الثانية من الحب وخلالها لا يشغل بال وتفكير الشخص إلا الحبيب، ويحدث ذلك بعد وقت قصير من مقابلة شخص تحبينه. إذ يتم إفراز هرمون الدوبامين (Dopamine) المسمى بهرمون السعادة الذي يدفعكِ إلى الشعور بالفرح، وامتلاك الثقة بالنفس.بمجرد إطلاق هذا الهرمون فإنه يؤدي إلى إحداث مجموعة من التغييرات الجسمانية، مثل: "زيادة الطاقة، وبالتالي تقل حاجتكِ إلى النوم أو تناول الطعام"، حيث تُصبحين أكثر تركيزًا على الشخص الذي تحبينه، والاهتمام بكل التفاصيل المتعلقة به.
الجدير بالذكر، أنه وُجد ثلاثة مراحل فرعية أخرى لمرحلة الانجذاب تؤدي إلى إحداث تغييرات جذرية على شخصية الفرد تسمى أعراض الحب، وتحدث نتيجة زيادة إفراز الهرمونات التالية:
-
هرمون الأدرينالين (Adrenaline)
يُفرز هرمون الأدرينالين من الغدة الكظرية، إذ يعمل على رفع عدد ضربات القلب؛ مما يعني سرعة ضخ الدماء خلال الشرايين التي تتوسع بدورها لاستيعاب ما يأتيها من الدماء لإمداد العضلات والخلايا بالمزيد من الأكسجين.
-
هرمون الدوبامين
عند الوقوع في الحب يقوم الدماغ بإفراز هرمونات معبرة عن اللحظة السعيدة حيث يحمر الوجه، وتعرق اليدين، ويخفق القلب. علمًا أنه أحد الهرمونات المسؤولة عن تلك التغييرات، كونه يقوم بتنشيط المستقبلات، والإشارات العصبية، فتشعر المحبوبة وهو بصحبة حبيبها بنشاط لا يقاوم، وسعادة غامرة.
-
هرمون السيروتونين (Serotonin)
هو أحد المواد الكيميائية التي تنتجها الخلايا العصبية، وهو المسؤول الأول عن الشعور بالسعادة والرضا والراحة النفسية، والرغبة الجنسية، ومشاعر الحب والعاطفة عند الإنسان.لذا كلما انتظمت نسبته استقرت في المقابل الحالة المزاجية للمرأة والإنسان بصفة عامة. لكن الاضطراب فى نسبة هذا الهرمون تؤدي للإصابة بالعديد من الأمراض النفسية، كالاكتئاب والقلق والتوتر.
مرحلة التعلق والارتباط
هذه المرحلة مرتبطة بنوعين من الهرمونات تصدر عن الجهاز العصبي والمسؤولة عن ما يسمى بالتعلق الاجتماعي، وهذين النوعين من الهرمونات هما:
-
هرمون الأوكسيتوسين (Oxytocin)
الذي يُعرف بهرمون الحب هو هرمون يتم تصنيعه في منطقة ما تحت المهاد في الدماغ ويتم نقله إلى الجسم بواسطة الغدة النخامية، ويزداد هذا الهرمون في الحالات الآتية: "أثناء المخاض، وأثناء العلاقة الحميمية، أو العناق مما يزيد من الترابط العاطفي".
-
هرمون فاسوبريسين (Vasopressin)
هو هرمون مهم جدًا في مرحلة الإرتباط، وكلما زاد إفرازه وتواجده لدى الشركاء زاد تعلقهم وإخلاصهم لبعضهما البعض.
وأخيرًا، بعد أنت تعرفتِ على أهمية الحب لتعزيز الصحة النفسية والشعور بالسعادة؛ أصبح لا مجال للحزن والاكتئاب والقلق. لذا كوني قوية، أخلّصي في الحب لنفسكِ أولًا، واعتنّي بها، وحافظي على سلامتها؛ من أجل الحفاظ على صحتكِ العامة، وخصوصًا صحتكِ النفسية.