تعرفي على قصة التاج الذي صنع ليرتديه الملوك ولم ترتدِه سوى الملكات
عندما توفيت الملكة فيكتوريا Queen Victoria، ملكة المملكة المتحدة، منذ أكثر من مائة وعشرين عاما، في قصر أوزبورن Osborne House (وهو مقر عطلة صيفي للملكة فيكتوريا وزوجها الأمير ألبرت Prince Albert of Saxe-Coburg and Gotha) بجزيرة وايت (وتقع في أقصى شمال القناة الإنجليزية بالقريب من ساحل إنجلترا الجنوبي إلى الجنوب من محافظة هامبشاير)، تركت وراءها إرثا لا يصدق، إلى جانب أعدادا لا حصر لها من المجوهرات الملكية، وخصصت العديد منها مجموعتها لتكون إرثا للتاج، ويقصد بذلك أنها تورث من ملك أو ملكة بريطانية حاكمة إلى ملك أو ملكة بريطانية حاكمة، ومن بين أشهر مجوهرات التاج التي تركتها خلفها الملكة فيكتوريا، تاج ملكي يعرف بالإكليل الماسي The Diamond Diadem، أو إكليل جورج الرابع الماسي، والذي صنع خصيصا لكي يرتديه الملوك البريطانيين، ومع ذلك أصبح لا يرتديه سوى الملكات.
تاريخ الإكليل الماسي
الإكليل الماسي هو عبارة عن تاج صغير أو إكليل ملكي، مرصع بالماس واللؤلؤ، قام بصنعه رونديل وبريدج ورونديل Rundell, Bridge, and Rundell عام 1820، ليرتديه الملك جورج الرابع King George IV (عم الملكة فيكتوريا) في حفل تتويجه ملكا للملكة المتحدة، والذي جاء بعد وصوله إلى العرش أخيرا، بعد أكثر من خمسين عاما، قضاها في منصب وريث العرش البريطاني، وعشر سنوات شغل فيها منصب الوصي على العرش، والتاج مصنوع من الذهب والفضة، ومرصع بأكثر من 1300 حجر ماسي، إلى جانب مجموعة من حبات اللؤلؤ، ويتميز التاج بتصميمه الحديث إلى حد كبير، بالمقارنة بعصره في ذلك الوقت، حيث تضمن التصميم دمج الأحجار الكريمة في الرموز الأربعة لممالك إنجلترا وأيرلندا وويلز واسكتلندا حول الصليب المركزي في التاج، بدلا من الرموز الشعارية التقليدية أو شعارات النبالة التقليدية للممالك الأربعة.
لهذا السبب كان ارتداء جورج الرابع للإكليل الماسي في حفل تتويجه خطوة غير معتادة وذكية للغاية
ارتداء الملك جورج الرابع للإكليل الماسي في حفل تتويجه كان أمر غير معتاد في ذلك العصر حيث يتميز الإكليل الماسي بصغر حجمه وتواضعه بالمقارنة بالتيجان الملكية الأخرى التي كانت غالبا ما تصنع أو تعد لكي يرتديها الملك البريطاني الجديد في مراسم تتويجه، ومع ذلك يمكن أن ينظر إلى خطوة ارتدائه للإكليل الماسي في مراسم تتويجه، على أنها خطوة ذكية من قبل جورج الرابع، والذي تعرض لانتقادات مستمرة بسبب إنفاقه المفرط، وقد ساعد ارتدائه لهذا الإكليل الماسي، في حفل تتويجه عام 1821، في التقليل من حدة الاتهامات الموجهة إليه بالإسراف والبذخ، والتأكيد في الوقت ذاته، على موقعه في قلب مملكته الجديدة، بما يحمله التاج من رمزية، متمثلة في الإشارات التي الممالك الأربعة التي يحكمها.
في حين أن الإكليل الماسي صنع خصيصا لكي يرتديه الملك جورج الرابع، وكان يتوقع أن يرتديه ملوك بريطانيا الآخرين من بعده إلا أن الإكليل الماسي سرعان ما انتقل بعد وفاة جورج الرابع إلى مجموعة المجوهرات الملكية المخصصة لملكات بريطانيا، سواء كن ملكات حاكمات أو ملكات قرينات (زوجات ملوك بريطانيا)، ومنذ ذلك منذ ذلك الحين، لم يعد هذا التاج يستخدم من قبل ملوك بريطانيا، وأصبح يرتديه فقط ملكات بريطانيا.
أشهر من ارتدى الإكليل الماسي
منذ انتقال الإكليل الماسي إلى مجموعة المجوهرات الملكية المخصصة للملكات فقط، قامت بارتداء التاج، كل ملكة قرينة وزوجة ملك منذ ذلك الحين، كما قامت بارتدائه أيضا اثنين من ملكات بريطانيا الحاكمات، وهما الملكتان الحاكمتان، فيكتوريا وإليزابيث الثانية Queen Elizabeth II، وارتدت الملكة إليزابيث الثانية الإكليل الماسي، للمرة الأولى في مناسبة علنية، في نوفمبر 1952، وكان ذلك في أول افتتاح رسمي للبرلمان تحضره إليزابيث الثانية، بعد إعلانها ملكة لبريطانيا، أما عن سبب وقد ارتدائها للإكليل الماسي بدلا من تاج الإمبراطورية البريطانية الذي عادة ما يرتديه الملك أو الملكة البريطانية الحاكمة في جلسات افتتاح البرلمان، في أول جلسة افتتاح برلمان تقوم بحضورها كملكة، هو حقيقة أن إليزابيث الثانية، لم تكن قد توجت رسميا كملكة، في ذلك الوقت، لذلك كان من الملائم أن تؤجل ظهورها بتاج الإمبراطورية البريطانية لحين تتويجها رسميا ملكة لبريطانيا (وهو ما حدث في العام التالي).
ومع فلقد استمرت الملكة إليزابيث الثانية في الظهور بانتظام في منذ ذلك الحين، بالإكليل الماسي، ففي السنوات الأولى من حكمها، كانت تستخدم الإكليل الماسي أحيانا في مناسبات احتفالية أخرى، كما سبق وأن ظهرت به في صورها المستخدمة في الطوابع والعملات المعدنية في بريطانيا والكومنولث، إضافة إلى ذلك فإن الملكة إليزابيث الثانية، فضلت ارتداء الإكليل الماسي بدلا من تاج الإمبراطورية البريطانية، في جلسات افتتاح البرلمان في السنوات الأخيرة من حكمها، بسبب حقيقة أن ارتداء الإكليل الماسي كان أكثر سهولة وراحة بالنسبة لها، لأن الإكليل نفسه أخف بكثير من تاج الإمبراطورية البريطانية، لذلك اختارت الملكة إليزابيث الثانية أن ترتدي الإكليل الماسي طوال جلسة الافتتاح الرسمي للبرلمان، تاركة تاج الإمبراطورية البريطانية الأثقل على وسادة مخملية حمراء موضوعة بجانبها على العرش كرمز للنظام الملكي البريطاني، ليعرض أمام مجلس اللوردات، وبفضل ذلك أصبح الإكليل الماسي قطعة مجوهرات رمزية للغاية، وبمثابة واحد من أكثر الرموز شهرة لعهد إليزابيث الثانية.
ملكة بريطانية جديدة تظهر بالإكليل الماسي للمرة الأولى
بعد ما يزيد عن العام من وفاة إليزابيث الثانية، والتي ظهرت بالإكليل الماسي في مناسبات عديدة خلال سنوات حكمها السبعين، دخل الإكليل الماسي في مرحلة جديدة في تاريخه، بعد أن ارتدته ملكة بريطانية جديدة، ففي أوائل شهر نوفمبر الجاري، ظهرت الملكة كاميلا Queen Camilla زوجة الملكة تشارلز في جلسة افتتاح البرلمان البريطاني بالإكليل الماسي للمرة الأولى، لتصبح بذلك أحدث ملكة بريطانية تظهر بالإكليل الماسي في مناسبة علنية.