كل عام وأنت بخير... باربي

إعداد: عمرو رضا
 
خمسة وخمسون شمعة ستطفئها اليوم الدمية الأكثر شبابا وحضورا في وجداننا، Barbie وسط اعجاب 24 مليون مواطن حول العالم انضموا خصيصا للصفحة الرسمية لباربي على موقع الفيسبوك، اعترافا بفضلها كواحدة من أيقونات الموضة والجمال والرشاقة، ونموذجا ساحرا للمراهقة التي طالما حلمنا أن نشبهها.
 
باربرا ميليسينت روبرتس ليس مجرد اسم للدمية الأكثر مبيعا طوال نصف قرن مضى، ولكنه رمز لشاهدة العيان الوحيدة على كل أسرار طفولتنا، والضحية الأولى لكل فتاة تغادر محطة المراهقة نحو الشباب، ورغم انها موجودة في مليار بيت حول العالم، وتباع قطعتان من دميتها كل ثانية، وتعد نسختها الأولى التي عرضت في معرض الألعاب الدولية في نيويورك ليلة العاشر من مارس عام 1959 واحدة من أغلى المقتنيات النادرة، الا أن قصتها الحقيقية غائبة عن أغلبنا. 
 
المعروف أن الدمية الشهيرة اختراع أميركي وهذا غير صحيح، فلا التاريخ الأصلي لباربي يعود لأميركا، ولا حتى النسخ الأولى منها صنعت داخل بلاد العم سام، بل والأعجب أن خبراء التسويق داخل ماتيل للألعاب المؤسسة الأميركية صاحبة ترخيص صناعتها، توقعوا لها الفشل الذريع وقدموها تلبية لضغوط السيدة روث هاندلر زوجة أحد الشركاء المؤسسين، التي لاحظت أن سوق الألعاب يخلو من دمية على هيئة مراهقة، وأن كل الدمى مستوحاة من رسومات لأطفال، وقد حاولت حض خبراء التصميم على انتاج دمية لفتاة مراهقة مثالية ولكنها فشلت، ولكنها لم تيأس فوجدت ضالتها في الدمية الألمانية الشهيرة بيلد ليلي المستوحاة من قصة خيالية كانت تنشرها صحيفة بيلد الألمانية وهى من تصميم رينهارت بيوثن عام 1955.
 
ليلى الألمانية تحولت على يد روث هاندلر لباربي تيمنا باسم طفلتها باربرا، وعرضت للمرة الأولى عام 1959في نسختين واحدة شقراء والثانية سمراء من أصل إفريقي، لتكون أول دمية تخاطب الأطفال أصحاب البشرة الملونة، واقتصرت ملابسها وقتها على ملابس البحر فقط، وصنعت هذه النسخ التجريبية في اليابان، وظلت تصنع في بلاد الشمس المشرقة لخمس سنوات كاملة، حتى أدركت شركة ماتيل أن باربي ليست مجرد دمية، وانها ستحتاج للحماية الأميركية فورا فحصلت شركة ماتيل للألعاب على حقوق تصنيع عروسة بيلد ليلي في عام 1964 وتم وقف انتاجها في بلدها الأصلي ألمانيا لتحصل على الجنسية الأميركية رسميا.
 
بيعت 350 ألف نسخة من باربي في العام الأول لطرحها في الأسواق، ورغم غضب بعض الآباء من مظاهر الأنوثة الطاغية التي ميزت Barbie وملابسها المثيرة للبحر باللونين الأبيض والأسود من تصميم شارلوت جونسون، الا أن باربي واصلت اقتحام كل البيوت بنظرة عينها الجانبية ورشاقتها المثيرة، وقد اضطررت الشركة مطلع السبعينيات للتقليل من هذه الاثارة رضوخا لدراسات علمية أكدت أن تأثير الدمية على بعض الفتيات خطير لحد امتناع بعضهن عن الطعام طمعا في "خصر" باربي، وتعرض البعض الآخر لأعراض مراهقة مبكرة.
 
باربي لم تكتف بكونها الدمية الأشهر عالميا، ولكنها صارت منذ الستينيات المعبرة عن اقتحام المرأة لسوق العمل، فهي قائدة طائرة، صاحبة شركة، مديرة ناجحة، والأهم أنها صاحبة أكثر 270 جملة تداولتها الفتيات في سن الطفولة، وهي الجمل المسجلة في دمى باربي المتكلمة، كما أنها صارت أول دمية تكون أصدقاء ولديها عائلة، وأول دمية يتنافس كبار مصممي الأزياء على صناعة فساتين لها، لدرجة أن الدراسات أكدت أن النساء حتى سن الأربعين يتأثرن بأناقة Barbie.
 
لا تقتصر منتجات باربي على مجموعة العرائس وملابسها وإكسسواراتها فقط، ولكن تم بناء تاريخ كامل لها في حقبة الستينيات من القرن الماضي عبر سلسلة من الروايات عن والدها جورج روبرتس ووالدتها مارغريت روبرتس من مدينة ويلوز الخيالية في ويسكونسن، وكيف دخلت باربي مدرسة ويلوز الثانوية ومدرسة مانهاتن الثانوية الدولية الخيالية في مدينة نيويورك، وقصص باربي العاطفية مع كين كارسون الذي ظهر لأول مرة في عام 1961.
 
وامتلكت باربي أكثر من أربعين حيوانًا أليفًا، تضم قططا وكلابا وخيول وباندا وشبلا وحمارا وحشيا، كما امتلكت مجموعة كبيرة من السيارات، ومنها سيارة كورفيت مكشوفة وردية ومقطورات وسيارات جيب، هذا بالإضافة إلى أنها تحمل رخصة طيار وتدير شركة طيران تجارية وتعمل مضيفة طيران، وكل هذا جعلها جزءا من الحياة الأميركية حتى أنه تم تغيير اسم جزء من تايمز سكوير في مدينة نيويورك ليصبح اسمه جادة باربي لمدة أسبوع في عام 1974، كما ظهرت باربي في سلسلة من أفلام الرسوم المتحركة وكانت ضيف شرف في فيلم قصة لعبة 2 عام 1999. 
 
ورغم أن الكثير من الدمى المنافسة ظهرت في العقود الثلاثة الماضية، الا أن باربرا ميليسينت روبرتس لا زالت الضيفة الأكثر تأثيرا في حياة كل فتيات العالم. عام سعيد باربي.