
مدربة اليوغا لنا ناظر تكتب لـ"هي": الحب كرحلة تعبير عن الذات وتواصل من خلال اليوغا
اليوغا لغة حب
اليوغا أكثر من مجرد ممارسة بدنية. إنها حوار، ولغة غير منطوقة بين الجسد والروح، تهمس برسائل العناية والتوازن والاحترام. في عالم عادة ما يطلب منّا الكثير، تذكرني ممارسة اليوغا بالتوقف، والتنفس، والاعتراف بحاجاتي. هذا الوعي هدية لنفسي، ووسيلة أقول بها لذاتي: "أنت منظورة، أنت مسموعة، وأنت محبوبة".
من خــــلال اليــــوغـــــا، فـــهــمــــت أن الحــــب ليـــس مفـــهـــومـــــا بمقاس واحد يناسب الجميع، بل إنه ديناميكي ومتعدد الأوجه بقدر ديناميكيتنا وتعدد أوجهنا كأفراد. في بعض الأيام، يبدو الحب مثل تمرين "فينياسا فلو" الصعب، حيث أتجـــــاوز حدودي وأجد قوة لم أكن أعلم أنني أمتلكها. وفي أيام أخرى، يكون ممارسة مرمّمة وشافية، فأستلقي في سكون، وببساطة أكون. والاثنان متساويان في القيمة والعمق.
لقد علمتني اليوغا أيضا القبول. في كل وضعية، هناك فرصة للقاء نفسي كما أنا، سواء كنت قوية أو متعبة، مركزة أو مشتـتة. هذا النوع من الحب متجذر في التعاطف، والقدرة على احتضان كل جوانب أنفسنا دون حكم. إنه تذكير بأن الحب ليس عن الكمال، بل عن الحضور الحقيقي.
بناء مجتمع قائم على الحب
عندما أسست "كراما يوغا"، كنت أحلم بإنشاء أكثر من مجرد استوديو، فأردت بناء مــــلاذ يزدهــــــر فيه الحب. وينعـــــكس هذا الحب من خـلال روح الجماعة التي تملأ مساحتنا. في كل مرة يخطو فيها شخص على سجادته، هو لا يمارس اليوغا فحسب، بل يسهم في تغذية طاقة مشتركة من القبول والانتماء. معا، نحتفل بالانتصارات، وندعم بعضنا بعضا خلال التحديات، ونذكّر بعضنا بعضا بأن الحب ينمو في الاتصال.
أحد أكثر جوانب هذه الرحلة تأثيرا في قلبي هو رؤية كيف تغير اليوغا حياة الناس. لقد رأيت طلابا يتعافون من آلامهم الجسدية والعاطفية.
وشاهدت الثقـــــــة تنمو والصداقات تـــــزدهــــــر. يكــــمــــن الحب في تلك اللحــــظـــــات الصغيرة والعميقة، عندما يتمـكن شخص من الثبات في وضعية لم يكن يعتقد أنه يستطيع تنفيذها، أو عندما ترتسم على وجهه ابتسامة رضى هادئة في نهاية الحصة.
هذا الشـــعـــــور بالاتــــصـــــال يمتـــــد إلى ما هـــــو أبـــعــــد من جدران الاستوديو. كمجتمع، نلتقي في فعاليات وورش عمل وممارسات مشتركة، وكل اجتماع هو شهادة على قوة الحب الجماعي. في هذه اللحظات، أرى كيف يمكن لليوغا أن تخلق أفرادا أكثر صحة، وأيضا مجتمعات أكثر قوة ورحمة.
ثورة حب الذات
في عالمنا السريع الوتيرة والمدفوع بالسعي نحو الإنجازات، يُعتبر حب الذات في كثير من الأحيان ترفا. لكنني أراه أمرا أساسيا. علّمتني اليوغا أن حب النفس ليس أنانية، بل هو أساس للاستدامة. عندما نعتني بأنفسنا، نبني قدرتنا على الاهتمام بالآخرين. وعندما نرعى عالمنا الداخلي، نجلب المزيد من النور إلى عالمنا الخارجي.
هذا ينــــطـــبـــق بشــكــــل خاص على النـــــســــاء اللـــواتـــــي غــــالــبـا ما يجدن أنفســــهن يسعــــين إلى المــــــوازنـــــة بين العـــديـــــد من الأدوار والمسؤوليات. من خلال اليوغا، أشجع المرأة على استعادة وقتها، ومساحتها، وصوتها. أقول لها: "أنت تستحقين ذلك. رفاهك مهم". وعندما نتعامل مع اليوغا على أنها من أفعال حب الذات، نمنح أنفسنا الإذن بالنمو والشفاء والازدهار.
حب الذات هو أيضا عن الاحتفال بالتقدم، مهما كان صغيرا. ويتعلّق كذلك بإيجاد الفرح في الرحلة بدلا من التركيز فقط على وجهتها. لم تحوّل هذه العقلية ممارستي لليوغا فحسب، بل حوّلت أيضا نظرتي إلى الحياة. وهو درس أتمنى أن أتشاركه مع كل طالب يدخل بابنا.
الحب ما بعد السجادة
لا تبقى دروس اليوغا محصورة بسجادتها، بل تمتد خارجا إلى كل جانب من جوانب الحياة. يصبح الحب هو الخيط الذي يسير في علاقاتنا وعملنا ومجتمعاتنا. ونتعلّم أن نتعامل مع التحديات بصبر وتعاطف، وأن نحتفي بنقاط قوتنا ونحتضن عيوبنا في الوقت ذاته.
من أكثر التجارب العزيزة عليّ هي ممارسة اليوغا مع جدّتَي. مشـــــاهـــــدة إصــــرارهــمـــــا وفــــرحــهـــمــــا تمـلـــؤني بالامتنان والشعور المتجدد بالتصميم والعزم. تذكرني رحلتهما بأن ليس للحب عمر ولا حدود. وأن الأوان لا يفوت أبدا للبدء في حب أنفسنا ومَن حولنا.
يؤثّر هذا المنظور أيضا في مقاربتي لعملي. سواء من خلال تقــــديم دروس مبتكرة مثل اليوغا بالأشــعــــة تحت الحــــمــــراء أو إنشــــاء مســاحــــات للحـوارات الهادفة، أسعى جاهدة لضمان أن تكون كل تجربة في "كراما يوغا" مغمورة بالحب. فيهمّني أن أجعل العافية متاحة وجذابة وشخصية للغاية.
دعوة إلى الحب
فيما نحتفل بالحب في كل أشكاله هذا الشهر، أدعوكم للتفكير في كيفية دمج الحب في حياتكم اليومية. ربما يكون ذلك من خلال اليوغا، أو ربما في لحظات الامتنان الهادئة، أو الأنفاس العميقة التي تثبّتك، أو العلاقات التي تعززينها مع من حولك. تذكري أن الحب ليس شيئا نعطيه فقط، بل هو شيء ننمّيه في أنفسنا.
دعــــــونا نعيد تعريف الحب على أنه أكثر من مجــــرد رومانسية أو تعلّق. فليكن احتفالا بمن نحن، والتزاما برفاهيتنا، وجسرا يربطـــنا بالعالم. من خلال اليوغا وما بعدها، آمل أن نجد جميعــــا طرقـــنــــا الفــــريـــدة للتعبير عن الحب واحتضانه.
لأن الحب في جوهره ليس مجرد شعور؛ إنه ممارسة. وشأنه شأن اليوغا، لديه القدرة على تحويلنا، نَفَسا تلو الآخر.