المحامية السعودية جود الحارثي لـ"هي": المرأة السعودية أدركت أنها تستطيع تحقيق تأثير يشمل المجتمع بأكمله
"سڤانا البدري" Savanah Al Badri
تصوير: أفنان عبد الكريم
محامية سعودية سخّرت دراستها لخدمة القضايا الإنسانية في العالم من خلال منصبها بصفتها محامية مشاركة في الشؤون السياسية لبناء السلام في منظمة "الأمم المتحدة" بنيويورك، وإحساسها العالي بالمسؤولية تجاه وطنها الأم، والعالم أجمع.
ولطالما راود الحارثي حلم تقصي سبل تحقيق العدالة السماوية في العالم وحوكمة القرار والعمل والجريمة منذ طفولتها. وكان لديها إحساس بأنها ستكون المحامية جود يوما ما.
جود الحارثي هي السعودية الوحيدة التي تعمل في مكتب الشؤون السياسية وبناء السلام في منظمة الأمم المتحدة، والتي يصفها رؤساؤها بأنها "أول امرأة سعودية تعتبر جهودها ووجودها من الأصول التي تثري تنوعنا في المكتب". وتقول عن نفسها: "أنا على يقين مع نفسي بأنني سأستمر في العمل الدؤوب لتحقيق المستقبل الطموح لوطني وذاتي".
حصلت على جائزة "المحامين المبدعين من دون حدود" Lawyers Without Borders Innovation Competition- Human trafficking عام 2016 في لندن، بهدف بناء الشباب المحامين الفكري. نالت مرتبة الشرف وبدرجة LLB لشهادة الحقوق من جامعة Swansea البريطانية، وتعددت الجوائز التي توّجت مشوارها. مجلة "هي" التقتها لتشاركنا أهم المحطات في عملها مع منظمة الأمم المتحدة.
المحامية السعودية جود الحارثي: حققت حلم الطفولة في تقصي الحقائق وتحقيق العدالة السماوية وبناء السلام في منظمة الأمم المتحدة
شرفت بلدك بنيل مرتبة الشرف وبدرجة LLB لشهادة الحقوق من جامعة Swansea البريطانية، ماذا يمثل لك هذا اللقب؟
لقد حظيت بالدراسة في المملكة المتحدة البريطانية، ونلت شهادتي البكالوريوس والماجستير من خلال بعثة خادم الحرمين الشريفين في التعليم العالي. كانت تجربة التعلم في الجامعات البريطانية العالمية مثل University College London (UCL)، و Swansea University و SOAS طموحة وقوية في معرفة المنظور الدولي في العلوم القانونية والحقوقية، والتدرب على النماذج العالمية في الشؤون السياسية، والتطبيق في المواقع الحية على الآليات القانونية. كانت مرحلة متعبة في بعض المحطات وصعبة في محطات أخرى. لكنها كانت دافعا لأن أعمل وأجتهد لأحقق أحلامي. وتعددت الجوائز التي توجت مشواري الدراسي في الجامعات التي درست بها، منها درجة LLB بمرتبة الشرف التي تشرفت بالحصول عليها من عميد جامعة Swansea University بنفسه، وجائزة الطالب الدولي والمثال الأعلى للطلبة في موقع الجامعة البريطانية. وشكلت هذه الجوائز دعما حقيقيا لنجاحي الأكاديمي ومشاركتي الملهمة بين زملائي وتنوع خبراتي وممارستي التدريبية الناجحة خلال دراستي الجامعية. ومما لا شك فيه أن وجودي في بريطانيا ساعدني على استثمار الفرصة والتركيز على التدرب المهني في عدد من القطاعات المهمة، مثل مكتب الأمم المتحدة في الرياض، وفي المحكمة الفيدرالية في كاليفورنيا -الولايات المتحدة الأمريكية، وعدد من مكاتب المحاماة الدولية في بريطانيا وأمريكا والإمارات العربية المتحدة. إضافة إلى مشاركتي التي أسعد بها دوما في مؤتمر منظمة الأمم المتحدة لفئة الشباب في أكسفورد وجنيف ولندن.
حقيقة كانت فترة الجامعة بالنسبة لي، مليئة بالشغف والحماس والعمل المتواصل، تعلمت منها الكثير في مجال القانون والسياسة الدولية والحقوق الإنسانية في دول العالم. هذه البعثة الدراسية ساعدتني كثيرا على تثقيف نفسي في مجال الحقوق والقانون.
ما سبب اختيارك لدراسة علوم القانون الدولي والشؤون السياسية؟ وكيف وظفت حصيلة دراستك في مهنتك الوظيفية؟
هناك أسباب عدة تقف خلف اختيارنا لأي علم ندرسه، ومن ثم تطبيقه في الحياة العملية. بالنسبة لي، كانت لدي الكثير من الاستفهامات منذ صغري، حول حوكمة القرار والعمل والجريمة، وكيف تكون العدالة في العالم، ولماذا هناك مجتمعات مختلفة عن مجتمعات أخرى في شؤون الحياة، والكثير من تلك الأسئلة. وكانت الإجابة تتلخص دوما في أن هناك قانونا ونظاما يحكم ذلك. وعرفت منذ ذلك الحين أنني سأكون المحامية جود. فالعلوم القانونية هي من العلوم الثرية المتشعبة ومتراكمة المعارف. ويكفي أن كل دولة في العالم لها نظامها القانوني الخاص الذي تدير به منظومتها، وتحافظ به على كينونتها وممتلكاتها بطريقتها المنهجية القانونية. كما وفقت بأن بلدي السعودية اتخذ نهجا في الوقت الحالي لتحفيز الفتيات على الانخراط في هذا التخصص، نظرا للحاجة إلى العمل في الشؤون القانونية والسياسية بالدولة، لذا أعتبر نفسي محظوظة لاختيار تخصص هو حلم شخصي وهدف وطني في الوقت ذاته.
المحامية السعودية جود الحارثي: السعودية الأولى والوحيدة العاملة في مكتب الشؤون السياسية وبناء السلام في منظمة "الأمم المتحدة"
أخبرينا عن تجربتك بالعمل مع منظمة "الأمم المتحدة" United Nation، وكيف ترشحت للعمل معها؟ وما شروط ومؤهلات العمل مع جهة إنسانيه بهذا الحجم؟
كعادتي الصباحية، كنت أتصفح المواقع الدولية في علوم السياسة الدولية والقانون، ووجدت برنامجا للمبتدئين الموهوبين للعمل موظفين بدوام كامل. هذا البرنامج تشارك فيه جميع دول العالم، ومكون من ثلاثة أطراف منها: منظمة الأمم المتحدة، والمتقدم للوظيفة، وبناء على التقديم والترشيح والاختيار يمكن الفوز بهذه الوظيفة، وهنا شاركت مع مؤسسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الخيرية (مسك)، ومندوبية السعودية في نيويورك، والحمد لله، فزت بالاختيار والعمل في وجهة حكومية ممثلة من الدولة. مكتب منظمة الأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، هي فرصة عظيمة للعمل الدولي. والواقع أن دوري في العمل في مكتب الشؤون السياسية لبناء السلام يركز بشكل أساسي على الدول التي تحتاج سياستها وأمنها إلى مشاريع تبني مقومات التنمية المستدامة فيها، في كل من دول وسط وشمال آسيا وأوروبا، وأشارك في دائرة دعم تلك المشاريع التي تدعم الشباب، وتمكين المرأة، والعدالة الانتقالية، والوقاية من الصراعات، وإعادة الاندماج البشري، والأمن المناخي، وكل ما يتعلق بأجندة التنمية المستدامة في دول العالم. ولذلك أحرص حاليا على تعلم اللغتين الصينية والإسبانية.
ماذا عن بلدك الأم المملكة العربية السعودية؟ وكيف وظفت تخصصك الإنساني والحقوقي لخدمتها؟
أشعر بالفخر والاعتزاز، وأنا أعمل شيئا لرد الجميل الذي لا يمكن أن ينتهي لوطني، بوجودي في مكتب الشؤون السياسية وبناء السلام في منظمة الأمم المتحدة، من مهماتي أن أكون المتحدث والوسيط المحوري بين المكتب وأعضاء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الحوار والتواصل وبناء التعاون، وبشكل خاص السعودية، وأتذكر أن معظم التعاون كان يشمل المساعدة في تحقيق أجندة التنمية المستدامة للسلام.
المحامية السعودية جود الحارثي: المرأة السعودية أدركت أنها بكامل طاقاتها وقوتها تستطيع أن تبدأ وتحقق تأثيرا خارج حدود المرأة نفسها حتى يشمل المجتمع بأكمله
كيف تجدين رؤية 2030 وتمكين المرأة السعودية اليوم؟ وهل حققت الرؤية المنشودة أحلام المرأة السعودية؟
نشهد اليوم وبشكل ملموس في كل أرجاء المملكة السعودية النتائج الرائعة التي تحققت من رؤية 2030، وكيف أننا أصبحنا نسير في الاتجاه الصحيح، وكيف أن الطموح والأحلام أصبح بالإمكان تحقيقهما في كل قطاع ومجال محليا ودوليا. وفي تمكين المرأة من وجهة نظري الشخصية، تشكل لدينا مفهوم جميل هو "المرأة الأولى"، ويعني أن المرأة السعودية أدركت أنها بكامل طاقاتها وقوتها تستطيع أن تبدأ وتحقق تأثيرا خارج حدود المرأة نفسها، حتى يشمل المجتمع بكامله، ولقد أعطت رؤية 2030 دعما غير محدود للمرأة للمشاركة الفعلية جنباً إلى جنب مع الرجل السعودي في البناء التنموي للوطن.
كيف يمكن تسهيل وتبادل العلاقات وتوظيفها لتبادل الخبرات بين بريطانيا والسعودية بهدف خدمة جيل الشباب؟
هذا سؤال مهم، ومن خلال ما مررت به أثناء مسيرتي في التواصل دوليا ومحليا بشأن تبادل الخبرات بين بريطانيا والسعودية، أستطيع القول إن هناك تأكيدا لأهمية تفعيل دور الشباب والفتيات السعوديات، والاعتماد عليهم في تحقيق جسور التواصل بين السعودية ودول العالم لتحقيق كثير من الأهداف المستقبلية، والتبادل الثقافي والتعريف بالسعودية والسعوديين في المنصات والمحافل الدولية الكبرى. وأستطيع أن أوضح أن ذلك يمكن تحقيقه من خلال الفرص في مجال الأعمال والعلوم بين الدولتين، وتشكيل الجمعيات واللجان المتخصصة في بناء جسور التواصل مثل الجمعية السعودية البريطانية، والغرفة التجارية الصناعية العربية في لندن. وأؤكد أهمية تفعيل التدريب والتعاون المتبادل التي يمكن أن تقدم فرصا عظيمة للشباب، وتحقق الأهداف المستقبلية. وتوجد منهجيات متعددة في بناء جسور التواصل، ويمكن الاستفادة من التجارب الحالية في دول أوروبا وأمريكا. وخلال السنوات الثلاث السابقة شاركت السعودية بشبابها في نواحٍ عديدة دولية توطدت فيها العلاقات، وثمرتها ما زالت مستمرة، ومن الجهات التي تميزت في ذلك مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية (مسك). إضافة إلى جهود وزارة التعليم ووزارة الخارجية في هذا الشأن.
المحامية السعودية جود الحارثي: أهدف دوما إلى خلق مستقبل مشرق لوطني، والعمل على تحقيقه من خلال عملي وسلوكي وتواصلي مع الآخرين
هل من هدف تطمحين إلى تحقيقه؟
الأهداف تتغير مع تغير الأوضاع أحيانا، ولكن هدفي دوما عظيم ومرتبط بخلق مستقبل مشرق لوطني، والعمل على تحقيق ذلك من خلال عملي وسلوكي وتواصلي مع الأخرين. حاليا أنا السعودية الوحيدة التي تعمل في مكتب الشؤون السياسية وبناء السلام في منظمة الأمم المتحدة، والذي يعمل فيه 2000 موظف من جميع دول العالم، ولولا أنني التحقت بالبعثة للدراسة في منظومة أكاديمية دولية، وتدربت في بيئات دولية مختلفة، وتنوعت معارفي وخبراتي المهنية، وحرصت دوما على استمرارية التحاور والتعلم، لما حققت شيئا مما أنا عليه اليوم. وطني شجعني أن أحلم وأحلق، وأن أسعى لتحقيق تلك الأحلام. ويسعدني أن أقتبس مقولة سمعتها من أحد رؤساء المكتب الذي أعمل به في منظمة الأمم المتحدة: "أنت أول امرأة سعودية نوظفها عندنا في المكتب، لم نكن واثقين مما سيكون عملك، لكن عملك وجهودك كانا مفاجأة سارة، ونعتبر وجودك معنا من الأصول التي تثري تنوعنا في المكتب”. وأنا على يقين مع نفسي بأنني سأستمر في العمل الدؤوب لتحقيق المستقبل الطموح لوطني وذاتي
متطلبات العمل في المنظمات الدولية القانونية والحقوقية:
توفر العديد من المهارات بشكل رئيس.
لا يكفي أن يكون تخصصك في القانون أو العلوم السياسية.
لا يكفي أن تكون حاصلا على الشهادات العلمية العليا.
يجب أن تكون لديك اهتمامات عليا بالشؤون الدولية وقضايا المجتمعات الإنسانية.
اطلاع على مشاريع بناء السلام في الدول.
إدراك لإدارة الأزمات والصراعات.
معرفة التطوير وتحقيق التنمية المستدامة.
مهارات عالية في التواصل واحترام ثقافات الآخرين.
انتماء عالٍ لقيم منظمة الأمم المتحدة.
لا بد من امتلاك الشخص عددا من اللغات للتواصل، إضافة إلى اللغة الأم واللغة الإنجليزية.