خاص "هي": محررة الأفلام "مريم السهلي" تتحدث عن عمق التجارب السينمائية برؤى خليجية مشتركة
"تعزز التجارب السينمائية برؤى خليجية مشتركة الأصالة الثقافية في منطقة الخليج، ما يوفر نظرة ثاقبة لعمق وتعقيد التجربة السينمائية، ليعزز جودة نتائج الجهود المشتركة على الشاشة ويقوي روابط المبدعين لهذه الصناعة خلف الشاشة".. وذلك بحسب رأي محررة الأفلام القطرية "مريم السهلي" التي تعد أول امرأة قطرية تجعل تحرير الأفلام مهنتها، والتي شاركت مؤخرا في الدورة العاشرة من مهرجان أفلام السعودية بالتعاون مع سوق الانتاج، بصفتها مدير عمليات ما بعد الإنتاج في "استوديوهات كتارا"، حيث أثمرت هذه المشاركة عن إعلان استوديوهات كتارا عن دعمها للفيلم السعودي القصير "الرجل الذي تعثر بكلماته"، لمرحلة ما بعد الإنتاج للفيلم.
وفي إطار ذلك التقت "هي" بمحررة الأفلام القطرية "مريم السهلي" والتي كشفت عن تفاصيل هذه المشاركة المثرية في مهرجان أفلام السعودية، وألقت الضوء على أهمية مرحلة ما بعد الإنتاج في صناعة السينما، في إطار تأكيدها على الدور الفعال لمهرجان أفلام السعودية في تعزيز التواصل بين صناع الأفلام الخليجيين، وذلك من خلال هذا الحوار الثري معها:
عرفينا عن نفسكِ، وعن أبرز المحطات خلال مشواركِ في عالم صناعة الأفلام.
"مريم السهلي" محررة أفلام عملت مع مؤسسة الدوحة للأفلام، قناة الجزيرة للأطفال، ووزارة الثقافة والرياضة، وكنت عضوًا في شركة الإنتاج السينمائي القطرية Innovation Films، وحاليًا مدير عمليات ما بعد الإنتاج في استوديوهات كتارا، عملت كمحرر رئيسي على عدة مشاريع، ومن أبرزها أول برنامج خيال علمي قطري "مدينة" (تحرير حلقتين من الموسم الأول)، والمسلسل التلفزيوني "ثلاثة ركب"، وسلسلة كتارا الأصلية "العهد"، التي تعرض حاليًا على قناة Roku.
وضمن نطاق عملي في استوديوهات كتارا، عملت على عدة مشاريع متعلقة بكأس العالم لكرة القدم قطر 2022™ ، حيث قمت بتحرير عدة أشرطة فيديو موسيقية، بما في ذلك أغنية فيفا كأس العالم قطر 2022™ الرسمية "هيا هيا" و"Light The Sky"، وكمشرفة على ما بعد الإنتاج، نجحت مع الفريق في العمل على مشاريع أخرى رئيسية لاستوديوهات كتارا الأصلية، بما في ذلك "Orcaا" ووثائقي "آر رحمن - عيش في قطر"، ومشاريع أخرى مثل "Breaking The Chains" و"برنامج سينما".
حدثينا عن أهمية مرحلة ما بعد الإنتاج في صناعة السينما، ودورها في تقديم قصة مثيرة وتعزيز الصناعة في المنطقة.
يقال أن في رحلتك لصناعة فيلم فإنك في الحقيقة تصنع ثلاثة أفلام: واحد عندما تكتبه، وواحد عندما تصوره، وواحد عندما تقوم بمونتاجه.. ولكن هذا أول ما يخطر في بال الناس أو صانعو الأفلام الجدد حين سماع عبارة "مرحلة ما بعد الإنتاج": المونتاج فقط، ولكن في الحقيقة عملية ما بعد الإنتاج تشمل العديد من المراحل التقنية: بدءًا بالمونتاج، وتصحيح الألوان، وتصميم الصوت، وتأليف الموسيقى، والمكساج، والمؤثرات البصرية، وانتهاءاً بجمع كل هذه العناصر معًا لتقديم الفيلم بنسخته المتكاملة للشاشة.
إن مرحلة ما بعد الإنتاج ليست مجرد خطوة أخيرة في العملية الإبداعية.. بل هي مرحلة أساسية يجتمع فيها الإبداع والمهارة الفنية والاهتمام بالتفاصيل معًا لتحقيق رؤية المخرج على أكمل وجه، لذلك فإن ما نطمح إليه في استوديوهات كتارا هو تقديم مرحلة ما بعد الإنتاج بجودة عالمية إلى السوق المحلي والإقليمي، ونحن فخورون بأن استوديوهاتنا مجهزة بالكامل للعمل على مشاريع بأحجام ونطاقات عديدة ومختلفة وتقديم خدمات ما بعد الانتاج بمختلف مراحلها تحت سقف واحد، بما في ذلك التسليم إلى شاشات العرض في صالات السينما وتقنيات HDR للصورة ومكساج 7.1.4 للصوت، ولكن ما نعتبره أكثر ما يميزنا هو المواهب المتمثلة في فريق العمل الذي يمتلك المهارات التقنية والنظرة الإبداعية لتسليم المشاريع التي نعمل عليها بأعلى المعايير.
كيف كانت تجربتكم في مهرجان أفلام السعودية؟
في الحقيقة هذا هو العام الأول الذي نشارك فيه في المهرجان، واستطيع أن أقول أننا فوجئنا بسرور بالتجربة بأكملها سواء من ناحية التنظيم أو حتى اختيار الأفلام التي تم عرضها، خصوصا أن ما يثلج الصدر هو أن كل هذه الأفلام صنعت بأيادي وطاقات محلية تعبر عن قصص المنطقة، لقد أذهلنا حجم الموهبة والشغف الذي رأيناه هنا، وتسعدنا فرص التعاون التي اتيحت لنا مع المخرجين السعوديين وصانعي الأفلام من المنطقة الذين حظينا بشرف مقابلتهم في قسم سوق الإنتاج في المهرجان.. أنها سنتنا الأولى، لكنها بالتأكيد لن تكون الأخيرة فنحن بالفعل نتطلع لمشاركتنا مرة أخرى العام المقبل.
تضمن المهرجان إعلان استديوهات كتارا عن دعمها للفيلم السعودي "الرجل الذي تعثر بكلماته".. ماهي الأهداف المرجوة من هذا التعاون؟
جاءت مشاركة استوديوهات كتارا مؤخرًا في مهرجان أفلام السعودية بالتعاون مع سوق الانتاج، تماشيًا مع تفاني استوديوهات كتارا في دعم المواهب الناشئة وتعزيز السرد الابتكاري، حيث أن الهدف من هذه الشراكة هو التعرف على وتكريم صناع الأفلام الاستثنائيين من المنطقة من خلال المهرجان والذي يعد منصة حيوية لصناع الأفلام من جميع أنحاء الشرق الأوسط لعرض مشاريعهم والتنافس على جوائز مرموقة والتي تم الاعلان عنها في ختام سوق الانتاج.
وخلال هذا التعاون، أعلنت استوديوهات كتارا دعمها للفيلم السعودي القصير "الرجل الذي تعثر بكلماته"، لمرحلة ما بعد الإنتاج للفيلم، حيث سيتم إخراج الفيلم من قبل "مبارك الزوبع" وإنتاج "بتول العرفه"، وذلك استمرارا لجهود استوديوهات كتارا بصفتها مركز إبداعي عربي شامل ينتج محتوى ترفيهي أصيل وغامر يتجذر في ثقافة العرب، وتمكن الفنانين والروائيين من إثارة الابتكار وإثراء المشهد الترفيهي الإقليمي.
بحسب خبرتكِ.. كيف تقيمين التجارب السينمائية برؤى خليجية مشتركة؟
من الأشياء الفريدة التي تميز منطقتنا هو تاريخنا ومجتمعاتنا وشعوبنا وتراثنا المشترك، نحن نتحدث نفس اللغة بلهجات متشابهة، ونتشارك نفس القيم، ونلبس نفس الملابس، ونتقاسم نفس التقاليد، ونستهلك نفس المحتوى، ونعزف نفس الموسيقى، ونخلق محتوى لنفس الجمهور.. ولا يمكن لتعاوننا إلا أن يخلق تجربة سينمائية تعكس بدقة الروايات التي تحكى في منطقة الخليج والتي تعزز أصالتنا الثقافية.. موضوعات مثل الهوية، والتقاليد مقابل الحداثة، وديناميكيات الأسرة كلها موضوعات ذات أهمية متساوية لنا في مختلف دول الخليج.
نحن على أعتاب خلق المشهد السينمائي في المنطقة، وأعتقد أن مشاركة تجاربنا السابقة الناجحة وغير الناجحة وتعاوننا لملء الفجوات التي قد توجد - سواء كان ذلك في السيناريو أو الممثلين أو ما بعد الإنتاج - يمكن أن يوفر نظرة ثاقبة لعمق وتعقيد التجربة السينمائية، مما يعزز جودة نتائج جهودنا على الشاشة ويقوي روابطنا كمبدعين لهذه الصناعة خلف الشاشة.
برأيكِ إلى أي مدى أسهم مهرجان أفلام السعودية في تعزيز التواصل بين صناع الأفلام الخليجيين؟
أكثر ما شد انتباهي في جدول الأفلام المعروضة في المهرجان هو التركيز على الأفلام السعودية والخليجية، وتخصيص جزء من جوائز المهرجان لتعزيز المشاركات الخليجية مما يؤكد دوره الفعال في تعزيز التواصل والتشجيع والتعاون بين صانعي الأفلام في الخليج، ولقد وفر سوق الانتاج في المهرجان منصة للتبادل والتواصل، مما سمح لنا كصانعي الأفلام وممثلي شركات الانتاج في المنطقة اللقاء والتواصل بشكل يومي طوال فترة المهرجان، الأمر الذي لا بد له أن يصب في المصلحة العامة للإنتاجات المشتركة والتعاون المحلي والخليجي خاصة والعربي بصورة عامة وتسهيل الشراكات عبر الحدود.
أصبحت المهرجانات في السعودية بوابة فاعلة في استقطاب رواد وخبراء الصناعة السينمائية حول العالم.. هل تعتقدين بأن ذلك سينعكس على المنطقة ككل؟
بالتأكيد.. خلال فترة مشاركتنا في سوق الانتاج اتيحت لنا فرصة حضور بعض الندوات التي استضافت عددا من منتجي وصناع الأفلام السعوديين والعرب مثل ندوة الانيميشن وندوة شباك التذاكر السعودي وندوة اخرى تناقش التجربة السعودية من ناحية تمويل الأفلام - وما كان يميز هذه الندوات بالنسبة لي هو أنها تمثل التجربة المحلية في منطقة الخليج في هذه المرحلة التي تعتبر بدايات الصناعة السينمائية في المنطقة وتناقش المزايا والصعوبات بصورة حقيقية تعكس بالفعل الصورة التي نعايشها حاليا.. للأسف لم يتسنى لي خلال تواجدي في المهرجان حضور الورشات التي تم طرحها خصوصا ورشة "صناعة الأفلام المستقلة بتقنيات عالمية" والتي طرحها الخبير في مجال المؤثرات البصرية "بول آريون" الحاصل على العديد من جوائز الاوسكار خلال عمله على افلام مثل Jungle Book لشركة ديزني، من المؤكد أن تواجد خبرات مثل هذه في المنطقة للمشاركة ولو لفترة قصيرة ستعود بالفائدة على صناع الأفلام المحليين والذي يمكنهم من التعمق في المجال بأنفسهم بعد اخذ الأساسيات المطروحة في مثل هذه الورشات المهمة.
الصور تم استلامها من استديوهات كتارا.