المديرة العامة في "خولة آرت غاليري” ريان عماد حقي تكتب لـ"هي": لوحة متجدّدة
لطالما كان الفن جزءا لا يتجزأ من الثقافة في العالم العربي. فمن الحرف اليدوية المتقنة التي يبدعها حرفيونا، إلى الألوان الزاهية في أنسجتنا، وصولا إلى انسيابية الخطّ العربي، ينعكس الفن في كل جانب من جوانب حياتنا اليومية. كما أن الفن لا يقتصر على الأشياء المادية فقط، بل يتجلى كذلك في موسيقانا، ولوحاتنا المستوحاة من الطبيعة، وجوهر ثقافتنا.
حين أتكلم عن الفن بشكل عام، أجد الكلام سهلا، إلا أنني أجد نفسي عاجزة عن التعبير عندما أتحدث عن الفن العربي. فلطالما كانت عيوننا متوجهة نحو العالم الخارجي، مغفلين الكنز الذي نحمله داخل ثقافتنا. علما أن الشرق الأوسط كان موطنا لشعراء وموسيقيين ومبدعين لا حصر لهم، وهذه المنطقة تحفل بالقصص المتشابكة التي لا تزال بانتظار أن نكتشفها ونقدّرها حق تقديرها.
اليوم، بدأت المنطقة تعيد اكتشاف وتقدير ثقافتها، وبدأ العالم يلاحظ ذلك. كما بدأت دور المزادات العالمية الكبرى تسلط الضوء على الفن العربي، ويترك الفنانون العرب بصمتهم في محافل ومعارض الفن المرموقة حول العالم، حيث تعرض أعمالهم التطور المستمر للفن العربي على الساحة العالمية.
وفي الشرق الأوسط، تتزايد عدد المعارض والمبادرات الثقافية التي تعيد تشكيل الساحة الفنية في المنطقة. وتشهد الإمارات تطورا ثقافيا ملحوظا، وتُعد منطقة السعديات الثقافية في أبوظبي، التي تضم مجموعة من المتاحف العالمية، مثالا ساطعا على كيفية تعزيز الإمارات للتطور الفني. وتشهد السعودية نهضة ثقافية كبيرة، وتُعد مبادرات مثل بينالي الدرعية وفنون العُلا، إضافة إلى المعارض الحيوية في القاهرة، والمشهد الفني المزدهر في بيروت، عوامل محورية في الترويج للفنّ العربي المعاصر.
إن التقاء الاهتمام المحلي والدولي يمثل عصرا جديدا للفن العربي. وهذا الانتعاش الفني يبرز تقديرا متزايدا للتراث الغني للمنطقة والمساهمات المعاصرة فيها. فالفن في الشرق الأوسط ليس مجرد قطع أثرية ثقافية، بل هو شهادة حية على ثراء المنطقة التاريخي وحيويتها الحديثة. وبينما نواصل استكشاف هذا النسيج الفني وتكريمه، لا يسعنا سوى أن نتأمل أصوله المتجذرة بعمق في هويتنا، وقصصنا، ومستقبلنا.
في الشرق الأوسط، الفن ليس مجرد تجربة بصرية، بل هو رحلة عبر الزمن والثقافة والعاطفة، تعكس روح منطقة لطالما كانت منارة للإبداع والتعبير.
نجيب محفوظ": "الفن هو لغة الروح، والفن العربي يمتلك لهجة فريدة تتناغم مع عمق تاريخنا وحيوية ثقافتنا".