السعادة والحب في صلب كل ما أفعله

قررت منذ بضع سنوات إعادة تنظيم حياتي بشكل تكون فيه السعادة والحب في صلب كل ما أفعله. وعلى الرغم من أنني كنت أعيش حياة جميلة حتى الآن، لم أفكر كثيرا في ذلك من قبل. فكرت كثيرا في الإنجازات والمكاسب المادية كشكل من أشكال النجاح والإنجازات الشخصية، لكنني توقفت، وفتحت قلبي لما هو مهم حقا. لذلك قررت أن يكون في حياتي مزيد من الحب:

حب الذات

على الرغم من أننا لم نتعلم أبدا، ولم ننشأ على حب الذات، إلا أننا ندرك ونحن نكبر أن حب الذات هو نقطة البداية لكل شيء، فحب الذات يجعلنا نتألق في عيون الآخرين، ونجذب حبا فائضا يحيطنا ويغمرنا، بحيث نفتح قلوبنا لحب الآخرين. عندما نعامل أنفسنا بلطف ورعاية، بالطريقة ذاتها التي نتعامل بها مع الذين نحبهم ونقدرهم، نصبح أجمل في عيون الآخرين، فيشعرون بالدفء.. أحبّي ذاتك أولا.

حب الجسم

لم يخطر لي إلا مؤخرا أهمية احترام وحب جسمي الذي أنعم الله به علي. لن يكون لكل الحب في العالم أي معنى إذا لم نستيقظ كل صباح سعداء وبصحة جيدة، وقادرين على رؤية الأمور بوضوح، وقادرين على حب الآخرين ومساعدتهم. كل ذلك يبدأ من خلال ممارسة الرياضة، والتأمل، وتناول الغذاء الصحي، والنوم بشكل جيد، وإبقاء الجسد بعيدا عن السموم، سواء العلاقات السامّة أو الأفكار السامّة. الصلاة والتأمل ينقيان العقل، والغذاء الصحي يطهر الجسم، ولا بد من الابتعاد عن المأكولات المصنعة والكحول، لنحافظ على الطاقة. كما أن تحريك أجسادنا يمنحنا القوة لنكون أقوياء ونعيش حياة مديدة. نملك جسما واحدا، وحياة واحدة. ودون حافز قوي، نحن عاجزون عن الحب والتسامح.

الحب لأولادي

سألني أحدهم ذات مرة: لماذا يريد المرء أطفالا؟ فأجبت ببساطة: لأنك لن تشعر أبدا بحب كحب أولادك. من بين جميع أنوع الحب التي اختبرتها، حبي لأولادي ولأمي، يتجاوزان الحب العاطفي، إنه في الواقع حب ملموس ومحسوس. هذا هو نوع الحب الذي يجعلك تؤمن بأننا خلقنا بأرواح مرتبطة ببعضها، وهو امتداد فعلي لجسدك يتزامن مع كل حركاتنا وكل مشاعرنا. أتألم عندما يتألمون، وأشعر بسعادة غامرة عندما يضحكون.. لن تحب الأم أي شخص أكثر من أولادها.

الحب لشريكي وزوجي

نحن منذ نشأتنا محاطون بمعانٍ لحب لا يمكن الوصول إليه، فالحب كان يحكى لنا كقصة خيالية، قصة لا يمكن تصديقها. بالنسبة لي ولشريكي بنينا حبا خاما، قد يكون مؤلما في بعض الأحيان، ليس دائما مثاليّا وجميلا، إنما فيه التضحيات والدعم. يأتي هذا الحب عندما يستطيع الاثنان التخلي عن واجهاتهما، والتوقعات والصور التي رسمها المجتمع وأحيانا عائلاتنا ونحن شباب. يبقى هذا الحب الخام عندما يقبلان بعضهما البعض ككيانين كاملين، ولا يتوقع أحدهما الآخر أن يصبح الزوج أو الشريك. قال خليل جبران: أحبوا بعضكم بعضا، ولكن لا تحيلوا الحب إلى قيد، بل أتيحوا له بالأحرى أن يكون بحرا يموج بين شطآن أرواحكم، ليملأ الواحد كأس الآخر، وليعط الآخر من خبزه.. لكن لا تأكلوا من نفس الرغيف.

حب عملي، شغفي

أستيقظ كل يوم وأنا أتطلع إلى ما سيقدمه لي هذا اليوم. أحب أن أخلق شيئا للآخرين، وأن أترك بصمة وقصة في كل مكان أذهب إليه. يمكن الشعور بالعاطفة الحقيقية، ويمكن تجربتها إذا كانت تأتي من مكان الحب. كثيرا ما أسأل نفسي كل يوم، هل ما أفعله يأتي من مكان الحب أم لا؟ عندما أنظر إلى الوراء، في كل مرة جاء فيها أي من المشاريع التي أنجزتها يكون آتيا من هذا المكان، وكان له تأثير في الآخرين وكان ناجحا. يبحث الناس اليوم أكثر من أي وقت مضى عن الأصالة في العلامات التي يتعاملون معها، ولكن أيضا في المغامرة التي يرغبون في عيشها وإنفاق والمال عليها. العمل بحب هو القاعدة، العمل بشغف حقيقي يجذب المزيد من الناس إليك، وسيجعلك أكثر نجاحا. سئلت ذات مرة: هل تتبعين قلبك أم عقلك؟ وهذا ما دفعني إلى اتخاذ الكثير من القرارات لاعتماد مسار جديد. لماذا؟ لأنني كنت أعيش فقط مع عقلي محاولة إقناع قلبي بأن هذا ما أريده. لكن لا يمكنك أبدا أن تخدعي قلبك، فهو يقودك دائما إلى المكان الذي تنتمين إليه.

حب مجتمعي

أنا أؤمن بفن الجاذبية، فكلما كانت طاقتي صادقة، زادت متانة علاقاتي الفريدة. فالحب نقطة بداية كل شيء. إذا كنت أهتم لكل تواصل وما يستتبعه من قيم أريد جذبها لحياتي، فستكون لدي القدرة على الاحتفاظ بها وجعلها من بيئتي، وبناء العلاقات التي ستنمو في وقتها. إن حب الآخرين هذا يأتي من ذلك المكان. الإيمان الحقيقي بأننا كلنا نعيش لاحترام ومعاملة بعضنا البعض بلطف، لأنه في النهاية هذا ما نفعله، وهذا ما أريد أن أعلمه لأولادي، وهذا ما أريد أن أعيشه، حياة صحية مع عائلتي وأصدقائي.

أحب كل النساء

كنساء ولدنا لخدمة ورعاية الآخرين. أجسادنا خلقت لتحمل الحياة. إرثنا هو التضحية، والعناية بأسرنا، وآبائنا وإخوتنا. في مكان ما بدأنا نكتسب المزيد من الثقة، وصوتنا أصبح مسموعا، وبدأنا نحلم ونأمل في حياة متكاملة، حيث يمكننا أيضا أن نكون من يتلقى وينمو. أشعر بالفخر إلى ما آلت إليه المرأة العربية اليوم، وكم نحن جميلون ومتنوعون في قدراتنا على إحداث التغيير وتعليم جيل المستقبل من النساء أن مكانتنا في المجتمع مهمة لتطوره ولتكون القلوب منفتحة مجددا. المرأة هي المفتاح لعالم أكثر لطفا وأكثر أصالة.

لقد قطعت عهدا على نفسي في مشواري الجديد، وبغض النظر عن مدى انشغالي، بأنني سأساعد النساء وأدعمهن للعثور على صوتهن وحقيقتهن.