
د. مي العشري لـ "هي" بمناسبة يوم المرأة العالمي: التمكين في المهن الصحية طريق للعطاء والقيادة
يحتفل العالم بعد غد بيوم المرأة العالمي الموافق 8 مارس 2025؛ هذا الشهر هو شهر المرأة، الأم، والأخت، والزوجة، والابنة. إن المرأة صاحبة الدور الأبرز في المجتمع. في هذا اليوم، يتم تكريم النساء اللواتي أسهمن بشكلٍ كبير في بناء المجتمعات وتطويرها.
إن دور المرأة في المجتمع يتجاوز الأدوار التقليدية التي كانت محدودة في الماضي، فقد أصبحت اليوم شريكة أصيلة وأساسية للرجل في مختلف المجالات، من السياسة والتعليم، إلى الاقتصاد والصحة والفن. لم تعد داعمة لأسرتها فقط، ولكن أصبحت داعمة لمجتمعها أيضًا من خلال تحقيق نجاحات شخصية ومهنية تساهم في رفعته وتقدمه.

يوم المرأة العالمي
يوم المرأة العالمي هو فرصة للتأكيد على أهمية المساواة في الحقوق والفرص، ولإبراز الحاجة المستمرة إلى تعزيز دور المرأة في جميع جوانب الحياة، وبهذه المناسبة يروق لنا نحن"مجلة هي" أن نذكر نماذج لنساء اجتهدن واخترقن صفوف الرجال لاثبات ذواتهن في كثير من المجالات. معنا اليوم نموذج لامرأة كافحت من أجل الحصول على مكانة جيدة في المجتمع، تغلبت على كل الصعاب، تحدت كل الظروف التي واجهتها، لم تنسى أبدًا دورها كزوجة داعمة لزوجها، ولا كأم راعية لأبنائها، ولا كامراة عليها اثبات ذاتها.
معنا اليوم دكتورة "مي العشري" طبيبة أسنان، كواحدة من بين الناجحات في مجال الطب والرعاية الصحية بمناسبة يوم المرأة العالمي لتحدثنا عن مسيرتها الناجحة في مجال الصحة.
بداية خبرينا عن نفسك، من هي مي العشري؟
أنا د. مي العشري، طبيبة أسنان أعمل في الإمارات منذ أكثر من 20 عامًا. شغفي بالمجال الصحي بدأ منذ الصغر، حيث كنت دائمًا مهتمة بعلم الطب وتأثيره على حياة الناس. على مدار مسيرتي، كنت حريصة على تطوير مهاراتي ومواكبة أحدث التقنيات في طب الأسنان، بالإضافة إلى بناء علاقات قوية مع المرضى، مما جعلني أعتبر عملي رسالة أكثر من كونه مهنة.
ما الذي ألهمك لاختيار مجال الطب والصحة؟ وهل كان لديك نماذج نسائية تلهمك في هذا المجال؟
لطالما كنت أرى أن المهن الصحية ليست مجرد وظائف، بل هي وسيلة للعطاء والتأثير في حياة الآخرين. فكرة أنني أستطيع المساهمة في تخفيف الألم وتحسين جودة حياة المرضى كانت بمثابة الدافع الأكبر لدخولي هذا المجال. وبالطبع، كان هناك نماذج نسائية ملهمة، سواء على المستوى العالمي مثل الطبيبة ماري كوري، أو حتى على المستوى الشخصي من خلال أساتذتي وزميلاتي اللواتي أثبتن قدرة المرأة على تحقيق النجاح في الطب رغم أي تحديات.
لماذا اخترتِ تخصص طب الأسنان تحديدًا؟
طب الأسنان هو مزيج فريد بين الطب والفن، حيث يتطلب مهارات دقيقة لتحسين صحة المرضى ومظهرهم في الوقت نفسه. كما أن صحة الفم ترتبط بشكل وثيق بالصحة العامة، مما جعلني أشعر أنني أقوم بدور حيوي في المجال الطبي. إضافة إلى ذلك، فهو مجال متطور باستمرار، وهذا ما جعلني أجد فيه تحديًا ممتعًا وفرصة دائمة للتعلم.
ما هي أبرز التحديات التي واجهتيها في بداية عملك كطبيبة أسنان في الإمارات؟ وكيف ساعدتك سياسة تمكين المرأة في الإمارات؟
عندما بدأت مسيرتي المهنية، كان هناك تحديات تتعلق بالتكيف مع بيئة جديدة، خاصة أنني كنت أعمل في بلد متعدد الثقافات، مما يتطلب فهمًا واسعًا لاحتياجات المرضى المختلفة. أيضًا، كان هناك تحدي بناء الثقة مع المرضى، وهو أمر يحتاج إلى وقت وممارسة. لكن بفضل سياسة تمكين المرأة في الإمارات، لم أشعر بأي تمييز، بل على العكس، وجدت دعماً كبيراً في بيئة العمل، سواء من خلال القوانين التي تحمي حقوق المرأة أو من خلال الفرص التي تُمنح لنا للنمو والتطور في المجال الطبي.
مع التقدم الهائل من حولنا، ورغم كل الجهود المبذولة في تمكين المرأة، هل توجد تخصصات طبية ما زالت فقيرة بالنساء؟
بشكل عام، نشهد اليوم حضورًا قويًا للنساء في مختلف التخصصات الطبية، لكن لا تزال بعض المجالات تشهد تمثيلًا أقل للمرأة، مثل جراحة العظام وجراحة القلب، وذلك بسبب التحديات الجسدية وطول فترة التدريب. ومع ذلك، بدأت هذه الصورة تتغير مع الوقت، حيث نشهد المزيد من الطبيبات الرائدات في هذه التخصصات، بفضل الفرص المتاحة والدعم المستمر.

حدثينا عن مي كأم، وكيف توازنين بين دورك كطبيبة ودورك في الأسرة؟ وما هي التحديات التي تواجهينها؟
كوني أمًا وطبيبة هو تحدٍ يومي، لكني أؤمن أن التوازن ممكن إذا تم تنظيم الأولويات. أحرص على تخصيص وقت لعائلتي، وأعتمد على التخطيط المسبق لضمان أنني متواجدة مع أبنائي في اللحظات المهمة. بالطبع، هناك تحديات، مثل ضغط العمل والوقت المحدود، لكن الدعم العائلي والتكنولوجيا الحديثة في إدارة الوقت ساعداني كثيرًا على تحقيق هذا التوازن.
ما هي نصيحتك للنساء العاملات في مجال الرعاية الصحية؟
أهم نصيحة هي أن يؤمنّ بأنفسهن وبقدراتهن، لأن المجال الصحي يحتاج إلى الصبر والاجتهاد، لكنه أيضًا مجال مليء بالفرص والتقدير. كما أن الاهتمام بالتطوير المستمر ومواكبة التقنيات الحديثة هو أمر أساسي للنجاح. والأهم من ذلك، لا بد من العناية بالنفس والتوازن بين العمل والحياة الشخصية، لأن النجاح المهني لا يكتمل دون الاستقرار النفسي والعائلي.
بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ما الرسالة التي تودين توجيهها للنساء العاملات في مجال الصحة أو للنساء بشكل عام؟
رسالتي لكل امرأة، خاصة في مجال الصحة، هي أن يعلمن أن دروهن لا يقتصر فقط على تقديم الرعاية، بل هو دور قيادي ومؤثر في المجتمع. أنتنّ تصنعن الفارق كل يوم، سواء من خلال علاج المرضى أو دعم زميلاتكنّ أو حتى كأمهات يربين أجيال المستقبل. لا تدعن أي تحدٍّ يوقفكن عن تحقيق طموحاتكن، فالعالم بحاجة إلى قدراتكن وطاقتكن.
برأيك، وبعد بزوغ دور النساء في المجتمعات، ما الذي ينقصهن اليوم؟
رغم التقدم الكبير، لا تزال هناك بعض التحديات مثل تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، والحصول على مزيد من المناصب القيادية في بعض القطاعات. أيضًا، هناك حاجة لمزيد من الدعم في مجال الصحة النفسية، لأن الضغوط التي تواجهها النساء في مختلف الأدوار قد تكون كبيرة. التقدم مستمر، ولكن علينا الاستمرار في المطالبة بالمزيد من الفرص والمساواة.