هل تساعد تقنية زرع خلايا من البنكرياس بتحسين حياة مرضى السكري
يصادف 14 نوفمبر من كل عام، اليوم العالمي للتوعية من داء السكري، وإن كان الهدف ليس فقط التوعية خلال يوم واحد وإنما طيلة شهر نوفمبر، لتثقيف الناس حول هذا المرض ومخاطره وإسداء النصائح حول كيفية الوقاية منه أو التقليل من مضاعفاته، لمرضى السكري.
والسكري هو مرضٌ مزمن ناتج عن خلل على مستوى غدة البنكرياس، إما بنقص أو عدم إفراز الأنسولين، وإما إفراز الأنسولين بشكل كامل مع عدم استفادة الجسم منه بطريقة صحيحة. والأنسولين هو هرمون يضبط مستوى السكر في الدم، وأي خلل فيه قد يؤدي للإصابة بداء السكري، بحسب ما أفادتنا به الدكتورة أمينة سلاماني، أخصائية باطنية من المستشفى التخصصي الكندي بدبي.
ووفقًا للإتحاد الدولي لمرض السكري، يعيش أكثر من 73 مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع المرض، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقمإلى 135.7 مليون حالة بحلول عام 2045. وتُعد أنماط الأكل المتغيرة بسبب زيادة الدخل والتوسع الحضري ونقص النشاط البدني والنظام الغذائي غير الصحي والتركيز الأقل على التثقيف الغذائي، من أبرز العوامل التي تؤدي للإصابة بمرض السكري في المنطقة.
تتضافر جهود الباحثين والعلماء لإيجاد علاجات ناجعة لمرضى السكري لتخفيف الضغط الذي يمارسه هذا الداء عليهم، جسدياً ونفسياً، بسبب المضاعفات الخطيرة التي قد تنجم عنه مثل الفشل الكلوي، بتر الأطراف، العمى وأمراض القلب. ومنها تقنية جديدة أثبتت فعاليتها في تغيير حياة مرضى السكري بشكل إيجابي، وهو ما سوف نتعرف عليه سوياً اليوم.
تقنية جديدة لزرع خلايا البنكرياس لمرضى السكري
أشار موقع "العربية.نت" ونقلاً عن وكالة "فرانس براس"، لتوصل مجموعة من العلماء لعلاج جديد يعتمد عمليات زرع ما يُعرف بإسم جُزيرات البنكرياس (والتي سمحت بها السلطات الصحية في العالم) كعلاج جديد لمرضى السكري من النوع الأول.
وأول المرضى الذين حصدوا نتائج مبشرة لهذا العلاج، هي فاليري رودريغيز، مُدربة مصرفية سابقة، بعد خضوعها وعدد من المرضى في فرنسا لهذه التقنية "الثورية" في المركز الإستشفائي الإقليمي في ستراسبورغ (شرق)، لعملية زرع من هذا النوع.
وكانت رودريغيز قد جربت قبل هذه العملية، كافة العلاجات المتاحة والمقترحة لضبط مستوى السكر بالدم دون تحقيق أي نجاح. وقالت السيدة الأربعينية في تصريح للوكالة الفرنسية أنها سعيدة بهذا النجاح الذي حققته مع العملية، ولم تعد تشعر بخوف مرض السكري الذي كان كسيف مسلط على رقبتها.
وكانت رودريغيز تعيش في خوف دائم من الدخول في غيبوبة جراء انخفاض مستوى السكر في الدم لديها، ما اضطرها في مرات عدة لتناول السكر بكميات كبيرة خلال القيادة على الطريق السريع.
لكن العملية الجديدة "أعادتها للحياة" بحسب تعبيرها، ولم تعد تعاني من تقلبات مستوى السكر بالدم كما في السابق. كما أن حالات التعب الجسدي لديها تراجعت بشكل كبير، مشيرة بفرح إلى أنها محظوظة بحصولها على هذه التقنية المذهلة.
تفاصيل تقنية زرع خلايا البنكرياس
تعتمد هذه التقنية على إجراء عملية زرع في البنكرياس لما يُعرف بجزيرات لانغرهانس، وهي خلايا من البنكرياس مسؤولة عن إفراز الإنسولين، وذلك بعد سحبها من شخص واهب غير مُصاب بالسكري وفي حالة موت سريري.
وبعد ما يقرب من 20 عاماً من البحوث بين فرنسا وكندا وأوروبا، بات بإمكان مرضى السكري من النوع الأول الخضوع لهذها العملية التي تتطلب اتباع علاج مستمر مدى الحياة لتجنب رفض الجسم للأعضاء أو الخلايا المزروعة، وهو الأثر الجانبي المعروف لكافة عمليات الزرع. لذا ستضطر رودريغيز لتناول 7 عقاقير في الصباح و6 في المساء لضمان نجاح العملية.
وفي تعليقها على العملية، قالت لورانس كيسلر، أستاذة علم السكري في مستشفى ستراسبورغ لورانس كيسلر، بأن هذه التقنية الجديدة تُشكَل "خطوة كبيرة" لمرضى السكري نحو الأمام. كما أنها تتويج بحثي سريري للعلماء عالي المستوى للغاية ومتعدد الإختصاصات.
وأضافت الطبيبة التي درست عام 1988 لنيل شهادة ماجستير بشأن جُزيرات البنكرياس لدى الجرذان، أن هذا العلاج يُوصى به سنوياً لبضع مئات من المرضى، وهي نسبة تكاد لا تُذكر من أصل 370 ألف مريض سكّري من النوع الأول بحسب الاتحاد الفرنسي لمرضى السكري.
مشددة على أن "هذا العدد محدود، لكنه أساسي لأنه يرتبط بمرضى لا يجدون بدائل علاجيةأخرى. نحن لا نزال في البداية، إذ يمكن وصف هذا العلاج لمرضى آخرين فشل معهم العلاج، في حالات أمراض البنكرياس أو التليف الكيسي على سبيل المثال."