نصائح صحية لتجنب الإصابة بالأمراض المزمنة

تقبَل الشيخوخة الصحية من خلال ممارسات الطب الوظيفي: إليكِ نصائح خبيرة طب صيني لمحاربة الأمراض المزمنة

جمانة الصباغ

تطرقنا في مقالة سابقة بداية هذا الشهر، إلى معادلةٍ بسيطة (إنما عميقة ومهمة) تُسهم في محاربة وعكس الأمراض المزمنة التي تُهدد حياتنا، في حال أهملنا الاعتناء بصحتنا على كافة المستويات.

المعادلة البسيطة هذه "استيقظي مع الشمس، تناولي الطعام عند غروب الشمس، نامي بعمق، وتناولي أطعمة كاملة" هي أساسٌ فعّالٌ في الطب الوظيفي لعلاج الأمراض المزمنة، بحسب نيتا جهافيري، طبيبة طب وظيفي، ومدربة صحية في ويلث في دبي. وقبلها تحدث إلينا الدكتور أمير فيروزجاي طبيب عام وممارس للطب الصيني من ويلث أيضًا عن هذه المعادلة، مُقدَمًا وصفة طبية مذهلة لعكس وهزيمة الأمراض المزمنة.

نيتا جهافيري طبيبة طب وظيفي، ومدربة صحية في ويلث
نيتا جهافيري طبيبة طب وظيفي، ومدربة صحية في ويلث

وبما أن العنوان الرئيسي لمجلة وموقع "هي" خلال شهر أبريل الحالي: الجمال يعبر حدود الزمن Beauty Beyond Age؛ فإننا سنُركَز في معظم مقالاتنا على أهمية السعي نحو شيخوخةٍ صحية يكون فيها الجمال مع الصحة على مسارٍ واحد. وفي مقالة اليوم، نستمد معلوماتنا الصحية والطبية الفعالة من الدكتورة نيتا جهافيري، التي تقدم لنا نصائحها في هذا الموضوع.

نصائح صحية لتجنب الإصابة بالأمراض المزمنة

1.     استيقظي مع الشمس

لماذا؟ يُحسّن التوافق مع الإيقاعات اليومية الطبيعية تنظيم الهرمونات، بما في ذلك الكورتيزول والميلاتونين، اللذين يؤثران على عملية الأيض والمناعة والالتهابات.

نصائح الطب الوظيفي في هذا الخصوص:

• عرِّضي نفسكِ لأشعة الشمس الطبيعية خلال 30 دقيقة من الاستيقاظ، لتنظيم ساعتكِ البيولوجية.

• مارسي حركاتٍ خفيفة (يوغا، مشي) لتحفيز تدفق الليمفاوية ووظيفة الميتوكوندريا.

• اشربي الماء الدافئ بالليمون، لتنشيط عملية الهضم وإزالة السموم.

2.     تناولي الطعام عند غروب الشمس

لماذا؟ يدعم تناول الطعام المُقيّد بوقتٍ مُبكر (TRE) عملية الهضم والصحة الأيضية وإصلاح الخلايا، من خلال السماح للجسم بالتركيز على التعافي بدلاً من الهضم ليلاً.

نصائح الطب الوظيفي في هذا الخصوص:

•       تجنَبي تناول الطعام قبل النوم بساعتين إلى ثلاث ساعات لتقليل الالتهاب، ودعم صحة الأمعاء، ومنع ارتفاع مستويات الأنسولين.

•       ركَزي على وجباتٍ غنية بالعناصر الغذائية ومضادة للالتهابات في وقتٍ مبكر من اليوم، عندما يكون الهضم في أقوى حالاته.

•       جرَبي الصيام المتقطع (مثلاً، من 12 إلى 16 ساعة ليلاً) لتعزيز الالتهام الذاتي والمرونة الأيضية.

3.     نامي بعمق

لماذا؟ النوم العميق ضروري لإصلاح الخلايا، وإزالة السموم، وصحة الدماغ، وتقوية المناعة. وغالبًا ما ترتبط الأمراض المزمنة بسوء جودة النوم.

نصائح الطب الوظيفي في هذا الخصوص:

•       ابتكري روتينًا للاسترخاء: خفّضي الإضاءة، وتجنَبي الشاشات، واستخدمي تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو حمامات المغنيسيوم.

•       حسّني صحة النوم: من خلال المحافظة على برودة الغرفة، وظلمتها، وخلوها من الأجهزة الإلكترونية.

•       ادعمي النوم العميق بالأطعمة الغنية بالمغنيسيوم (الخضراوات الورقية، والمكسرات)، والتريبتوفان (لحم الديك الرومي، والبذور)، والجليسين (مرق العظام).

الأكل الصحي يضمن لكِ صحةً أيضية جيدة ووقاية من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة
الأكل الصحي يضمن لكِ صحةً أيضية جيدة ووقاية من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة

4.     تناولي الأطعمة الكاملة

لماذا؟ تزدهر الأمراض المزمنة نتيجة الالتهابات، وسوء صحة الأمعاء، ونقص العناصر الغذائية. فيما تُوفَر الأطعمة الكاملة العناصر الغذائية النباتية والألياف والمُركبات الأساسية اللازمة للشفاء على المستوى الخلوي.

نصائح الطب الوظيفي في هذا الخصوص:

• أعطِ الأولوية للأطعمة المضادة للالتهابات: الخضراوات الورقية، والدهون الصحية (الأفوكادو، زيت الزيتون)، والأسماك البرية، والأطعمة المُخمرة.

• تجنَبي الأطعمة فائقة المعالجة، والسكريات المكررة، والزيوت المسببة للالتهابات (زيت الكانولا، والزيوت النباتية).

• خصَصي طبقك: ضعي في اعتباركِ حساسية الطعام، واختلالات الأمعاء، والاحتياجات الأيضية للعثور على ما يناسب جسمكِ.

هذه "الوصفة" البسيطة والعميقة تنسجم تمامًا مع مبادئ الطب الوظيفي: احترام الإيقاعات اليومية، ودعم الصحة الأيضية، وتحسين النوم، والتغذية السليمة بالطعام الطبيعي. وعند المواظبة على ممارستها، يمكن لهذه العادات أن تُحسّن بشكلٍ كبير من الأمراض المزمنة من خلال تقليل الالتهابات، وموازنة الهرمونات، واستعادة صحة الأمعاء.

"اللياقة البدنية أفضل لطول العمر من النحافة" مبدأٌ أساسي في الطب الوظيفي. فالصحة تتعلق بالوظائف والمرونة والتوازن الأيضي، وليس فقط بالوزن. إليكِ كيف يدعم الطب الوظيفي هذا المنظور.

الصحة الأيضية أهم من مؤشر كتلة الجسم

لماذا؟ النحافة لا تعني دائمًا التمتع بصحةٍ جيدة؛ فالعديد من الأشخاص ذوي مؤشر كتلة الجسم "الطبيعي" لا يزالون يعانون من ضعفٍ في الصحة الأيضية (مثل مقاومة الأنسولين، والالتهابات، وضعف كتلة العضلات). لذا يُعطي الطب الوظيفي الأولوية للمرونة الأيضية، وتكوين الجسم، ومستويات الالتهاب على الوزن فقط.

نصائح الطب الوظيفي في هذا الخصوص:

• التركيز على نسبة الدهون في الجسم وكتلة العضلات، وليس فقط على الميزان.

• تتَبع مؤشرات الأيض: الأنسولين الصائم، والجلوكوز، والهيموغلوبين A1C، ومجموعات الدهون.

• تحسين تنظيم سكر الدم من خلال وجباتٍ متوازنة (بروتين، ألياف، دهون صحية).

العضلات هي مفتاح طول العمر

لماذا؟ ترتبط كتلة العضلات ارتباطًا وثيقًا بطول العمر، وانخفاض خطر الإصابة بالأمراض، والصحة الأيضية. ويُعد فقدان العضلات (ساركوبينيا) مؤشرًا رئيسيًا للوهن والوفاة.

نصائح الطب الوظيفي في هذا الخصوص:

•       امنحي الأولوية لتمارين المقاومة (تدريب القوة، وتمارين وزن الجسم) 3-4 مرات أسبوعيًا على الأقل.

•       استهلكي كمية كافية من البروتين (0.8-1.2 غرام لكل رطل من كتلة الجسم الخالية من الدهون) من مصادر نظيفة مثل لحوم الأبقار التي تتغذى على العشب، والأسماك البرية، والخيارات النباتية.

•       ادعمي صحة الميتوكوندريا بعناصر غذائية مثل CoQ10، والمغنيسيوم، وفيتامينات ب.

العضلات هي مفتاح طول العمر
العضلات هي مفتاح طول العمر

اللياقة = صحة القلب والأوعية الدموية + القوة + الحركة

لماذا؟ الجسم السليم هو الذي يتحرك جيدًا، ويتعافى بسرعة، ويتحمل ضغوط الحياة اليومية. ويعتمد طول العمر على قدرة القلب والأوعية الدموية على التحمل، والقوة، والمرونة، والتوازن.

نصائح الطب الوظيفي في هذا الخصوص:

• مارسي مزيجًا من التمارين الهوائية، وتمارين القوة، والمرونة (مثل المشي، وتمارين HIIT، واليوغا).

• أضيفي تمارين المنطقة 2 (تمارين منخفضة الكثافة ذات حالة ثابتة) لتعزيز وظيفة الميتوكوندريا.

• أعطِ الأولوية للتعافي النشط - الحركة طوال اليوم، وليس فقط التمارين الرياضية.

إدارة الالتهاب والتوتر أهم من الحجم

لماذا؟ الإجهاد المزمن، وقلة النوم، والالتهاب الجهازي، كلها عوامل تساهم في الإصابة بالأمراض أكثر من وزن الجسم وحده.

نصائح الطب الوظيفي في هذا الخصوص:

•       قلَلي الالتهاب المزمن بتناول الأطعمة المضادة للالتهابات، ودعم صحة الأمعاء، وإدارة التوتر.

•       حسّني نومكِ (7-9 ساعات) لتنظيم الهرمونات وتعافي العضلات.

•       سيطري على التوتر بتمارين التنفس، والتأمل، والتعرض للطبيعة، وممارسات اليقظة الذهنية.

الصحة وطول العمر مرتبطان بالقوة والمرونة والصحة الأيضية، وليس مجرد رقم على الميزان. فليكن هدفكِ هو اللياقة البدنية الوظيفية، والتوازن الهرموني، والسيطرة على الالتهابات، بدلاً من السعي وراء وزنٍ معين.

"الشيخوخة المُؤيدة (الشيخوخة عملية طبيعية في دورة حياة الإنسان) هي مكافحة الشيخوخة الجديدة." – معادلةٌ تتوافق تمامًا مع الطب الوظيفي، الذي ينظر إلى الشيخوخة كعمليةٍ طبيعية وقابلة للتكيَف والإدارة، وليست شيئًا يجب محاربته. لذا وبدلاً من مقاومة الشيخوخة، الهدف هو تحسين فترة الصحة - عدد السنوات التي نعيشها بحيوية وخلوّ من الأمراض ومليئة بالطاقة.

إليك كيف يمكنك تقبّل الشيخوخة برشاقة مع تحقيق الازدهار باتباع نهج الطب الوظيفي.

إدارة التوتر وتحسين جودة النوم عوامل أساسبة في مكافحة الأمراض المزمنة
إدارة التوتر وتحسين جودة النوم عوامل أساسبة في مكافحة الأمراض المزمنة

تغيير العقلية: إعادة صياغة الشيخوخة كنمو وليس انحدارًا

لماذا؟ ثقافة مكافحة الشيخوخة القائمة على الخوف تُشجع على المقاومة، لكن الشيخوخة المُؤيدة تتبنى الحكمة والقدرة على التكيف والعناية بالنفس.

نهج الطب الوظيفي في هذا الخصوص:

•       تبنّي المرونة العصبية - استمري في التعلم، وابقَ فضولية، وتحدِ عقلكِ للوقاية من التدهور المعرفي.

•       عزَزي الامتنان والهدف - فالأشخاص الذين يجدون معنى في الحياة، يميلون إلى العيش لفترةٍ أطول وبصحة أفضل.

•       أحيطي نفسكِ بعلاقاتٍ داعمة ومحفزة - فالتواصل الاجتماعي عاملٌ أساسي لطول العمر.

تحسين الصحة الخلوية: إبطاء الشيخوخة من الداخل

لماذا؟ تتأثر الشيخوخة بشكلٍ كبير بوظيفة الميتوكوندريا، والإجهاد التأكسدي، والالتهابات، وليس فقط بالعوامل الوراثية.

نصائح الطب الوظيفي في هذا الخصوص:

•       ادعمي وظيفة الميتوكوندريا باستخدام CoQ10، والمغنيسيوم، وحمض ألفا ليبويك، وفيتامينات ب.

•       قلَلي الإجهاد التأكسدي باستخدام البوليفينولات (التوت، والشوكولاتة الداكنة، والشاي الأخضر) وسلائف الجلوتاثيون (الأطعمة الغنية بالكبريت مثل الثوم والبصل والخضراوات الصليبية).

•       أعطِ الأولوية لإصلاح الخلايا من خلال الصيام (الالتهام الذاتي)، والمواد المُكيِّفة، والعلاج بالتبريد.

توازن الهرمونات بشكلٍ طبيعي

لماذا؟ الشيخوخة هي في الأساس تحوَلٌ هرموني - انخفاض هرمون الإستروجين، والتستوستيرون، وهرمون النمو، وحساسية الأنسولين يؤثر على الطاقة، والمزاج، والتمثيل الغذائي.

توازن الهرمونات مسألةٌ مهمة لشيخوخةٍ صحية وحماية من الأمراض المزمنة
توازن الهرمونات مسألةٌ مهمة لشيخوخةٍ صحية وحماية من الأمراض المزمنة

نصائح الطب الوظيفي في هذا الخصوص:

•       دعم صحة الغدة الدرقية والغدة الكظرية - بتناول الأطعمة الكاملة الغنية بالعناصر الغذائية (اليود، والسيلينيوم، والزنك).

•       تحسين حساسية الأنسولين - عن طريق تقليل الكربوهيدرات المصنعة ودمج تمارين القوة.

•       النظر في العلاج بالهرمونات البديلة المتطابقة بيولوجيًا (BHRT) إذا لزم الأمر، تحت إشرافٍ طبي.

تناول الطعام لإطالة العمر: نظامٌ غذائي غنيومضاد للالتهابات

لماذا؟ يُسرّع الالتهاب المزمن الشيخوخة، بينما تُعزز الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية طول العمر.

تغذية الطب الوظيفي:

• أعطِ الأولوية للأطعمة الكاملة غير المُصنّعة - الدهون الصحية (الأفوكادو، زيت الزيتون، المكسرات)، والبروتينات الخالية من الدهون، والخضراوات الغنية بالألياف.

• أدرجي مُركّبات تُعزّز طول العمر، مثل أوميغا 3 (الأسماك البرية، بذور الكتان)؛ البوليفينولات (الشاي الأخضر، الشوكولاتة الداكنة)؛ ومضادات الأكسدة (التوت، الكركم، الخضراوات الورقية).

• تجنّبي مُحفّزات الالتهاب - الأطعمة المُصنّعة، السكر المُكرّر، زيوت البذور، وتناول الكحول.

الحركة والقوة: العضلات هي الدواء الجديد المُضاد للشيخوخة

لماذا؟ تُعدّ كتلة العضلات من أهمّ مُؤشّرات طول العمر والاستقلالية في الشيخوخة.

خطة تمارين الطب الوظيفي في هذا الخصوص:

•       تمارين القوة (مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا) - للحفاظ على كتلة العضلات وكثافة العظام.

•       الحركة اليومية - المشي، واليوغا، والتمدد، أو الرقص لتحسين الحركة والدورة الدموية.

•       تمارين كارديو المنطقة 2 (تمارين متوسطة، ثابتة) - لتحسين صحة القلب ووظائف الميتوكوندريا.

نومٌ عميق مُجدد ومُقاومة للتوتر

لماذا؟ قلة النوم والتوتر المُزمن يُسرّعان الشيخوخة عن طريق زيادة الكورتيزول، والالتهابات، واختلال التمثيل الغذائي.

نصائح الطب الوظيفي للنوم والتوتر:

•       حسّني إيقاعات الساعة البيولوجية بتعريض نفسك لأشعة الشمس الصباحية والحد من الضوء الأزرق ليلًا.

•       استرخِ بشكلٍ طبيعي مع المغنيسيوم، وشاي البابونج، والتأمل، أو تمارين التنفس.

•       سيطري على التوتر من خلال اليقظة الذهنية، والدعم المجتمعي، وتنظيم الجهاز العصبي (الغطس في الماء البارد، وتنشيط العصب المبهم).

نصائح صحية لتجنب الإصابة بالأمراض المزمنة-رئيسية واولى
نصائح صحية لتجنب الإصابة بالأمراض المزمنة 

صحة الأمعاء وإزالة السموم: أساسَ طول العمر

لماذا؟ يتطلب التقدم في السن برشاقة ميكروبيومًا قويًا ومساراتٍ لإزالة السموم للتخلص من الفضلات ومنع الالتهابات.

نصائح الطب الوظيفي للأمعاء وإزالة السموم:

• ادعمي ميكروبيوم الأمعاء بالأطعمة المُخمرة (الكيمتشي، مخلل الملفوف، الكفير) والبريبايوتكس (الثوم، الكراث، الهليون).

• ترطيب الكبد ودعم وظائفه بماء الليمون، والخضراوات الصليبية، والتعرق (ممارسة الرياضة، والساونا).

• قلَلي من السموم - اختاري المنتجات العضوية، وقلَلي من استخدام البلاستيك، وقومي بتصفية الماء.

تقبّلي، تكيَفي، وحسّني...

الشيخوخة أمرٌ لا مفر منه، لكن كيفية التقدم في السن خيار. يُركَز الطب الوظيفي على الشيخوخة الصحية، وليس فقط على العيش طويلًا - من خلال احتضان الحيوية، والهدف، والمرونة، والتغذية.

وبدلًا من محاربة الشيخوخة، احترميها من خلال إعطاء الأولوية للعضلات، والعقلية، والصحة الأيضية، والحركة، والتغذية. لا يعني دعم الشيخوخة الظهور بمظهرٍ أصغر سنًا، بل الشعور بالروعة في كل مرحلةٍ من مراحل الحياة.