البداية الرياضية للمديرة الابداعية الحالية لدار ديور العريقة
كريستيان ديور، المصمم الفرنسي الأسطوري الذي سبب ثورة في عالم الأزياء وبتصميمه الثوري قَلبَ الصناعة بحد ذاتها رأساً على عقب وأعاد مدينة الأضواء باريس عاصمة للموضة بعد ما عُرفت بذلك في عهد الملك لويس الرابع عشر "ملك الشمس"، الذي بدأ عهده في عام 1643. كان لدى لويس الرابع عشر ذوق فاخر بشكل خاص، كما يتضح من شاتو دي فرساي المذهل وثراء خزانة ملابسه.
تصميم كريستيان ديور المُسمى والمعروف بالمظهر الجديد (New Look) الذي عرضه من ضمن أول مجموعة له للأزياء الراقية في عام1947 يتحلى بصورة ظلية أيقونية جداً ومعاصرة بطابع خالد، مُقاوم للموضة الرائجة لكونهِ كلاسيكي وأنثوي للغاية وأعتقد من رأيي أن السبب الأول هو ملائمته الدائمة للقوام والجمالية المتناهية التي يضفيها عليه.
جاكيت بأكتاف ناعمة ومستديرة مع خصر رقيق ووركين ممتلئين، مُقترنة بتنورة بطيات كاملة تُلامس طول الكاحل وتتمتع بالحجم والضخامة.. شَكلَ هذا الاقتران الملبسي معا صورة ظلية محفورة في التاريخ ومرجع ثمين للعديد من المصممين والمصممات على مر العقود.
أسس المصمم العظيم داره ووضع الرموز الأيقونية والمميزة وبنى إرث عميق ومتنوع ومتين ليكون دليل إرشادي للمصممين الذين تبعوه في قيادة هذه الدار المحورية في عشر سنوات فقط.
خلفاء السيد ديور من المصممين والمديرين الإبداعيين بعددهم الستة، تنوعوا فعلاً بإعادة تعريف دار ديور وتلوينها بوجهات نظهرهم المتباينة مما خَلق أرشيف غني ومثير للاهتمام لدرجة كبيرة جداً.
من ايڤ سان لوران ومارك بوهان، جان فرانكو فيري وجون قاليانو الى راف سيمونز جميع فتراتهم في الدار العريقة تزينت واتصفت ببداياتها الأنيقة. حيث البدايات والمجموعة الأولى غالباً ما تكون إكراماً جمالياً للمؤسس والحمض النووي للدار مُتجسد في تصاميم تتصادم وتندمج بها طابع ووجهة النظر المصمم الحالي والطابع الأبدي للدار، باستثناء المديرة الابداعية الحالية.
آخر مدير إبداعي يُمسك بزمام الأمور ويقود دار الأزياء التاريخية هي المصممة ماريا غراتسيا كيوري، حيث تم تعيينها كمديرة إبداعية في عام 2016 وتعتبر أول مصممة امرأة تحتل هذا المنصب في تاريخ دار ديور الممتد الى 76 عاماً اليوم.
تُعيد كيوري تعريف الأناقة المعروفة لديور
كانت المجموعة الأولى لماريا غراتسيا كيوري مجموعة مرتقبة بشكل كبير، فتأتي كيوري من خبرة طويلة في فالنتينو، وهي مستعدة لتقديم توليفها الخاص لما يمكن أن تبدو عليه الأنوثة الحديثة.
افتتحت خط الاطلالات لمجموعة ربيع وصيف 2017 إطلالة جديدة من نوعها نسبياً للدار، بسيطة ورياضية بأسلوبها.
تعارضت مع جميع التوقعات التي غالباً تراوحت ما بين الفخامة والرومانسية والأناقة المُطلقة للدار والحس الأنثوي المتوقع من أول أمراه تعتلي هذه المكانة وترفع الحمل الثقيل المصاحب لهذا المنصب.
مَشت العارضة روث بيل ذات الرأس المحلوق في سترة مبارزة باللون الأبيض وأحذية رياضية. فتقول ماريا غراتسيا فإن فن المبارزة "يشمل العقل والقلب في نفس الوقت، وهو ما تحتاجه النساء دائما إذا أرادن أن يدركن أنفسهن".
ومن هذه الإطلالة الرياضية التي تتسم بالبساطة وتبرز بصورة معنوية إمكانيات المرأة وتجريدها من المظهر الأنثوي المُعتاد الى ما هو أشمل وأبعد من ذلك، وبها رسمت كيوري عهدها في ديور.
عهد لا نزال نعاصره ونرى اجتماع السياسة والفن والحركة النسوية يجتمعون به موسم بعد موسم ومجموعة بعد الأخرى.
كان في هذه المجموعة الأولى أيضاً أول ظهور للتيشيرت الأبيض المطرز بعبارة "يجب أن نكون جميعاً نسويين" مع تنورة طويلة من التل الأسود الرقيق الشفاف المطرز بالزهور والحيوانات والأوراق والحشرات الصغيرة، وفساتين كيوري كاملة الطول المطرزة هذه بصور بطاقة التارو، تذكرنا بالعمل الذي قامت به في فالنتينو.
من السترات الواقية المطلوبة للمبارزة، بعضها منمق بتفاصيل مطرزة بالنحل، موتيف النحله مرادف لديور هوم Dior Homme خط الملابس الرجالية الذي كان يديره سابقا هيدي سليمان. لربما كانت هذه طريقة كيوري للعبور إلى الملابس الرجالية وطمس الخطوط بين الجنسين وبنفس الوقت الدوران في حدود الدار نفسها.
السترات الجلدية لراكب الدراجات النارية والسراويل القصيرة والأبوات والأحذية الرياضية إلى التنانير والفساتين المصنوعة من التل بصورة ظلية على شكل A-line، شفافة في طبيعة أقمشتها مما يسمح للبشرة بالظهور مُعطيةً التصاميم الشبابية والرياضية سحراً حسياً.
نرى فعلاً الآن أنه منذ بداية توليها لهذا المنصب، المديرة الإبداعية الإيطالية ماريا قادت فترة ولايتها بالاتجاه النسوي وتسليط الضوء على شخصيات نسائية قوية، قائدات لأزمنتهن وأبطال قصصهن وتستلهم منهم الكثير، من كاثرين ديور إلى كاثرين دي ميديشي إلى جوزفين بيكر.
فمن الممكن اختيارها للأسلوب الرياضي والتصاميم المستلهمة من أزياء رياضة المبارزة هو ايضا تمجيد لقوة المرأه التي تكمن في قدرتها على اقتحام جميع المجالات واتقانها لمختلف الرياضات وحتى التي تعرف حصرياً وتاريخياً بأنها رياضة يُهيمن عليها الرجال.
يتأكد لنا ربط المديرة الإبداعية الرياضة وقوة المرأة والشخصيات النسائية المؤثرة في نشر دار ديور في حسابهم الرسمي على الانستقرام في نهاية شهر يوليو السابق البطلة الايطالية في الاولومبياد للمبارزة بياتريس ماريا فيو غرانديس في حملة جديدة لحقيبة Lady Dior 9522 ارتدت البطلة السترة الجلدية البيضاء الخاصة بالمبارزة المطرزة بنحلة ديور من المجموعة الأولى لماريا غراتسيا كيوري.
فهل كانت بداية فترة حُكم المصممة الحالية لديور تلعب على نغمة رياضية متناقضة مع أناقة ديور المعتادة؟
بإمكاننا التأكيد على هذا الاستفسار البياني بنعم.