الباحثة السعودية أسرار دمدم لـ"هي": هناك فجوة كبيرة بين عالمَي البحث العلمي وريادة الأعمال
تقديراً لأبحاثها حول تصميم وتصنيع منصة إلكترونية من السيليكون قابلة لإعادة التشكيل لأجهزة القلب المستقبلية، فازت الباحثة السعودية أسرار دمدم بمنحة ضمن برنامج الشرق الأوسط الإقليمي للباحثات الصاعدات لوريال-اليونسكو من أجل المرأة في العلم. "هي" التقت العالمة الطموحة التي كشفت لنا عن أبحاثها الثورية، وعن مشاريعها المستقبلية.
دبي- سينتيا قطار Cynthia Kattar
بداية أخبرينا عن دراستك وطفولتك وكيف نما اهتمامك بالعلوم؟
ولدت عام 1993 ونشأت في مدينة جدة، وأنهيت بها دراستي حتى المرحلة الجامعية، فقد درست في مدارس تحفيظ القرآن الكريم في المرحلة الابتدائية والمتوسطة، ثم التحقت بثانوية تطبق نظام المقررات وذلك لأن ثانويات تحفيظ القرآن لا تدعم المسار العلمي. نما اهتمامي بالعلوم خلال مشاركتي ببرامج "موهبة" الصيفية، التابعة لمؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والابداع خلال دراستي بالمرحلة الثانوية. التحقت ببرنامج "موهبة" للمرة الأولى في صيف عام 2009 ، وكان تركيز البرنامج على مهنة التمريض. في السنة التي تليها، التحقت مرة أخرى بالبرنامج الصيفي لعام 2010 ، وكان عنوان البرنامج آنذاك "العقل البشري الكنز العجيب" حيث كان تركيز البرنامج على العلوم والهندسة بمختلف تخصصاتهما، وخلاله شدني الفضول لمعرفة المزيد عن الخلايا الشمسية، ومن هنا جاء قراري بدراسة الهندسة الكهربائية حتى أستطيع فهم آلية عمل الخلايا الشمسية بشكل خاص والالكترونيات الدقيقة بشكل عام. وبالفعل، التحقت بجامعة "عفت" لأنها كانت الجامعة الوحيدة بالمملكة المتوفر بها تخصص الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات للبنات في المملكة آنذاك، وتخرجت منها عام 2016 بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، ولكن مرحلة البكالوريوس ولدت لدي المزيد من التساؤلات العلمية العميقة جدا عن آلية تفاعل المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع الالكترونيات ودورها في زيادة كفاءة وفعالية التقنيات الحديثة. بالتالي، قررت اكمال الدراسات العليا في نفس التخصص بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.
ما الذي دفعك للمشاركة بجائزة لوريال-يونسكو لدعم المرأة في مجال العلوم لعام 2020 ؟
منحة لوريال-يونسكو تعتبر فرصة جيدة جدا للباحثات، حيث أنها تقدم تحفيزات مادية ومعنوية تساهم في دعم استمرارية الأبحاث وتسليط الضوء عليها. أخبرينا أكثر عن مشروعك تصميم وتصنيع منصة إلكترونية من السيليكون القابلة لإعادة التشكيل لأجهزة القلب المستقبلية وعن أثرها الثوري في عالم الطب وأمراض القلب رقائق السيليكون هي المادة الأساسية الأكثر استخداماً في أكثر من 90 في المئة من الأجهزة الإلكترونية اليوم، وذلك بسبب خصائصها الكهربية المميزة ووفرة مادة السيليكون في الطبيعة. من أهم خصائص رقائق السيليكون هو قابليتها للكسر بحكم طبيعتها الزجاجية، مما يحد من تطوير العديد من التقنيات الحيوية والتكنولوجية التي تتطلب ثني هذه الرقائق، تمديدها أو إعادة تشكيلها لتتماشى مع طبيعة الأعضاء البشرية المرنة والقابلة للتمدد. يتناول بحثي مفهوماً حديثاً للإلكترونيات المستقبلية، وهو قدرة المنصات الإلكترونية القائمة على السيليكون على التمدد واتخاذ أشكال هندسية مختلفة. تسمح ميزة إعادة تشكيل رقائق السيليكون هذه بإمكانية تكيّف وامتثال الأجهزة الإلكترونية مع انحناءات وحركات جسم الإنسان المعقّدة دون حدوث أي خلل في خصائصها الكهربائية، وهي خاصية ضرورية للتقدم العلمي في مجال الإلكترونيات القابلة للارتداء والأجهزة الطبية الحيوية القابلة للزرع.
من أين تمّ استلهام بحثك؟
تم استلهام بحثي من الأجهزة المساعدة للقلب، حيث أن هدف البحث هو تطوير منصة إلكترونية قائمة على السيليكون تتوافق مع شكل قلب الإنسان من أجل استخدامها في الأجهزة المساعدة للقلب داخل الجسم الحي. نحن أول فريق بحثي يقوم بتصميم وتصنيع منصة إلكترونية قابلة لإعادة التشكيل على شكل خلية نحل بأضلاع متموجة ليتم استخدامها كركيزة للأجهزة المساعدة للقلب، حيث أن شكل خلية النحل هو من أقرب التصاميم الهندسية الموجودة في الطبيعة لشكل قلب الانسان مما يساهم في تماثل منصات السيليكون مع تقنيات القلب ويقلل من احتمالية كسر هذه المنصات نتيجة لتمدد عضلة القلب خلال عملية النبض.
كيف ستساعدك الجائزة على إكمال هذا المشروع وتحقيقه؟
مبادرة لوريال-يونسكو رائعة جدا وتساهم كثيرا في دعم الباحثات ماديا ومعنويا. تسليط الضوء على انجازاتنا البحثية يساهم في تعزيز قوة وحضور المرأة العربية في مجال العلوم والأبحاث ويساهم أيضا في اتاحة العديد من الفرص البحثية ومجالات التعاون لنا مع العديد من الجامعات والمراكز البحثية على الصعيدين المحلي والعالمي.
أخبرينا أكثر عن خوضك ريادة الأعمال في الولايات المتحدة الأميركية.
بدأت الخوض في مجال ريادة الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2019 من خلال انشاء شركة "يوفيرا للتقنية الحيوية"، والتي تقدم حلاً تكنولوجياً مبتكراً مبني على أبحاث علمية لإطالة العمر الافتراضي للأطعمة الطازجة باستخدام الأشعة الفوق بنفسجية بالإضافة إلى عدد من تقنيات حفظ الطعام الحديثة، الآمنة والخالية تماما من المواد الكيميائية. تهدف “يوفيرا للتقنية الحيوية” لتوظيف التكنولوجيا والاكتشافات العلمية الحديثة للحد من هدر الغذاء على مستوى الأسرة ورفع التوعية بالأضرار البيئية الناجمة عن النفايات العضوية.
ما هي مشاريعك المسقبلية؟
أنا شغوفة جداً بالعلوم والتكنولوجيا، لاحظت خلال دراستي للدكتوراه أن هناك عدداً كبيراً من الاكتشافات العلمية والاختراعات التي من الممكن أن تساهم في حل الكثير من المشكلات القائمة حالياً، ولكنها لم تر النور بسبب الفجوة والاختلاف الكبير بين عالمي البحث العلمي وريادة الأعمال. بالتالي، أطمح للاستفادة من فهمي للأبحاث وخبرتي في مجال ريادة الأعمال بنقل النتائج البحثية والاكتشافات من صفحات المجلات العلمية الى أرض الواقع.