الوشم.. أشكال ملونة وجميلة تحمل في طياتها الخطر

يكثر الناس حول العالم ممن يضعون الوشوم على وجوههم وأجسادهم يوماً بعد يوم، بعضهم يتباهى بوشم أو اثنين صغيرين على الكتف أو القدم، فيما يذهب آخرون لحدود قصوى من زرع الوشوم حول أيديهم ووجوههم بشكل بارز ومنفر في بعض الحالات.

ويُعرف الوشم بأنه علامات دائمة توضع على الجلد باستخدام الحبر والإبر. وبمجرد أن يدخل الحبر إلى الطبقة الثانية من الجلد التي تسمى الأدمة، فإن الجرح سوف يلتئم، وطبقة الجلد سوف تُشفى، وتظهر حينها التصاميم التي رُسمت تحت الطبقة الجديدة. وقد شاع استخدام الوشم منذ القدم كجزء من الطقوس الإحتفالية، كما تم رسم الوشم بلغات مختلفة، وشاع استخدام الكثير من الرموز، والدلالات، والصور، والخطوط في رسمه.

وما لا يعرفه الكثيرون، أن الوشم على الجلد قد يحمل في طياته بعض المخاطر، منها خطر الإصابة بالإلتهاب والمشاكل الجلدية وصولاً إلى سرطان الجلد. وللإضاءة أكثر على هذه المخاطر وكيفية الحصول على وشم بطريقة آمنة، توجهنا بالحديث إلى الدكتورة منال التميمي، أخصائية الأمراض الجلدية والتجميل من مستشفى "إن أم سي رويال" الشارقة وأفادتنا بالتالي.

هل يمكن أن تطلعينا على كيفية حدوث عملية الوشم

يتم رسم الوشم الدائم عن طريق استخدام إبرة أو أجهزة معينة تقوم بإحداث ثقوب صغيرة وإدخال الحبر إلى الجلد. وهناك أنواع عدة للوشم سواء كان دائماًأو مؤقتاً، كرسمات مُجهزة على ورق مطلي، يتم وضعها على الجلد باستخدام الماء فوقها ليتم لصقها على الجلد.

وعادة ما تمتد فترة وجود الوشم المؤقت ما بين 3- 4 أسابيع، بينما الوشم المؤقت اللاصق يستمر لعدة ساعات حتى عدة أيام فقط.

ما هي مخاطر الوشم على صحة الجلد والصحة بشكل عام

هناك العديد من المضاعفات التي تنجم عن الوشم منها:

• الإصابة بالعدوى: فاستخدام الأبر غير المُعقمة في رسم الوشم قد يُعرض الجسم لخطر الإصابة بالعدوى والإلتهابات المختلفة.
• الندوب: للأسف يوجد بعض أنواع الوشم التي لا تزول كليًا وتترك وراءها بعض الندوب، كما أن الجلد في مكان الوشم لا يعود منظره طبيعيًا بعد إزالة الوشم مهما حاول الشخص. لذلك قبل اتخاذ قرار وضع الوشم يجب الوعي جيدًا أن هذا سيكون موجودًا إلى مدى الحياة.
• التعرض للحساسية: رد الفعل التحسسي تجاه صبغة الوشم والحبر الخاص به قد يحدث مباشرة بعد تطبيق الوشم أو بعد مدة زمنية، وقد تتراوح شدةالتحسس من البسيط للشديد. كما قد تظهر الحساسية على شكل الورم الحُبيبي ، وهو رد فعل تحسسي ينتج عند دخول مادة غريبة إلى الجسم، مثل حبر الوشم.
• التعرض لمضاعفات أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي: قد يُصاب الشخص الدي يضع الوشم بحروق في المنطقة أو الإنتفاخ بعد الخضوع للتصوير بالرنين المغناطيسي في حالات نادرة، لكن سُجلت عدة حالات حصلت معها هذه المضاعفات. 

هل الأحبار المستخدمة في الوشم تُشكل خطورة على الصحة

يحتوي حبر الوشم على مواد مؤكسدة ضارة مثل معادن الكبريتيدات وصبغات عضوية، فهذا الحبر يؤثر على صبغة الميلانين الموجودة في الجلد بشكل طبيعي، مما يُغير من لون الجلد ويؤثر عليه بعد مرور أعوام. ويُضاف للحبر مواد غير معروفة من خلال الشخص الذي يقوم بالرسم، ويحتوي حبر الوشم على مواد أخرى مثل الفورمالين والكحول والميثانول ومواد تُسبب سيولة الحبر، هذا كله إلى جانب احتوائه على الكربون الأسود وثاني أكسيد التيتانيوم وأكاسيد الحديد وأكريدين، وهي مواد تؤثر على صبغة الجلد، وتُسبب الكثير من الأضرار.

هل إزالة الوشوم عملية محفوفة بالخطر كما هي الحال عند الحصول على الوشم

طرق إزالة الوشم الحديثةوهي العلاج بالليزر، يُعد أكثر تقنيات العلاج الشائعة في وقتنا الحالي؛ حيث تعمل أشعة الليزر على تسخين الصبغة اللونية الموجودة على الجلد وإزالتها، ويتم تصريف جُسيمات الصبغة اللونية هذه بعد ذلك عبر السائل اللمفي. كما يُمكن تخفيف شعور المريض بالألم أثناء جلسة العلاج بالليزر عن طريق الهواء البارد، وأحياناً عن طريق استخدام كريم تخدير موضعي. 

وعن عواقب الخضوع لجلسة العلاج بالليزر، عادةً ما يظهر احمرار وانتفاخ في موضع الوشم خلال الأيام الأولى بعد الخضوع للجلسة. كما أن عدد جلسات إزالة الوشم بالليزر يتحدد في المقام الأول وفقاً لسُمك الجلد وحجم الوشم ولونه، وعادة ما يتطلب الأمر 6 إلى 10 جلسات، تفصل بين كل منها مدة تراوح بين 4 - 6 أسابيع.

كما أنه ليس مضموناً أن تحقق تقنية العلاج بالليزر نجاحاً تاماً في إزالة الوشم، علماً بأنه غالباً ما يصعب إزالة الوشم المُلون أكثر من الأسود، حيث تتم إزالة بعض الألوان فقط من الوشم المُلون وتُصبح ألوان أخرى أكثر شحوباً بفعل الليزر، بينما لا تتأثر غيرها من الألوان مطلقاً. وبذلك يُصبح مظهر الوشم الذي خضع للعلاج، أسوأ من شكله الأصلي قبل العلاج.

كذلك قد تودي عمليةإزالة الوشم إلى فقدان الصبغة اللونية الأساسية للبشرة بشكل تام؛ ومن ثم يُصبح لون البشرة فاتحاً، ويبدو ملمسها مشابهاً لملمس الندبات.

ماذا بخصوص الوشم الذي تطبقه النساء على الحواجب، هل هو آمن

إذا كان يُستخدم فيه حبراً دائماً، فقد يودي لنفس المخاطر المذكورة أعلاه.

ما النصائح التي تسدينها لمن لديه وشوم كثيرة على جسمه، لجهة الحفاظ على الصحة

إليك النصائح الآتية التي قد تُفيد في تقليل مضاعفات وضع الوشم على الجسم:

• أخذ لقاح الكزاز قبل وضع الوشم، وذلك إن لم تتلق التطعيم خلال العشر سنوات السابقة.
• اختيار الشخص المختص والذي يستخدم القفازات المُعقمة والأدوات النظيفة، ولا ضرر من طرح بعض الأسئلة عليه حول كيفية تعقيمه لهذه الأدوات.
• التحقق من المكان قبل رسم الوشم والتأكد من نظافته.
• اختيار الألوان الغامقة للوشم، مثل الأسود، والأزرق الغامق، والأحمر، فهي أسهل للإزالة مقارنةً بالألوان الفاتحة، مثل الأخضر، والأصفر.

وشوم لدواعي صحية؟!

يبدو أن الوشم لم يتخذ صفة السلبية بشكل تام، مع توجه العلم نحو ابتكارات جديدة تستخدم تقنية الوشم لحل العديد من المشكلات الصحية أو تقديم المعونة الطبية للأشخاص.

وفي هذا الصدد، قام باحثون من المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا، بتطوير حبر إلكتروني للوشم مصنوع من المعدن السائل والأنابيب النانوية الكربونية التي تعمل كقطب كهربائي حيوي. والغرض من هذا الحبر هو استخدامها كجهاز لمراقبة الصحة، يُنبه المرضى تلقائياً إلى مشاكل صحية مُحتملة عبر الأجهزة الذكية. 

كذلك قام باحثون طبيون من الولايات المتحدة والبرتغال في العام 2019، بتطوير جهاز إلكتروني يُوشم على الجلد بصفة مؤقتة، والغرض من استخدام هذه التقنية تشغيل الأطراف الإصطناعية وعلاج حالات طبية مُستعصية.